الدعم السريع في الفترة الانتقالية.. التمكين والتمدد العسكري

عبد الرحمن الغالي

تحدثنا باختصار في الحلقة السابقة عن تمدد الدعم السريع سياسياً واقتصادياً ودبلوماسياً وسنتوسع في الحلقات القادمة عن كل ذلك لا سيما العلاقات الخارجية لصلتها الوثيقة بالدور السياسي والتمدد العسكري. وفي هذه الحلقة نتحدث عن التمكين العسكري والتمددالعسكري للدعم السريع.

وسيكون حديثنا تحت عدة عناوين ساهمت في هذا التمكين والتمدد وهي:

الإطار القانوني والدستوري الذي منح الدعم السريع الاستقلالية والشراكة السياسية. التنافس بين الدعم السريع والقوات المسلحة وخطة الدعم السريع لإضعاف القوات المسلحة وتحييد أسلحتها النوعية.3. الاستفادة من خبرات الجيش وجهاز الأمن عبر التجنيد والانتداب والاستفادة من التدريب والتسليح الأجنبي. التموضع في الأماكن الاستراتيجية في وحول العاصمة. بنائ التحالفات العسكرية مع الحركات المسلحة والمليشيات القبلية. التوسع في التجنيد

وبنظرة استرجاعية للأحداث الماضية يمكن بسهولة معرفة أن انحياز اللجنة الأمنية ( بما فيها قيادة الجيش والدعم السريع) للثورة لم يكن إلا انحناءً للعاصفة حيث تم تغيير قمة هرم النظام مع إبقاء النية في الحلول محله. يبدو ذلك جلياً في المماطلة في الوصول لتسليم السلطة للمدنيين والمماطلة في جولات التفاوض ومحاولات فض الاعتصام المتكررة والاعتداء على المعتصمين  وتشويه صورتهم. ثم جاءت الطامة الكبرى بفض الاعتصام في خواتيم شهر رمضان 3/6/2019. لم يكن فض الاعتصام سوى انقلاب عنيف على الثورة تم بموجبه قتل وسحل المعتصمين (نساءً ورجلاً) وأعلن البرهان وقف التفاوض وإلغاء جميع الاتفاقات مع المدنيين والاستمرار في الحكم كمجلس عسكري والإعلان عن فترة انتقالية تنتهي بانتخابات.

كان الانقلاب الأول على نظام البشير في 11 أبريل 2019 في شكل انحياز لثورة ديسمبر الشعبية الشاملة الحقيقية والتي شارك فيها كل السودانيين. ثم جاء الإنقلاب الثاني على الثورة في 3/6/2019 وتم بفض الاعتصام ثم الانقلاب الثالث على الحكومة المدنية بالشراكة العسكرية في 25 أكتوبر 2021 وصولاً لحرب 15 أبريل 2023.

* أولاً: الإطار القانوني والدستوري الذي منح الدعم السريع الاستقلالية والشراكة السياسية:

تحدثنا في الحلقات السابقة عن قانون الدعم السريع 2017 وعن التعديلين الأول والثاني بعد الثورة مباشرة استباقاً للاتفاق مع المدنيين، ثم عن الوثيقة الدستورية وبموجب كل تلك التطورات القانونية والدستورية صار الدعم السريع شريكاً سياسياً في الحكم ومؤسساته ومؤسسة مقننة دستورياً وقانونياً ومستقلة عن الجيش وخاضعة إسمياً لمجلس السيادة المشترك مع الغاء صلاحيات مجلس الدعم السريع الأمر الذي أتاح لقائد الدعم السريع الانفراد تماماً بقواته التي أصبحت شبه خاصة يقوم هو عليها قائداً وشقيقه نائباً له. وصار له الحق في التوسع في التجنيد ومن خلال منصبه نائباً لرئيس مجلس السيادة نسج علاقات خارجية وداخلية أتاحت له التمدد كما سنرى لاحقاً.

ثانياً : التنافس مع الجيش ومحاولة التفوق عليه:

تحدثنا عن الوعي  والطموح السياسي الذي تكون لقائد الدعم السريع وشعوره باستغلال حكومة الانقاذ له ومعرفته بمناورات البشير في الاعتماد عليه ترياقاً يحصنه من انقلاب الجيش عليه أو انقلاب الحركة الاسلامية عليه. هذا الوعي جعله ينظر للجيش وجهاز الأمن والمخابرات والتكوينات الخاصة للحركة الاسلامية نظرة توجس إن لم تكن نظرة عداء أو على الأقل النظر إليها كأجهزة منافسة له على السلطة.

كان هذا الشعور متبادلاً إذ نظر الجيش للدعم السريع أيضاً كظاهرة وخطر على الأمن القومي. فالجيش يرى فيه قوات غير منضبطة بالقواعد العسكرية لا من حيث التأهيل المهني ولا من حيث السلوك النظامي حيث يحفل سجلها بانتهاكات كثيرة معروفة، كما يرى ضعف تكوينهاالقومي.

ظهرت هذه النظرة منذ وقت مبكر وكانت سبباً في الاطاحة بالفريق إبراهيم سليمان ( قبل تكوين الدعم السريع نفسه) وفي الاطاحة برئيس هيئة الأركان الأسبق الفريق أول مصطفة عثمان العبيد ( أب عشرة) الذي كان يرى توزيع هذه القوات على فرق المشاة المختلفة في الجيش حتى تتحقق القومية بدلاً عن التركيز القبلي والجهوي في قوات واحدة. ( هناك روايات أخرى في أسباب إطاحته منها إصراره على محاربة الفساد داخل الجيش واصطدامه مع عبد الرحيم محمد حسين ). ومهما يكن من أمر فهذه النظرة ليست فردية ولكنها نظرة عامة عند الجيش.

ويمكن فهم هذا الشعور العدائي من قبل الجيش إذا علمنا أن التربية العسكرية تزرع في أفراد الجيش شعوراً بالأفضلية على المدنيين ( الملكية) وأفضلية شديدة على المليشيات التي لم تنل ذلك التدريب المهني العلمي. هذا فضلاً عن أن الجيش في عُرف كل الدول بأنه الجهة المحتكرة للسلاح. وتجلّى هذا في رفض الجيش في البداية ضم المليشيات في دارفور له فتم الحاقها بجهاز الأمن ثم لما توسعت وصارت مهدداً أمنياً ظهر التنازع بين المؤسسة العسكرية ونافذين في الحزب الحاكم من جهة وبين البشير للسيطرة على الدعم السريع وظهر ذلك التنازع في غموض القانون كما أسلفنا ( يتبع للقوات المسلحة ويخضع للرئيس).

حدث أول احتكاك ( بعد الثورة) بين الدعم السريع والجيش يوم 12 أبريل 2019 في اليوم التالي للإطاحة بالبشير، حينما توجه حميدتي مع قواته للارتكاز جنوب سلاح المدرعات. أرسل له نائب قائد سلاح المدرعات اللواء عبد الباقي بكراوي طالباً منه مغادرة المنطقة وإلا سيتم التعامل مع قواته عسكرياً بالدبابات. وبعد فترة ظهر تسجيل لبكراوي يتحدث عن خطورة الدعم السريع، فتم التحقيق معه ووضعه في الإيقاف الشديد.

هذا الحادث يقودنا للحديث عن وعي حميدتي بمواطن الاختلاف بين قواته والجيش وسعيه الحثيث لامتلاك الأسلحة النوعية التي يمتلكها الجيش وتنقصه أو  إضعافها وتحييدها إذا تعذر عليه امتلاكها وعلى رأسها المدرعات والطيران. فقد ورد في الأنباء أن حميدتي رفض إرجاع المدرعات التي استلمها في أواخر  عهد البشير أثناء حملة جمع السلاح في دارفور والتي أرسلها فيما بعد لقاعدته العسكرية في ( زرق) في دارفور ثم جاء بها للخرطوم قبل أيام من حرب 15 أبريل 2023.

قاد هذا التوتر بين قادة سلاح المدرعات والدعم السريع لمحاولة انقلاب في 21 سبتمبر 2021 قادها اللواء بكراوي ومعه مجموعة من نفس السلاح والأسلحة الأخرى واستولى على القيادة العامة ولكن تم التفاوض معهم والقبض عليهم ومحاكمتهم لاحقاً. كان السبب الرئيسي للتحرك حسب أقوال قادته فيما بعد هو رفض وجود الدعم السريع خارج القوات المسلحة وتمدده، وتهميش البرهان للجيش لصالح الدعم السريع وتكريه الجنود في الجيش وعدم الصرف عليه وعليهم. وهدفت المحاولة لدمج الدعم السريع في الجيش. وقالوا أن هذا الأمر رأي عام في الجيش وذكروا أن رئيس هيئة الأركان قال في تنوير لكبار الضباط ونخبة مختارة من المدرعات في يونيو 2021 أن الدعم السريع له نوايا في استلام السلطة. وحدث نفس التنوير من مدير هيئة الاستخبارات .

وبعد انتهاء محاكمة انقلاب بكراوي تم إعفاء 6 ضباط متهمين رغم تبرئة المحكمة لهم واستمر  فصل كل من تخشى معارضته للدعم السريع. وتمت الإطاحة بالفريق أول نصر الدين عبد الفتاح قائد السلاح بعد حادثة فض الاعتصام.

ومهما يكن من أمر فالتوجس والشك بين المؤسستين واضح لا يحتاج لدليل، بل لقد بلغ وضوحه أن القوات المسلحة قامت لاحقاً ببناء سور خرصاني حول القيادة العامة لحمايتها من أي هجوم. ( سنفرد حين الحديث عن الحرب تفاصيل الخلافات بينهما وتطوراتها).

ولكن على مستوى القيادة: البرهان وحميدتي كان التناغم سائداً لمدة طويلة حتى حدث لاحقاً التوتر والتنافس وسيأتي الحديث عن أسباب ذلك إن شاء الله. فقد عمل البرهان وحميدتي سوياً في دارفور وتوثقت العلاقة بينهما ثم عملا معاً في حرب اليمن وتفويج المقاتلين من السودان لصالح التحالف الخليجي، ثم عملا معاً في المجلس العسكري الانتقالي ثم مجلس السيادة، ومع العلاقة الشخصية والثقة التقت مصلحتهما بعد الثورة، فحميدتي وقواته يمكن أن تشكل نقطة قوة لصالح البرهان في وجه أية تهديدات له من الجيش أو انقلاب عسكري عليه، وفائدة البرهان لحميدتي أن البرهان بحسب موقعه في الجيش والمجلس العسكري ثم مجلس السيادة يشكل حماية لتمدد حميدتي وقواته في وجه رفض الجيش لذلك. وسنفرد للخلاف بينهما حيزاً في الفترة قبل الحرب إن شاء الله.

وفي مقابل إضعاف المدرعات أنشأ الدعم السريع وحدة مدرعات وأعلن في صفحته الرسمية بالفيسبوك في 1/2/2020 عن الحاجة لتجنيد أفراد فيها.

إضافة للمدرعات التي حصل عليها في عهد البشير في حملة جمع السلاح وهي مدرعات من نوع ( شريف 1) و ( ختم 2) وهي صناعة محلية، تحصل على مدرعات إماراتية ( عجبان 440). وفي يونيو 2022 أعلن حميدتي عن إمتلاك وحدة مدرعات خفيفة من طراز ( BTR )  .

واستمر ذلك المسعى لإضعاف سلاح المدرعات طوال الفترة الانتقالية وحتى قيام الحرب. فبعد المناورات العسكرية في معسكر المعاقيل (مناورات رايات النصر ديسمبر 2022) أُمرت الدبابات المشارِكة في المناورة بالتوجه لمنطقة القطينة والباقير بدلاً عن العودة لرئاسة سلاح المدرعات وكان ذلك بقرار من رئاسة أركان الجيش، وتم تعيين قادة لها من خارج سلاح المدرعات.

لم تكن هذه الأشياء بخافية على القائد العام الفريق أول البرهان ولا القضايا الأخرى التي تمت بعلمه والتي وعدنا بالحديث عنها مثل التوسع في التجنيد والتموضع في الأماكن الاستراتيجية الخ، ولكن كان ذلك بسبب التناغم والمصلحة المشتركة بين قائدي الدعم السريع والجيش. وقد نبّه الإمام الصادق مبكراً أن الركون لتلك العلاقة الشخصية لتسوية الخلافات غفلة وأنه لابد من الوصول لدمج الدعم السريع في الجيش برؤية تمنع تعدد الجيوش وتمنع الانزلاق لحرب بينهما.

أما سلاح الطيران فقد راجت أنباء عن امتلاك الدعم السريع لثلاث طائرات مروحية ورثها من جهاز الأمن كما راجت أنباء عن ابتعاثه أفراداً لروسيا للتدريب على الطيران الحربي أتضح لاحقاً إما عدم صدقها أو عدم جدواها في ظل عدم امتلاكه لطائرات ولكن المؤكد ابتعاثه لأفراد للتدريب على المسيّرات وحصوله عليها.

أما تحييد تلك الأسلحة فكان إما بالتموضع داخل المدن مما يحيد سلاح المدرعات والطيران أو بالبقاء بالقرب منها لاحتلالها أو بالحصول على مضادات الطيران ومضادات الدروع والدبابات ضمن خطط أخرى.

ثالثاً: التموضع في وحول العاصمة:

لم تكن نوايا الدعم السريع  السريع بخافية على قادة الجيش وهيئة الاستخبارات به ولا على جهاز الأمن منذ أيام البشير. ورأينا تباهي حميدتي أيام اعتقال الامام الصادق بأنه أقوى من الجيش ولذلك له الكلمة العليا في السياسة نفسها. كانت خطة حميدتي للإنفراد بالقوة العسكرية تقوم على إضعاف القوات النظامية التي تهدد وجوده أو تنافسه، فتم حل هيئة العمليات بجهاز الأمن وهي هيئة قتالية لها مدرعات وأسلحة ثقيلة وورث حميدتي أسلحتها ومقراتها.

سمح البرهان له بذلك بل وسمح له بالتموضع في مقرات مختارة بعناية وبمواصفات تهدف إما لتحييد أسلحة الجيش الكبيرة، أو السيطرة على المواقع الاستراتيجية والسيادية.

وعند اندلاع الحرب كان الدعم السريع يسيطر على المواقع الاستراتيجية والمعسكرات التالية في وحول الخرطوم:

المعسكرات المحيطة بالعاصمة:

معسكر طيبة الحسناب (من جهة الجنوب)، معسكر سوبا وأرض المعسكرات بشرق النيل  ( من جهة الشرق)، معسكر قري ،معسكر الجيلي (من جهة الشمال)، معسكر فتاشه ( من جهة الغرب)، معسكر صالحة الريف الجنوبي أمدرمان ، معسكر جنوب جبل سركاب ( في الاتجاه الشمالي الغربي).

المواقع داخل العاصمة:

معسكر جهاز الأمن غرب الفتيحاب، مقر هيئة العمليات بجهاز الامن بأركويت، معسكر كافوري،  معسكر مقر دار حزب المؤتمر الوطني بالقرب من مطار الخرطوم، رئاسة قوات الدعم السريع بالخرطوم (2)، المنشية منطقة إمداد الدعم السريع “سلاح وذخيرة ، بالإضافة لمبنى الإستشارية التابع لجهاز الامن في السابق.

هذا إلى جانب قوات حراسة جوار المواقع الاستراتيجية:

– حراسة في مقر قادة الجيش وفي القيادة العامة.

–  قوة في الري المصري جوار قيادة قوات المدرعات

– قوة فى شمبات محازية لسلاح المظلات (كبري شمبات)

– قوة فى كررى جوار قاعدة وادي سيدنا العسكرية والكلية الحربية

– قوة في الرياض جوار مطار الخرطوم

– ومخازن سلاح ومهمات في جبرة

–  حراسة القصر الجمهوري بقوة كبيرة

–  حراسة الاذاعة والتلفزيون بقوة كبيرة

ويتضح حتى لغير المتخصص أن هذا التموضع يخنق كل أسلحة الجيش من الداخل ويحيط بها من الخارج وأنه تموضع تنافس وتوجس وليس تموضع دعم ومساندة بحسب الإسم والوصف الوظيفي القانوني والدستوري.

وسنواصل في بقية مسألة التمكين والتمدد العسكري باستكمال النقاط والعناوين الباقية المذكورة في صدر المقال في الحلقة القادمة إن شاء الله.

الوسومالإذاعة والتلفزيون الجيش الدعم السريع السودان العاصمة الفترة الانتقالية عبد الرحمن الغالي قاعدة وادي سيدنا العسكرية كرري

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الإذاعة والتلفزيون الجيش الدعم السريع السودان العاصمة الفترة الانتقالية قاعدة وادي سيدنا العسكرية كرري الفترة الانتقالیة الدعم السریع فی القوات المسلحة سلاح المدرعات مجلس السیادة فی دارفور فی الجیش من جهة

إقرأ أيضاً:

في ذكراها الأربعين تجربة فشل الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل (1985- 1986)

بقلم : تاج السر عثمان

١أبريل
اشرنا سابقا الي الذكرى الأربعين لانتفاضة مارس - أبريل ١٩٨٥، وضرورة الاستفادة من دروسها بإنجاز مهام الفترة الانتقالية، واستدامة الديمقراطية بالخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية، التي أخذت حوالي ٥٩ عاما من عمر الاستقلال البالغ أكثر ٦٩ عاما ٠وبهذه المناسبة نعيد نشر هذا المقال عن دروس فشل تجربة الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل 1985.
٢
نتابع فى هذا المقال تجربة فشل الفترة الانتقالية لما بعد انتفاضة 1985 التي نعيش ذكراها هذه الأيام وكيف ساهم المجلس العسكري مع الجبهة الإسلامية في اجهاضها، وافراغها من مضمونها، ودروس تلك التجربة، لاسيما اننا نواجه الفترة الانتقالية لما بعد ثورة ديسمبر 2018 التي تواجه العوامل نفسها التي تعرقل مسيرتها، واخرها الحرب المدمرة الجارية الان، وكيف نستفيد من تلك التجربة لضمان نجاحها، رغم اختلاف ظروف كل منهما.
بعد تدخل القيادة العامة ، أصدر سوار الدهب عددا من القرارات أهمها: إعلان حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد،إعفاء رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء والمستشارين وحكام الأقاليم، وحل مجلس الشعب والمجالس الاقليمية ، الاتحاد الاشتراكي، وكلف وكلاء الوزارات بتصريف مهام الوزارات، وقادة المناطق العسكرية لتولي سلطات حكام الأقاليم، ووجه العاملين في الدولة لانهاء الاضراب. الخ.
لكن الجماهير تخوفت من عودة الحكم العسكري، ومن تغيير شكلي يعيد إنتاج النظام المايوي السابق، وطالبت في هتافاتها بالحكم المدني ، وجيش واحد شعب واحد ، لن يحكمنا البنك الدولي ، لن يحكمنا أمن الدولة ، لن تحكمنا بقايا مايو. الخ، وتوجهت الجماهير لسجن كوبر وحررت المعتقلين السياسيين، وبعدها توجهت للقيادة العامة وضغطت حتى تمّ حل جهاز الأمن. جاء تحرك القيادة العامة بعد ضغط صغار الضباط ، مما أجبرها علي الانحياز للانتفاضة ، اضافة لخوف كبار الضباط من انقلاب يقوده صغار الضباط ( للمزيد من التفاصيل : راجع حيدر طه ، الإخوان والعسكر، القاهرة 1993، ومحمد علي جادين: صفحات من تاريخ التيار القومي وحزب البعث في السودان، دارعزة 2011)،اضافة لدعوات الأحزاب والتجمع النقابي لمواصلة الانتفاضة والاضراب العام حتى تسليم السلطة لممثلي الشعب.
٣
كان من عوامل ضعف الحركة السياسية والجماهيرية هو تشتتها ، ولم تتوحد إلا في اللحظات الأخيرة ،حيث تم اجتماع صباح السبت 6 أبريل تمّ فيه التوقيع علي ميثاق التجمع الوطني لانقاذ الوطن من أحزاب: الأمة، الاتحادي الديمقراطي، الشيوعي ، ونقابات الأطباء ، المهندسين ، أساتذة جامعة الخرطوم، المحامين ، موظفي المصارف، الهيئة العامة لموظفي التأمينات. وكان الهدف توحيد المعارضة السياسية والنقابية في مركز موحد، إضافة لضعف وجود حركة الطبقة العاملة والمزارعين والكادحين في تركيب قوى الانتفاضة.
تضمن ميثاق التجمع الوطني النقاط التالية: فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات، مهامها تنظيم العمل السياسي بموجب دستور 1956 المعدل 1964 ، كفالة الحقوق والحريات الأساسية، الحل السلمي الديمقراطي لقضية الجنوب في اطار الحكم الذاتي الموحد، التحرر من التبعية الاقتصادية والاصلاح الاقتصادي بخلق بنية اقتصادية تحقق العدل والكفاءة، ومواجهة المجاعة وشح المواد التموينية والغلاء، السيادة الوطنية والتحرر من التبعية للقوى الخارجية وقيام علاقات خارجية متوازنة، تصفية أثار مايو وقوانيتها القمعية، والطبقة الطفيلية المايوية ، واصلاح الخدمة العامة، وتصفية المؤسسات المايوية الخربة، تأكيد مبدأ الحكم الامركزي ، وحكم البلاد بعد الفترة الانتقالية بواسطة دستور يقره برلمان منتخب ديمقراطيا .
بعد التخوف من بيان القيادة العامة ، تواصلت اجتماعات التجمع الوطني للأحزاب والتجمع النقابي الذي كان مندوبه أمين مكي مدني مع القيادة العامة التي كان مندوبها اللواء عثمان عبد الله والعميد حقوقي أحمد محمود. لكن الخلافات بين الأحزاب قوى مركز القيادة العامة والسلطة، مما أدي للتعامل مع التجمع بصلف واستعلاء، حتى أنها هددت بأنها سوف تستخدم قانون الطوارئ بحزم لوقف المظاهرات!!!.
مع ضعف وخلافات التجمع وتحالف الجبهة القومية الإسلامية مع القيادة العامة ( قابل سوار الدهب د. الترابي في 10 /4 وتفاهم معه حول الوضع السياسي في البلاد) ، أعلن التجمع إنهاء الاضراب العام صباح الثلاثاء 9 /4. وزاد من ضعف قوى الانتفاضة اصدار الحركة الشعبية بيانها الذي قللت فيه من الانتفاضة ووصفت انحياز الجيش بأنه مايو 2.
كل تلك العوامل قوت موقف المجلس العسكري الذي كون مجلسا عسكريا انتقاليا من 15 عضوا من قيادات الوحدات العسكرية في الخرطوم، واستحوذ علي سلطات السيادة والتشريع خلال الفترة الانتقالية ، رغم احتجاج التجمع علي ذلك ، الا أنه لم يستطع أن يوقف ذلك لضعفه وعدم استعداده المبكر.
بعد استقبال سوار الدهب للترابي ظهرت الجبهة الإسلامية كقوة سياسية واقتصادية ومالية بعد البنوك الإسلامية والشركات التي عملتها في فترة المصالحة مع نظام مايو ، وكسرت طوق عزلتها باعتبارها من سدنة مايو بعد مشاركتها نظام في مايو لمدة ثماني سنوات بعد المصالحة الوطنية 1977، وشاركت في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية وفي الاتحاد الاشتراكي، وكان د. الترابي نائبا عاما ومستشارا للرئيس نميري. بالتالي عملت علي شق الصفوف ، واصبح المجلس العسكري يتعامل مع أكثر من جهة، ووجد حليفا قويا في الجبهة الإسلامية، وزاد الطين بلة دعوة المجلس العسكري لمناديب من الجبهة الإسلامية لاجتماع ممثلي القيادة مع التجمع الوطني التي استنكرها التجمع، هذا فضلا عن خط الجبهة الإسلامية الدعائي الذي يقول بأن العسكر هم الجهة الوحيدة المنظمة والقادرة علي قيادة البلاد واستخفافها التجمع الوطني.
بعد ذلك طلب المجلس العسكري الانتقالي من التجمع ترشيحات لشخصيات مستقلة لمجلس الوزراء، وكان خطأ التجمع الموافقة علي تكوين المجلس العسكري بهذه الصلاحية ، واسس تكوين مجلس الوزراء ، الذي جاء برئاسة د. الجزولي دفع المعروف بانتمائه للإخوان المسلمين منذ أن كان طالبا في الجامعة ، وضم مجلس الوزراء مجموعة من التكنوقراط ، وبعض النقابيين الذين لعبوا دورا في الانتفاضة، مما قطع الطريق أمام وصول الانتفاضة لتحقيق أهدافها. وهذا راجع لضعف التجمع وعدم اتفاقه علي هياكل مؤسسات الفترة الانتقالية منذ فترة مبكرة.
كما تحددت القوي السياسية والطبقية المصطرعة التي تكونت من المجلس العسكري المسيطر علي السلطة الفعلية والمتحالف مع الجبهة القومية الإسلامية، والمرتبطة بدوائر خارجية عالمية واقليمية لها مصلحة في اجهاض الانتفاضة وعدم تحول ديمقراطي عميق يكون له تأثيره في المنطقة، والتجمع الوطني للقوى السياسية والنقابية الذي انسحب منه الاتحادي الديمقراطي لاحقا، والحركة الشعبية بموقفها المعروف من المجلس العسكري.
٤
الدخول في مهام الفترة الانتقالية:
بعد تخوف التجمع من هيمنة الحكم العسكري ، بادر بتقليص الفترة الانتقالية من ثلاث سنوات الي سنة واحدة، بعدها يتم تسليم السلطة لممثلي الشعب، وتمّ الدخول في مهام الفترة الانتقالية التي تلخصت في :
- تصفية آثار مايو ومؤسساتها وقوانينها القمعية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
– وقف الحرب وتحقيق السلام.
- اجراء انتخابات عامة بعد عام واحد لانتخاب جمعية تأسيسية وتسليم السلطة لممثلي الشعب.
* ثم بعد ذلك بدأ التراجع عن ميثاق الانتفاضة، فبدلا من العمل بدستور 1956 المعدل في أكتوبر 1964 ، جاء الدستور الانتقالي لعام 1985 ، رغم أنه أكد علي النظام الديمقراطي والتعدد السياسي ، والحقوق والحريات الأساسية.
* رفضت الجماهير وأحزاب التجمع محاولة النائب العام عمر عبد العاطي للتغول علي نشاط الأحزاب عن طريق مشروع لتنظيم الأحزاب ، مما أدى لتراجعه.
* استفادت الجبهة الإسلامية من هذا الوضع وسيطر الطفيليون الإسلامويون علي السوق مع الطفيلية المايوية، وخلقو أزمات اقتصادية ومعيشية مع ضعف الحكومة في اتخاذ اجراءات حاسمة لتحسين الوضع المعيشي، أدت لزعزعة وفشل الفترة الانتقالية ولتذمر العاملين الذين قاموا باضرابات كثيرة.
* تمّ التوقيع علي ميثاق الدفاع عن الديمقراطية في نوفمبر 1985 الذي أكد علي الديمقراطية باعتبارها الخيار الوحيد ، والدفاع عنها بكل الوسائل بما فيها الاضراب العام اذا وقع انقلاب عسكري، وقع عليه 18 حزب واتحاد ، اضافة لممثلي القوات المسلحة، وخاطب الاحتفال بعض زعماء الأحزاب.، وتمّ ايداع الميثاق لمنظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية والأمم المتحدة ليشهد العالم علي تمسك شعب السودان بالديمقراطية.
الجدير بالذكر أن الجبهة القومية الاسلامية بقيادة الترابي لم توقع علي ميثاق الدفاع عن الديمقراطية ، وظهرت انيابها السامة التي غرستها في عنق الديمقراطية بانقلاب 30 يونيو 1989 ، مما دمر البلاد والعباد.
* عقدت قوى الانتفاضة مؤتمرها في مدينة ودمدني بهدف تأكيد وتقوية وحدتها، وأكد البيان الختامي علي استمرار التجمع الوطنى، وتصفية آثار مايو، ، حرية العمل النقابي، رفع المعاناة عن الجماهير ودعم أسعار السلع الأساسية، وقف الحرب في الجنوب، والاسراع بعقد المؤتمر الاقتصادي والمؤتمر الدستوري، والاشادة بانحياز الجيش للانتفاضة. الخ.
* واجهت الحكومة تردي الأوضاع المعيشية ، طالب التجمع بدعم السلع الأساسية ، وعقد مؤتمر اقتصادي عاجل بهدف معالجة الوضع الاقتصادي، لكن الحكومة فشلت في انتهاج سياسات تساعد في حل الضائقة المعيشية ، وتلكأت في عقد المؤتمر الاقتصادي، رغم المقترحات التي قدمتها قوى الانتفاضة في : تصفية التمكين الاقتصادي المايوي، والنشاط الطفيلي ، واسترداد الأموال المنهوبة ، واصلاح النظام المصرفي، وزيادة الايرادات العامة من موارد حقيقية. الخ.
في ديسمبر 1985 رفضت قوى التجمع والنقابات إعلان وزير المالية عوض عبد المجيد اتفاق مع صندوق النقد الدولي شمل: تخفيض سعر الجنية، ورفع أسعار السلع الأساسية، ورفع رسوم المياه والأرض في مشروع الجزيرة. الخ ، وكان الرفض كبيرا أدي لرفض مجلس الوزراء للمشروع مما أدي لاستقالة وزير المالية.
٥
تمّ تأخير المؤتمر الاقتصادي الذي لم ينعقد الا في مارس 1986 قبل شهر من نهاية الفترة الانتقالية!!، وكانت توصياته تتلخص في الآتي:
أ – إعادة تعمير وتأهيل المؤسسات والمشاريع الإنتاجية والخدمية في القطاعين العام والخاص ، وإعادة تعمير المناطق التي تأثرت بالجفاف والمجاعة .
ب – إصلاح النظام المصرفي وتصفية النشاط الطفيلي.
ج – إشاعة الديمقراطية واشراك العاملين في المؤسسات الإنتاجية .
د – تحسين أجور ومرتبات العاملين والمنتجين على أن يرتبط ذلك بزيادة الإنتاجية وتوفير مدخلات الإنتاج بالنسبة لمؤسسات القطاع العام والخاص الإنتاجية .
ه – إصلاح وتحسين خدمات التعليم والصحة.
و – لجم وسائل التضخم وتخفيض أسعار السلع الرئيسية واصلاح قنوات التوزيع .
ز – وضع خطة اقتصادية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي تخضع جميع السياسات الاقتصادية والمالية بهدف الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية المتاحة واصلاح مسار الاقتصاد السوداني .
* انتهت الفترة الانتقالية بالفشل في تحقيق أهدافها، وجرت االانتخابات العامة في الفترة من 1 الي 12 أبريل 1986 ، بقانون انتخابي هزيل حرم القوى الحديثة من التمثيل ، وتكونت حكومة ائتلافية بين الأمة والاتحادي الديمقراطي والأحزاب الجنوبية ولم تستمر طويلا ، وفشلت في حل قضايا الاقتصاد والجنوب وترسيخ الديمقراطية وتم تكوين حكومة ائتلافية أخرى في مايو 1988 من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية ، إلا أن تلك الحكومة أيضا فشلت في حل مشاكل البلاد.
* رغم قرارات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ، إلا أن السياسات التي سارت عليها حكومات تلك الفترة أدت إلى استمرار مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تتلخص في الآتي : -
أ – ركود الإنتاج السلعي ( زراعة – صناعة ) وتضخم قطاع خدمات المال والتجارة ، أي أن وزن الطبقات الطفيلية الإسلامية والمايوية كان مؤثرا في النشاط الاقتصادي ، الشيء الذي عرقل محاولة أي إصلاح ، وبالتالي انعكس ذلك على النشاط السياسي وإجهاض الانتفاضة وتقويض الديمقراطية .
ب – استفحال المديونية الخارجية التي بلغت 14 مليار دولار .
ج – عجز مقيم في الموازنة الداخلية وميزان المدفوعات.
د – تزايد معدلات التضخم إذ بلغ اكثر من 45 % .
ه – تدهور متواصل في سعر صرف الجنية السوداني .
و – تزايد معدلات استهلاك الفئات الطفيلية، وارتفاع معدلات الاستيراد وانكماش الصادرات وتزايد المنصرفات.
كما استمرت حكومات ما بعد الانتفاضة في السياسة التقليدية التي تسببت في الأزمة الاقتصادية مثل: تقليص دور الدولة، إلغاء الضوابط على حركة المبلغ والسلع والتخلص غير المدروس والتدريجي من القطاع العام خاصة في مجال البنوك والتأمين والتجارة.
ز – التشجيع المفرط للقطاع الخاص المحلي والمختلط والأجنبي دون اعتبار للأولويات والسيادة الوطنية ، وذلك بالإعفاءات والتغاضي عن التهرب الضريبي .
ح – إطلاق العنان لقوى السوق بافتراض أن ذلك يساوى بين الأسعار وتكلفة الإنتاج ويقربها من مستويات الأسعار العالمية مما أدخل البلاد في حلقة تعديلات سعر الصرف دون تحقيق الأهداف المطلوبة.
ط – التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني والاعتماد شبه الكامل على العون الخارجي. ) .
* – تفاقم حرب الجنوب التي كانت تكلف 3 ملايين من الجنيهات يوميا ، إضافة للخسائر في الأرواح والمعدات والمجاعات وتوقف التنمية في الجنوب ، وبذلت محاولات كثيرة من قيادات الأحزاب والتجمع والنقابات والشخصيات الوطنية في شكل مبادرات وندوات حتى كللت هذه المحاولات بتوقيع اتفاقية (الميرغني – قر نق ) التي أجهضها انقلاب 30 يونيو 1989 .
٦
* – ظلت مصادر الخطر على الديمقراطية موجودة كما حددها الحزب الشيوعي والتي تتلخص في الآتي :
أ – التخلي عن شعارات الانتفاضة بعدم تصفية أثار مايو .
ب – الإبقاء على القوانين المقيدة للحريات ( قوانين سبتمبر 1983) ، قوانين النقابات وغيرها من القوانين
ج – عدم الجدية منذ بداية الانتفاضة في الحل السلمي لمشكلة الجنوب.
د – تقارب الحزبين الكبيرين ( الأمة والاتحادي الديمقراطي ) للجبهة الإسلامية رغم موقفها المعادى للديمقراطية، حتى انقلبت على الديمقراطية وعضت اليد التي أحسنت إليها.
ه - كما قاومت الجماهير مشروع قانون الترابي الهزيل الذي يفضي للدولة الدينية، وتمّ اسقاطه .
وفي ديسمبر 1988 حدث الإضراب السياسي العام ضد زيادة الأسعار ، وبعد الإضراب ومذكرة القوات المسلحة التي خلقت جوا انقلابيا ، تم تكوين حكومة واسعة التمثيل ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ونجاح مبادرة( الميرغني – قر نق) لحل مشكلة الجنوب انعزلت الجبهة الإسلامية والتي رفضت التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية وكانت تسعى للحل العسكري والانقلاب على الديمقراطية ، ولعب اعلامها وصحفها دورا كبيرا في تخريب الديمقراطية، ونشر الأكاذيب، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ، كانت مواكب الجبهة الإسلامية تجوب الشوارع من أجل حكم الشريعة ، وقبل ذلك كانت مواكب الجبهة الإسلامية حول أمان السودان وتحت ستار دعم القوات المسلحة ، وكان د . حسن الترابي في لقاءاته الجماهيرية يدعوا علنا لقلب نظام الحكم ، وتواترت المعلومات لقيادات الأحزاب والحكومة عن تخطيط الجبهة الإسلامية لانقلاب عسكري ، وبسبب الغفلة والتهاون وقع انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 الذي دمر البلاد والعباد.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

مقالات مشابهة

  • الجيش السوداني يكذب الدعم السريع ويحذر ويكشف حقيقة فيديوهات ويعلن مقتل وإصابة 33 مواطنًا
  • الجيش السوداني يكشف عن هروب مفاجئ لقوة تتبع  لـ”الدعم السريع” من الفاشر 
  • الجيش السوداني يعلن مقتل 47 مدنيا في قصف للدعم السريع استهدف الفاشر‎
  • في ذكراها الأربعين تجربة فشل الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل (1985- 1986)
  • الضمان الاجتماعي.. هل هناك فئات تستثنى من التمكين؟ 
  • “كمين المندرابة”.. الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بقوات الدعم السريع وضباطه وجميع قواته
  • الجيش السوداني يلقي القبض على قائد بـ”الدعم السريع” مع ضباطه وجميع قواته
  • الكاميرلينغو.. من هو "خادم البابا" المكلّف بإدارة الفترة الانتقالية في الفاتيكان؟
  • مساعد البرهان يعلن عن موقف حاسم تجاه التفاوض مع الدعم السريع
  • كمين  لـ”الجيش السوداني” يسفر عن أسر قائد بارز في الدعم السريع