جريدة الرؤية العمانية:
2024-11-22@04:32:48 GMT

همُّ الوطن.. وهموم المواطنين

تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT

همُّ الوطن.. وهموم المواطنين

 

د. إبراهيم بن سالم السيابي **

يُعرف الوطن لغةً بأنَّه المكان الذي يسكنه الإنسان ويُقيم فيه، وجاء في مختار الصحاح: الوطن محل الإنسان، واصطلاحًا: هو البلد الذي تسكنه أمة يشعر المرء بارتباطه بها وانتمائه إليها، أو هو بقعة الأرض التي تُولد عليها، وتستقر فيها جماعة ما، وتكوِّن هذه البقعة بيئة حاضنة دائمة لأفراد الجماعة مستقلين ومجتمعين.

أما تعريف المواطن فيُطلق على كل فرد يتمتع بكافة الحقوق، سواء مدنية، أم سياسية، أم اقتصادية، أم اجتماعية، أم ثقافية، أم حقوق التضامن في الدولة التي ينتمي إليها.

ويمكن الإشارة إلى بعض حقوق المواطن منها : الحق في الحماية والأمن، والحق في حرية الاعتقاد، والحق في التعبير عن الآراء والمعتقدات، والحصول على الجنسية، والحق في المشارکة السياسية والحياة العامة للوطن، إضافة إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كالحق في العمل، والتعليم، والسکن، والرعاية الصحية. وتحاول الدول توفير الرفاهية لشعوبها، وتظلهم بمظلة الأمن في الداخل والخارج في حدود ما تملكه من موارد.

وقد يُخطئ مَن يرى أن همَّ الأوطان هو كيفية تحقيق الرفاهية لشعوبها، أو تلك المتعلقة بتوفير الموارد لتفيذ خططها ومشارعيها للتقدم والازدهار في ظل عالم متسارع ومنافسة شديدة من دول العالم نظير ما قد تملكه بعض الدول من مقومات، وما وصلت إليه من تقدم في كل المجالات.

إن ما ذُكر يأتي في خانة الواجب والمسؤوليات الجسام التي تقع على الدول؛ إذ إن متطلبات الوطن والمواطنين في الحقيقة مسؤوليات وواجبات، وليست هموم تثقل كاهل الدول، ولكنها تحديات يجب أن تضع الدول الخطط والبرامج لمواجهتها والتغلب عليها بجهود لا تعرف الكلل أو الملل في حدود الموارد والإمكانيات المتاحة.

وعليه، ما هموم الوطن.. إذن؟

إن هموم الوطن هي البحث وإيجاد مجموعة من القياديين المؤهلين في كل مجال من المجالات، يحبون روح التحدي والبناء، ويؤمنون بأهمية الأوطان كمشروع حياة للشعوب لا يقبل التعثر، فقد تفشل في أي مشروع، وتعيد بنائه من جديد إلا بناء الأوطان إن تعثر- والعياذ بالله- يصعب بناؤه من جديد، نعم، هذا الذي يمكن أن يصبح همًا للوطن لو غاب أو ندر.

وماذا عن همّ المواطنين في الوطن؟ هل همّ المواطنين هو مقدار ما يقدم إليهم من خدمات، وما يحصل عليه المواطنون من فرص تخص العيش والرفاهية؟

الحقيقة ليست كذلك، فهذه حقوق يحصل عليها المواطنون، وهناك واجبات تنظمها العلاقة في الوطن بين السلطة والمواطنين، وهمُّ المواطنين هو اختيار المناسب من بينهم، ليتولى السلطة من الكوادر المؤهلة والقادرة على رسم الخطط وتنفيذها بما يحقق لهم الآمال والطموحات، لكي تُرفع راية الوطن عالية خفاقة داخل الوطن وخارجه، ولكي يسمو الوطن بالنمو والازدهار، ولن يتحقق ذلك إلا بوجود الإدارة الحكومية الكفؤة والفاعلة التي يمكنها تحقيق الأهداف عن طريق التخطيط، والتنفيذ، والتوجيه، والرقابة، على أن تراعي في الإدارة الأسس الآتية:

 

التخطيط، وهو الخطوة الأولى في العملية الإدارية، إذ تُحدد فيه الإدارة ما تريد أن تعمل، وما يجب عمله، وأين وكيف، وما الموارد التي تحتاج إليها لإتمام العمل، وذلك عن طريق تحديد الأهداف، ووضع السياسات المرغوب تحقيقها في المستقبل، وتصميم البرامج، وتفصيل الخطوات والإجراءات والقواعد. وينطوي التخطيط على كثير من الميزات، فهو يُساعد على تحديد الأهداف المراد الوصول إليها وتحديد الإمكانيات المادية والبشرية اللازمة لتنفيذ هذه الأهداف، ويُعد التخطيط وسيلة فاعلة في تحقيق الرقابة الداخلية والخارجية على مدى تنفيذ الأهداف.

2- تطبيق مفاهيم ومبادئ المحاسبة الحكومية؛ إذ إنَّ المحاسبة تهتم بتطبيق مبادئ وأسس خاصة على الجهات الحكومية والهيئات العامة، وتهدف المحاسبة الحكومية إلى ضمان الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد المالية للدولة، وتسجيل وتوثيق جميع المعاملات المالية المتعلقة بإيرادات ومصروفات الدولة، بما في ذلك: الإيرادات المقدرة والفعلية، وتعد المحاسبة الحكومية مسؤولة عن احترام وتطبيق القوانين واللوائح المتعلقة بالمال العام، والجدير بالذكر أن جميع الإجراءات المحاسبية يجب أن تأخذ في الاعتبار هذه القوانين واللوائح؛ لضمان النزاهة، والشفافية في التعامل مع المال العام. وتوفر المحاسبة الحكومية معلومات مالية مهمة تساعد المسئولين الحكوميين على اتخاذ قرارات اقتصادية وسياسية صحيحة، فعندما يكون لدى القادة الحكوميين إحصاءات ومعلومات دقيقة حول الموارد المالية والنفقات الحكومية؛ يمكنهم اتخاذ قرارات مستنيرة، وتحقيق أهداف السياسات العامة بفعالية .

3- ضرورة تطبيق الرقابة والتوجيه. والتوجيه أداة قوية للتنمية الشخصية والتمكين، وطريقة فعّالة لمساعدة الأفراد على التقدم في حياتهم المهنية وبالتالي المساعدة في تحقيق الأهداف الموضوعة، وتُعرف الرقابة المالية بأنها التحقق والتأكد من التزام الوحدات الإدارية بالقوانين والأنظمة والتعليمات في أدائها لعملها لتحقيق الأهداف المرسومة مسبقًا وفق الخطط الموضوعة بكفاءة وفاعلية، وبشكل مشروع حسب الأنظمة والقوانين واللوائح، والوقوف على نواحي القصور والخطأ في محاولة لتصحيحها، فالرقابة إحدى الركائز العملية إن أردنا تطوير ومراجعة الأداء للأنشطة الإدارية، وهي أداة فاعلة فيما يعرف بكفاءة الإنفاق والاستغلال الأمثل للموارد وهي تُساعد في ضمان الكفاءات التشغيلية. وربما هناك مَن يرى أن الرقابة هي تصيد الأخطاء، وهذا كلام عارٍ من الصحة، فالرقابة هي تقييم للأداء بقصد رفع الكفاءة، وإبراز النواحي الإيجابية بقصد تحقيق الأهداف المرسومة.

لقد أشرنا إلى بعض الأسس والمفاهيم المختصرة عن متطلبات الإدارة الفاعلة التي يمكن أن تبحث عن الكفاءة في الأداء، وهناك أسس كثيرة لا حصر لها، فهي فضاء مفتوح يقبل مختلف الآراء.

** خبير في الشؤون المالية

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

تحقيق: امريكا قد تواجه قريبا تهديدا أقوى من الأسلحة النووية


وأظهر تحقيق الصحيفة -حسب تقرير مشترك بين باحثين في مجال البيولوجيا- أن روسيا قامت بإعادة فتح وتوسيع مجمع عسكري ومختبري، كان يستخدم أثناء الحرب الباردة لتسليح الفيروسات التي تسبب الجدري والإيبولا وأمراضا أخرى، كما أن كبار الضباط العسكريين في الصين يكتبون عن الفوائد المحتملة للحرب البيولوجية الهجومية، ووصفها عقيد بارز بأنها طريقة “أكثر قوة وأكثر تحضرا” للقتل الجماعي من الأسلحة النووية، حتى إن كتابا مدرسيا للجيش يناقش إمكانية وقوع “هجمات جينية عرقية محددة”.
ونبه الكتاب إلى أن الاختراقات في تكنولوجيا تحرير الجينات والذكاء الاصطناعي جعلت التلاعب وإنتاج الفيروسات والبكتيريا القاتلة أسهل من أي وقت مضى، بالنسبة للجهات الفاعلة من الدول وغير الدول على حد سواء.
وقدم تفشي مرض كوفيد-19 في ووهان بالصين عام 2019، الذي ربما كان نتيجة تسرب عرضي، إحساسا بالمخاطر، حيث توفي نحو 27 مليون شخص كنتيجة مباشرة وغير مباشرة لهذا الفيروس، في حين أن الباحثين في مختلف أنحاء العالم يعملون على فيروسات أشد فتكا من ذلك الفيروس، وبالتالي يتساءل الكاتب كيف نحقق الردع بالأسلحة البيولوجية؟
وينقل الكاتب عن بعض الباحثين قولهم إن المعاهدات والاتفاقيات وحدها لا تستطيع حل هذه المشكلة، وكذلك نماذج الردع النووي لا تستطيع أن تفي بالغرض تماما، وقد تميل الأنظمة الدكتاتورية إلى إطلاق سلاح بيولوجي إذا كانت واثقة من أن الدول التي تستهدفها ستواجه صعوبة في تحديد مصدر الهجوم، كما أن المهاجمين قد يقومون بتطعيم شعبهم سرا قبل شن أي هجوم.
غير أن الحرب الباردة -حسب التحقيق- تقدم دروسا مفيدة للديمقراطيات التي اختارت التخلي عن الأسلحة البيولوجية، وأهم تلك الدروس أهمية جمع وتحليل المعلومات الاستخبارية المتفوقة، وبالتالي على واشنطن وحلفائها، لكي تنجح عملية الردع، أن يكون لديهم نظام قوي وشامل لتتبع الأبحاث الخطيرة للغاية في جميع أنحاء العالم والقضاء عليها حيثما أمكن، مستفيدة من التقنيات المتطورة للكشف السريع عن مسببات الأمراض الناشئة حديثا، وقياس مستوى تهديدها وتحديد مصدرها بشكل موثوق، سواء كان طبيعيا أو مهندسا.

مقالات مشابهة

  • الرقابة المالية تطور قواعد الجودة والسلوكيات الخاصة بأعمال مراقبي الحسابات المقيدين
  • الرقابة المالية تطوّر قواعد الجودة الخاصة بأعمال مراقبي الحسابات المُقيّدين بسجلات الهيئة
  • «الغندور»: لجنة الاستثمار وتنمية الموارد بالزمالك تساهم في حل أزمات النادي المالية
  • تحقيق “الكفاءة الحكومية”.. دور جديد لماسك يثير جدلا
  • وزير الاقتصاد يؤكّد عزم المملكة على تحقيق أهداف التنمية المستدامة خلال قمة G20
  • خالد الغندور: لجنة الاستثمار وتنمية الموارد بنادي الزمالك تساهم في حل أزمات النادي المالية
  • سهر الدماطي: التكنولوجيا الحديثة تُسرّع تحويل الموارد المالية عبر "إنستاباي"
  • تحقيق: امريكا قد تواجه قريبا تهديدا أقوى من الأسلحة النووية
  • الموارد البشرية والتوطين تدعو المنشآت المشمولة بسياسات التوطين إلى تحقيق المستهدفات المطلوبة
  • المالية النيابية:التعداد السكاني سيعيد موازنة كل المحافظات