لجريدة عمان:
2024-09-30@10:53:10 GMT

أنظمة العمل المرنة.. ما لها وما عليها

تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT

بحلول وانتهاء جائحة كورونا (كوفيد 19) توسع الحديث عن ضرورات الاتجاه إلى تبني أنظمة العمل المرنة، وقد يعود ذلك إلى عدة عوامل؛ منها اضطرار قطاع واسع من مؤسسات العمل حول العالم (حكومية وخاصة) إلى تبني نظم العمل عن بعد؛ وهو ما أفرز لدى بعض المؤسسات والدول تجارب إيجابية من ناحية العلاقة بين هذه الأنماط من العمل وبين مستويات الإنتاجية من ناحية، وتحسن جودة حياة الموظفين من ناحية أخرى.

العامل الآخر هو صعود مفاهيم (جودة الحياة) في ذاتها، واحتلالها موقعًا مهمًا سواء في الخطط الوطنية للدول، أو في معايير بيئات العمل للمؤسسات الرائدة، أو في مؤشرات الرضا عن بيئات العمل بالنسبة للموظفين، أما ثالث هذه العوامل فقد يكون مرتبطًا بالتطور المتسارع في تقنيات الإنتاج وإنجاز الأعمال، والذي يتيح للحكومات والمؤسسات على حد سواء فرصة الدمج بين جهد وإنتاجية العامل البشري (في حدود زمانية يمكن التحكم بها) مع الاعتماد على التقانة وسط شعارات الانتقال والتحول الرقمي، والتي أصبحت هي الأخرى على رأس أجندة الحكومات والمؤسسات.

نقصد هنا بأنظمة العمل المرنة مجمل التسهيلات التي تتيح تغيير شكل/ أشكال من النظم التقليدية للعمل، المرتبطة بالحضور في ساعات محددة بحكم النظام، أو التواجد الجسدي لتقديم الخدمات وأداء الأعمال في مكان محدد، ومن هذه التسهيلات: العمل عن بعد، تقليص عدد ساعات العمل، تقليص أيام العمل، تخفيف كلفة التنقل في محيط العمل من خلال استخدام الاجتماعات الافتراضية وما شابهها من آليات، بالإضافة إلى أنظمة العمل متناوبة الفترات مثل تقسيم فترات خدمة المراجعين طوال اليوم بدلًا من الاكتفاء بدوام رسمي محدد. في الواقع وللحكم على هذه التسهيلات عمومًا لابد من الانتباه إلى محدد مهم وهو (سياق التطبيق)؛ فحين الحديث عن التطبيق على المؤسسات الخاصة (الشركات مثلًا) فإن السياق يختلف عن التطبيق على الحكومات؛ ذلك أن المؤسسات الخاصة تعتبر بيئة تجريبية يمكن التحكم في كافة عناصرها، وطبيعة نظم العمل فيها، والتقسيمات، ونوعية اتصالها بالمجتمع، وأساليب الإدارة المتبعة تتيح قياس التأثير والتجربة المباشرة على كافة العمليات والأداء بشكل واضح في سياق زمني محدود. أضف إلى ذلك فإن عامل تأثير الثقافة المؤسسية يمكن التحكم فيه وفق النظم والإجراءات المتبعة داخل هذه المؤسسات. أما في حالة التطبيق على الحكومات فهناك مجموعة متعددة من العوامل التي يجب أخذها في الاعتبار منها: نوعية المؤسسة في اتصالها وعلاقتها بالمستفيدين - حجم الحكومة - دورات وفترات تقديم الخدمة - تماثل التقسيمات الإدارية في الهياكل الحكومية المختلفة - تمركز الحكومة من لامركزيتها - درجة الانتقال الرقمي وإمكانية تقديم خدمات متكاملة عن بعد - درجة اعتمادية المؤسسات على بعضها - درجة اعتمادية المعاملات الحكومية على عدد منافذ تقديم الخدمة - طبيعة الهياكل الوظيفية داخل كل مؤسسة - وضوح أدوار العاملين بشكل دقيق (وظائف فنية - وظائف إشرافية) - والعامل الأهم في تقديرنا هو مدى وجود مؤشرات واضحة ودقيقة لقياس الأداء و (الإنتاجية) داخل المؤسسة من ناحية، وداخل الحكومة ككل من ناحية أخرى. ونعتقد أن هذا مؤشر يتوجب الانتباه إليه وتحديثه بشكل مستمر؛ ذلك أن الكثير من سياسات العمل يفترض أن تقوم عليه أو تأخذه في الاعتبار في وضع الإجراءات والنظم.

يبدو من الجيد الاستفادة مما وصلت إليه التجارب الدولية المماثلة، ولكن مع عدم إهمال طبيعة السياق الاقتصادي من ناحية حجم الاقتصاد وطبيعته ومستوى تدخل الدول في العمليات الاقتصادية وسواها من العوامل، إضافة إلى السياقين الثقافي والاجتماعي، قد تعزز أنظمة العمل المرنة الاستقرار والاندماج الاجتماعي، وقد تقوي الروابط الاجتماعية والأسرية، وقد تمنح المربين فرصًا أفضل للاقتراب من الأبناء تعليميًا وسلوكيًا وترفيهيًا ومعرفيًا، وقد تحسن من فرص اهتمام الموظفين بالصحة والسلامة الشخصية، وبالتالي تنعكس على جودة الحياة، وتتيح وقتًا أفضل للتعلم المستمر والتطوير الذاتي، وتنشط الطلب على أنشطة اقتصادية معينة مثل أنشطة الترفيه الشخصي والعائلي، وأنشطة السياحة الداخلية، والطلب على الخدمات التقنية ومنتجاتها، والطلب المرتبط بإعادة تصميم المنازل كبيئات داعمة للعمل المرن، وقد تكون (نظريًا) مساحة العمل المرن تدفع للمزيد من الإنتاج بالنسبة للأفراد نظير التخلص من قيود الوقت والمكان والرسمية، وقد يعزز انتساب الأفراد لأنظمة عمل مرنة الطلب على السوق المحلية وإعادة توجيه القوى الشرائية نحو منتجات وخدمات مختلفة. ولكن تبقى كل هذه المسائل (افتراضات) في ظل عدم وجود بيانات أساسية (Baseline) يمكن الانطلاق منه والقياس لاحقًا عليه، بما في ذلك مؤشرات الإنتاجية التي نبهنا إليها، وما طبيعة القيود الحالية المفروضة على تحسين أنماط وجودة الحياة وهل أنظمة العمل تشكل جزء منها؟ وما طبيعة الوضع الراهن للقدرة على التوفيق بين العمل والحياة الشخصية لدى الموظفين الحكوميين؟ وهل ستسهم فعلًا سياسات العمل المرنة في التغيير في هذه المعادلة.. وقائمة طويلة من الأسئلة التي يمكن الانطلاق منها إلى محاولة قياس التغير المحتمل. تبدو المسائل المرتبطة بالانتقال للرقمي للحكومة، ومسائل جودة شبكات الاتصالات في عموم البلاد، والثقافة الرقمية للمجتمع، وثقافة نقل المهام Handover ضمن الثقافة المؤسسية، والثقة ومستويات التمكين بين الرتب الوظيفية والتقسيمات الإدارية عوامل أخرى لا يمكن إهمالها ضمن تخطيط الانتقال إلى سياسات العمل المرنة.

كل الاعتبارات سابقة الذكر لا تعني أن الانتقال بهذا القدر من التعقيد، ولا تقلص أو تحد من أهميته في الوضع الراهن خاصة مع ضغوط الحاجة لتحسين مستويات جودة الحياة، والعوارض المتصلة بالظروف المناخية وقيودها، وحالات تطرف الطقس، والبحث عن مستويات رضا وولاء وظيفي عالية داخل الحكومات. لكن ما نريد التأكيد عليه هو أنه بقدر ما يكون الانتقال مخططًا ومدروسًا ليس فقط كـ (اعتبار مالي واقتصادي)، وإنما متشعب الاتجاهات، كلما كانت النتائج مخططة وذات عائد على مستوى تحسين الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع. أيضًا لا بد أن يشمل تخطيط الانتقال اختيار البديل المناسب في السياسات، هل من الأجدر أن نقلص الساعات؟ أم نقلص الأيام؟ أم نوسع نطاق العمل عن بعد؟ أو ما هي الترتيبات التي يمكن أن يكون جدواها أكثر فاعلية لتحقيق أهداف السياسة العامة. وقد تكون التسهيلات المختلطة بين عدة خيارات بديلًا مناسبًا في حد ذاته، بشرط اختيار سياقات ومؤسسات العمل التي يمكن أن تتبناها وتطبق عليها.

مبارك الحمداني مهتم بقضايا علم الاجتماع والتحولات المجتمعية في سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: جودة الحیاة من ناحیة عن بعد

إقرأ أيضاً:

بدء تقديم طلبات الانتقال وإساءة الاختيار / رابط

#سواليف

أعلنت وحدة تنسيق القبول الموحد في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بأن موعد تقديم الطلبات الإلكترونية لطلبة إساءة الاختيار أو الطلبة الراغبين بالانتقال من تخصص إلى آخر ومن جامعة إلى أخرى سيبدأ اعتباراً من اليوم السبت الموافق 28-9-2024 وحتى الساعة 12 من مساء يوم الاثنين القادم الموافق 30-9-2024.

وقالت في بيان، اليوم السبت، إن التقديم من خلال الموقع الإلكتروني لوحدة تنسيق القبول الموحد على الرابط التالي: www.admhec.gov.jo  حيث تم تجهيز برمجية تسمح للطلبة سواءً الذين تم ترشيحهم للقبول أو الذين لم يقبلوا (طلبة إساءة الاختيار) بالدخول وتقديم طلب يتضمن ثلاثة خيارات فقط على أن يقوم الطالب باستخدام نفس اسم المستخدم والرمز السري الذين استخدمهما في تقديم الطلب أول مرة، وذلك شريطة تحقيق الطالب للحدود الدنيا لمعدلات القبول التنافسية للعام الجامعي الحالي 2024-2025، علماً بأن طلبات الإنتقال تشمل فئات الطلبة التالية:

1) الطلبة الحاصلون على شهادة الثانوية العامة الأردنية للعام الحالي ويسمح لهم بتقديم طلبات انتقال أو سوء اختيار لجميع التخصصات بما فيها تخصصي الطب وطب الأسنان، وذلك شريطة تحقيق الطالب للحد الأدنى لمعدلات القبول التنافسية لهذه الفئة من الطلبة، إضافةً إلى توفر شاغر في التخصص المطلوب الانتقال إليه.

مقالات ذات صلة من هو هاشم صفي الدين أبرز مرشح لخلافة نصر الله؟ 2024/09/28

2) الطلبة الحاصلون على شهادة الثانوية العامة الأردنية في الأعوام السابقة بمن فيهم طلبة رفع المعدل (المعيدون) ويسمح لهم بتقديم طلبات انتقال أو سوء اختيار لجميع التخصصات باستثناء تخصصات الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، ودكتور الصيدلة، وذلك شريطة تحقيق الطالب للحد الأدنى لمعدلات القبول التنافسية لهذه الفئة من الطلبة، إضافة إلى معدل المواد العلمية المطلوب إن وجد، مع ضرورة توفر شاغر في التخصص المطلوب الانتقال إليه.

3) الطلبة الحاصلون على شهادة الثانوية العامة العربية للعام الحالي 2024، ويسمح لهم بتقديم طلبات انتقال أو سوء اختيار لجميع التخصصات باستثناء تخصصات الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، ودكتور الصيدلة، حيث أن المقاعد المقررة للقبول في هذه التخصصات تم توزيعها على الدول/جنسية الشهادة الثانوية، وذلك شريطة تحقيق الطالب للحد الأدنى لمعدلات القبول التنافسية لهذه الفئة من الطلبة إضافةً إلى علامة امتحان المفاضلة المطلوب إن وجد، مع ضرورة توفر شاغر في التخصص المطلوب الانتقال إليه.

4) الطلبة الحاصلون على شهادة الثانوية العامة الأجنبية للعام الحالي 2024، ويسمح لهم بتقديم طلبات انتقال أو سوء اختيار لجميع التخصصات باستثناء تخصصات الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، ودكتور الصيدلة، حيث أن المقاعد المقررة للقبول في هذه التخصصات تم توزيعها على جنسية الشهادة الثانوية، وذلك شريطة تحقيق الطالب للحد الأدنى لمعدلات القبول التنافسية لهذه الفئة من الطلبة إضافةً إلى علامة امتحان المفاضلة المطلوب إن وجد، مع ضرورة توفر شاغر في التخصص المطلوب الانتقال إليه.

كما تعلن وحدة تنسيق القبول الموحد عن وجود تخصصات جديدة قد تم طرحها ضمن هذا الطلب ولم تكن قد طُرحت سابقاً، ويمكن للطلبة التقدم لها وهي:

مرحلة البكالوريوس

* تخصص تكنولوجيا معلومات الأعمال/الجامعة الأردنية

* تخصص الأمن السيبراني/الجامعة الأردنية

* تخصص الذكاء الاصطناعي / الجامعة الأردنية

* تخصص علم البيانات / الجامعة الأردنية

* تخصص دكتور في طب وجراحة الأسنان / جامعة مؤتة

* تخصص التكنولوجيا المالية وإدارة المخاطر/ جامعة مؤتة

* تخصص علم الاجتماع/الانحراف والجريمة / كلية عجلون الجامعية/ جامعة البلقاء التطبيقية

مرحلة الدبلوم المتوسط 

* تخصص تكنولوجيا التعليم الإلكتروني /كلية الأميرة رحمة الجامعية / جامعة البلقاء التطبيقية

* تخصص التربية البدنية والصحية / كلية الكرك الجامعية / جامعة البلقاء التطبيقية

ملاحظة هامة : التخصصات الجديدة المذكورة أعلاه ستظهر لجميع الطلبة، وذلك حسب الحد الأدنى لمعدل الثانوية العامة المطلوب وفقاً للسياسية العامة لقبول الطلبة، نظراً لعدم توفر معدل قبول تنافسي فيها، وبعد تنفيذ عملية المناقلات وقبول طلبة إساءة الاختيار يتوقع أن يكون معدل القبول التنافسي فيها أعلى من الحد الأدنى لمعدل الثانوية العامة المنصوص عليه في السياسة العامة لقبول الطلبة، لذا ينصح بعد اختصار الطلب على هذه التخصصات الجديدة فقط.

مقالات مشابهة

  • بيكهام يرغب في الانتقال إلي الزمالك
  • تغير المناخ.. خطوات للمقاومة بالزراعة والنظم الغذائية المرنة (مقال)
  • خالد الغندور: بيكهام يرغب في الانتقال إلى الزمالك
  • لافروف: لا يمكن لتركيا بيع أنظمة S-400 دون موافقتنا
  • موقف رمضان صبحي من الانتقال إلى الزمالك.. مفاجأة كبرى
  • الخارجية: إن الكيان الصهيوني يؤكد من خلال هذا العدوان الدنيء – مرة أخرى – على سمات الغدر والجبن والإرهاب التي نشأ عليها، وانتفاء أي قيم أخلاقية لديه، وهمجية واستهتار بكل المعايير والقوانين الدولية
  • بدء تقديم طلبات الانتقال وإساءة الاختيار / رابط
  • 8 عادات يحرص عليها الناجحون في أوقات فراغهم.. تعرف عليها
  • مخاطر القلب والأوعية الدموية.. ما هي الاختبارات التي يمكن أن تشير إلى أمراض القلب
  • بعد إلغاء اشتراطات قانون 2021.. ما ضوابط البناء التي سيتم العمل بها الفترة المقبلة؟