ما تداعيات إنهاء بعثة يونامي في العراق بعد 20 عاما؟
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
برزت العديد من التساؤلات عن تداعيات قرار مجلس الأمن الدولي، بإنهاء بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" نهاية عام 2025، وذلك في ظل وضع السياسي غير المستقر في البلاد، وانتشار السلاح المنفلت.
ولا يزال يعاني العراق من استشراء الفساد المالي، وتردي واقع حقوق الإنسان، فضلا عن اتهامات تطال عمليات الانتخابات بالتلاعب والتزوير، وعدم إنهاء القضايا العالقة بين بغداد وأربيل، ولا سيما المناطق المتنازع عليها، والكثير من الملفات التي تتطلب دورا أمميا.
وجاء قرار مجلس الأمن، الجمعة، على إثر رسالة وجهها رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، إلى مجلس الأمن الدولي في 10 أيار الماضي، دعا فيها إلى إغلاق بعثة الأمم المتحدة "يونامي" التي تأسست عام 2003 نتيجة للاحتلال الأمريكي للبلاد.
وبموجب القرار الأممي الذي تشكلت وفقه "يونامي"، فإن عمل هذه البعثة يختص في تقديم المشورة للحكومة العراقية بشأن الحوار السياسي والمصالحة بين المكونات والفعاليات السياسية، فضلا عن المساعدة في الانتخابات وإصلاح القطاع الأمني.
"وجود غير مؤثر"
تعليقا على تداعيات قرار إنهاء البعثة الأممية في العراق، قال المحلل السياسي العراقي، مخلد حازم، إن "المواطن العراقي لم يشعر يوما أن بعثة يونامي فاعلة أو كانت الفيصل في الأحداث العراقية، سواء السلاح المنفلت أو هجمات المجاميع المسلحة أو إجراء الانتخابات".
وأضاف حازم لـ"عربي21" أن "البعثة نقلت واقعا سيئا لدى العراقيين، لأنها كانت تتعامل مع الكتل السياسية وفق تبادل المصالح وتحقيق أهداف الخاصة، لأنه كنا نرى مسؤولة البعثة جينين بلاسخارت تتنقل بين قادة القوى والأحزاب، وهي تعلم أن العملية السياسية في العراق عرجاء تسيطر عليها جهات نافذة تمتلك سطوة على الكثير من مفاصل الدولة".
وأشار إلى أن "بلاسخارت كانت تتغاضى عن الكثير من الأمور عند تقديم إحاطتها أمام مجلس الأمن، لذلك لم تكن بعثة يونامي لها أي دور قد يأسف عليه المواطن العراق عند انتهاء مهمتها".
أما ما يتعلق بموضوع الانتخابات، يضيف حازم، إنها "البعثة الأممية رغم أنها تأسست عام 2033 لمراقبة ما يحدث داخل العراق وتوفير الحماية والأمن لكثير من المفاصل العراقية، لكنها لم تقم بهذا الواجب الحقيقي على مدار المدة التي قضتها في البلاد، ومن ضمنها العملية الانتخابية".
ولفت إلى أن "البعثة الأممية كان دورها غير إيجابي في العراق، خصوصا المبعوثة الأخيرة، جينين بلاسخارت، فكأنها كانت تشعر أحيانا بأنها لابد أن تكون قريبة من الحكومة والفصائل، ولا نعرف السبب هل لحماية نفسها أم لمسك العصا من الوسط؟".
ورأى حازم أن "تاريخ البعثة مخزٍ طوال مدة تواجدها في العراق، لأنها لم تحقق أي غاية يبحث عنها المواطن العراقي، إضافة إلى أنها وقفت بالضد في كثير من الأحداث سواء مع احتجاجات تشرين وغيرها، فكانت تتحدث ظاهرا بشيء وفي الباطن شيء خر".
وتابع: "حتى في إحاطات المبعوثة الأخيرة أمام مجلس الأمن كانت أشبه بالمد والجزر، فالخطابات لم تجعل من المجتمع الدولي يولي اهتماما بما يحصل في العراق، لذلك أوضاع البلد باقية كما هي وتسير بخطوات نحو الأمام".
وخلص حازم إلى أن "وجود هذه البعثة لم يكن مؤثرا، وتأثريها في رحيلها لن يغير شيئا لأن وجودها كعدمه، فالانتخابات كانت تزوّر في العراق ولا تعمل أي شيء، إضافة إلى الملفات الأخرى التي لم تحرك ساكنا حيالها".
حاجة فعلية للمراقبة
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في العراق، معتز النجم، في حديث لـ"عربي21" إن "بعثة يونامي تشكلت بقرار أممي، وكان عملها طيلة المدة الماضية يحمل أبعادا إنسانية أكثر منها سياسية".
وأوضح النجم أن "مفاهيم الدولة لايزال غير متبلور داخل الطبقة السياسية الحاكمة للبلد منذ عام 2003 وحتى، ولاسيما ما يتعلق بالمواطنة والدولة، ولو كانت هذه القوى السياسية تفهمها لما كنا نحتاج إلى بعثة أممية تقيّم العمل في مجال حقوق الإنسان أو غيرها من المجالات".
وأشار إلى أن "عمر البعثة في العراق تجاوز الـ 20 عاما، وحتى اليوم دورها راعي أو مراقب، وهذا دلالة على أن المجتمع الدولي فاقد الثقة بالحكومات العراقية، وبالعملية السياسية بالكامل".
وتابع: "لا يزال العراق بحاجة فعلية إلى مراقبة أممية في ظل عدم وجود رؤية حقيقية للقائمين على العملية السياسية بالبلد من شأنها أن تنهض بالواقع السياسي المتردي".
ولفت إلى أن "البعثة الأممية نفسها- سواء بضغط من الولايات المتحدة أم لا- ترى باستمرار أن العراق بحاجة مراقبة سياسية وإدارة وتدخل دولي، كونها لم تحصل على عنصر الثقة بين العملية السياسية القائمة والمجتمع الدولي، بل حتى مع المواطنين العراقيين أصبحت مفقودة".
وشدد النجم على أن "العراق يحتاج إلى راعي دولي يراقب ويقيّم العملية السياسية في البلد، وأن إحاطات بلاسخارت، وخصوصا الأولى والثانية كانت ناقدة بشكل لاذع للحكومة العراقية، لكنها كانت مجرّد تهديد ووعيد، ولم ينتج عنها أي إصلاح على أرض الواقع".
وبحسب الخبير السياسي، فإن "المواطن العراقي اليوم لا يرغب بخروج يونامي، كونه يعتبرها فيها بارقة أمل توصل صوته إلى المجتمع لدولي عمّا يجري على أرض الواقع في البلاد".
ولم يستبعد النجم أن "يتراجع مجلس الأمن عن قرار إنهاء البعثة الأممية في نهاية 2025، لأن الواقع السياسي متغير ولا يمكن ضمان استقراره في بلد مثل العراق، خصوصا أنه لا يزال جزءا من قوات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة ولم يصوّت على إنهاء المهمة هذه".
وأكد الخبير العراقي أن "خروج العراق من شرنقة البعثة الأممية يراد منه إعطاء نوع من الطمأنينة وإيصال رسالة إلى المجتمع الدولي بأن العراق ليس بحاجة إلى إدارة أو مراقبة، وهذا ضرب من الخيال، لأن الأحزاب السياسية المهيمنة لا تؤمن بالمواطنة، والعمل لصالح الدولة".
وكان رئيس الوزراء العراقي، أوضح، الأحد، خلال لقائه المبعوثة الأممية، جينين بلاسخارت، أن سبب طلب بغداد إنهاء عمل بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) في البلاد، يأتي بناء على ما يشهده العراق من استقرار سياسي وأمني، وما حققه من تقدم في مجالات عدة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الأمم المتحدة العراق يونامي السلاح العراق الأمم المتحدة انسحاب السلاح يونامي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة العملیة السیاسیة البعثة الأممیة المواطن العراق المجتمع الدولی بعثة یونامی مجلس الأمن فی البلاد فی العراق إلى أن
إقرأ أيضاً:
تأثيرات تأخير إقرار الموازنة العامة في العراق: تداعيات اقتصادية وسياسية عميقة
بقلم : عامر جاسم العيداني ..
ان تأخير إقرار الموازنة العامة في العراق له تأثيرات سياسية واقتصادية كبيرة، لا سيما فيما يتعلق بموازنة 2025 وتأخر صرف موازنة 2024.
ان العراق يعتمد بشكل كبير على الموازنة العامة كأداة رئيسية في تنظيم الإنفاق الحكومي وتوفير الأموال اللازمة لدعم الخدمات الأساسية وتمويل المشاريع التنموية وقد يؤثر على دفع رواتب الموظفين .
أي تأخير في إقرار الموازنة أو صرفها يعطل هذه الجوانب الأساسية ويخلق مجموعة من التداعيات السياسية والاقتصادية التي تؤثر على البلاد بشكل عميق.
ان التأثيرات الاقتصادية لتأخير الموازنة تشمل تعطيل المشاريع الاستثمارية والبنى التحتية والتي تعتمد على التمويل الحكومي مثل مشاريع البنية التحتية والتطوير العمراني والطاقة ، وهذا التأخير يضر بقطاع البناء ويؤدي إلى توقف أعمال المقاولين وفقدان العديد من فرص العمل، مما يزيد من معدلات البطالة ويبطئ عجلة التنمية الاقتصادية في البلاد.
ويؤدي الى تراجع الاقتصاد وتعميق الأزمة الاقتصادية ، ويؤثر تأخير الموازنة سلباً على ثقة المستثمرين المحليين والأجانب حيث يرون أن هناك خللاً في الإدارة المالية وهذا يضعف بيئة الاستثمار ويؤدي إلى تراجع الناتج المحلي الإجمالي ويزيد من اعتماد العراق على إيرادات النفط فقط مما يعرض الاقتصاد للتقلبات العالمية في أسعار النفط ويضعه في دائرة الخطر.
ان تأخير الموازنة قد يسبب التضخم في بعض الأحيان بسبب زيادة الأسعار نتيجة قلة السيولة المتاحة في السوق ، وهذا يؤدي إلى رفع تكاليف المعيشة وزيادة معاناة المواطنين خاصة من ذوي الدخل المحدود.
والتأثيرات السياسية لتأخير الموازنة تزيد من التوترات بين الحكومة المركزية والإقليم خصوصا عدم صرف حصة إقليم كردستان من الموازنة أو تأخيرها يفاقم التوترات بين الحكومة الاتحادية والإقليم، حيث يعتمد الأخير على هذه الأموال بشكل كبير لدفع الرواتب وتغطية النفقات ، وهذا يزيد من احتمالية حدوث نزاعات سياسية قد تؤثر على استقرار البلاد.
ان تأخير اقرار الموازنة يؤدي الى حدوث توترات بين الأحزاب والكتل السياسية وحدوث انقسامات بين الكتل السياسية في البرلمان، حيث تتهم بعض الأطراف الحكومة بعدم الكفاءة في إدارة الموارد المالية أو بالفساد وهذا ينعكس سلباً على ثقة الشعب بالحكومة ويزيد من عدم الاستقرار السياسي.
وعندما تُظهر الحكومة عجزاً عن إقرار أو صرف الموازنة في الوقت المحدد يفقد المواطنون الثقة في قدرتها على إدارة شؤون البلاد مما يؤدي إلى احتجاجات وتظاهرات ويزيد من حجم المعارضة والضغط الشعبي وقد يؤدي في بعض الأحيان إلى تغييرات في الحكومة أو تعديلها.
وقد يؤثر تأخير الموازنة على التزامات العراق الخارجية، مثل الاتفاقيات الاقتصادية والمشاريع المشتركة مع دول أخرى مما يضر بمكانته الدولية ويضعفه أمام المجتمع الدولي وخاصة الدول التي ترغب في الاستثمار بالعراق.
بناءً على هذه المعطيات، فإن تأخير إقرار أو صرف الموازنة ليس مجرد خلل مالي بل هو عامل يمكن أن يعمق الأزمات الاقتصادية ويزيد من التوترات السياسية في العراق ، والموازنة العامة هي أداة حيوية للاستقرار المالي والسياسي وأي عرقلة في إقرارها أو تنفيذها تعني تأجيلاً للأهداف التنموية وتحقيق استقرار اقتصادي في البلاد.
عامر جاسم العيداني