كيف يؤثر زحف اليمين نحو البرلمان الأوروبي على الجالية المسلمة؟
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
برلين- مع اقتراب انتخابات البرلمان الأوروبي المقرر عقدها بين السادس والتاسع من يونيو/حزيران القادم، تشير استطلاعات الرأي إلى أن أحزاب اليمين، وكذلك اليمين الشعبوي وحتى المتطرف، قادرة على تحقيق تقدم كبير.
ويظهر آخر الاستطلاعات التي أجراها موقع بوليتيكو ارتفاعا في شعبية هذه الأحزاب المناوئة للمهاجرين في أكثر من بلد، خصوصًا ألمانيا وفرنسا، حيث يميل الشباب وتحديدًا الذكور إلى دعم اليمين المتشدد.
وتؤكد إيزابيل شوبن، مديرة "مجموعة سياسات الهجرة"، وهي منظمة مستقلة مقرها بروكسل، أن دول الاتحاد الأوروبي شهدت زيادة في مشاعر كراهية الأجانب في السنوات الأخيرة، وترافق ذلك مع صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة.
وتضيف شوبن للجزيرة نت، أن قضايا الهجرة تم تسييسها إلى حد كبير، واستخدامها من قبل هذه الأحزاب بنية تأجيج التعصب وحتى العنف ضد المهاجرين والعديد من الأقليات.
إيزابيل شوبن ترى أن استطلاعات الرأي تؤثر على التوازن السياسي في تشكيلته الجديدة (الجزيرة) "منعطف خطير"في انتخابات البرلمان الأوروبي عام 2019، فازت مجموعة "حزب الشعب الأوروبي" بالمركز الأول، بحوالي 20% من المقاعد، بعد حصول المجموعة على أكثر من 41 مليون صوت. وتتكون من أحزاب في وسط اليمين، كحزب الشعب النمساوي، والتحالف المسيحي الديمقراطي الألماني، والجمهوريين الفرنسيين.
واتخذت جلّ هذه الأحزاب مواقف متشددة تجاه الهجرة في الآونة الأخيرة بهدف سحب البساط من اليمينيين الشعبويين، الذين حققوا المركز الخامس في تلك الانتخابات بحوالي 20.9 مليون صوت، ضمن مجموعة "الهوية والديمقراطية"، التي ضمت حزب "ليغا" الإيطالي، والحرية النمساوي، و"البديل من أجل ألمانيا"، و"الجبهة الوطنية" الفرنسي، و"الحرية" الهولندي، وكلها أحزاب عُرفت بمواقف معادية للمهاجرين المسلمين.
لكن طموح الشعبويين تعرّض لضربة قوية هذا العام، بعد طرد أعضاء حزب "البديل" الألماني، على خلفية فضيحة اكتشاف جاسوس صيني بين وفده. ومع ذلك فحظوظ الأحزاب المعادية للمهاجرين لا تزال قائمة لتحقيق أرقام قوية.
ويعترف منير ساطوري، وهو عضو فرنسي داخل البرلمان الأوروبي عن مجموعة الخضر، ومن أصول مغربية، أن صعود الأحزاب المحافظة واليمينية واليمينية المتطرفة يهدد البرلمان الأوروبي، كما أن فقدان زخم الأحزاب اليسارية أو الوسطية سيؤثر بشكل خطير على الاتحاد.
ويقول ساطوري للجزيرة نت، إن الاتحاد الأوروبي لا يخاطر فقط باتخاذ منعطف خطير مناهض للهجرة والحرية، ويهدد حقوق التظاهر وحقوق الأقليات والحقوق الفردية في مثل هذه الظروف، ولكنه أيضا يؤثر على الحقوق الاجتماعية والبيئية.
منير ساطوري يعتبر أن الجوار الأوروبي سيكون ضحية لصعود الأحزاب اليمينية (الجزيرة) أوروبا مسيحيةتتهم أحزاب أقصى اليمين المسلمين بتهديد القومية المسيحية في القارة، فزعيم حزب الحرية الهولندي خيرت فيلدرز، سبق أن طالب بشكل واضح بإغلاق الحدود في وجه المهاجرين المسلمين، وقدم عام 2018 مشروع قانون لإغلاق المساجد في البلد، ورغم أنه فاز مؤخرا في الانتخابات التشريعية، فإنه تراجع جزئيا عن مواقفه لأجل تشكيل الحكومة بعد فوز حزبه بالمركز الأول.
أما حزب "البديل" الألماني فقد صرّح بوضوح أن "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا" بل و"يتنافى مع الدستور"، وأن "البلاد مهددة بالأسلمة"، بينما قال ماتيو سالفيني زعيم حزب "ليغا" الإيطالي إن المهاجرين المسلمين ينشرون "معاداة السامية" في بلاده، داعيا إلى التحرك لمواجهة ما أسماها "خلافة إسلامية" في القارة، ما لم ينجح القوميون في الوصول للسلطة.
ورغم أن جلّ الأحزاب اليمينية المتشددة تتحدث عن "الهوية" المسيحية، وتضعها شعارا لمجموعتها في البرلمان الأوروبي، فإن البروفيسور كاي حافظ، أستاذ أبحاث الإعلام في جامعة إرفوت، يؤكد أن هذه الأحزاب تريد إغلاق أوروبا ومنع الهجرة إليها، وأنها "عدوة للمجتمع المتعدد الثقافات"، لافتا في حديثه للجزيرة نت إلى أن أساسهم أيديولوجي عنصري لا ديني مسيحي.
كاي حافظ يقول إن صعود الشعبويين اليمينيين والمتطرفين سيشكل خطرا على المسلمين (الجزيرة) خطر على المسلمينتحاول هذه الأحزاب بعث رسائل مفادها أنها لن تتبنى سياسات إقصائية ضد المسلمين داخل البرلمان الأوروبي، بحثًا عن محاولة قبولها وتقليل معارضتها من طرف بقية المجموعات السياسية داخل البرلمان.
لكنها مع ذلك لم تتخلّ عن أساس خطابها، وخصوصا أنه يجلب لها ناخبين جددا يتخوفون مما يرونه تزايدا في عدد المهاجرين، وخصوصا المسلمين منهم. وكنتيجة لذلك، تتوسع قاعدتها داخل البرلمانات المحلية والأوروبية، مما يلزم بقية المجموعات السياسية بالتعاون معها.
ويؤكد كاي حافظ أن صعود الشعبويين اليمينيين والمتطرفين سيشكل خطرا على المسلمين، وأن هذه الأحزاب والحركات ترى في الإسلام عدوا رئيسيا لها، وتوقع تقييدا أكبر للهجرة من الدول الإسلامية وللحريات الدينية كنتيجة لفوزها، وهو ما سيؤدي إلى ارتفاع الهجمات اللفظية والجسدية ضد المسلمين.
بينما تعتبر إيزابيل شوبن، أن ما تقدمه استطلاعات الرأي من توقعات مقلقة بصعود المتطرفين إلى البرلمان الأوروبي، من شأنه التأثير على التوازن السياسي في تشكيلته الجديدة، وقد تجعل من الصعب عليه تعزيز سياسات الإدماج واحترام حقوق الإنسان.
ومنذ سنوات، يجتهد اليمينيون المتشددون داخل البرلمان لأجل عرقلة الوصول إلى قرارات تمنع الكراهية ضد المسلمين، أو تحقق مطالبهم.
ويرى بعض هؤلاء الأعضاء، ومنهم الفرنسي جون بول غارو، أن إصدار هذه القرارات، كالحق في ارتداء الحجاب، يمثل أداة لتعزيز انتشار الإسلام في أوروبا، دون إدانة ما يقول إنها "انتهاكات" يتسبب بها الإسلام، بحسب سؤال كتابي تقدم به لمجلس أوروبا عام 2022.
ولا يتوقف الخطر هنا، إذ يعتقد منير ساطوري، أن سياسات الجوار ستكون كذلك "ضحية" لصعود هذه الأحزاب؛ إذ سيدفع نجاحها قيادة الاتحاد إلى اتخاذ إجراءات لا تعكس القيم الأوروبية، ومن ذلك التعديلات التي أجرتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بخصوص تونس ومصر، حيث يتم توزيع الأموال دون شرط احترام حقوق الإنسان، في إشارة منها إلى التعاون في مجال مراقبة الهجرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البرلمان الأوروبی داخل البرلمان أحزاب الیمین هذه الأحزاب
إقرأ أيضاً:
نهيان بن مبارك يشارك الجالية الهندية احتفالية مهرجان “ديوالي”
شهد معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وسعادة سنجاي سودهير، سفير جمهورية الهند لدى الدولة، وعدد من المسؤولين ونخبة من الدبلوماسيين والشخصيات الاقتصادية والاجتماعية من الجالية الهندية في الدولة، احتفالية أبناء الجالية الهندية بالدولة بمهرجان الأضواء “ديوالي”، وذلك في حديقة زعبيل بدبي.
استقطبت الاحتفالية أكثر من 60 ألف شخص، ونظمته منصة “الإمارات تحب الهند” بدعم من المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات، ومشاركة “شرطة دبي”، احتفاء بوحدة وتنوع ومواهب المجتمع الهندي وأبنائه في دولة الإمارات، وإبراز خصوصية المجتمع الهندي بثقافته وفنونه وموسيقاه وفلكلوره الشعبي، بما في ذلك مذاقات الأطعمة والأزياء وأشكال الموروث الهندي المتنوع، تحت مظلة واحدة، حيث تعزز الفعالية العلاقات الاجتماعية بين أفراد الجالية الهندية في الدولة، وتبرز أواصر التعاون بين الشعبين الصديقين والعلاقات التاريخية الوثيقة والمتجذرة التي تربط بينهما.
وقال معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان ” أعبر عن سعادتي الكبيرة بالعلاقات الوثيقة والودية التي تجمع دولة الإمارات والهند. ويسعدني أن تكون احتفالات مهرجان الأضواء “ديوالي” هذا العام رمزاً لتقديرنا العميق للثقافة والفنون وأسلوب الحياة العريق الذي يتميز به الشعب الهندي”.
وأضاف معاليه أن احتفالنا هذا المساء لا يقتصر على مناسبة مهرجان الأضواء فحسب، بل هو أيضاً احتفاءٌ بالعلاقة المتميزة من الصداقة والثقة التي تجمع بين دولتي الإمارات والهند وفي ظل القيادة الرشيدة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، “حفظه الله”، نفخر بأن تكون الهند شريكاً استراتيجياً لدولة الإمارات.
وقال “ لقد تم تأسيس تاريخ طويل من التعاون والتآخي أواصر قوية بين بلدينا، ومع تقدمنا معاً نحو المستقبل بكل ثقة، فإننا على يقين بأن روابطنا ستزداد متانةً وتعمقاً وأؤمن بأن المستقبل سيشهد حضوراً أكبر للهند في الإمارات، كما سيشهد مزيداً من الامتداد الإماراتي في ربوع الهند”.
وحظيت الاحتفالية بحضور كبير من جانب الأسر والعائلات من أبناء الجالية الهندية المقيمة بالدولة، والتي أقيمت في حديقة زعبيل بدبي، وتناولت التنوع الثقافي للهند، وخصوصية المجتمع الهندي بثقافته وفنونه وموسيقاه وفلكلوره الشعبي، وتنوع مواهب الجالية الهندية المقيمة في الإمارات، ووحدة انتمائه الثقافي، والتفاعل والمساهمة الإيجابية الفاعلة للجالية في مسيرة التنمية المستدامة التي تشهدها دولة الإمارات.
وشهدت الاحتفالية تكريم عدد من الشخصيات الرائدة وأصحاب الإنجازات النوعية من أبناء الجالية الهندية الذين قدموا من خلال عطائهم على أرض الإمارات نموذجاً للتميز والنجاح في عدد من المجالات.
وكرم معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، كلاً من هاريش طاهلياني المدير العام لشركة توابل العرب والهند، ونيليش فيد، رئيس مجموعة أباريل، ونيشا جاغتياني مدير إدارة مجموعة لاند مارك بالإنابة عن ورينوكا جاغتياني، رئيسة مجموعة لاند مارك، وبنكج غوبتا- المؤسس المشارك والمدير التنفيذي المشارك لشركة الخليج للاستثمار الاسلامي، ورضوان سجان مؤسس ورئيس مجموعة دانوب، وكيبي بشير، رئيس مجموعة ويسترن إنترناشيونال، وعاطف رحمان مؤسس ورئيس أورو 24 للتطوير العقاري وكومال تشابريا وزير مدير إدارة مجموعة جامبو للاكترونيات بالإنابة عن فيديا شابريا، رئيس مجموعة جامبو للالكترونيات، وسوني فاركي، المؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة جيمس للتعليم، وغيريش جيثواني، المدير العام لمجموعة جي بي، وسيدهارث بالاشاندران رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة بويميرك، والدكتور سوريندر سينج كانداري، رئيس ومؤسس مجموعة الدبوي.
وتستند العلاقات الوثيقة بين دولة الإمارات وجمهورية الهند إلى تاريخ طويل يتّسم بالحرص المشترك على تعزيز الشراكات الاستراتيجية بين البلدين، ويحظى تعزيز وتطوير العلاقات المشتركة باهتمام كبير من البلدين، حيث يرجع تاريخ إنشاء العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى عام 1972، ومنذ ذلك التاريخ بذل الجانبان جهودا مخلصة وملموسة في تعزيز علاقاتهما الثنائية، وهو ما تجلى في توقيع أكثر من 96 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.
وشكلت زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله” إلى جمهورية الهند في يناير 2017، نقلة نوعية في العلاقات الثنائية بين البلدين، إذ شهدت التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة إلى جانب 13 اتفاقية ومذكرة تفاهم أخرى بين البلدين في مجالات مختلفة.
في المقابل، قام دولة ناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند، بأول زيارة إلى دولة الإمارات في أغسطس 2015 تلتها بعد ذلك 6 زيارات أخرى في فبراير 2018، وأغسطس 2019، ويونيو 2022، ويوليو 2023، وديسمبر 2023، وفبراير 2024.
وبلغت العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات وجمهورية الهند آفاقا جديدة في فبراير 2022، وذلك من خلال بيان الرؤية المشتركة بين البلدين، حيث اتفق الجانبان على تعزيز الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين، وبالتحديد في مجالات الاقتصاد، والثقافة، والطاقة، والعمل المناخي، والطاقة المتجددة، والتقنيات والمهارات، والأمن الغذائي والصحة، والتعليم، والمشاركات الدولية والدفاع والأمن.