محللون: المقترح الذي كشف عنه بايدن خطوة للأمام لكنه مليء بالفخاخ
تاريخ النشر: 2nd, June 2024 GMT
يقول خبراء إن مقترح وقف إطلاق النار الذي طرحه الرئيس الأميركي جو بايدن يمثل خطوة مهمة نحو وقف الحرب بشكل كامل، لكنه في الوقت نفسه يحمل كثيرا من الألغام التي توفر لإسرائيل فرصة مواصلة الحرب خلال المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأعلن بايدن ما وصفها بـ"خارطة طريق إسرائيلية"، قال إنها تقود لسلام دائم في غزة، داعيا حركة المقاومة الإسلامية (حماس) للقبول بها لأنها "الفرصة الأخيرة".
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إن المقترح يمثل فرصة للفلسطينيين والإسرائيليين، وتواصل مع دول عربية وإسلامية لإقناعها بالضغط على حماس من أجل قبول الصفقة.
وينص المقترح على مرحلة أولى من 6 أسابيع يتم خلالها وقف القتال بشكل كامل وانسحاب إسرائيل من المناطق المأهولة في قطاع غزة مقابل إطلاق عدد من أسرى الجانبين، إضافة إلى تواصل المفاوضات خلال هذه الأسابيع الستة من أجل التوصل لوقف دائم للقتال.
ويمثل إعلان المقترح على لسان الرئيس الأميركي محاولة من الولايات المتحدة لسحب البساط من تحت قدمي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حتى لا يفسد الصفقة الجديدة كما فعل في مقترحات سابقة، برأي أستاذ العلوم السياسية بلال الشوبكي.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال الشوبكي إن بايدن أراد أيضا إعفاء نتنياهو من إعلان المقترح بنفسه لأنه يلبي طلبات المقاومة في جزء كبير منه، مشيرا إلى أن واشنطن تحاول في الوقت نفسه طمأنة الإسرائيليين بأن المقاومة لن تكرر هجوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، لأسباب داخلية تتعلق بإعادة إعمار القطاع وأخرى إقليمية تتعلق بضمانات عربية.
في الوقت نفسه، فإن حديث بايدن -برأي الشوبكي- "يمثل محاولة أميركية لتعرية من يحاولون مواصلة الحرب بحجة إمكانية تكرار عملية طوفان الأقصى، وهي أيضا محاولة لإنقاذ إسرائيل من قيادتها لأن مواصلة الحرب تعني مزيدا من الانتكاسات بعد ما حدث خلال الأسابيع الماضية".
أفخاخ وغموض
لكن المقترح يحمل كثيرا من الأفخاخ التي يمكن لنتنياهو استغلالها لعرقلة التوصل لاتفاق، وخصوصا فيما يتعلق بالمرحلة الثانية المرهونة بمفاوضات ستجري خلال المرحلة الأولى، حسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية حسن أيوب، الذي يقول إن رئيس الوزراء الإسرائيلي متمرس في إفشال المفاوضات وإطالة أمدها.
كما أن الحديث عن ضمانات قطرية مصرية لعدم تسليح حركة حماس يوفر أيضا فرصة لإسرائيل لشن عمليات عسكرية جديدة -برأي أيوب- "لأنه يمنحها حق تقرير مدى التزام القاهرة والدوحة بهذه الضمانة".
بدوره، أبدى المحلل السياسي أحمد الحيلة استغرابه من مطالبة بايدن الإسرائيليين بالضغط على نتنياهو للقبول بمقترح يقول إنه إسرائيلي بالأساس، مشيرا إلى أن الولايات المتحدة "تحاول القول -بالتنسيق مع إسرائيل- إن هذا آخر ما يمكن الوصول إليه مع نتنياهو من خلال الضغط الأميركي".
وأضاف الحيلة أن العرض الأميركي يبدو كأنه "محاولة لخلق بيئة ضاغطة على حماس لكي تقبل بما هو معروض دون نقاش حتى لو كان ملغما ويعني أن الحرب قد تستمر لسنوات تحت غطاء المفاوضات من أجل التوصل للمرحلة الثانية".
وأكد الحيلة أن عدم وضع وقف إطلاق النار كمبدأ أساسي متفق عليه "يخلق الكثير من الغموض حول هذا المقترح".
ويتفق الشوبكي مع الحيلة في الحديث عن خلق بيئة ضاغطة على حماس، مشيرا إلى أن بايدن لم يمنحها فرصة مناقشة المقترح كما فعل مع إسرائيل، ولكنه وضعها بين القبول به كما هو أو مواصلة الحرب.
وتعليقا على موقف حماس من المقترح الذي قالت إنها ستتعاطى معه بإيجابية، قال أيوب إن الحركة قرأت تقلبات الموقف الأميركي منذ مقترح مايو/ أيار الماضي، الذي وافقت عليه المقاومة ثم عادت واشنطن ومنحت نتنياهو فرصة إفشاله وشن عملية عسكرية في رفح لعله يحقق ما لم يحققه في بقية مناطق غزة.
ويرى أيوب أن المقاومة أدركت أن كلمة بايدن الأخيرة تعني أن فرص تحقيق نصر إسرائيلي في غزة نفدت، وأن جيش الاحتلال لن يحسم الحرب لصالحه.
إلى جانب ذلك، فإن المقترح الجديد يتعاطى مع طلب المقاومة الخاص بسحب قوات الاحتلال وعودة النازحين خلال المرحلة الأولى قبل الشروع في تبادل الأسرى، حسب أيوب، الذي يرى أن "بلينكن ومؤيدي الدعم المطلق لإسرائيل داخل إدارة بايدن خسروا هذه الجولة لصالح البراغماتيين بقيادة مدير الاستخبارات "سي آي إيه" وليام بيرنز".
تسويق أميركي لمقترح إسرائيلي
وفي الأخير، يقول الحيلة إن بايدن "يحاول تسويق ورقة إسرائيل وكأنها حل سحري بينما هي توفر لإسرائيل فرصة مواصلة الحرب تحت مظلة التفاوض من أجل المرحلة الثانية"، مؤكدا أن واشنطن "تريد إنهاء الحرب والخروج بنفسها وبإسرائيل من المأزق".
لكن المحلل السياسي يرى أيضا أن الورقة تحمل ألغاما بشأن خلافات جوهرية لا يمكن تجاهلها، مؤكدا أنه من الصعب التوصل لاتفاق قريب خصوصا في ظل رد مكتب نتنياهو على حديث بايدن.
وحتم الحيلة بالقول إن حديث مكتب نتنياهو عن أن تل أبيب ليست مستعدة لوقف الحرب قبل القضاء على حماس، "يمثل استباقا لأي موقف إيجابي من جانب المقاومة بشأن المقترح".
في المقابل، قال الشوبكي إن التوصل لاتفاق حقيقي يوقف الحرب يتوقف على مدى استعداد أميركا للعمل كوسيط وليس كطرف، مؤكدا أن بإمكان إدارة بايدن استغلال المتغيرات الحاصلة داخل إسرائيل لدفع نتنياهو باتجاه وقف الحرب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات مواصلة الحرب وقف الحرب على حماس من أجل
إقرأ أيضاً:
“حسام شبات” الذي اغتالته إسرائيل.. لكنه فضحهم إلى الأبد
#سواليف
كتبت .. #روبين_أندرسون
قُتل الصحفي الشابّ في قناة #الجزيرة، #حسام_شبات، يوم الرابع والعشرين من مارس/ آذار، حين استهدفته طائرة مُسيّرة إسرائيلية بصاروخ واحد أثناء وجوده داخل سيارته.
وقد أفاد صحفي آخر قام بتوثيق آثار #الجريمة أن حسام كان قد أنهى للتوّ مقابلة صحفية، وكان متوجهًا إلى المستشفى الإندونيسي في شمال #غزة من أجل بث حي على قناة الجزيرة مباشر.
مقالات ذات صلةوقد اعتبرت لجنة حماية الصحفيين عملية قتله #جريمة_قتل_متعمدة. وكان حسام يساهم أيضًا في موقع “دروب سايت نيوز” الأميركي، حيث استخدم الصحفي جيفري سانت كلير تقاريره الميدانية الحية ضمن “يوميات غزة” التي نشرها.
ترك حسام رسالة قبل استشهاده جاء فيها:
“إذا كنتم تقرؤون هذه الكلمات، فهذا يعني أنني قد قُتلت – على الأرجح استُهدفت – من قبل قوات #الاحتلال الإسرائيلي.. لقد كرست الثمانية عشر شهرًا الماضية من حياتي كاملةً لخدمة شعبي.
وثقتُ أهوال شمال غزة دقيقةً بدقيقة، مصممًا على #كشف_الحقيقة التي حاولوا طمسها.. وأقسم بالله إنني قد أديتُ واجبي كصحفي. خاطرتُ بكل شيء لنقل الحقيقة، والآن، أرقد بسلام…”.
في وقت سابق من يوم استشهاده، استهدفت قوات الاحتلال الإسرائيلي الصحفي محمد منصور، العامل لدى قناة فلسطين اليوم، مع زوجته وابنه، عبر قصف مباشر لمنزله في خان يونس.
وبعد اغتيال شبات، احتفى الجيش الإسرائيلي بقتله علانيةً، إذ نشر عبر حسابه الرسمي على منصة “إكس” منشورًا تفاخر فيه بـ”تصفية” حسام، قائلًا: “لا تدعوا السترة الصحفية تخدعكم، حسام كان إرهابيًا”. وكان الاحتلال قد زعم قبل ستة أشهر أن شبات وخمسة صحفيين آخرين – جميعهم يعملون لدى قناة الجزيرة – ينتمون إلى حركة حماس.
في ذلك الوقت، كان شبات يغطي الأحداث من شمال غزة، تلك المنطقة التي لم يتبقَّ فيها سوى قلة من الصحفيين، حيث كانت إسرائيل قد أطلقت حملة إبادة مركزة، وكان شبات وزملاؤه يرابطون هناك لتوثيق الجرائم الإسرائيلية وتقديم تغطية مستمرة.
كان حسام يدرك أن إعلان الاحتلال له كـ”عنصر من حماس” يعني نية مبيّتة لاستهدافه. لذلك دعا مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفع أصواتهم مستخدمين وسم “#احموا_الصحفيين”، قائلًا:
“أناشد الجميع نشر الحقيقة حول ما يتعرض له الصحفيون، لفضح خطط الاحتلال الإسرائيلي الرامية إلى فرض تعتيم إعلامي. انشروا الوسم وتحدثوا عنا!”.
وكانت آخر رسالة صحفية له، والتي أُرسلت قبل ساعات من مقتله، قد تُرجمت من العربية إلى الإنجليزية بواسطة شريف عبد القدوس، وافتتحت بهذه الكلمات:
“كانت الليلة حالكة السواد، يغمرها هدوء حذر. خلد الجميع إلى نومٍ قلق. لكن السكون سرعان ما تحطّم تحت وطأة صرخات مفزعة. وبينما كانت القنابل تمطر السماء، كانت صرخات الجيران تعلن اللحظات الأولى لاستئناف الحملة العسكرية الإسرائيلية. غرقت بيت حانون في الذعر والرعب”.
إنه وصف مروع للواقع، يكشف بوضوح السبب الذي دفع إسرائيل إلى إسكات حسام شبات.
وصل عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إلى 236 شهيدًا، بانضمام حسام شبات إلى هذه القائمة الدامية. وفي السابع من أبريل/ نيسان، قصفت إسرائيل خيمة إعلامية في خان يونس، مما زاد من ارتفاع عدد الضحايا.
إعلان
منذ أن أنهى نتنياهو وقف إطلاق النار، انطلقت إسرائيل في موجة قتل عارمة، أسفرت خلال الأيام الثلاثة الأولى عن استشهاد 700 شخص وإصابة 900 آخرين، ولا تزال المجازر مستمرة.
يعلم دعاة الدعاية الحربيّة أنّ خططهم تنهار أمام الشهادات الصادقة والمعارضة الحرة. فالبروباغاندا الحربية تقتضي دومًا فرض الرقابة والصمت.
لم يكن حسام شبات الفلسطيني الوحيد الذي ترك خلفه توثيقًا لعملية قتله والمسؤولين عنها. فقد كان رفاعة رضوان من بين خمسة عشر مسعفًا تم إعدامهم على يد إسرائيل، قبل يوم من اغتيال شبات، وقد ترك تسجيلًا مصورًا لعملية قتله، مما أسقط روايات الاحتلال الكاذبة.
في صباح الثالث والعشرين من مارس/ آذار، قتلت قوات الاحتلال العاملين في الإغاثة الإنسانية برفح، وكانوا ثمانية من طواقم الهلال الأحمر الفلسطيني، وستة من الدفاع المدني الفلسطيني، وموظفًا من وكالة الأونروا، أثناء تنفيذهم مهمة انتشال الجرحى والشهداء المدنيين.
وبعد انطلاقهم لتنفيذ مهمتهم، انقطعت أخبارهم لأيام. وأطلق الناطق باسم الدفاع المدني، محمود بصل، مناشدات يائسة إلى العالم للضغط على إسرائيل لكشف مصيرهم. حتى الثلاثين من مارس/ آذار، حين تم استخراج جثثهم من قبر جماعي ضحل، وهم لا يزالون يرتدون زيهم الرسمي المضيء.
وقد كشفت الفحوصات الجنائية التي أجراها طبيب تعاقد مع مستشفى في خان يونس عن علامات تشير إلى “عمليات إعدام ميداني” بناءً على أماكن الإصابة القريبة والمقصودة.
وقد عُثر على الضحايا وهم لا يزالون يحملون أجهزة الاتصال، والقفازات، والحقائب الطبية. ونشرت صحيفة الغارديان البريطانية شهادات الطبيب، وأشارت إلى أن إسرائيل قد دمرت النظام الصحي في غزة وقتلت ألفًا من العاملين في القطاع الطبي، وهو ما يرقى إلى جرائم حرب.
وفي الأول من أبريل/ نيسان، غطت صحيفة “نيويورك تايمز” المجزرة، واضعة في عنوانها اقتباسًا على لسان الأمم المتحدة يتهم إسرائيل بقتل عمال الإنقاذ. لكنها افتتحت التقرير بإبراز نفي الاحتلال، حيث ادّعت إسرائيل أن تسعة من القتلى كانوا “مقاتلين فلسطينيين”.
إعلان
واتّبعت الصحيفة أسلوبها المعتاد في تقديم الروايتين (رغم الفارق بينهما)، مستعرضةً بشاعة المشهد وشهادات وكالات غزة والأمم المتحدة، ثم منح المساحة مجددًا لدفاعات الجيش الإسرائيلي غير القابلة للتصديق، بزعم أن “عددًا من المركبات كانت تتقدم نحو الجنود الإسرائيليين بطريقة مريبة ومن دون إشارات طوارئ”.
وزعمت إسرائيل أن من بين القتلى محمد أمين إبراهيم شوبكي، الذي شارك في هجمات السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، رغم استحالة تصديق هذه الرواية في ظل الكم الهائل من القنابل التي أسقطت على غزة – بكمية تفوق ما أُلقي خلال الحرب العالمية الثانية – بزعم استهداف حركة حماس فقط، لا عشرين ألف طفل فلسطيني قتلوا جراء ذلك.
غير أن العثور على الهاتف المحمول الذي سجل ما حدث قلب الرواية الإسرائيلية رأسًا على عقب. فقد التقط رفاعة رضوان هاتفه المحمول أثناء تعرض قافلتهم للنيران، وسجل رسالة مؤثرة وهو يركض باتجاه النيران الإسرائيلية محاولًا إنقاذ المصابين. خاطب والدته قائلًا:
“أمي، سامحيني… أقسم بالله إنني اخترت هذا الطريق فقط لأساعد الناس”.
وأظهرت اللقطات أن أضواء سيارات الإسعاف كانت تعمل بوضوح، ومع ذلك لم توفر لهم أي حماية.
أكد الشريط المصور ما كان العالم يعرفه بالفعل، وكشف عن شجاعة إنسانية نادرة لشاب فلسطيني واصل إنقاذ الأرواح وسط إبادة جماعية لا توصف.
لقد كان شريط رفاعة رضوان مؤثرًا إلى درجة أن صحيفة “نيويورك تايمز” اضطرت، في السادس من أبريل/ نيسان، إلى نشر عنوان صريح يشير إلى أن “عمال الإغاثة في غزة قُتلوا برصاص إسرائيلي”. ومع ذلك، منح التقرير، الذي كتبته إيزابيل كيرشنر، مساحة واسعة لمسؤولي الاحتلال لتقديم دفاعاتهم مجددًا، متجاهلًا المنهجية الإسرائيلية في استهداف القطاع الصحي في غزة.
إن المؤرخين الفلسطينيين يتحدثون بلغة الإنسانية. فهم يروون ما يجري بحقهم كما كتب حسام شبات:
إعلان
“كنت أنام على الأرصفة، في المدارس، في الخيام – في أي مكان أجده. كانت كل يوم معركة من أجل البقاء. تحملت الجوع لأشهر، ومع ذلك لم أتخلَّ يومًا عن شعبي”.
كما ترك كلمات خالدة:
“لا تتوقفوا عن الحديث عن غزة. لا تسمحوا للعالم أن يغض الطرف. استمروا في النضال، وواصلوا رواية قصصنا – حتى تتحرر فلسطين”.
إنها كلمات حكيمة ومؤثرة، ورسالة بالغة الأهمية لشعب يتعرض لإبادة جماعية. وهي تمامًا الكلمات التي يحتاج العالم إلى سماعها اليوم.