جريدة الرؤية العمانية:
2025-01-01@05:01:19 GMT

التنمر والعنف.. خطر مجتمعي

تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT

التنمر والعنف.. خطر مجتمعي

 

د. محمد بن خلفان العاصمي

المشاهد التي بتنا نراها بين الحين والآخر من العنف الذي يُمارسه بعض المُراهقين ضد بعضهم، تدعونا للوقوف معها حتى لا تتحول إلى ظاهرة تنتشر بين أفراد المُجتمع ويصعب التعامل معها مستقبلًا، وربما قد تكون عواقبها وخيمة وقد تُفضي إلى كارثة حقيقية إذا لم يتم احتواؤها مبكرًا.

الميل للعنف ليس وليد الصدفة ولا يحدث بشكل عرضي لدى الطفل أو المراهقين؛ بل هو نتيجة لمجموعة من العوامل تتشكل على مدى سنوات عمره، وتلعب التنشئة دورًا مهمًا في تشكيل شخصية الطفل والمراهق، وتتكون شخصية الطفل من خلال مجموعة الأساليب والسلوكيات التربوية التي ينشأ عليها، ويعد التفكك الأسرى وانفصال الوالدين والعنف وممارسة أساليب التربية الخاطئة من أهم الأسباب التي تفضي إلى تكوين شخصيات تميل للعنف والتنمر وممارسة التسلط على الأقران.

ورغم سعي المجتمعات الحديثة لاستخدام أساليب تربوية ناجعة في تربية أبنائهم وتركيزهم على تعزيز هذا الجانب المُهم، إلّا أن هذه المشكلة لا يمكن تجنبها بشكل كامل، وذلك لعدة أسباب؛ مثل: ثقافة الوالدين، ومستواهم المعيشي والتعليمي، والبيئة التي يعيشون فيها، والعلاقات الاجتماعية التي تربطهم بالمحيط، وكل ذلك يسهم بدور في تنشئة الأطفال؛ الأمر الذي يترك أثرًا في شخصيتهم، وقد ينتج عنه وجود اضطرابات في الشخصية، مثل الافتقار للثقة، والشك، والاعتقاد بتعرضهم للأذى من الآخرين، والميل للضغينة والحقد والعدوانية، والعجز والقلق، وفي أحيان أخرى تصل إلى السيكوباتية، وهو ما يعد خطرًا كبيرًا على المجتمع.

وعندما نُشاهد مشهدَ عراكٍ بين طلاب مدرسة تقوم فيه مجموعة من الطلبة بالاعتداء على طالب واحد بكل وحشية، مستخدمين كل أشكال العنف دون أدنى تفكير في العواقب والأضرار التي قد تلحق به والتي قد تُفضي إلى موته، ورغم ذلك يستمرون دون أدنى تردد، هنا يجب أن ندرك أن الأمر ليس مجرد عراك عابر أو خلاف له مسببات وخلفيات معينة؛ بل إن الأمر يتعلق باضطراب نفسي وعنف ناتج عن شخصية غير سوية بداخل هذا الطفل أو المراهق يجب علاجها بشكل سريع.

إنَّ مسؤولية التربية لا تقف عند توفير التعليم وحفظ الدروس؛ بل أرى أن مؤسسة التعليم يجب أن تهتم بعلم النفس بشكل أكبر، ويجب أن يتم توظيف المختصين في الصحة النفسية، ليقوموا بدور مُهم داخل المدارس والجامعات والكليات؛ فهذه الاضطرابات لها أعراض تظهر على شكل سلوك، ومتابعتها وتقديم الدعم النفسي لمن يُعاني منها يُجنبنا ما نشاهده بين الحين والآخر من مشاهد عنف، وقد يكون التدخل في الوقت المناسب إنقاذًا لحياة فرد ومجتمع من كارثة، يتسبب فيها مُعتل نفسي لم يجد الرعاية الصحيحة.

كما إن على الأسرة دور مُهم في مراقبة سلوكيات الأبناء ومتابعتها وعدم التغافل عنها، فقد يكون هناك أمر خطير في المستقبل، وهذه المراقبة تجعل من عملية ضبط السلوك أمرًا أسهل منذ بدايته؛ فالدراسات تشير إلى أن سلوك الانحراف لدى الإنسان لم يحدث فجأة؛ بل تشكّل عبر سنوات عمره نتيجة عوامل التنشئة الاجتماعية الخاطئة، وهو ما يفسر سلوك الإجرام لدى المجرمين الذين خضعوا للدراسات، فالسارق لم يُولد سارقًا، والقاتل لم يولد قاتلًا، ولهذا تقع على الأسرة والمجتمع مسؤولية كبيرة في هذا الجانب.

بقي أن أشير إلى أن التنمر والعنف الذي نرصده ونشاهده، أقل بكثير من ذلك الذي لا يظهر للعيان، وفي كثير من الأحيان يقع الضحية في وضع لا يمكنه من الإبلاغ، وقد يكون تحت تأثير التهديد والابتزاز والتسلط، وكمربين يجب أن نراقب سلوك أبنائنا وأن نلاحظ التغيرات التي قد تطرأ على سلوكهم اليومي، خاصة الانطواء والانعزال والعصبية والصمت الطويل؛ لأنها أكثر السلوكيات التي تدل على تعرضهم للتنمر، وهُنا يجب التدخل المباشر لمساعدتهم، ويجب أن ندرك أن المساعدة سوف تتحقق إذا ما شعر الطفل بالأمان والطمأنينة، وليس من خلال التخويف والترهيب، وهذا ما سوف أعود إليه في مقال لاحق في حينه.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

احذر.. عقوبات رادعة في انتظارك بسبب التنمر بعد تحركات النواب

يبحث عدد من المواطنين عن عقوبات التنمر خاصة بعد أن فتحت لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب ملف التنمر داخل اللجنة عن طريق  طلب الإحاطة المقدم من النائبة غادة الضبع بشأن نشر الوعي بالاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان والتي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية لنشر الوعي المجتمعي بها وتعريف الطلاب والطالبات بأهميتها في المجتمع المصري.

حدد قانون العقوبات 6 حالات تصل فيها عقوبة جريمة التنمر إلى الحبس سنة وغرامة 100 ألف جنيه ، ويستعرض “صدى البلد" من خلال هذا التقرير هذه الحالات.

تعريف التنمر

تضمن قانون العقوبات برقم 309 مكررًا إضافة مادة جديدة، جاء فيها تعريف واضح للتنمر " وأدخلت عليه اللجنة تعديلا لضبط الصياغة، بحيث ينص علي أنه يعد تنمرًا كل من قام بنفسه أو بواسطة الغير باستعراض القوة أو التلويح بالعنف أو التهديد بأيهما أو استخدامه ضد المجني عليه أو اتخاذ تدابير أخري غير مشروعة بقصد الإساءة للمجني عليه كالجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي، بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو اقصائه من محطيه الاجتماعي.

عقوبة التنمر

ويعاقب المتنمر، حسب المادة، فإنه مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنيه، ولا تزيد على 30 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وتكون العقوبة لجريمة التنمر، الحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن 20 ألف جنيه، ولا تزيد على 100 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك إذا وقعت الجريمة من شخصين أو أكثر أو كان الفاعل من أصول المجنى عليه أو من المتولين تربيته أو ملاحظته أو ممن لهم سلطة عليه أو كان مسلما إليه بمقتضي القانون أو بموجب حكم قضائي أو كان خادما لدي الجاني أما إذا اجتمع الطرفان يضاعف الحد الأدنى للعقوبة، ونصت المادة ذاتها، علي أنه في حالة العود ( اي تكرار نفس الفعلة) تضاعف العقوبة في حديها الأدنى والأقصى.

وكان قد أصدر الرئيس عبد الفتاح السيسي تعديلات تشريعية على القانون رقم ١٨٩ لسنة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات، لوضع جزاء عقابي لجرائم التنمر، بعد أن أقرها مجلس النواب مع تزايد هذه الظاهرة وردع القائمين عليها، حيث تضمنت التعديلات الصادرة مؤخرا بأن يُعد تنمرًا كل استعراض قوة أو سيطرة للجاني، أو استغلال ضعف للمجني عليه أو لحالة يعتقد الجاني أنها تسيء للمجني عليه الجنس أو العرق أو الدين أو الأوصاف البدنية أو الحالة الصحية أو العقلية أو المستوى الاجتماعي؛ بقصد تخويفه أو وضعه موضع السخرية أو الحط من شأنه أو إقصائه من محيطه الاجتماعي".

مقالات مشابهة

  • احذر.. عقوبات رادعة في انتظارك بسبب التنمر بعد تحركات النواب
  • تحقيق إسرائيلي يكشف الانفلات في سلوك القادة العسكريين خلال الحرب بغزة
  • مسيرة التعافي في ملحان:جهود جبارة بحاجة إلى استدامة وتعاون مجتمعي
  • الاغتصاب والعنف يدفعان نازحات نيالا إلى التخلي عن العودة لمنازلهن
  • التنمر الإلكتروني وحش يتمدد رقميا فمن أبرز ضحاياه؟ وكيف نقاومه؟
  • واشنطن: آن أوان وقف سلوك الحوثيين الأرعن
  • حملة مناهضة التنمر والعنف بالوسط المدرسي تصل مدينة الحسيمة
  • بسبب البرد .. وفاة توأم الطفل الذي استشهد متجمدا في غزة
  • وفاة توأم الطفل الذي فقد حياته أمس جراء البرد في غزة
  • الإفتاء تطلق حملة سلوك المسلم في استقبال العام الجديد