#الصراعات القائمة بين #البشر على مر #التاريخ #صراعات #سياسية وتوسعية باسم الدين

بقلم : المهندس محمود ” محمد خير” عبيد
اذا ما تتبعنا تاريخ الصراعات البشرية و الإنسانية على مر التاريخ نجد ان هذه الصراعات في جلها صراعات قائمة باسم الدين في الظاهر و لكن في باطنها نجد ان أسبابها صراعات سياسية و توسعية من اجل الانقضاض على موارد المناطق التي يتطلع الطامعين الى احتلالها و التمتع بثرواتها او الاستفادة من حضارتها و استثمار مواردها البشرية و المعرفة و العلم الذي يتمتعون به أبناء هذه المناطق فالصراعات و الحروب و الفتوحات و التوسعات لم يكن لها في يوم علاقة بالدين لا من قريب او بعيد, فالله ارسل الرسل و الأنبياء من اجل الأيمان به وحده كخالق لهذا الكون و من عليه و من اجل تدعيم أواصر المحبة و السلام و التسامح في هذا الكون و قبول كل انسان للأخر بأيمانه و معتقداته, فالرسل بعثت و الكتب انزلت و الأديان اتبعت من اجل تصحيح مسار البشر في كل مرحلة من مراحل الحياة على هذه الأرض, فكافة الأديان هدفها واحد و هو عبادة الله و الأيمان به و توجيه بني البشر الى حياة المحبة و التسامح.

نحن لم نكن في يوم في موقع يمكننا ان نعمل على تكفير احد او ننكر على احد طريقة ايمانه و عبوديته لله عز و جل لأن ليس هناك على الأرض من احد صاحب ولاية او لديه توكيل من الله ان يكفر احد او ينكر على احد طريقة عبادته و دينه او يدخل هذا الجنة و يدخل ذاك النار, فمن يكفر بدين او ملة او مذهب او عقيدة ارسلها الله الى خلقه فقد انكر على الله قدرته على الكمال في اصطفاء الرسل او بعث الكتب السماوية. معاذ الله ان يكون هناك دين افضل من دين او رسول افضل من رسول فرب العالمين منذ ان خلق البشر و اوجد الخليقة على هذه الأرض و هو العالم بغيب الأمور يعلم كيف سيهذب خلقه و يعلمهم و يهديهم و يعلمهم و هو العالم ان من خلقهم من البشر في كل فترة يحتاجون الى عملية تصحيح لمسارهم و الارتقاء بأيمانهم و يضعهم على الطريق الصواب و يهديهم الى طريق الخير و المحبة و السلام و الى الأيمان بوحدانيته و بربوبيته, فمن ارسل الزبور و صحف ابراهيم والتوراة و الآنجيل و القران و من جاء بابراهيم و موسى و عيسى و محمد و إخوانهم من الأنبياء عليهم السلام هو الله عز وجل فالمصدر واحد فكيف لنا ان نكفر او نتجاهل احدهم او ننكر أي من اتباعهم و هم من خلقهم و اوجدهم على هذه الأرض و خلقنا هو الله خالقهم و خالقنا و موجدنا و موجدهم. انما كل نبي و رسول منهم جاء في مرحلة من مراحل هذه الدنيا لأعادة الأمور و العلاقة بين الخالق و عباده الى نصابها و من اجل العمل على تصحيح المسار الإيماني, فما نادى به موسى هو ما دعا اليه عيسى و جاء به محمد عليهم السلام. فعلى ماذا نختلف و نعمل على تكفير بعضنا بعضا” و نتعصب الى دين و عقيدة و مذهب و رسول اذا ما كان الهدف واحد والآديان جميعها اديان الله و الشريعة شريعة الله و رب الأديان و باعثها واحد لا اله الا هو. ماذا لو كان الله عز و جل ارسل رسول واحد و دين واحد على مر الأزمان و العصور على هذه الأرض، هل كان بني البشر سيجدون ما يتصارعون و يتعصبون و يتنازعون و يختلفون من اجله و هل كانوا سيعملون على التصارع دينيا” و مذهبيا” او سينتصرون لدين او مذهب او عقيدة على حساب دين اخر, ام كنا سوف نجد سبب اخر من اجل الأختلاف و الصراع. ام صراعنا و اختلافنا ما هو الا عبارة عن مسميات او عصبية او تدين دنيوي زائف لا يغني و لا يسمن من جوع و نحن ليس لدينا الوصاية على اي من خلقه ان نكفره او نحاسبه، ام هو اتباع لأصحاب الهوى من رجال الدين المنافقين من مسيلمات هذا العصر و العصور السابقة و دجاليها. ان الاختلاف دائما” وابدا” كان وما زال خلاف سياسي يتم توظيف الدين من اجل تأجيجه و لم يكن له في يوم أي علاقة لا من قريب او بعيد باي دين او مذهب او عقيدة و خدمة لأصحاب السلطة، هو صراع على السلطة و التوسع سياسيا” و جغرافيا” باسم الدين منذ ان خلق الله البشرية منذ ان قتل هابيل اخاه قابيل. فرجال السلطة لا يريدون من هو اعلى منهم سلطة حتى لو كانوا رسل الله و انبيائه، فبني اسرائيل مثلوا بعيسى عليه السلام خوفا” على السلطة و قريش لم تؤمن بمحمد خوفا” على السلطة ، لذلك نجد الساسة و كبار القوم هم من حاربوا الأديان و انتصروا لسلطتهم و هم مؤمنين برسالة الرسل و لكن ابت انفسهم ان تؤمن بما جاؤوا به. فها هم القرشيين من كفروا في رسالة محمد في بداية دعوته هم نفسهم من توسعوا باسم الدين جغرافيا” و نقلوا حكمهم من الجزيرة العربية الى بلاد الشام و قاموا باستثمار مسمى التوسع الديني و نشر الأسلام من خلال إقامة دولتهم الأموية في بلاد الشام للاستفادة من حضارة شعبها و ارثه التاريخي و حضارته و التوسع الجغرافي و السياسي و هو ما كان ليحصل لولا لم يجيروا هذا التوسع باسم الدين و من ثم اتى توسع العباسيين و اقاموا دولتهم في العراق. فمن يعمل الى تجيير الخلافات بين الشعوب الى خلافات دينية فليعمل على تصحيح معلوماته فالسلطة و التوسع الجغرافي و السياسي كان و ما زال و سيبقى من اهم اسباب الحروب والدمار على هذه الأرض, فالجميع يتصارع على السلطة , ارضاءا” لغروره و شهواته و نزعاته فالحروب الصليبية قامت باسم الدين و الأحتلال الصهيوني لأرض فلسطين باسم الدين و النزاعات الأهلية في معظم البلدان تتم باسم الدين و الله بريء من كل من يهدر دم انسان باسم الدين و هو القائل في محكم كتابه ” لكم دينكم و لي دين” و هاهم رجال السلطة يحيطون انفسهم بزبانية هذه الأرض من علماء النفاق و الدجل الذين يكذبون باسم خالقهم و انبيائه معتقدين انهم متحصنين بدجلهم و كذبهم و نفاقهم و متسلحين برجال الدين مسيلمات هذا العصر و دجاليها حتى يشدوا من ازرهم و يلبوا مصالحهم و يقدموا لهم الفتاوى الدنيوية من اجل سلطة و حياة و جاه زائلين شادين الركاب الى مقعدهم في جهنم و بئس المصير فكل من فسد على شعبه و امته و خان الآمانة و نهب و سرق و نهب خيرات البشر التي انعم الله بها على خلقه فلينتظر عقاب رب الخلق العادل مهما كان مركزه و سلطانه على الأرض و مهما علا شانه فتحت عرش رب العزة و ايمانا” بعدل رب العزة و وعده سوف يكون جناح السلاطين و القادة مليئا” بكل من خان الأمانة و قتل الروح الأنسانية ,من اجل الفوز بسلطان او رقعة ارض إضافية يضمها لسلطانه, التي اوكله بها الله و شنع في خلقه و جوعهم من اجل ان يعيش هو و حاشيته و من اجل ان يرتفع و يعلوا بسلطانه, فالعدل قادم لا محالة يا من اتخذتم المنافقين اتباعا” لكم من اجل ان يوجهوكم الى حساب عسير من الله. نحن لن نحاسبكم على الأرض سوف نترك الحساب لرب الناس عندما تسقط اوراقكم و تنكشف عوراتكم امام الخلق اجمعين فارونا ماذا سينفعكم منافقوكم و رجال علمكم و دينكم و زبانيتكم.
ان الكنيس بيت الله و الكنيسة بيت الله و المسجد بيت الله و كل له حرمته مهما اختلفت المسميات و كل منا له طريقته في عبادة رب العزة كما وصلت اليه من اباءه و اجداده فما يضمن لي ان اتباع موسى او اتباع عيسى او اتباع محمد طريقتهم الصحيحة بعد 3500 عام و 2020 عام و 1440 عام، ما يسوقني الى اي طريقة هي فطرتي التي فطرني الله عليها و ايماني بوحدانية الله الذي لم يلد و لم يولد و لم يكن له كفوا احد و جميع الطرق التي تقربني الى الله اؤمن بها و هي جزء من التركيب الروحاني و العقلاني لأي دين او اي رسالة . متى ستنار عقولنا بالمعرفة و المحبة و السلام و التسامح و قبول الأخر بغض النظر عن مسمى دينه او الرسول الذي نؤمن به او المكان الذي نعبد الله فيه فجميع الأنبياء و الرسل اصطفاهم الله ليكونوا رسله للبشرية و لم يصطفيهم او يزكيهم من اجل ان نعبدهم او نبجلهم او نزكيهم على الله حتى اصبحنا ننتظر شفاعتهم لنا قبل ان نسال شفاعة و رضا رب العزة و اوصلناهم الى مرحلة الالوهية بعاداتنا و تقاليدنا و هذا ليس محصور بدين او مذهب او عقيدة او شرع فجميع اتباع الديانات اوصلوا رسلهم الى هذه المرحلة كل بطريقته, كما لو عدنا الى الجاهلية مرة اخرى و لكن جاهليتنا ان وضعنا الرسل هم الواسطة بيننا و بين من خلقنا هو الذي لا يحتاج الى واسطة للتواصل معه سوى دعوة من قلب مؤمن بوحدانيته و بقدرته على الإجابة و صلاة مخلصة مجردة من أي شوائب. كفانا تعصبا” لأفكار بالية مدمرة تزيدنا فرقة و تشرذما” من اجل سلطة زائلة او دعما” لأهداف اناس لن يزيدونا الا تعصبا” و كراهية و لنعود الى فطرتنا التي فطرنا الله عليها فعندما خلقنا الله خلقنا انقياء اتقياء و اخرجنا من ارحام امهاتنا لنعود الى الأيمان بالله الواحد و العمل على نشر تعاليمه التي بعث بها رسله جميعا” و لا نزكي رسول على رسول او نبي على نبي والتي ارادها لنا المبنية على المحبة و العدل و السلام فلنامن اننا هنا على هذه الأرض في رحلة ستنتهي في اي وقت و سوف نغادر قطار الدنيا لننتقل الى الدنيا الأبدية التي سوف نكون بها جميعا” تحت عرش الرحمن صاحب السلطة الوحيدة و الأبدية الذي لا اله الا هو و الذي سنعبده بغض النظر عن ديننا و رسلنا و مذهبنا و عرقنا و مبادئنا و حاكمنا على الأرض. الرسل جمعاء و الأنبياء بعثت من اجل إيصال الانسان الى الكمال و السعادة الأبدية و للدعوة الى المحبة و السلام و العدل و التسامح و قبول الأخر، هذا هو الهدف الذي خلق الله تعالى من أجله الإنسان، فان حكمة الباري تعالى اقتضت بخلق الظروف المناسبة لوصول الإنسان إلى الكمال اذا ما استخدم عقله و فطرته بالشكل الصحيح، بل إلى ذروته و قمة انسانيته و عطاءه.
ان الهدف من إرسال الرسل وبعث الأنبياء والكتب هو إقامة العدل الإلهي على الأرض. يقول تعالى في الآية 25 من سورة الحديد :
“لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيز”
أن الهدف الذي من أجله أرسل الله الرسل جميعا هو تحقيق العدل الإلهي (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) من هذا المنطلق نجد ان البشرية جمعاء بغض النظر عن الدين او الرسول او المذهب او العقيدة ودون استثناء لابد أن يكون لها دور كبير في قيام دولة العدل الإلهي على الأرض، حيث ان نهضة الأرض ومن عليها من بشر لن تنهض ولن تنتفض على قهر السلطة وقمعها وتجبرها التي شاعت في الأرض فسادا” منذ ان خلق الله الأرض ومن عليها الا بنبذ الفرقة والعنصرية والتعصب الديني والمذهبي والعرقي. أن العدل الإلهي لا بد أنه سيتحقق على الأرض ان اجلا” ام لاحقا” لأن عشق العدل وتحقيقه من الفطرة بل هو لفظ جامع لكل أنواع الخير ولذلك كان هو الهدف من بعثة الرسل جميعا
أن الله عز وجل أرسل الرسل لقيادة الأمم وأنزل معهم المنهج الكامل من خلال الكتب التي انزلها على رسله” التوراة، الأنجيل والقران” والميزان. فلنترك الوصاية والحكم على البشر وتكفيرهم وانكار افعالهم لرب البشر فمن لم يعطي الوصاية لرسله على البشر وانبيائه لن يعطيها لعامة البشر من اجل ان يكفروا ويتحكموا بالناس بتكفيرهم فاذا ما كان البعض كافرين باعينكم فأنتم كافرين باعينهم و ربما يكونوا خير البشر باعين رب البشر. كل له مقياسه و اذا ما اردتم اصلاح الكون اصلحو انفسكم اولا و عقولكم البالية و موروثكم الهريء, قوموه بالوحدة و التكافل و المحبة و التسامح مع كافة الآديان و العقائد و المذاهب توحدوا على الآيمان بوحدانية الخالق و ربوبيته و احترام كافة الرسل و الديانات و المذاهب و لندع الخلق للخالق و كفاكم هرولة خلف زبانية العصور من و رجال الدين المنافقين الذين يدعون للفرقة و العصبية و النفاق باسم الله و الله بريء منهم و هم من يدعون الى الكره و لتنتصر فطرتنا البريئة النظيفة النقية التي خلقنا الله عليها و شكلنا على المحبة و التسامح و السلام قبل ان تشكلنا مجتمعاتنا و محيطنا بالشكل الذي يضمن لهم ديمومتهم من خلال محاربة الأخر و كرهه لدينه او عرقه او عقيدته او جنسه. لست صاحب ولاية وليس لي ان احكم على الناس ولكن لو كانت لي الولاية لجعلت وقود جهنم رجال الدين و زبانيتها على مر العصور الذين افسدوا الأرض و اهدروا دماء البشر باسم الله و الله بريء منهم و من افعالهم و فرقوا البشرية بفتاويهم و بث روح الفرقة و اهدار دم بني البشر لمن خالفهم في دينهم او مذهبهم او عقيدتهم انتصارا” لنزعاتهم الشخصية و سلطانهم. عافانا الله وعافاكم من زبانية الأرض من رجال دين ينكرون السلام على هذه الأرض و المحبة و ينكرون رسالات رب العالمين و يزكون الأنبياء و الرسل على خالقهم. فلنتفكر ايها المتفكرون و لنستيقظ من غفوتنا كفاكم تأليها لرجال دينكم الذين ما هم الا شرذمة من المنافقين، المخادعين و لتعملوا على اتباع فطرتكم التي فطركم الله عليها و استخدام عقولكم التي انعم الله بها عليكم، انتصروا لله و لخلقه جميعا” قبل ان تنتصروا لدين او مذهب او عقيدة او رسول او نبي او شيخ او من يسمون بعلماء الدين( رجال علم) او رجل دين او فكر. نريد لهذه الأرض السلام و المحبة و التسامح و قبول الأخر و احترامه. ولنتذكر تبدأ الحياة عندما نزيح الأنا الخاصة بنا و نفسح المجال لمحبة الأخرين.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: البشر التاريخ صراعات سياسية المحبة و السلام على هذه الأرض باسم الدین على السلطة رجال الدین الله علیها على الأرض من اجل ان منذ ان ما کان على مر

إقرأ أيضاً:

إشراقات من مسيرته الجهادية ومشروعه القرآني: أبرز ملامح شخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي

 

الحديث عن ملامح شخصية بحجم الشهيد القائد عادة ما يكون دون مستوى هذا القائد والعلم “رضوان الله عليه”، ولذلك سنحاول أن نقتبس أبرز ملامح شخصية الشهيد القائد رضوان الله عليه من خطابات السيد القائد سلام الله عليه، على شكل نقاط ومنها ما يأتي:
الثورة /

غيرته:
تحرك بحمية الإيمان وعزة الإيمان ورحمة جده محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)، غيوراً على أمة جده أن تستباح، أن يستباح دمها، أن يستباح عرضها، أن يستباح شرفها، غيورًا على أمة جده أن تُذل وتُسحق وتُقهر وتُستعبد من دون الله.

إباؤه:
كان أبياً يأبى الضيم، ويأبى الظلم وحراً، وهذه من القيم التي غابت إلى حدٍ كبير في واقع الأمة، بل أصبحت في تلك المرحلة التي تحرك فيها ثقافة الذل والترويج للذل والترويج للقبول بحالة الهوان.

رجل المرحلة:
لقد كان بحق رجل المرحلة، يعي هذه المرحلة التي يمر بها شعبه وتمر بها أمته عموماً، يعيها جيداً يعي خطورتها، يعي ما تتطلبه هذه المرحلة، يعي تداعياتها ويعي ما يجب أن تكون عليه الأمة في مواجهة هذا الواقع وفي الخروج منه، وفي مواجهة تلك التداعيات.

رجل المسؤولية:
وكان بحق رجل المسؤولية، يعي مسؤوليته، ومسؤولية الأمة من حوله تجاه هذا الواقع المرير، تجاه هذه المرحلة الخطرة، ويحمل روحية المسؤولية بما تحتاج إليه، من عزم ومن إرادة ومن صدق ومن جد ومن اهتمام ومن وعي ومن إيمان ومن عزيمة.

إيمانه الكامل:
كان أمة، أمة من الأخلاق والقيم، رجلاً متكاملاً في إيمانه، في وعيه، في أخلاقه، في سؤدده، في قيمه، وأدرك الواقع. أدرك الواقع على المستوى العالمي، وعلى مستوى واقع الأمة، وأدرك بعمق حجم المأساة التي تعيشها أمته، ويعيشها شعبه، وخطورة الوضع وخطورة المرحلة.

عالمي النظرة واسع الأفق
كان واسع الأفق، كان عالمي الرؤية والنظرة والاهتمام، فلم ينحصر أبداً اهتمامه أو نظرته أو توجهه في محيطه، لا محيطه المذهبي، ولا محيطه الجغرافي، ولا محيطه العشائري، ولا بأي مقياس من المقاييس المحدودة والصغيرة؛ لأنه استنار بالقرآن الكريم، فكان فعلاً عالمياً بعالمية القرآن في رؤيته الواسعة، في اهتمامه الواسع، في نظرته الواسعة، وفي أفقه الواسع.

رحمته بالأمة وتألمه لحال الأمة السيئ:
هذا الرجل العظيم كان رحيماً بأمته وبشعبه، يتألم ويعاني لكل ألم أو معاناة عندما يشاهد الظلم، عندما يشاهد معاناة الأمة، عندما يشاهد تلك المظالم الفظيعة والوحشية بحق الأمة، سواء في داخل شعبه أو خارج شعبه، فالكل أمة واحدة يجمعها عنوان واحد هو الإسلام، وارتباط واحد وأساس واحد وأرضية واحدة هي الإسلام.
حطم جدار الصمت وكسر حاجز الخوف: مثَلَ بداية حكيمة ودقيقة ومدروسة للدفع بالناس وتحقيق نقلة من واقع الصمت وواقع الاستسلام وواقع الخضوع وحالة اللا موقف، إلى الموقف إلى الكلام إلى التحرك إلى الفعل إلى المسؤولية.

الدروس والمبادئ المستوحاة من ذكرى استشهاده:
مما لا شك فيه أن استذكار مثل هذه الفاجعة التي أسفرت عن استشهاد شخصية عظيمة بقدر وعظمة ما حمله من فكر، وما أسس له من مبادئ قرآنية، وأسس إيمانية استقاها من نبع كتاب الله سبحانه وتعالى، ومن هدي آل بيت رسول الله صلوات الله عليه وآله، يجعلنا على يقين بأن له أثرا كبيرا على أعداء الأمة.
فاستهداف الشهيد القائد هو استهداف لمبادئ الحق التي حملها، فكان شهيد كلمة الحق في وجه السلطان الجائر، كيف لا وهو من قال في محاضرة (اشتروا بآيات الله ثمنا قليلا).
“ونحن نقول: مهما كانت الوعود، مهما حاولوا أن نصمت فلن نصمت، أليس كذلك؟ وإذا ما صمتنا، وإذا ما صمتنا, إذا ما صمتنا شهدنا على أنفسنا بأننا من المعرضين عن كتاب الله الذي قال لنا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ} أفلا نكون من أنصار الله ولو بكلمة؟! سننصر دين الله، وإذا لم ننصر الله ودينه أمام اليهود، في مواجهة اليهود فأمام من ننصره؟! أمام من ننصره؟! إذا سكتنا في أوضاع كهذه فمتى سنتكلم؟ متى سنتكلم إذا سكتنا وهناك من يأمرنا بالصمت؟ سنتكلم، ويجب أن نكرر دائما شعار: [الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام] في كل جمعة وفي كل اجتماع”.
فلم يصمت ولم ينهزم، وتحرك بدافع المسؤولية في زمن تكميم الأفواه، ورفع صرخة الحق في وجه المستكبرين معلنا عداءه ومحددا موقفه من طواغيت العصر في شعار الصرخة (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام).
ونحن بدورنا يجب أن نستلهم من هذه الذكرى مبادئ ثورة الحسين والتي نذكر منها ما يلي:
أن نخشى الله فوق كل شيء.
ألا نخشى الطغيان ورموزه مهما كانت قوتها.
أن نتحرك مهما كانت الظروف.
ألا تأخذنا في الله لومة لائم.
أن نأنس بالحق وإن قلَّ أتباعه.
ألا يردنا عن الحق والوقوف في صف الحق أي شيء من مخاوف أو أخطار.
أن نمقت الباطل وأهل الباطل ونستوحشه.
أن نتثقف بثقافة القرآن في مرحلة هجرت الأمة القرآن وابتعدت عنه.
ولهذا يبقى الشهيد القائد مدرسة قرآنية عظيمة بعظمة الإنجاز الذي حققه الشهيد القائد، عظيمة بعظمة المشروع الذي حمله ودعا إليه حيث ثبّت على أرض الواقع المشروع القرآني، وقدمه واقعا عمليا، ولم يقدمه كرؤية تكتب للدراسة، أو مناهج تباع للتداول.
فهو مشروع يمكن تحققه على أرض الواقع، قدمه وتحرك به مشروعا عمليا أحدث تغييرا، وزلزل به الواقع، حيث بدأ بالتغيير في واقع النفوس، وبنى أمة تتحرك على أساسه.

مقالات مشابهة

  • إشراقات من مسيرته الجهادية ومشروعه القرآني: أبرز ملامح شخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي
  • محطَّاتٌ خالدةٌ من حياة الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي
  • أول الدين وآخره.. خطيب المسجد النبوي: الله خلق الخلق لعبادته وحده
  • في هذا التاريخ... حزب الله سيُشيّع نصرالله وصفي الدين
  • باسم سمرة ينعى شقيق مصطفى شعبان
  • خالد الجندي: الدين واحد بين جميع الأنبياء
  • أيها الإنسان.. أنت في ذمة الله.. لا في ذمة البشر
  • السوداني: تجنيب بلادنا الصراعات هو من أهم من يجعل العراق بيئة استثمارية جاذبة
  • الأمم المتحدة: مئات آلاف الفلسطينيين انتقلوا بالفعل من جنوبي غزة إلى الشمال مرورا بشارع صلاح الدين
  • بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة