يخوض البنك المركزي اليمني في العاصمة عدن هذه الأيام صراعاً هو الأعنف ضد فرعه في صنعاء الخاضع لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، ذراع إيران في اليمن.

هذا الصراع بدأه مركزي عدن في أبريل 2024م بقرار منح البنوك مهلة 60 يوما لنقل مقراتها الرئيسية من صنعاء إلى العاصمة عدن خاصة بعد تصنيف الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية.

واشتدت وتيرة الصراع مع انتهاء المهلة عقب إصدار مركزي عدن قراراً بإيقاف التعامل مع ستة بنوك بسبب رضوخها لضغوط جماعة إرهابية وعدم تجاوبها مع قرار البنك والمهلة التي منحها لنقل البنوك.

واتبع مركزي عدن هذا القرار الذي أصدره في 30 مايو بإعلان للشركات والمواطنين بشأن إيداع ما بحوزتهم من عملة ورقية الطبعة القديمة قبل عام 2016 في البنوك بشأن استبدالها وإنهاء الانقسام النقدي الذي خلقته الميليشيات بمنع تداول العملة الورقية من الطبعة الجديدة في مناطق سيطرتها وإصدارها مؤخرا عملة معدنية مزورة فئة 100 ريال.

وأكد تقرير حديث لمركزي عدن، اطلع عليه (نيوزيمن)، أن هذه التحركات تأتي انطلاقاً من مسؤوليات البنك واختصاصاته الدستورية والقانونية، للقيام بكل ما هو ممكن من سياسات وإجراءات في سبيل الحفاظ على الاستقرار المالي والنقدي وحماية النظام المالي المحلي، والمؤسسات المالية والمصرفية وإنقاذ ما يمكن إنقاذه خاصة بعد تصنيف هذه المليشيات جماعة إرهابية ليضع العالم كثيرا من القيود والتعقيدات للتعامل مع اليمن ومؤسساتها المالية. 

وأضاف إن قرارات وإجراءات البنك الأخيرة، جاءت على خلفية سلسلة الإجراءات التعسفية والتدميرية التي مارستها المليشيات الحوثية الإرهابية ضد القطاع المصرفي، ما اضطر البنك لاتخاذ حزمة من السياسات والتدابير الحمائية من منطلق اختصاصاته وصلاحياته الدستورية والقانونية، كسلطة نقدية قانونية مسؤولة في البلاد.

وسرد التقرير 22 انتهاكا للميليشيا بحق القطاع المصرفي ترتب عليه تداعيات وآثار سلبية كارثية، على أداء القطاع المصرفي والمالي والواقع المعيشي للمواطن اليمني، وفيما يلي إشارة لأهم الممارسات التعسفية والتدميرية بحق القطاع المصرفي والمالي.

ولعل أبرز تلك التداعيات حسبما صرح محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي في مؤتمر صحفي، الجمعة، إفلاس البنوك التجارية بعد استيلاء الميليشيات على مدخراتها من النقد الأجنبي وإصدار قانون أسموه بتحريم المعاملات الربوية الذي بموجبه حولوا حسابات المودعين إلى حسابات جارية لا يمكن السحب منها ونهبوا أرباحهم وأوصلوا البنوك إلى مرحلة العجز عن دفع مرتبات موظفيها.

تحركات البنك أربكت الميليشيات التي لم تجد أمامها إلا إصدار قرار بحظر 13 بنكا منهم بنكان حكوميان ودعوة من لديه عملة ورقية الطبعة القديمة في المناطق المحررة إلى إيداعها في صنعاء مقابل تعويضه بمبالغ من الطبعة  الجديدة.

قرار الميليشيات أثار حالة من السخرية خاصة وأن 11 بنكا من الذين شملهم قرار الحظر ليس لديهم فروع في مناطق الحوثي، بل وكلاء يعملون كنقاط لإرسال واستقبال الحوالات.

ولعل إعلان شركات دولية للتحويلات المالية مثل موني جرام الأمريكية ومصرف الراجحي السعودي، دعمهم قرار إيقاف التعامل مع البنوك الستة المخالفة، أهم تأكيد على شرعية وقانونية قرارات مركزي عدن مقابل قرارات الميليشيات.

وأكد محافظ مركزي عدن أن البنك ماض في تنفيذ قراره بكل مراحله وفقا للخطة المقررة، داعيا البنوك التجارية الموقوفة إلى تصحيح أوضاعها حتى لا تطالها مزيد من العقوبات.


المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: القطاع المصرفی مرکزی عدن

إقرأ أيضاً:

منال الشرقاوي تكتب : مارس يمرُّ.. والمرأة تبقى

يأتي شهر مارس محمَّلًا بالكثير من الدفء والاعتراف المتأخر بحقوق نصف المجتمع، فهو الشهر الذي يُحتفى فيه بالمرأة عالميًا، بدءًا من اليوم العالمي للمرأة في 8 مارس، وصولًا إلى عيد الأم في 21 مارس، فعلى ما يبدو أن العالم يمنحها لحظة تقدير عابرة قبل أن يعود ليفرض عليها نفس الأعباء من جديد، ثم يقول لها،"شكرًا لكِ على كل شيء... ولو ليومٍ واحد!". 
لكن هل يكفي يومٌ أو حتى شهرٌ ليُنصف المرأة؟ أم أنها مجرد استراحة رمزية قبل أن تعود القوالب الجاهزة لتُعيد تشكيل صورتها كما يحلو للمجتمع؟ المرأة كانت دائمًا عنوانًا في التقويم ومناسبة تملأ الإعلانات الاحتفالية، بينما تبقى حكاياتها، رغم تعددها، أسيرة السرد غير المنصف في كثير من الأحيان.
وهنا يأتي دور الدراما التلفزيونية، تلك الشاشة الصغيرة التي تتسلل إلى البيوت بلا استئذان، وتعيد رسم صورة المرأة في وعي الأجيال. لكنها، بين الحين والآخر، تضعها في قوالب نمطية مألوفة، المضحية الأبدية، الأم المثالية، أو الفاتنة التي تدور حولها الأحداث دون أن تكون صانعتها الفعلية. فهل أنصفتها الدراما؟ أم أنها اختارت الطريق الأسهل، فأعادت صياغة الحكايات القديمة بوجوه جديدة؟ هل منحتها صوتًا حقيقيًا، أم اكتفت بتقديمها كضحية تستحق التعاطف لا التقدير؟.. كلها تساؤلات تستحق التأمل ونحن نُقلب القنوات. 
كيف يختار التلفزيون أن يروي قصة المرأة في شهرها، بين الواقع والتهميش، بين الإنصاف وإعادة التشكيل، بين البطلة الحقيقية... وتلك التي لم تُكتب لها البطولة أبدًا. المرأة ليست قصة تُحكى في مناسبة، ولا قضية تُناقش على عجل في برامج التوك شو، وإنما هي حرب يومية تُخاض في صمت، حيث لا تصفيق ولا تتويج في النهاية. نراها في "سجن النسا"، ضحية لظروف رسمها لها الآخرون، تُقاتل من أجل أن تُثبت أنها كانت تستحق حياة لم تُمنح لها. وفي "تحت الوصاية" ، و"فاتن أمل حربي" نجدها تُصارع مجتمعًا لا يرى فيها أكثر من تابع، تُجاهد لتُثبت أنها قادرة على قيادة سفينتها وسط بحر من العواصف، ليس لأن التحدي يغريها، لكن لأنها ببساطة لا تملك رفاهية الفشل. بين جدران السجون، وبين جدران القوانين التي تُحاصرها، وبين الأعباء التي تُحمل على كتفيها بلا شفقة، تظل المرأة تحارب... لتحصل على حقها في أن تكون.

وعلى الجانب الآخر من الصورة، بينما تُبرز بعض الأعمال المرأة قوية ومستقلة، لا تزال أخرى تصرّ على وضعها في قالب الضحية الأبدية، وكأنها لا تُخلق إلا لتُعاني، حيث تُرغم البطلة على العيش في دوامة من الألم والاضطهاد، لا لشيء سوى لأن الحياة قررت ذلك. هذه الظاهرة التي يمكن أن نطلق عليها "دراما الاستضعاف"، تجعل من المرأة كائنًا هشًا، يُنتظر إنقاذه بدلًا من أن يُمنح القوة للنجاة بنفسه. تكرار هذا النموذج في الأعمال الدرامية يرسّخ في الأذهان فكرة أن المرأة ضعيفة بالفطرة، غير قادرة على تغيير مصيرها أو كسر القيود التي تُفرض عليها. وكأن قدرها أن تبقى دائمًا في موضع الانكسار، تذرف الدموع وتتحمل الألم دون أن تملك أدوات المقاومة أو فرص النجاة.
هذا النمط لا يُظهر المرأة ككيان مستقل بقدر ما يرسّخ حاجتها الدائمة إلى دعم خارجي، وكأنها لا تستطيع الصمود إلا بوجود من يُساندها أو يُعيد إليها حقها المسلوب. وهكذا، بدلاً من تقديم صورة متوازنة تعكس تنوع التجارب النسائية بين الضعف والقوة، نجد أن الدراما تركز على جانب واحد، وكأنها تتجاهل قدرة المرأة على النهوض والتحدي والمواجهة. إن استمرار هذا التناول الأحادي لا يُلحق الضرر بالمرأة وحدها، بل يخلق أيضًا تصورًا مشوهًا عن طبيعة النضال الذي تخوضه في حياتها اليومية، فتصبح الدراما، بدلًا من أن تكون وسيلة للتحفيز والتغيير، مجرد إعادة إنتاج للصورة النمطية ذاتها، تُكرس الشعور بالعجز أكثر مما تُلهم بالمقاومة.
يأتي شهر مارس ليذكّر الجميع بأن المرأة ليست مجرد شخصية على شاشة التلفزيون، وليست مجرد بطلة في قصة تُحكى، وإنما هي نبض الحياة ذاتها. ليست سطورًا تُكتب في سيناريو، فهي واقع يومي يصحو مبكرًا ليُطعم الصغار، ويسابق الزمن ليحافظ على بيت، ويعمل ليؤمن مستقبلًا، ثم يعود ليُداوي تعب الجميع قبل أن يسمح لنفسه بالإنهاك.

في الحقيقة، المرأة لا تنتظر أن تُنصفها الدراما، فهي تمارس البطولة كل يوم دون كاميرات، دون أضواء، دون موسيقى تصويرية تُضخم معاناتها أو تُزين إنجازاتها. إنها تُناضل في صمت، تُربي وتكافح وتعمل وتحلم، تخسر أحيانًا لكنها لا تسقط، تنكسر أحيانًا لكنها لا تتلاشى، تحزن لكنها تعرف كيف تُرمّم روحها بنفسها.
المرأة لا تعيش في مشهد واحد، ولا تختزلها الدموع والمآسي وحدها. هي في الواقع تواجه، تبني، تحب، تحارب، تصمد، وتعود أقوى من جديد. كل عام والمرأة أقوى مما يظن العالم، وأشد صلابة مما يتوقع الجميع.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية تطلق بوابة تشريعات القطاع المالي غير المصرفي
  • رابطة المصارف الخاصة تنظم جلسة حوارية لمناقشة آخر تطورات القطاع المصرفي في العراق
  • بمناسبة اليوم العالمي للمرأة.. فتح حساب توفير في 5 بنوك بعائد 27%
  • النائبة هالة أبو السعد تطالب بخطة عاجلة لإنقاذ المصانع المتعثرة
  • فيتش تتوقع مواصلة البنوك السعودية نموها بأسرع وتيرة خليجيا في 2025
  • أصول القطاع المصرفي تتخطى 4.56 تريليون درهم
  • عائد 30%.. شهادات الادخار في 5 بنوك قبل تخفيض الفائدة
  • الطبعة الثانية للأولمبياد الجزائرية للرياضيات..تصحيح الأوراق غدا
  • سكرتير عام محافظة الفيوم يبحث شكاوى أهالي مركزي طامية وسنورس
  • منال الشرقاوي تكتب : مارس يمرُّ.. والمرأة تبقى