د. محمد البنا يكتب: ملاحظات أولية في ضوء البيان المالي لموازنة 2024- 2025
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
تبين الموازنة العامة للدولة حجم القطاع الحكومى فى مجمل النشاط الاقتصادى، ويشكل الإنفاق الحكومى جزءاً من مجمل الإنفاق القومى، وتمثل الإيرادات العامة ذلك الجزء المقتطع من دخول الأفراد والمنشآت لصالح الخزانة العامة مضافاً إليه عوائد قطاع الأعمال العام.
وفق البيان المالى لوزارة المالية عن موازنة 2024- 2025 تشكل الإيرادات العامة 15٫4% من الناتج المحلى الإجمالى، بينما تمثل المصروفات العامة 22٫6% من الناتج، وهو ما يشير إلى وجود عجز مالى تبلغ نسبته 7٫3% من الناتج المحلى الإجمالى، يفسر ذلك لماذا ستلجأ الحكومة فى العام المالى القادم للاقتراض العام لسد هذا العجز المتوقع.
وقد عمدت الحكومة فى العام المالى القادم إلى شمول الموازنة العامة للأجهزة الحكومية وموازنة الهيئات العامة الاقتصادية، وكانت النتيجة أن نسبة العجز الكلى للناتج قد انخفضت إلى 7٫1% ، لكن نسبة الدين العام فى الناتج ارتفعت إلى 101٫9% فيما يُعرف بموازنة الحكومة العامة المجمعة.
وتحتل الضرائب العامة مكانة بارزة فى مالية الحكومة، باعتبارها المصدر الأهم فى كل دول العالم لتمويل النفقات العامة، حيث تُعد الضرائب أكثر سبل التمويل مواءمة مع طبيعة النشاط الحكومى، فإذا كانت الحكومة ملزمة بتوفير مجموعة من السلع العامة والخدمات العامة لكافة المواطنين دون مقابل.
كما فى خدمات الدفاع والأمن والعدالة وإنفاذ القانون وحفظ حقوق الملكية ورصف الطرق والشوارع وإضاءتها، وتوفير خدمات الإسعاف والمطافئ والنجدة، وتوفير الدعم والرعاية الصحية للفقراء، وتقديم خدمات التعليم الأساسى للكافة، فإن أنسب الوسائل لتوفير تلك الخدمات تتمثل فى الضرائب العامة، باقتطاع جزء من الدخل وفق المقدرة ودون منفعة مباشرة أو مقابل مباشر.
وتمتاز الضريبة عن وسائل التمويل الأخرى بإمكانية أخذ الظروف الشخصية للممولين فى الاعتبار، وتحقيق اعتبارات المواءمة والعدالة، إضافة لتمتعها بصفة الدورية، حيث تُفرض على الدخل عند اكتسابه، وعلى الإنفاق عند حدوثه، أو الثروة عند تكونها.
ومن ناحية أخرى تُستخدم الضريبة لتحقيق عدد من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الأخرى، مثل اعتبارات العدالة الاجتماعية، حيث تُفرض الضريبة التصاعدية بنسب أعلى على أصحاب الدخول المرتفعة، وتطبق حدود للإعفاء الضريبى على الشرائح الأولى من الدخل لتوفير حد من الدخل اللازم لأعباء المعيشة، كما تُستخدم الضريبة للتحفيز على الادخار والاستثمار بمنح الإعفاءات الضريبية أو التمييز فى السعر.
إضافة إلى أن السياسة المالية للدولة تعتمد بشكل كبير على الضرائب كأداة لتحقيق الاستقرار الاقتصادى، ففى حالات الركود أو الكساد (الركود الطويل) تلجأ الحكومات إلى تخفيض سعر الضريبة، ومن ثم يزيد الدخل المتاح للإنفاق لدى الأفراد فيزيد الإنفاق على الاستهلاك، كما يزيد الدخل المتاح للإنفاق لدى المنشآت فيزيد الإنفاق على الاستثمار، وكلاهما يزيد من الإنفاق الكلى الذى يحفز على مزيد من الإنتاج، ومن ثم يرتفع مستوى التشغيل ويتم التخلص من البطالة والكساد.
وفى حالات التضخم يمكن للحكومة أن تعتمد على السياسة الضريبية لمعاونة السياسة النقدية المسئول عنها البنك المركزى فى مكافحة التضخم من خلال رفع سعر الضريبة على الأشخاص الطبيعيين والشركات، ومن ثم خفض الدخل المتاح للإنفاق فيقل كل من الإنفاق على الاستهلاك والاستثمار، بما يعمل على كبح جماح الارتفاع فى المستوى العام للأسعار (التضخم).
ويعانى واقع الاقتصاد المصرى من تناقض واضح مفاده أن نسبة الضرائب فى مصر تُعد من أقل نسب الضرائب على مستوى العالم، إذ تبلغ فى موازنة العام القادم 11٫8% من الناتج المحلى الإجمالى فى حين يبلغ متوسط نسبة الضرائب للناتج على مستوى العالم ما بين 25- 30% من الناتج، رغم تباين هذه النسبة من دولة إلى أخرى، حيث تبلغ فى الولايات المتحدة نحو 25%، وتصل فى بعض الدول الاسكندنافية (مثل السويد والنرويج) إلى قرابة 50% من الناتج، ومع ذلك يسود اعتقاد خاطئ فى الاقتصاد المصرى بارتفاع العبء الضريبى!
ويعود ذلك لمجموعة من العوامل، أهمها سوء فهم دور الدولة فى النشاط الاقتصادى، فكثير من أفراد المجتمع لديهم تصور خاطئ عن قدرات الحكومة المالية، وعن مصادر الإيرادات العامة، فالذى يملك موارد المجتمع وثرواته هم الأفراد والمنشآت من القطاع الخاص، بما فى ذلك الأراضى الزراعية، والأصول الإنتاجية فى كافة مناحى النشاط الاقتصادى، من زراعة وصناعة ونقل ومواصلات، ومرافق تعليمية ومرافق صحية، وعقارات، ومصانع ومزارع ومتاجر، فى حين لا تمتلك الدولة سوى العدد القليل من موارد الدخل الذاتية مثل شركات قطاع الأعمال العام مثل قناة السويس، وشركات البترول، والمناجم، وكلها تصب فى الموازنة العامة ولا توفر الكثير من الإيرادات كما يتصور البعض.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الأمن القومي اقتصاد مصر الاقتصاد
إقرأ أيضاً:
برلماني يطالب الحكومة بكشف حجم التوفير الناتج عن تطبيق التوقيت الصيفي
تقدم المهندس/ إيهاب منصور، رئيس الهيئة البرلمانية للحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي ووكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، بسؤال برلماني موجه إلى الدكتور / رئيس مجلس الوزراء ، الدكتور / وزير الكهرباء والطاقة المتجددة ، المهندس / وزير البترول والثروة المعدنية ، المهندس / وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية ، الدكتورة / وزير التنمية المحلية ، الدكتور / وزير التعليم العالى والبحث العلمى ، الدكتور / وزير المالية ، بشأن التوفير المالى المتوقع من إعلان الحكومة بدء تطبيق التوقيت الصيفي من ليلة 24 أبريل 2025 .
وتابع: حيث أنه وطبقا لقانون رقم 24 لسنة 2023 فى شأن تقرير نظام التوقيت الصيفى الذى نصت المادة الاولى منه على الآتى :
( المادة الأولى )اعتبارًا من الجمعة الأخيرة من شهر أبريل حتى نهاية يوم الخميس الأخير من شهر أكتوبر من كل عام ميلادى ، تكون الساعة القانونية فى جمهورية مصر العربية هى الساعة بحسب التوقيت المتبع مقدمة بمقدار ستين دقيقة.
وأشار المهندس / ايهاب منصور إلى مشاركته فى اجتماع لجنة الادارة المحلية بتاريخ 29 مارس 2023 بمجلس النواب لمناقشة مشروع القانون المقدم من الحكومة حينها ، بشان تقرير نظام التوقيت الصيفى ( بمقدار 60 دقيقة ).
و ناقشت اللجنة المسئولين فى أسباب إعادة إقرار هذا القانون والذى سبق إلغاؤه عام 2016 بقانون من مجلس النواب وتحدث خلال هذه الجلسة مسئولى ومندوبى وزارة التعليم العالى ووزارة التنمية المحلية ووزارة الكهرباء ووزارة الاسكان ، فيما يخص فوائد هذا التطبيق ( نظريا ).
وتطرق منصور فى كلمته تعقيبا على هذا الامر ، قائلا انه يطلب استيضاح اهمية هذا التغيير ، وما الفوائد التى تعود على الدولة منه وهل سيوفر بالفعل اموال كما ذكر مسئولى الحكومة ام لا ؟ و كم تبلغ هذه الاموال ؟
و من خلال المناقشات حينها اتضح ان ما سيتم توفيره فى قطاع الكهرباء حوالى 147 مليون جنيه فقط لا غير، و قد يصلوا الى 750 مليون جنيه بما يساوى حوالى 15 مليون دولار فقط لا غير.
وأكد منصور أن تلك الجلسة حضرها ايضا مسئولى المركز القومى لبحوث الاسكان والبناء الذين اوضحوا بانه يوجد اكواد تخص البناء تعمل على توفير الطاقة وانه توجد امور غير محسوبة يتم توفيرها مثل تكليف السيارات على سبيل المثال.
وهنا عقب النائب / ايهاب منصور قائلا لا يوجد شئ لا يمكن حسابه ، ويمكن لكم ان تستعينوا ببيانات من وزارة الداخلية باعداد السيارات والقدرة الخاصة بها ( سى سى ) ويمكن حساب قدر التوفير ولو بصورة تقريبية حتى نقف على ارقام ولو تقريبية تساعد فى اتخاذ القرار الان و مستقبلا.
وأشار النائب أيضا ، إلى القانون رقم 35 لسنة 2014 بشان تقرير النظام التوقيت الصيفى والذى تم الغاؤه بقانون رقم 62 لسنة 2016 فى المجلس السابق ، هذا الاقرار وهذا الالغاء يوجد سنتين من 2014 الى 2016 تم العمل بهذا القانون و تم الغاؤه فى 2016 حتى تاريخه وطلب النائب معرفة الارقام والاحصائيات الخاصة بنسب الوفر خلال السنتين من 2014 الى 2016 وهذه النسب من 2016 حتى تاريخه حتى نقف على ارض صلبة فى اتخاذ القرار.
وأشار النائب ايضا إلى حديث مندوبى وزارة التنمية المحلية الذين قالوا ان توفير الطاقة فى انارة الشوارع تم فى 18 حى فى محافظة القاهرة وطالب النائب باحصائيات لهذا التوفير حتى لا يكون الامر كلام مرسل.
واشار منصور إلى نقطة غاية فى الاهمية ، وهى الاهدار فى الطاقة ، فهذا القانون يتحدث عن توفير 1% فقط ، متسائلا ماذا عن ال 22 % اهدار فى الطاقة طبقا للاحصائيات لكن الاهم هو كيفية توفير هذه النسبة من الطاقة المهدرة فى اشياء كثيرة مثل انارة الشوارع نهارا على سبيل المثال.
وأشار النائب إلى أن هذا الاهدار يمثل من 12 الى 15 مليار جنيه سنويا ، وقد اوصت اللجنة فى النهاية بدراسة تاثير تبكير مواعيد العمل ساعة واحدة ، وأيضا طالبت اللجنة الجهات المعنية بموافاتها بالاحصائيات الخاصة بالتوفير قبل عرضه على مجلس النواب.
وبسؤاله عن البيانات المرسلة من الحكومة بهذا الخصوص ، أشار النائب إلى أنه لم يتلقى أي رد من الحكومة منذ عامين.