طموحاتنا في مواسم خريف ظفار.. هل ترى النور؟!
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
د. محمد بن عوض المشيخي **
صناعة السياحة في أي بلد واعد وطموح، تحتاج إلى خططٍ استراتيجيةٍ واضحة المعالم؛ وجهود هائلة من الجهات التي تتولى هذا الملف الاقتصادي والثقافي المُهم، والذي يعد رافدًا تنمويًا للدخل الوطني، وقبل ذلك كله العمل على تحسين المرافق السياحية التي رصدتها الدولة لرؤية "عُمان 2040"، والتي تهدف لأن تتضاعف نسبة مساهمة هذا القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بنهاية سنوات الرؤية، بحيث تسجل 7% من الناتج المحلي، وتنفيذ شبكات الطرق المزدوجة وبعض الجسور التي أصبحت ضرورية لحل مشكلة الاختناقات المرورية في مدينة صلالة، والتي سبق الإعلان عن بعضها في الفترة الأخيرة.
لقد حان تنفيذ هذه المشاريع بأسرع وقت، وعلى وجه الخصوص مشروع ازدواجية شارع السلطان قابوس، الذي يُفترض أن يكون قد تم إنجازه أو على الأقل البدء في العمل بالمشروع الذي رُصدت له مُخصَّصات مالية معروفة ونافذة بأوامر وتوجيهات سامية قبل سنوات، والأهم من ذلك كله الترويج والتعريف الصحيح بالمزايا التي تتميز بها ظفار، ببيئاتها الثلاث: السهول والجبال والبوادي؛ وذلك من خلال زيادة إقامة المعارض الترويجية في المدن الخليجية، ونشر إعلانات قصيرة عبر الصحف والقنوات العربية والخليجية والمنصات الرقمية ذات الانتشار الواسع والمشاهدات العالية، بهدف كسب أكبر عدد ممكن من الزوَّار للمحافظة في الأوقات المناسبة كل عام؛ فمعظم الذين يُخطِّطُون للسفر يحسمون قراراتهم للبلدان والمدن التي يستهدفونها بالزيارة، وذلك قبل بضعة أشهر من الآن، والمدة الزمنية التي يُفترض أن تهدف لها الخطة الترويجية 6 أشهر على الأقل قبل بداية فصل الخريف من كل عام.
ويعد موسم الخريف في محافظة ظفار- الذي تفصلنا أيام عن حلوله- واحدًا من أهم الوجهات السياحية الخليجية والمحلية الواعدة التي تتميز بقربها الجغرافي للسياح في دول مجلس التعاون الخليجي، بالمقارنة بالوجهات السياحية الأخرى البعيدة وما فيها من مخاطر صحية، وتكاليف مالية إضافية؛ مثل دول شرق آسيا وجمهوريات آسيا الوسطى وأوروبا. ولعل الأمن والاستقرار وكرم الضيافة العُمانية الأصيلة والأسعار التنافسية في السكن، من أبرز القيم المُضافة لزوار المحافظة، في هذا الجزء الغالي من سلطنتنا الحبيبة عُمان؛ فالأجواء التي تتميز بها هذه المنطقة عن غيرها من المناطق في شبه الجزيرة العربية استثنائية؛ حيث سقوط الأمطار الموسمية من 21 يونيو وحتى 21 سبتبمر من كل عام، وامتداد البساط الأخضر من صرفيت غربًا إلى مرتفعات سمحان شرقًا على امتداد أكثر من 350 كيلومترًا في أبهى صور الطبيعة الخلابة؛ حيث الشلالات التي تتساقط في العديد من المناطق الجبلية كدربات وكور وعين وجوجب.. كُل ذلك جعل من ظفار تستقطب العام الماضي "موسم 2023" حوالي مليون سائح خلال ثلاثة أشهر فقط. ومن الإيجابيات التي نُفِّذَت الموسم الماضي- وهي مستمرة في المواسم التالية- خفض أسعار التذاكر للمواطنين إلى 54 ريالًا ذهابًا وعودة من مسقط إلى صلالة، كما يطمح الكل أن تَفتح الجامعات والمدارس أبوابها بالتزامن مع نهاية فصل الخريف، وليس في شهر أغسطس كما حصل العام الماضي؛ حيث أربك ذلك الحركة السياحة في ظفار، بينما تتكاتف الجهود لتشجيع السياحة الداخلية بين محافظات وولايات السلطنة.
كذلك يتعين توعية الجميع من المقيمين والزائرين بضرورة المحافظة على الطبيعة والبئية والمراعي الخضراء التي تشكل واحدًا من الكنوز الطبيعية، لضمان استدامة مستقبل السياحة في السلطنة، وعلى الجهات المختصة والتي تهمها استمرارية وصيانة الأشجار والنباتات والمواقع السياحية، أن تنخرط في تشكيل فرق مشتركة من وزارة التراث والسياحة وبلدية ظفار وشركة بيئة وهيئة البيئة، لتنفيذ الحملات التوعوية اللازمة ميدانيًا مع بدء وصول الأفواج السياحية إلى محافظة ظفار، وكذلك الاستعانة بالفرق التطوعية العاملة في هذا المجال مثل (فريق أتين التطوعي) للمحافظة على البيئة، لا سيما المساحات الخضراء، على أن يتم العمل في توزيع هؤلاء الأشخاص في المناطق ذات الكثافة مثل وادي دربات ومرتفعات أتين وسهولها، وفي مرتفعات سمحان وافتلقوت بالقرب من المغسيل. علاوة على تمكين هؤلاء المتطوعين والموظفين من استخدام وسائل الإعلام الحكومية منها والخاصة لتذكير الجميع بأهمية المحافظة على البئية الريفية وكذلك السهول الخضراء.
ولا شك أن مقترح مشروع طريق "المغسيل- ضلكوت" الساحلي الذي يبلغ طوله 60 كيلومترًا، سوف ينقل السياحة في السلطنة نقلة نوعية، إذا ما رأى النور؛ فهناك العديد من الشواطئ الجميلة ذات المناظر الخلابة التي تأسر ألباب الناظرين وتسحرهم في مختلف فصول السنة، خاصة الفزائح وحوطة الشيخ عثمان ورخيوت، والتي تعد بالمجمل مواقع مثالية لإقامة مُنتجعات سياحية وشاليهات لاستقبال الأفواج السياحة من مختلف دول العالم. ويمكن تحويل موقع خيصة (خرفوت) الذي أصبح محمية إلى متحف طبيعي بعد ترميم المباني القديمة المطلة على بحر العرب؛ إذ لا يمكن الوصول إلى هذه المنطقة التي يأتي المغامرون من الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية لزيارتها مشيًا على الأقدام أو عن طريق البحر نظرًا لأهمية (خرفوت) وموقعها الاستراتيجي الفريد في كتابات الرحالة والمستكشفين الجغرافيين عبر التاريخ. لقد تابعنا طوال السنوات القليلة الماضية زوار خريف صلالة من دول مجلس التعاون وخاصة رواد وسائل التواصل الاجتماعي الذين يحظون بمئات الآلاف من المتابعين، عند نقلهم المشاهد والصور الرائعة والتي لا مثيل لها في أي مكان في العالم، وذلك من مرتفعات (شعت ورأس ساجر) في جبل القمر التابع لولاية رخيوت، حيث تعانق أمواج المحيط الهادرة الخلجان الرملية والجبال الخضراء الشامخة التي تتجاوز سويسرا أوروبا في جمال طبيعتها الأخاذ.
في الختام.. نوجِّه نداءً عاجلًا إلى القائمين على هذا الحدث المُهم عبر هذه النافذة الإعلامية: الرسالة الأولى: لا شك أن دربات هي أقونة السياحة في ظفار والمكان الابرز لمرتادي موسم الخريف؛ فالازدحام والاختناق المروري في الطريق إلى الوادي أصبح لا يُطاق، وعليه من الضروري فتح طريق جديد من الجهة الغربية لدربات أو تنفيذ ازدواجية طريق دربات طاقة الحالي.
الرسالة الثانية: تتعلق بالفعاليات المصاحبة لهذا الموسم 2024 بأن تتمحور حول الندوات الثقافية والدينية والمؤتمرات العلمية؛ وذلك لنجعل من خريف ظفار ساحة فكرية تضيف بصمة ثقافية وبُعدًا إبداعيًا لكل مُرتادي المحافظة في هذا الوقت من السنة.
** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزيرة البيئة: مستشفى شرم الشيخ الدولي نموذج للتحول نحو المنشآت الصحية الخضراء
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
استقبل الدكتور أمير التلواني، المدير التنفيذي للهيئة العامة للرعاية الصحية، الدكتورة ياسمين فؤاد، وزيرة البيئة، واللواء الدكتور خالد مبارك، محافظ جنوب سيناء، خلال زيارتهما التفقدية لمستشفى شرم الشيخ الدولي، التابع للهيئة بمحافظة جنوب سيناء.
وتأتي هذه الزيارة ضمن جولة بمدينة شرم الشيخ شملت عددًا من المشروعات البيئية المنفذة في إطار مبادرة "شرم الشيخ الخضراء"، التي أُطلقت خلال مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ COP27، بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، والحكومة اليابانية، ومرفق البيئة العالمية، إلى جانب استثمارات القطاع الخاص، وذلك بالتزامن مع الاحتفالات بيوم البيئة الوطني 2025.
وجاء اختيار مستشفى شرم الشيخ الدولي ضمن الجولة التفقدية لوزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء نظرًا لكونه أول مستشفى أخضر مستدام في مصر وأفريقيا يحصل على الاعتراف الدولي من المنظمة العالمية للمستشفيات الخضراء (GGHH)؛ حيث يُمثل نموذجًا رائدًا في تحقيق معايير الاستدامة البيئية داخل المنشآت الصحية، من خلال تطبيق حلول مبتكرة لإدارة الموارد وتقليل البصمة الكربونية.
وخلال الجولة، أشادت الدكتورة ياسمين فؤاد بجهود الهيئة العامة للرعاية الصحية في دمج الأبعاد البيئية داخل منظومة الرعاية الصحية، مؤكدةً أن مستشفى شرم الشيخ الدولي يُعد نموذجًا يُحتذى به في التحول نحو المنشآت الصحية الخضراء، بما يساهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتعزيز كفاءة استخدام الموارد.
وأوضحت وزيرة البيئة، أن الدولة المصرية مستمرة في تنفيذ مشروعات بيئية رائدة ضمن مبادرة "شرم الشيخ الخضراء"، بالتعاون مع شركاء التنمية، بهدف جعل شرم الشيخ مدينة صديقة للبيئة، مشيرةً إلى أن قطاع الصحة يُعد شريكًا أساسيًا في هذه الجهود، من خلال تبني معايير الاستدامة داخل المنشآت الطبية.
كما أكدت أهمية تعميم تجربة مستشفى شرم الشيخ الدولي كنموذج مستدام في القطاع الصحي المصري، معربةً عن تقديرها لجهود الهيئة العامة للرعاية الصحية في تحقيق التوازن بين تقديم خدمات طبية متميزة والحفاظ على البيئة.
وتعقيبًا على هذه الزيارة، أكد الدكتور أحمد السبكي، رئيس الهيئة العامة للرعاية الصحية والمشرف العام على مشروع التأمين الصحي الشامل، أن الهيئة تعمل وفق استراتيجية متكاملة لتحقيق التحول الأخضر في منشآتها الصحية، بما يتماشى مع توجهات الدولة المصرية في دعم الاستدامة البيئية وتعزيز دور القطاع الصحي في مواجهة التغيرات المناخية.
وأضاف السبكي، أن مستشفى شرم الشيخ الدولي حقق إنجازات بيئية نوعية، من بينها تركيب محطة طاقة شمسية بقدرة 50 كيلو وات، وإنشاء وحدة متكاملة لمعالجة النفايات الطبية بطرق صديقة للبيئة وتقنيات متطورة، ما يعكس التزام الهيئة بتحقيق أعلى معايير الجودة البيئية والاستدامة في تقديم الخدمات الصحية.
وفي ختام الزيارة، سلّم الدكتور أمير التلواني للدكتورة ياسمين فؤاد نسخة من شهادة الاعتراف الدولي بمستشفى شرم الشيخ الدولي من المنظمة العالمية للمستشفيات الخضراء، تأكيدًا على ريادة المستشفى في تحقيق الاستدامة البيئية داخل القطاع الصحي المصري.
كما كان في استقبال وزيرة البيئة ومحافظ جنوب سيناء خلال زيارتهما لمستشفى شرم الشيخ الدولي، الدكتور أيمن رخا، رئيس إقليم القناة ومدير فرع هيئة الرعاية الصحية بجنوب سيناء، إلى جانب عدد من قيادات الهيئة ومدير المستشفى ومسئوليه.
IMG-20250131-WA0008 IMG-20250131-WA0007 IMG-20250131-WA0005 IMG-20250131-WA0004