د. منجي علي بدر يكتب: مصر والمنتدى العربي الصيني في دورته العاشرة
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
تلبية لدعوة الرئيس الصينى، زار الرئيس عبدالفتاح السيسى الصين للمشاركة فى أعمال المنتدى العربى الصينى، وبحضور كل من الرئيس التونسى والإماراتى وملك البحرين وأمين عام جامعة الدول العربية والرئيس الصينى وعدد من الوزراء وكبار المسئولين.
وعلى هامش المنتدى عقد الرئيس السيسى اجتماعاً ثنائياً مع الرئيس الصينى ورئيس مجلس الدولة الصينى، كما استقبل الرئيس عدداً من أصحاب الشركات الصينية الكبرى فى عدد من المجالات، حيث تم مناقشة فُرص جذب مزيد من الاستثمارات الصينية إلى مصر فى مجالات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا وغيرهما.
وتعتبر مصر أول دولة عربية وأفريقية تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين عام 1956، وتحضر مصر منتدى التعاون العربى الصينى كأحد اللاعبين الرئيسيين فى مبادرة الحزام والطريق التى أطلقتها بكين عام 2013، بهدف ربط 60 دولة فى حزام تجارى وتنموى واسع، وفى عام 2022 انضمت مصر إلى منظمة شنغهاى للتعاون كشريك حوار، كما انضمت إلى تجمع بريكس فى يناير 2024 تتويجاً لحرصها على بناء شراكات قوية ومستدامة مع القوى الصاعدة.
وتحرص كل من مصر والصين على رسم سياساتهما الخارجية وفقاً لمبادئ القانون الدولى واحترام الآخرين، حيث ينتهج البلدان سياسات متوافقة من حيث السعى والعمل من أجل السلام فى جميع أرجاء العالم، والدعوة إلى ديمقراطية العلاقات الدولية، وإقامة نظام دولى سياسى واقتصادى عادل قائم على احترام خصوصية كل دولة، كما تتمسّك الدولتان بمبدأ عدم التدخّل فى الشئون الداخلية لأى دولة والسعى لحل النزاعات بالطرق السلمية.
وأعرب الرئيسان المصرى والصينى عن ارتياحهما للنتائج المثمرة للشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، حيث شاركت الصين فى الكثير من المشروعات الاقتصادية الكبرى فى مصر بمجالات البنية التحتية والنقل والسكك الحديدية وبناء السفن والإنشاءات وعلوم الفضاء، بما فى ذلك المشاركة فى بناء حى المال والأعمال بالعاصمة الإدارية الجديدة، وتدشين القطار الكهربائى للعاشر من رمضان، وإطلاق القمر الصناعى المصرى «مصر سات-2».
كما تم الاتفاق على تمديد الاتفاقية بشأن مبادلة العملات المحلية ونجاح مصر فى إصدار سندات الباندا فى الصين، كما أكد الرئيسان أهمية تحقيق التكامل بين رؤية مصر 2030 للتنمية المستدامة مع مبادرة الحزام والطريق والعمل المشترك وثمّن الجانب المصرى فى هذا الإطار «مبادرة التنمية العالمية»، التى أطلقها الرئيس الصينى، باعتبارها إحدى المبادرات العالمية التى تُسهم فى الإسراع بتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وفقاً لأجندة 2030 للأمم المتحدة.
وتساند مصر «مبادرة الحضارة العالمية» التى تتبناها الصين، حيث إن مصر والصين حضارتان عريقتان تضربان بجذورهما فى أعماق التاريخ، وكانت لهما إسهامات كبيرة فى التاريخ الإنسانى، وأبدت مصر دعمها للاقتراح الصينى بإقامة يوم عالمى للحوار بين الحضارات فى يونيو من كل عام، وفى المجال التجارى تم الاتفاق على تحقيق مزيد من التوازن فى حجم التبادل التجارى، بما فى ذلك السماح بدخول المزيد من المنتجات المصرية عالية الجودة إلى السوق الصينية.
إن الحضور الرفيع للقادة العرب فى المنتدى هو رسالة إلى الغرب تعكس تطور العلاقات العربية مع دول الشرق، مثل الصين وروسيا فى إطار احترام ميثاق الأمم المتحدة وحقوق الشعوب فى تقرير مصيرها وعدم التدخّل فى شئون الآخرين، بعكس السياسة الغربية القائمة على ازدواجية المعايير، حيث تدعم الصين الموقف الفلسطينى داخل مجلس الأمن.
وفى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ودائماً ما تدعم الصين القضية الفلسطينية ومشروع حل الدولتين، وفى الفترة الأخيرة تسعى الصين للحصول على مكانة بوصفها وسيطاً فى الصراع بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل وتعترف الصين بدولة فلسطين المستقلة، وسبق أن دعا الرئيس الصينى فى نوفمبر 2023 إلى عقد «مؤتمر دولى للسلام» بهدف حل النزاع وعرض ملك البحرين خلال فعاليات المنتدى استضافة مؤتمر السلام فى البحرين.
ونرى أن الانعقاد الدورى المنتظم للمنتدى العربى الصينى يحمل دلالة واضحة فى الحرص المتبادل على تعزيز العلاقات المؤسسية «العربية - الصينية» لتحقيق عدد من الأهداف السياسية والاقتصادية، منها تعزيز التعاون «جنوب / جنوب» وتشكيل نظام عالمى جديد أكثر عدالة، ونقل وتوطين التكنولوجيا، إلى جانب مكافحة التغيّر المناخى وضمان الأمن المائى وضرورة حشد قدرات التعاون بين مختلف الأصدقاء بالمجتمع الدولى.
واختتم منتدى التعاون الصينى العربى فعالياته فى بكين بإعلان 3 وثائق رسمية، هى: «إعلان بكين»، والبرنامج التنفيذى لمنتدى التعاون العربى الصينى (2024 - 2026)، والوثيقة الثالثة تتعلق بموقف صينى عربى موحّد تجاه القضية الفلسطينية، وسوف تستضيف الصين قمة «عربية - صينية» جديدة عام 2026 بهدف الوصول إلى إطار اقتصادى عربى - صينى «أكثر توازناً».
وأكد الرئيس السيسى، فى هذا الإطار، على التقدير العربى الكبير للسياسات الصينية تجاه القضية الفلسطينية، ودعم «بكين» المستمر للوقف الفورى لإطلاق النار فى غزة، وأيضاً حق الفلسطينيين المشروع فى إقامة دولتهم المستقلة على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الصين بكين مصر القاهرة الرئیس الصینى
إقرأ أيضاً:
الاقتصاد الصيني.. عام آخر من التحديات مع بوادر لتحفيز محلي
سلطت صحيفة "إيكونوميست" الضوء على توقعات قاتمة للاقتصاد الصيني لعام 2025 في تقرير جديد لها، مع التركيز على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة لتحفيز الطلب المحلي وتجاوز العوائق الاقتصادية.
التقرير، الذي تم إعداده بعد انعقاد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي للصين، يشير إلى أن البلاد تواجه تباطؤًا اقتصاديا متزايدا وسط تهديدات جديدة بفرض تعريفات جمركية أميركية تصل إلى 60%.
تحديات قائمة وأخرى وشيكةوفي نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 3% فقط مقارنة بالعام السابق، مع تضخم محدود عند 0.2%.
تعكس هذه الأرقام -وفق إيكونوميست- التردد المزمن لدى المستهلكين الصينيين الذين لم يستعيدوا ثقتهم منذ أزمة كوفيد-19 عام 2022.
ومع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية إضافية على المنتجات الصينية، تشير تقديرات "سيتي غروب" إلى أن هذه الإجراءات قد تقلّص معدل النمو الاقتصادي في الصين بمقدار 2.4 نقطة مئوية.
مبيعات التجزئة ارتفعت بنسبة 3% فقط مقارنة بالعام السابق مع تضخم محدود عند 0.2% في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي (غيتي) تأثير محدود لتحفيزات سابقةوعلى الرغم من الجهود التحفيزية السابقة مثل خفض أسعار الفائدة ومتطلبات الاحتياطي البنكي، فإن الطلب على الائتمان بقي ضعيفًا، بحسب الصحيفة. وشهدت محاولات الحكومة لدعم السوق العقاري، بما في ذلك قروض مخفضة بقيمة 300 مليار يوان (42 مليار دولار)، إقبالاً محدودا بنسبة لا تتجاوز 15% حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
إعلانوتعود التحديات الحالية جزئيًا إلى الإفراط في التحفيزات السابقة التي أدت إلى ارتفاع الديون وتضخم القطاع العقاري، إذ اعتمدت الصين في عام 2012 سياسات إصلاح هيكلي تركز على تقليل الفائض الصناعي وخفض ديون الشركات، لكنها قيدت أيضًا المرونة المالية خلال التباطؤ الحالي.
وتشير دلائل جديدة إلى تغيير في السياسات الصينية، ففي نوفمبر/تشرين الثاني السابق، أعلنت وزارة المالية عن إصدار سندات إضافية بقيمة 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) لخفض التكاليف على الحكومات المحلية.
ومن المتوقع أن يتم تحرير حوالي 1.2 تريليون يوان (168 مليار دولار) في عام 2025 لدعم النمو الاقتصادي. كما أولى مؤتمر العمل الاقتصادي اهتمامًا خاصا بزيادة الاستهلاك المحلي، متجاوزًا هدف شي جين بينغ الأساسي لتحسين التصنيع.
إجراءات لتحفيز الاستهلاكوأظهرت السياسات التحفيزية بعض النتائج الإيجابية في السوق العقاري، حيث ارتفعت مبيعات العقارات السكنية الجديدة في نوفمبر/تشرين الثاني السابق لأول مرة منذ ثلاث سنوات.
ومن المتوقع أن تواصل الحكومة برامجها لدعم استبدال الأجهزة المنزلية، والتي ساعدت في رفع مبيعات هذه المنتجات بنسبة 22% خلال نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
بالإضافة إلى ذلك، تعتزم الحكومة زيادة المعاشات ودعم التأمين الصحي لتشجيع المواطنين على الادخار بدرجة أقل وإنفاق المزيد، حسبما ذكرته الصحيفة.
وفقًا لتقديرات "غولدمان ساكس"، قد يرتفع العجز المالي العام للصين إلى نحو 13% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2025.