د. محمد حجازي يكتب: المشروعات الصغيرة والمتوسطة بين فرص النمو وتحدياتها
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
مع تزايد مستويات التوترات الجيوسياسية فى المنطقة، والتى أثرت بشكل كبير على تدفّق الاستثمار الأجنبى المباشر، ومع ضرورة التركيز على رأس المال البشرى، والاعتماد على المشاركة الفعّالة من المرأة والشباب فى الحياة الاقتصادية، فإن المشروعات الصغيرة والمتوسّطة يمكنها أن تلعب دوراً محورياً فى الاقتصاد المصرى، وتسهم بشكل كبير فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
تُعد المشروعات الصغيرة والمتوسّطة المصدر الرئيسى لتوفير فرص العمل فى مصر، حيث تُسهم هذه المشروعات بنحو 75% من إجمالى فرص العمل فى القطاع الخاص، وفقاً لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، وتتميز هذه المشروعات بقدرتها على استيعاب الأيدى العاملة ذات المهارات والخبرات المتباينة، حيث تنتشر المشروعات الصغيرة والمتوسطة فى مختلف محافظات مصر، بما فى ذلك المناطق الحدودية والأقل نمواً والريفية.
وتسهم فى تحقيق التنمية المتوازنة وتقليل الفوارق الإقليمية، من خلال تنشيط الأنشطة الاقتصادية المتنوعة فى هذه المناطق، مما يسهم فى خلق فرص عمل محلية توفر فرص عمل مباشرة لقاطنى هذه المناطق، ويُحد من الانتقال إلى المدن الكبرى، ويعمل على إدماج فئات مثل المرأة المعيلة، وذوى الاحتياجات الخاصة والشباب.
ورغم أن بيئة المشروعات الصغيرة والمتوسطة تتميز بالمرونة والقدرة على التكيّف السريع مع المتغيرات، إلا أن مساهمتها فى إجمالى الصادرات المصرية تشكل نحو 4% فقط، وفقاً لبيانات وزارة التخطيط.
وهذا يستلزم استهداف سياسات تحفيزية لتلك المشروعات لزيادة مساهمتها فى زيادة الصادرات وتقليل الواردات، والعمل على زيادة مساهمتها فى الناتج المحلى الإجمالى.
وقد صدر قانون تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر عام 2020، الذى يقدّم الكثير من الحوافز والتيسيرات لهذه المشروعات، ومنها نظام ضريبى مبسّط للمشروعات الصغـيرة ومتناهية الصغر، حيث تبلغ قيمة الضريبة السنوية على حجم أعمال المشروع الأقل من 250 ألف جنيه 1000 جنيه وفقاً للقانون، بينما تكون 2500 جنيه على أعمال المشروع التى تتراوح من 250 إلى 500 ألف جنيه.
والضريبة السنوية تصل إلى 5 آلاف جنيه بالنسبة للمشروع الذى تتراوح أعماله من 500 ألف إلى مليون جنيه، و0.5% من حجم الأعمال التى تتراوح من مليون إلى 2 مليون جنيه، و0.75% من حجم الأعمال التى تتراوح من 2 مليون إلى 3 ملايين جنيه، و1% من حجم الأعمال التى تتراوح من 3 ملايين جنيه إلى 10 ملايين جنيه.
كما نص القانون أيضاً على الإعفاء من ضريبة الدمغة ورسوم التوثيق والشهر بالنسبة لعقود تأسيس الشركات والمنشآت وعقود التسهيلات الائتمانية والرهن وعقود تسجيل الأراضى، وخفض الرسوم الجمركية على الآلات والمعدات اللازمة للتشغيل بنسبة تتراوح من 2% إلى 5%، بالإضافة إلى تخصيص 20٪ من المشتريات الحكومية لصالح المشروعات المتوسّطة و20% إلى المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر.
بالإضافة إلى إعطاء أولوية لتخصيص الأراضى الشاغرة المتاحة فى المناطق الصناعية والسياحية والمجتمعات العمرانية وأراضى الاستصلاح الزراعى لهذه المشروعات، بالإضافة إلى توفير آلية محفّزة لتوفيق أوضاع المشروعات العاملة فى مجال الاقتصاد غير الرسمى، لتشجيعها على التحول إلى القطاع الرسمى.
وبالنظر إلى تلك الحوافز والتيسيرات فإنه يوجد الكثير من التحديات التى تواجه تنفيذ وتطبيق القانون بسهولة ويسر لتمكين تلك المشروعات من الاستفادة بما قررته الدولة من حوافز لزيادة نمو تلك المشروعات وانطلاقها لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولعل أحد أهم تلك التحديات هو صعوبة الحصول على التراخيص والموافقات، خاصة فى ضوء تعدّد الجهات الحكومية ذات الصلة.
ووجود تداخل بين بعض التشريعات التى يعمل صغار الموظفين على تفسيرها بطرق لا تساعد على حصول تلك المشروعات على الرخص أو تخصيص الأراضى أو الموافقات بشكل ميسر.
وسوف نستعرض بإذن الله فى المقالات القادمة بالتفصيل تلك التحديات التى يجب العمل على إزالتها لمساعدة تلك المشروعات على الانطلاق.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: التنمية المشروعات التنموية المشروعات الصغیرة هذه المشروعات تلک المشروعات
إقرأ أيضاً:
وزير الداخلية: إجهاض تكوين بؤر إرهابية وضبط كياناتها التجارية بقيمة 2.4 مليار جنيه
أكد اللواء محمود توفيق، وزير الداخلية، أن الاستراتيجية الأمنية للشرطة ترتكز على استقراء الواقع الأمنى الداخلى ومحيطه الإقليمى، ومواجهة التحديات الناجمة عن الصراعات والمتغيرات بالمنطقة، فى ظل تطور الوسائل التكنولوجية الحديثة.
وأضاف خلال كلمته باحتفال عيد الشرطة الـ73 بمجمع المؤتمرات بأكاديمية الشرطة بالقاهرة الجديدة، أمس بحضور الرئيس عبدالفتاح السيسى، أن «الاحتفال بعيد الشرطة يأتى فى ذكرى يوم تجسّدت فيه روح الانتماء والتضحية عندما بذل رجال الشرطة البواسل دماءهم وأرواحهم، دفاعاً عن الوطن وصون مقدراته أمام قوى الاحتلال، ليصبح علامة مضيئة فى سجل البطولات الوطنية، وتأتى الذكرى اليوم فى عامها الثالث والسبعين، والشرطة المصرية على عهدها وعقيدتها بأن تظل حصناً منيعاً للأمن والاستقرار».
وأضاف: «ترتكز الاستراتيجية الأمنية للوزارة على استقراء الواقع الأمنى الداخلى ومحيطه الإقليمى، ووضع الخطط اللازمة لمواجهة التحديات الناجمة عن الصراعات والمتغيرات التى تشهدها المنطقة، والتى أوجدت بيئة خصبة لمختلف الأنشطة غير المشروعة باتت تُهدد أمن واستقرار الدول فى ظل التطور الهائل للوسائل التكنولوجية الحديثة، والقدرة على تطويعها لارتكاب الجريمة بأنماط جديدة.
ولا تزال فى مقدّمة تلك التحديات آفة الإرهاب ومخططات نشر الفوضى، التى تستوجب اتخاذ أقصى درجات اليقظة فى ضوء محاولات التنظيمات الإرهابية استغلال تراجع الأوضاع الأمنية بالمنطقة فى استعادة قدراتها والتمدّد بالمناطق غير المستقرة، واتخاذها منطلقاً لأنشطتها الهدّامة لتكوين بؤر جديدة ودفعها للقيام بأعمال عنف تستهدف مقدرات شعوبها».
وأضاف «توفيق»: «إن جماعة الإخوان الإرهابية تسعى لإحياء نشاطها عبر التوسّع فى ترويج الشائعات والأخبار المغلوطة، واستقطاب الشباب صغير السن ودفعه للقيام بأعمال غير مسئولة، أملاً فى زعزعة الأمن والاستقرار، فضلاً عن التنسيق مع عدد من ذوى التوجّهات الفكرية الأخرى، من منطلق المصالح المشتركة لتبنى الدعوة لإعادة دمجها فى النسيج المجتمعى، الذى لفظها، لفكرها القائم على العنف والتخريب».
ولفت إلى أن أجهزة الداخلية تواصل جهودها فى الرصد المبكر لتلك المخططات وإحباطها، بضربات أمنية استباقية، وبقطع خطوط ومسارات تمويلها. ونجحت الجهود على مدار العام الماضى، وبمساندة شعبية فاعلة، فى إجهاض الكثير من محاولات تكوينها لبؤر إرهابية وضبط عناصر لجانها الإعلامية والكيانات التجارية التى تستخدمها كواجهات لتمرير الدعم المالى، بلغت قيمتها السوقية (2.4 مليار جنيه)، كما تحرص الوزارة على توضيح الحقائق للرأى العام عبر منابر الإعلام المختلفة وتكثيف برامج التوعية لدى الشباب، لتحصينهم من مخططات إسقاط الدول.
وأشار الوزير إلى أنه «انعكاساً لما تشهده المنطقة من تراجع أمنى، أدى إلى تصاعد ملحوظ لجميع صور الجريمة المنظمة، وعلى رأسها جرائم المخدرات، فقد تمكنت أجهزة المعلومات والمكافحة بالوزارة من إحباط وضبط كميات غير مسبوقة من المواد المخدّرة قُدّرت قيمتها بـ(15.7 مليار جنيه)، كما حالت دون نفاذ كميات ضخمة من المخدرات التخليقية إلى البلاد، تمهيداً لإعادة تهريبها إلى دول أخرى، وتُقدّر قيمتها بـ(28 مليار جنيه)».
وكشف الوزير عن أن الفترة الماضية شهدت نشاطاً لعصابات تهريب المهاجرين على المستويين الإقليمى والدولى، والتى اتخذت فى نشاطها أنماطاً جديدة لتجنّب الرصد الأمنى، لافتاً إلى تمكن الجهود الأمنية من تقويض الهجرة غير الشرعية، انطلاقاً من البلاد، وضبط القائمين عليها، مما لاقى إشادة دولية. وأوضح أن التجربة المصرية فى تطوير مفهوم العدالة الإصلاحية تشهد تحويل المؤسسات العقابية إلى مراكز إصلاح وتأهيل، لاقت نجاحات متميزة فى تحقيق أهدافها، التى ترتكز على عدم عودة ذوى السلوك الإجرامى إلى الجريمة مرة أخرى عقب قضاء العقوبة.
وأكمل: «تحرص الوزارة على التوسّع فى برامج التدريب والتعليم الفنى للنزلاء وتمكينهم من تصنيع منتجاتهم والمشاركة بها فى كبرى المعارض المحلية، بما يعود عليهم بالعائد المادى المناسب أثناء فترة العقوبة، ويُسهم فى سرعة انخراطهم بالمجتمع عقب الإفراج عنهم». وأشار إلى حرص الوزارة على مشاركة تجربتها على المستويين الإقليمى والدولى عبر المؤتمرات وورش العمل المعنية بحقوق الإنسان، ومن خلال استقبال مراكز الإصلاح والتأهيل للكثير من الوفود من الدول العربية والأفريقية والمنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية ومنظمات المجتمع المدنى، للاطلاع على التطبيق العملى للتجربة المصرية التى حظيت بإشادة واسعة فى تلك المحافل.
وأضاف: «انطلاقاً من كونها جزءاً من النسيج المجتمعى للوطن، تولى الوزارة أهمية كبيرة لدورها الاجتماعى والتكافلى لتكريس التلاحم الإنسانى بين الشرطة والمواطنين عبر تقديم مختلف أوجه الدعم لأهالينا من محدودى الدخل، والتوسّع فى استحداث مراكز تقديم الخدمات الأمنية الثابتة والمتحركة لإتاحة تلك الخدمات دون عناء وتقديمها لكبار السن وذوى الهمم بمقار إقامتهم، كما استحدثت الوزارة مراكز الخدمة السريعة التى تستخرج المحرّرات والأوراق الثبوتية لحظياً».
وأكد الوزير أن مبادرة «جيل جديد»، برعاية القيادة السياسية، حققت نتائج متميزة فى الارتقاء بالمستوى الثقافى والفكرى لبراعم المناطق الحضارية، مما أثار إشادات مؤسسات وطنية وإقليمية بتقديم 20 منحة دراسية جامعية مجانية للمتفوقين من طلاب المبادرة، بعد أن لمست إدراكهم بأنهم لم يعودوا فئة مهمّشة، بل أصبحوا جزءاً من المستقبل الواعد لبلادهم.
وتابع: «الإخوة والأبناء.. أعضاء هيئة الشرطة: تحية لكم لما تبذلونه من جهود صادقة وما تقدمونه من تضحيات مخلصة لتحقيق رسالة الأمن السامية التى أقسمتم على الاضطلاع بمسئولياتها من أجل الحفاظ على أمن الوطن وأمان شعبه العظيم، واليوم ونحن فى رحاب تلك الذكرى الوطنية الخالدة، أتوجّه بتحية اعتزاز ووفاء لأرواح شهدائنا الأبرار من رجال القوات المسلحة الباسلة والشرطة الأبية الذين جادوا بأرواحهم فى سبيل وطنهم، مع تمنياتنا لمصابينا بالشفاء والعودة إلى صفوف الواجب».
وتوجّه وزير الداخلية بالحديث إلى رئيس الجمهورية، قائلاً: «ما تشهده مصر من أمن واستقرار إنما هو ثمرة قيادة رشيدة وعزم صادق كى تحتل مصر مكانتها الرائدة بين الأمم، رغم كل المتغيرات المتلاحقة إقليمياً ودولياً، ولم يكن ذلك ليتحقّق إلا بالتمسك بما تنادون به سيادتكم من وحدة الصف وتماسك أبناء الوطن ككتلة واحدة فى مواجهة التحديات، ويجدّد رجال الشرطة العهد لسيادتكم بأن يظلوا فى أتم الاستعداد والجاهزية، ماضين بكل عزم وإصرار فى أداء واجبهم، مدافعين عن أمن مصر، عازمين على توفير المناخ الآمن لشعبها من أجل مواصلة مسيرة التقدم والتنمية».