سيد حسين يكتب: تداعيات حرب غزة.. بوادر انهيار النظام العالمي
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
منذ اندلاع الحرب على الأراضى الفلسطينية، تيقنت أن «طوفان الأقصى» لم تكن مجرد عملية من عمليات المقاومة التى اعتدنا عليها بين الفينة والأخرى، لأن المعطيات أصّلت إلى أن التحرك الحمساوى جسّد ضربة شرقية موجعة فى عقر دار المعسكر الغربى، ما استدعى حالة اصطفاف أوروبى أمريكى مع الكيان المحتل فى بداية الحرب، إلا أن إقدام نتنياهو على ارتكاب مجازر بشعة وسط صمت المجتمع الدولى أماط اللثام عن المواقف المخزية للدول التى اكتفت كعادتها بالتحذير والشجب والإدانة رغم يقينها أن ما أقدمت عليه دولة الاحتلال يمثل بداية لانفراط العقد الدولى وتهديد النظام العالمى.
لقد جسّدت الممارسات الإسرائيلية فى غزة جريمة إنسانية لا تقل فى بشاعتها عما أقدمت النازية على فعله وفقاً لآلة الدعاية الصهيونية، ودفعت الكثير من النظم إلى تغيير منهجها فى التعاطى مع تطورات الحرب، نتيجة لضغط الشعوب، من خلال الاحتجاجات والمظاهرات، لينتهى الأمر بالتعاطى الإيجابى مع مقترح إعلان الدولة الفلسطينية، وذلك لم يكن نتاج الضغوط الداخلية فقط وإنما كرد فعل على سياسات هوجاء باتت تمثل خطراً على الأمن والسلم الدوليين، وسط تحركات صينية روسية محمومة لإعادة حالة الرشد للنظام العالمى الذى بات مهدداً بفعل السياسات الأمريكية الإسرائيلية الخرقاء.
تعمُّد نتنياهو تجاهل القرارات الأممية الصادرة عن مؤسسات تمثل عماد النظام الدولى يؤكد أن رئيس الوزراء الإسرائيلى لا يأبه بالنظام العالمى الذى تتحكم فيه الصهيونية، ووسط استمرار جرائمه اضطرت دول الغرب إلى تغيير منهجها فى التعامل مع الحرب وتداعياتها.
ووصل الأمر إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية من بعض الدول وإقامة علاقات دبلوماسية معها، الأمر الذى سيترتب عليه خلق واقع فعلى على الأرض قد يتغلب فى يوم ما على حق الفيتو الأمريكى الرافض لكل حقوق الفلسطينيين والمؤيد دائماً للعربدة الصهيونية، خاصة بعد تعمُّد نتنياهو عدم الاكتراث للقرارات الأممية وتحقير هذه المؤسسات ليصل الأمر إلى تهديد قضاة المحكمة الجنائية الدولية وابتزازهم حين طالب المدعى العام بإصدار مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ووزرائه، ومن ثم فإن تهديد شرعية النظام الدولى بدأت من البيت الأبيض وتل أبيب اللتين تمثلان الرقم الأول فى معادلة هذا النظام المبنى على القوة.
المعطيات الراهنة على الصعيد الدولى تؤشر إلى ضمور عهد الأحادية، بعد ظهور الصين كلاعب قوى على الصعيد العسكرى والاقتصادى، فضلاً عن استعادة روسيا مجد الاتحاد السوفيتى وعودتها لصدارة المشهد الدولى كند قوى للمعسكر الغربى الذى فقد الكثير من أوراق الهيمنة، بعد تراجع دور المؤسسات فى الدولة الأمريكية العميقة وحتى على الصعيد الإسرائيلى.
وهو ما يتأكد من خلال رصد المنهج الأمريكى فى التعاطى مع الحرب على قطاع غزة، حيث تتحكم فيه أهداف شخصية متعلقة بانتخابات الرئاسة التى تشهد منافسة بين الحزبين الجمهورى والديمقراطى، فدعم بايدن لنتنياهو لم يكن نتاج توافق بين مؤسسات صناعة القرار الأمريكى بدليل غضّ الطرف عن تحركات نتنياهو الساعية لتحقيق هدف شخصى يتمثل فى ضمان استمراره فى الحكم، وهو ما أكدته التحركات الداخلية الإسرائيلية والأمريكية على الصعيدين السياسى والمجتمعى والتى ظهرت فى اختلاف المواقف وتقديم بعض المسئولين استقالاتهم احتجاجاً على هذه السياسات، فضلاً عن المظاهرات المطالبة بإنهاء الحرب، ومن ثم فإن إقدام بايدن ونتنياهو على التعاطى مع الحرب وفق منهج يحقق أهدافاً شخصية يمثل بداية لانهيار النظام العالمى على يد الإسرائيليين والأمريكان.
مع نجاح الدول العربية فى حشد المجتمع الدولى للاعتراف بجرائم الحرب البشعة فى القطاع المنهك من احتلال دام لعقود طويلة، بدأت تل أبيب المناورة كعادتها بتنفيذ خطط ترتكز على الاستهداف العسكرى المباشر خارج الأراضى الفلسطينية (قنصلية إيران بدمشق) إلى جانب الحرب النفسية والدعاية الكاذبة مستغلة عناصرها الموالية، سواء فى مراكز صنع القرار الأمريكى أو فى بعض وسائل الإعلام الدولية، لتشويه صورة مصر وتحميلها مسئولية الأزمة الإنسانية فى قطاع غزة، إلا أنها لم تنجح فى خطة تحويل الأنظار بعيداً عن جرائمها، وسط استمرار الحرب واستنزافها اقتصادياً وعسكرياً، وربما تنتهى الأزمة بتداعيات خطيرة على الاحتلال، إلا أن التداعيات الأخطر تتمثل فى انهيار شرعية النظام العالمى لتكون بداية ظهور نظام جديد قائم على العدالة واحترام المؤسسات الأممية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة الاحتلال فلسطين إسرائيل النظام العالمى
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يهدد باستئناف الحرب في غزة ومواصلة تدمير قوة حماس
هدد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، باستئناف الحرب في قطاع غزة، ومواصلتها حتى تحقيق أهدافها كاملة بما فيها تدمير قوة حركة حماس.
وقال نتنياهو خلال كلمة له أمام الكنيست، إننا "نستعد للمراحل المقبلة من حرب النهضة، ولن نتوقف حتى نحقق كل أهداف النصر، وإعادة كل مختطفينا، وتدمير قوة حماس، وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل".
وانعقدت جلسة الكنيست بعد توقيع 40 نائبا من أصل 120 على استدعاء نتنياهو في جلسة، لمناقشة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في هجوم السابع من أكتوبر لعام 2023.
وتباهى نتنياهو بالأسرى الذين أعادتهم تل أبيب ضمن الصفقات مع حماس، قائلا: "البعض لم يصدق أننا سنعيد حتى واحدا".
وقاطع أعضاء كنيست من المعارضة كلمة نتنياهو في الجلسة العامة للكنيست.
وبعدما توجه نتنياهو في بداية كلمته إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، صاح عضو الكنيست جلعاد كريف من حزب العمل: "هذه عائلات ثكلى! أنت لا تعرف حتى". ورد نتنياهو قائلاً: "أنا أعرف جيدًا ما هي العائلات الثكلى، عار عليكم".
وادعى أن "حماس ترسخت في موقفها السلبي بعد أن تبنت إسرائيل مخطط (المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف) ويتكوف".
وزعم أن حكومته لم تخرق الاتفاق مع حماس، مضيفا: "لدينا خيار العودة إلى القتال اعتبارا من اليوم الثاني والأربعين إذا شعرنا بأن المفاوضات غير مجدية".
ومضى مهددا: "إذا لم تفرج حماس عن مختطفينا فسيكون هناك ثمن لا يمكنهم تخيله".
ولأكثر من مرة اضطر نتنياهو إلى وقف خطابه مع صيحات نواب المعارضة، الذين قال لهم "أنتم تقومون بالضغط علينا وليس على حماس وترددون دعاية حماس أنتم تحرضون ضدنا طيلة الأوقات بأسوأ صورة ممكنة ما يضر بإمكانية إعادة المختطفين، أنتم لا تتوقفون عن بث الفرقة والتحريض".