قطاع التكنولوجيا في إسرائيل.. انتعاش هش ومخاطر تلوح في الأفق
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
في حين شهدت الأشهر الأخيرة انتعاشا في قطاع التكنولوجيا في إسرائيل، مع عمليات استحواذ وجولات استثمار ملحوظة، يحذر خبراء في القطاع من أن هذا الانتعاش قد يكون محفوفا بالمخاطر وغير مستدام على المدى الطويل، وفقا لتقرير نشرته صحيفة غلوبس الإسرائيلية.
ومنذ بداية العام 2024، تم الاستحواذ على 11 شركة إسرائيلية بمبلغ إجمالي قدره 2.
ورغم أن هذه الصفقات تعد رفيعة المستوى، فقد رأت "غلوبس" أن الصورة العامة لا تزال مختلطة.
ومن المتوقع أن يتراوح إجمالي الاستثمار في قطاع التكنولوجيا في إسرائيل بين 2.5 و3 مليارات دولار للربع الثاني من عام 2024، بزيادة عن المتوسط الفصلي للعام الماضي البالغ 1.7 مليار دولار. ومع ذلك، فإن هذا التحسن يخفي تحديات كامنة على ما ذكرته غلوبس.
تركز رأس المال والتفاوتات الاقتصاديةوتذكر غلوبس أنه من بين المخاوف الكبيرة تركز رأس المال بين قلة مختارة، مما قد يؤدي إلى تشويه المشهد العام لقطاع التكنولوجيا الإسرائيلي. حيث جمعت 4 شركات وحدها -ويكا وسيرا وإيسلاند وويز- مجتمعة 1.6 مليار دولار في الأشهر الأخيرة.
ويقول أوري غاباي، الرئيس التنفيذي لمنظمة "رايز إسرائيل"، إنه رغم أن هذه الأرقام مشجعة، فإنها تمثل توزيعا منحرفا للأموال.
ويشير غاباي في حديث مع غلوبس إلى أن غالبية شركات التكنولوجيا، التي لا تنتمي إلى هذه المجموعة النخبوية، تمكنت من جمع 600 مليون دولار فقط مجتمعة.
شكوك بشأن استدامة التعافيوتشير المنصة إلى أن شكوكا في تعافي قطاع التكنولوجيا ما زالت مخيمة على الأجواء بسبب اعتمادها على عدد قليل من جولات التمويل وعمليات الاستحواذ الكبيرة، التي قد لا تكون مؤشرا على صحة القطاع الأوسع.
ووفقا لمنظمة "رايز إسرائيل" فإن قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي ليس محصنا ضد الضغوط الاقتصادية العالمية. ولا تزال الاستثمارات في شركات التكنولوجيا الخاصة على مستوى العالم منخفضة، حيث تشهد إسرائيل انخفاضا حادا مقارنة بالولايات المتحدة وأوروبا على ما ذكرت المنظمة.
وفقا لمنظمة "رايز إسرائيل" فإن قطاع التكنولوجيا الإسرائيلي ليس محصنا ضد الضغوط الاقتصادية العالمية (شترستوك)وترجع المنظمة ذلك جزئيا إلى الاستثمارات الضخمة المطلوبة لثورة الذكاء الاصطناعي، والتي حولت رأس المال نحو عمالقة التكنولوجيا الكبار وبعيدا عن الشركات الناشئة التي لا تشارك بشكل مباشر في الذكاء الاصطناعي.
اقتصاد مزدوجوفي رأي غاباي فإن قطاع التكنولوجيا في إسرائيل ينقسم إلى اقتصادين متميزين: أحدهما يضم "نجوم الصناعة" الذين يجذبون استثمارات كبيرة واهتماما إعلاميا، والآخر يتكون من جميع الشركات الأخرى التي تتنافس على مجموعة متقلصة من الأموال المتاحة على ما قال لغلوبس. وقد يؤدي هذا التقسيم إلى زيادة نقاط الضعف، خاصة بالنسبة للشركات الناشئة الصغيرة والمتوسطة الحجم.
ويتوخى خبراء مثل أساف هوريس من "فينتاج إنفستمنت بارتنرز" والدكتور أساف باتير من منظمة رايز الحذر بشأن المسار الحالي للقطاع.
ويحذرون -وفقا لغلوبس- من أنه في حين تظهر بعض الشركات نموا قويا، فإن العديد من الشركات الأخرى تواجه مستقبلا غامضا، خاصة مع بدء تضاؤل التمويل السابق.
أرقام عن القطاعوتراجعت صادرات قطاع التكنولوجيا في إسرائيل 7.8% خلال الربع الأخير من السنة الماضية، مع إطلاق المقاومة الفلسطينية عملية طوفان الأقصى إلى 4.1 مليارات شيكل (مليار و100 مليون دولار)، وفق بيانات مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي الصادرة.
وبعد أن كانت تلقب بأرض التكنولوجيا الناشئة، تشهد إسرائيل نفورا من أحد أهم أصناف المستثمرين الأجانب، الذين يلقبون بـ"المستثمرين الملائكيين".
وعلى مدى 30 عاما، عززت إسرائيل مكانتها عاصمة عالمية للشركات الناشئة، خاصة في القطاع التكنولوجي، وأصبحت وجهة للباحثين عن العالمية، لكنه واقع تغير بسرعة في 2023 وفق مؤشر "المستثمرين الملائكيين".
ومؤشر "المستثمرين الملائكيين" هو مقياس على جاذبية الدولة في صناعة الشركة الناشئة، ويظهر عدد المستثمرين الذي يضخون من مالهم الخاص في شركات ناشئة في قطاعات حيوية، بصدارة التكنولوجيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قطاع التکنولوجیا فی إسرائیل فی قطاع
إقرأ أيضاً:
«الظّل» الذي طاردته إسرائيل لعقود.. من هو «محمد الضيف»؟
أعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب “القسام” الجناح العسكري لحركة “حماس”، في وقت سابق أمس الخميس، مقتل قائد هيئة أركان الكتائب القائد محمد الضيف خلال معركة “طوفان الأقصى”، إلى جانب أربعة آخرين من كبار قادتها خلال الحرب بين إسرائيل والحركة في قطاع غزة، فمن هو محمد الضيف الذي طاردته إسرائيل لعقود؟
ويعد الضيف صاحب المسيرة الطويلة والمحاطة بالغموض في حماس، حيث كانت له قدرة كبيرة على التخفي والإفلات من مطاردة إسرائيل التي وضعته على رأس قائمة المطلوبين منذ عقود، فمن هو الضيف؟
ارتبط اسم محمد الضيف، منذ التسعينيات بفصائل “المقاومة الفلسطينية”، ويعتبر أحد أبناء الجيل الأول من “القساميين”.
منذ أكثر من ثلاثة عقود، قاد الضيف كتائب “الشهيد عز الدين القسام”، متجاوزا محاولات الاغتيال المتكررة التي جعلته أشبه بالشبح الذي يؤرق إسرائيل ويعيد صياغة معادلات الصراع في كل مواجهة، وصولا إلى معركة “طوفان الأقصى”.
نشأته وبداية حياته العسكرية:
وُلد محمد دياب إبراهيم المصري، المعروف بـ”محمد الضيف”، عام 1965 في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة، لعائلة هجّرت من داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، ليستقر بها المقام في مخيم خان يونس للاجئين جنوب قطاع غزة.
تلقى تعليمه الابتدائي والإعدادي والثانوي في مدارس مخيم خان يونس كما بقية اللاجئين الفلسطينيين الذين هجِّروا من ديارهم وأرضهم وممتلكاتهم.
تأثر منذ صغره بواقع “الاحتلال وظروف اللجوء القاسية”، وهو ما دفعه للانخراط في صفوف “حماس” خلال دراسته في الجامعة الإسلامية بغزة، حيث درس العلوم وكان من الناشطين في الكتلة الإسلامية.انضم إلى حركة “حماس” منذ صغره وكان عنصرًا نشيطا فيها.
شارك في فعاليات الانتفاضة الكبرى التي اندلعت نهاية عام 1987 واعتقل في إطار الضربة الأولى التي وجهتها القوات الإسرائيلية للحركة في صيف عام 1989 بتهمة الانضمام إلى الجناح العسكري للحركة الذي كان الشيخ صلاح شحادة (قتل في صيف 2002) قد أسسه آنذاك، وكان يحمل اسم “حماس المجاهدين” قبل أن يطلق عليه اسم “كتائب القسام”، وأمضى عاما ونصف العام في السجن.
أفرجت إسرائيل عام 1991 عن الضيف من سجونها ليلتحق بالمجموعات الأولى لكتائب “القسام” التي أعيد تشكيل الجهاز العسكري من خلالها، وذلك من خلال مجموعة خان يونس، والذين قتل معظمهم مثل ياسر النمروطي وجميل وادي، هشام عامر، وعبد الرحمن حمدان، ومحمد عاشور، والأسير حسن سلامة وغيرهم من المقاومين.
أصبح الضيف مطلوبا لإسرائيل، بعد مشاركته في تنفيذ العديد مما يسمى بـ”العمليات الفدائية” والاشتباك مع قواتها.
بدأت عملية مطاردته بعد أن رفض تسليم نفسه. وتمكن خلال هذه الفترة ومن خلال إتقانه للتخفي والبقاء في مكان واحد لفترة طويلة، من ألا يقع في قبضة القوات الإسرائيلية حيا أو ميتا.
برز دور الضيف بعد اغتيال عماد عقل الذي برز اسمه في سلسلة “عمليات فدائية” في نوفمبر من عام 1993، حيث أوكِلت إليه قيادة “كتائب القسام”.
خلال هذه الفترة، استطاع الضيف أن يخطط وينفذ عدة عمليات نوعية، وكذلك تمكن من الوصول إلى الضفة الغربية وتشكيل العديد من “الخلايا الفدائية” هناك، والمشاركة في تنفيذ عدة “عمليات فدائية” في مدينة الخليل والعودة إلى قطاع غزة.
لعب محمد الضيف دورا كبيرا في التخطيط لعملية خطف الجندي الإسرائيلي نخشون فاكسمان عام 1994 في بلدة بير نبالا قرب القدس والذي قتِل وخاطفيه بعد كشف مكانهم.
وظهر الضيف وهو يحمل بندقية وبطاقة هوية فاكسمان التي هربت من الضفة الغربية إلى قطاع غزة، حيث كان ملثما بالكوفية الحمراء.
ومع اشتداد الخناق على المطلوبين لإسرائيل في قطاع غزة، رفض الضيف طلبا بمغادرة قطاع غزة خشية اعتقاله أو اغتياله، لا سيما في ظل سياسة قصف المنازل التي يعتقد أن بها أيا من المطلوبين، وقال كلمة مشهورة آنذاك: “نحن خلقنا لمقاومة الاحتلال إما أن ننتصر أو نستشهد”، وذلك على الرغم من موافقة عدد من زملائه على الخروج من القطاع.
تمكن الضيف من أن يؤمن وصول المهندس يحيى عياش، أحد خبراء المتفجرات في الضفة الغربية إلى قطاع غزة بعد تضييق الخناق عليه في الضفة الغربية، وللاستفادة من خبرته في صناعة المتفجرات، حيث تم اغتياله بواسطة هاتف مفخخ مطلع عام 1996.
وقف الضيف وراء عمليات الثأر لعياش، من خلال إرسال حسن سلامة إلى الضفة الغربية للإشراف عليها، حيث قتل في هذه “العمليات الفدائية” حوالي ستين إسرائيليا.
لاحقا، بدأ بالاستعداد لتنفيذ المزيد من العمليات حتى اندلعت انتفاضة الأقصى في سبتمبر من عام 2000 .
ومع إفراج السلطات الإسرائيلية عن الشيخ صلاح شحادة عام 2001، سلّم الضيف الشيخ شحادة قيادة الجهاز العسكري، حيث كلف شحادة الضيف بالمسؤولية عن الصناعات العسكرية للكتائب.
تعرض الضيف لمحاولة الاغتيال الأولى بعد عام من اندلاع الانتفاضة، حيث كان برفقة عدنان الغول (قتل في 22 أكتوبر 2004) خبير المتفجرات في كتائب القسام ونجله بلال، إ أطلقت عليهم طائرة إسرائيلية صاروخا في بلدة “جحر الديك” وقد نجيا من الاغتيال بأعجوبة بعد مقتل بلال في القصف ليغطي على والده ورفيق دربه.
قيادة الجهاز العسكري:
وبعد اغتيال شحادة في صيف عام 2002، أعادت قيادة الحركة المسؤولية للضيف لقيادة الجهاز العسكري.
في 26 سبتمبر من عام 2002، نجا الضيف من محاولة اغتيال ثانية بعد قصف السيارة التي كانت تقله في حي الشيخ، حيث قتل مرافقاه وأصيب بجراح خطيرة للغاية.
وأشارت مصادر فلسطينية إلى تعرض الضيف لمحاولة اغتيال ثالثة في قصف أحد المنازل في صيف 2006 خلال العملية العسكرية “لإسرائيلية بعد أسر الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، حيث قيل إنه أصيب بجراح خطيرة. دون أن تؤكد ذلك كتائب “القسام”.
وكانت أخطر محاولات اغتيالاته في عام 2014، خلال العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث استهدفت الطائرات الحربية منزله وقتلت زوجته وابنه، لكن الضيف خرج من تحت الركام ليواصل قيادة المعركة.
منذ توليه القيادة، أدار الضيف العديد من العمليات الفدائية ضد إسرائيل، وكان من أبرز المهندسين الذين عملوا على تطوير القدرات العسكرية لـ”حماس”، بما في ذلك تصنيع الصواريخ المحلية وإنشاء شبكة الأنفاق العسكرية.
دوره في “طوفان الأقصى”:
أطل محمد الضيف في السابع من أكتوبر 2023، ليعلن انطلاق معركة “طوفان الأقصى” التي أشرف عليها وحضر في ميدانها حتى قتل فيها.
ومن أبرز أسباب الطوفان سلوك الاحتلال الصهيوني، ومخططاته القائمة على حسم الصراع، وفرض السيادة على القدس بمقدساتها، تمهيداً للتقسيم المكاني والزماني، ولبناء الهيكل المزعوم.
محمد الضيف لم يظهر في الإعلام، ولم يُعرف له سوى تسجيلات صوتية معدودة، لكن يُنظر إليه باعتباره العقل المدبر للتكتيكات العسكرية التي غيرت طبيعة المواجهة بين “فصائل المقاومة” وإسرائيل.
فخلال معركة “سيف القدس” عام 2021، كان الضيف وراء استراتيجية استهداف تل أبيب بالصواريخ ردا على الاعتداءات الإسرائيلية في القدس والمسجد الأقصى.
ووضعت إسرائيل، على مدار عقود، محمد الضيف على رأس قائمة المطلوبين، وعدّته أخطر شخصية فلسطينية تهدد أمنها. ورغم كل الجهود الاستخباراتية، لم يتمكن الجيش الإسرائيلي من الوصول إليه، حتى رحل كما “يحب شهيدا في ميدان أعظم معركة شارك في التخطيط لها وفي قيادتها وهي المعركة التي أثبتت هشاشة كيان الاحتلال وقابليته للهزيمة”، وفق المركز الفلسطيني للإعلام.