أكد تحليل نشره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، أن قائد تنظيم القاعدة الجديد في اليمن "سعد العولقي" حريص على انتهاج ذات التعامل في استمرار العلاقة الجوهرية مع ميليشيا الحوثي- ذراع إيران، وتنفيذ الاتفاقيات المبرمة بين الطرفين خصوصاً في جانب تجنب المواجهة بين الجانبين توجيه النهج العسكري صوب المحافظات الجنوبية.

وأوضح التحليل الذي أعده الباحث عاصم الصبري، بأن التنظيم مستمر في عدم خوض أية معارك مفتوحة مع جماعة الحوثيين رغم الضغوطات التي يتعرض لها التنظيم من قبل الحوثيين بشأن استئناف العمليات الداخلية في الجنوب، وعدم تنفيذ أي عمليات نوعية ضد أهداف غربية في اليمن لتجنب مزيد من التوترات مع الولايات المتحدة والتي تعتبر في ذروتها أساساً بسبب الهجمات في البحر الأحمر.

وأشار التحليل إلى أن "قيادة العولقي لن تغير السياسة العسكرية للتنظيم في المناطق المحررة، وترتكز هذه السياسة على تجنب فتح أي جبهات قتال مع مختلف القوات الأمنية والعسكرية الموالية لمجلس القيادة الرئاسي، في الوقت ذاته الرد بقوة في حالة بدأت القوات الحكومية باستهداف عناصر التنظيم".

التحليل حمل عنوان "ملابسات رحيل باطرفي وتنصيب أمير جديد لقاعدة اليمن: ماذا بعد؟" وركز على تقديم خلفية موجزة عن مسيرة صعود القياديين خالد باطرفي وسعد العولقي إلى قمة هرم التنظيم في اليمن. وكذا شرح طبيعة العلاقة التنافسية التي جمعت بينهما خلال السنوات الأخيرة. كما ركز التحليل على ملابسات رحيل باطرفي ومسار تنصيب العولقي وانعكاسات ذلك على السلوك المستقبلي والتوجّه الاستراتيجي لتنظيم القاعدة في اليمن، وذلك بالاستناد إلى المعلومات الحصرية التي تم الحصول عليها من ثلاثة مصادر جهادية رفيعة داخل التنظيم، إضافة إلى قيادي جهادي سابق في قاعدة اليمن ومصدرين محليين مقربين من التنظيم، وبالاستعانة أيضا بالتقارير والأخبار والدراسات المنشورة.

وفاة غامضة لـ"باطرفي"

في 10 مارس/ آذار 2024، أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وبشكل مفاجئ، وفاة زعيمه خالد باطرفي وتنصيب القيادي سعد العولقي خلفا له. لم يفصح بيان القاعدة الرسمي الذي ألقاه القيادي الجهادي خبيب السوداني، عن أي تفاصيل إضافية حول سبب وفاة باطرفي، ولعلها المرة الأولى التي يلف فيها كل هذا الغموض خبر رحيل أحد زعماء القاعدة.

وفقا لما أورده التحليل من معلومات: شهدت الحالة الصحية لخالد باطرفي تدهورا مستمرا منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2023. بالعادة، لا تتلقى قيادات التنظيم الرفيعة العلاج إلا من خلال اللجنة الطبية التابعة للتنظيم، ولكن حين تكون الحالة الصحية مستعصية يُضطر التنظيم لإسعاف قياداته إلى أفضل مستشفى متاح وقريب من ملاذاتهم الآمنة. خلال الأربعة الأشهر الأخيرة من حياته اضطر التنظيم إلى إسعاف باطرفي مرتين لأحد المشافي الواقعة خارج ملاذات التنظيم الآمنة بسبب مشاكل في الكبد.

وأشار التحليل إلى أن باطرفي تعرض لانتكاسة شديدة أدت إلى تدهور حالته الصحية بصورة مضطردة ما أدى إلى وفاته، وبحسب القيادات الرفيعة في التنظيم التي تم الاستعانة بها كمصادر، يتراوح تاريخ وفاته بين (28 فبراير و1 مارس) الماضيين.

وأوضح التحاليل أنه لم يُعرف بشكل دقيق طبيعة المرض الذي ألمّ بباطرفي، حيث ذكر بعض المقربين منه أن الرجل لم يكن له تاريخ مَرضي متصل بالكبد، ولعل هذا ما دفع عددا من قيادات الصف الأول إلى عدم قبول رواية "وفاته لأسباب طبيعية" خاصة أن موته كان مفاجئاً، وفي مقدمتهم المسؤول الأمني إبراهيم البنا الذي ساورته الشكوك بتعرّض زعيم القاعدة لعملية تسميم منذ أن تم إسعافه في المرة الأولى. ومع مرور الوقت، بدأت هذه الشكوك تساور القيادات الجهادية الأخرى.

تصفيات داخلية

فبعد أيام من وفاة باطرفي، جرى الإعلان عن مقتل القيادي الجهادي سليمان بن داؤود الصنعاني في حادث مروري تعرض له في إحدى الطرق الرابطة بين محافظتي أبين وشبوة جنوبيّ اليمن، علماً أن الصنعاني يُعدّ من أبرز العناصر الميدانية للقاعدة وأحد الخبراء المسؤولين عن سلاح الطيران المسير، والمحسوبين من ضمن دائرة نفوذ سيف العدل، القيادي المصري المقيم في إيران والزعيم الفعلي الحالي لتنظيم القاعدة.

وفي منتصف مارس 2024، نَشب حريق كبير بأحد المنازل الواقعة في ريف محافظة مأرب كان يتخذه نجل سيف العدل، المكنى “ابن المدني”، مقرا مؤقتا لإقامته، وأسفر هذا الحريق عن إصابته ووفاته بعد بضعة أيام.

وأكد التحليل الذي أعده الباحث عاصم الصبري أن تسلسل حوادث الوفيات المفاجئة ساهم في تغذية الشكوك بوجود نمط من عمليات الاغتيال، لكن المصادر من داخل التنظيم قالت إن الزعيم الجديد لقاعدة اليمن سعد العولقي لا يبدو منشغلاً بالتحقيق في صحة هذه الفرضية، وهو ما يختلف عن التوجّه السابق للقيادة حين وجّه قاسم الريمي رسميا بتشكيل لجنة أمنية للتحقيق في ملابسات اغتيال الوحيشي وتحمُّل المسؤولية عن أية أوجه قصور أو إخفاقات.

تنافس قديم 

عقب مقتل زعيم تنظيم القاعدة قاسم الريمي، بغارة أميركية في 31 يناير 2020، تحدّت قيادة القاعدة كافة الظروف الأمنية المحيطة بها في اليمن بسبب الحرب والملاحقة المستمرة من الولايات المتحدة، ودعت أعضاء مجلس شورى التنظيم إلى الاجتماع بشكل عاجل في مقرها الحصين -آنذاك– بمحافظة البيضاء، لتعيين خليفة له.

وفقاً للتحليل الذي نشره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية انصب التركيز على اسمين رئيسيين: سعد العولقي وخالد باطرفي، حيث تم إدراجهما في نفس الشهر على قائمة برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأمريكية. وشهدت الأوساط الجهادية داخل التنظيم استقطابا حادا بين أنصار المرشّحيْن، واستغرقت مداولات ونقاشات مجلس شورى التنظيم نحو ثلاثة أسابيع للتوصل إلى قرار. في البداية، كانت التوقعات تصب في مصلحة العولقي، كونه امتدادا طبيعيا لتقليد الزعامة اليمنية داخل تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي تكرّس في حقبة الوحيشي والريمي. كما كان ترشيح العولقي، بحُكم نشاطه الميداني وصلاته التنظيمية، موضع توافق واسع على مستوى القيادة العليا للقاعدة، وعلى مستوى العناصر والمجندين العاملين على الأرض.

إلا أن الأمور لم تَسر وفق التوقعات، فَقد ظهر تحالف تنظيمي ضم ثلاثة تيارات وازنة عملت على ترجيح كفة باطرفي: تيار السعوديين والحضارم بقيادة حمد التميمي (وهو من أعلن بيان تنصيب باطرفي في 23 فبراير 2020)؛ وتيار المصريين بقيادة إبراهيم البنا؛ و أخيرا رجال الزعيم السابق قاسم الريمي وحلقته المقربة بقيادة عمار الصنعاني. سيتضح لاحقا أن مهندس هذا التحالف الثلاثي من خلف الكواليس كان "سيف العدل"، القيادي المصري المقيم في إيران والزعيم الفعلي الحالي لتنظيم القاعدة.

وأكدت التحاليل أن التحالف الثلاثي لم ينجح بترجيح فرص باطرفي وحسب، بل قوّض لاحقا دور العولقي في صناعة القرار داخل التنظيم. ومنذ ذلك الحين، انتهج العولقي موقفا رماديا إزاء القيادة الجديدة، إذ لم يتوانَ عن معارضة الكثير من قراراتها وانتقاد توجهها الاستراتيجي، لكنه في الوقت نفسه لم يتخذ أي موقف عدائي صريح يهدد شرعية باطرفي، ولم يُقدم على أي تحركات انشقاقية تُهدد وحدة التنظيم الداخلية.

صراع القيادة 

التحليل كشف من خلال مصادره التي اعتمد عليها عن خلافات شديدة كانت بين باطرفي والعولقي، وعن الدور الذي لعبه القيادي خبيب السوداني كَمُطفئ للحرائق لتلك الخلافات؛ فَكلما اشتد الخلاف الثنائي، بادر إلى التوسط ودعوة الرجلين إلى لقاء مغلق في مكان آمن لإجبارهما على الحوار. استمرت آلية فض الخلاف هذه على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وأنقذت التنظيم عمليا وصانته من خطر الانقسام.

وأشارت المعلومات الواردة في التحليل إلى أن آخر لقاء مباشر بين الرجلين (باطرفي والعولقي) كان في يناير 2024، حيث احتدم حينها النقاش حول بعض القضايا التنظيمية والمالية دون الوصول إلى أية نتيجة. في نهاية فبراير، تلقى العولقي دعوة من السوداني لمشاورات عاجلة في أحد ملاذات التنظيم الآمنة بمحافظة مأرب، وحين وصل العولقي إلى هناك تفاجأ أن سبب الدعوة لم يكن مصالحته مع باطرفي، بل تحضيره لتسلّم زمام القيادة.

أكد التحليل أن سعد العولقي، لقي إجماع حوله داخل مجلس شورى التنظيم وبين مختلف الأجنحة المتنافسة، وهو ما لم يكن متوقعا على الأرجح. فَالفترة الزمنية الفاصلة ما بين وفاة باطرفي ومبايعة العولقي لم تتجاوز الأسبوع، وهي مُقاربة للمدة الزمنية التي فصلت بين وفاة الوحيشي وتنصيب الريمي في 2015 (التي لم تتجاوز آنذاك 5 أيام)، بخلاف المدة الزمنية الطويلة الفاصلة بين مقتل الريمي وتنصيب باطرفي التي استغرقت أكثر من 20 يوماً.

بحسب المعلومات إن القيادي خبيب السوداني -الذي تولى مهام القيادة مؤقتا مع اشتداد مرض باطرفي وخلال الأيام التي تلت وفاته- العقل المدبر وراء الانتقال السلس لزعامة التنظيم، وذلك باعتباره عضو القيادة العامة للتنظيم في اليمن وكذلك عضو مجلس شورى التنظيم. خلال هذه الفترة تحول السوداني من مطفئ للحرائق إلى صانع للأمراء، ولعب دورا محوريا في صياغة الإجماع حول العولقي.

الانخراط في التنظيم 

انضم سعد العولقي –المتحدرة أصوله من شبوة- إلى تنظيم القاعدة في سن مبكرة وحظي بمكانة مُقربة من الزعيم المؤسس لفرع اليمن ناصر الوحيشي، حيث تشرّب نهجه التنظيمي والاستراتيجي القائم على ما يُعرف أحياناً بـ“يمننة قاعدة الجهاد” من خلال تعزيز علاقات التنظيم التحالفية مع الحواضن المحلية والقبلية، وتعزيز دور القيادات اليمنية على حساب الأجانب وتعظيم استقلالية الفرع اليمني عن القيادة المركزية للتنظيم، باعتبار ذلك السبيل الأنجع لتحقيق المرونة الهيكلية بما يسمح للفرع بالتكيف مع شتى الظروف الأمنية.

في 2011، كان العولقي أحد المؤسسين لتنظيم “أنصار الشريعة” -الظهير المحلي لتنظيم القاعدة- ثم تولى ولاية شبوة لمدة خمسة أعوام، حيث أُسندت إليه في نفس التوقيت العديد من المهام التنظيمية والعسكرية في المحافظات المجاورة (أبين، البيضاء، مأرب، وحضرموت). وقد دفعه هذا بقوة إلى الترقي ليصبح عضو القيادة العامة لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وعضو مجلس شورى التنظيم عام 2015 تقريباً.

خلال حقبة قاسم الريمي، لم يبرز أي منافس حقيقي أمام العولقي سوى الجهادي السعودي/ اليمني الأصل خالد باطرفي، الذي رجَحت كفته نظرا لشبكة تحالفاته التي ساندته. بدأ دور العولقي في صناعة القرار بالتراجع خلال حقبة باطرفي، فرغم أنه ظل قطبا مهما في توازنات القوى الداخلية للتنظيم إلا أنه لم يَعُد بنفس درجة التأثير، بل برزت على الساحة الجهادية نخبة قيادية جديدة من نفس جيل العولقي بدا أن لها نفوذا أكبر، ومن أبرز هذه الأسماء “حمد التميمي، عمار الصنعاني، حسان الحضرمي، وعبد الواحد النجدي”. شكل هؤلاء الأربعة خلية قيادية في تنظيم القاعدة كانت مسؤولة عن العمليات النوعية الخارجية والداخلية، ولعبوا دورا مهما في ترجيح الكفة لصالح تنصيب باطرفي، وبالتالي كان من المنتظر أن يلعبوا دورا محوريا في تنصيب خليفته. لكن القدر كان حليف العولقي، حيث تمت تصفية جميع أعضاء هذه الخلية بغارات أمريكية على مدار الأعوام الثلاثة الماضية، وساهم هذا الفراغ القيادي في تسهيل انتقال الزعامة إليه في 2024.

دعم إيراني 

وأوضح التحليل أن هناك عاملا آخر مهما ساعد العولقي على تولي قيادة تنظيم القاعدة، وهو نفوذ سيف العدل، المقيم في إيران. فرغم أن القيادي المصري العدل استطاع خلال السنوات الأخيرة بسط نفوذه على فرع تنظيم القاعدة في اليمن من الخارج، لم يستطع إحكام سيطرته المطلقة على كامل مفاصل التنظيم من الداخل. فخلال فترة باطرفي تم الاعتماد على شخصيتين محوريتين لمساعدته (حمد التميمي وعمار الصنعاني)، حيث كان هذان القياديان محل توافق مشترك بينه وبين سيف العدل.

في مارس 2022، قُتل عمار الصنعاني القائد العسكري للقاعدة بغارة أمريكية، واقترح سيف العدل تعيين نجله “ابن المدني” محلّه كمسؤول عن اللجنة العسكرية للتنظيم، إلاّ أن باطرفي تهرّب وكلّف أبو علي الديسي (مسؤول اللجنة الشرعية) كي يغطي مكان الصنعاني.

في فبراير 2023، تمت تصفية قيادي رفيع آخر وهو حمد التميمي في غارة أمريكية، علماً بأن التميمي كان يتولى ثلاثة مناصب حساسة: عضو القيادة العامة لتنظيم القاعدة في اليمن؛ ومسؤول خلية العمليات النوعية الخارجية؛ ومسؤول اللجنة الإعلامية. بعبارة أخرى، كان هو فعلياً الرجل الثاني في التنظيم بعد باطرفي.

مجدداً، ضغط سيف العدل بقوة لنقل صلاحيات حمد التميمي إلى نجله، وفعلا تم تسليم “ابن المدني” بعض المهام المتصلة بالعمليات الخارجية، إلاّ أن باطرفي قام بتعيين أحد المقربين منه على رأس اللجنة الإعلامية، بينما ظل موقع التميمي في القيادة العامة للتنظيم شاغرا.

التحليل كشف عن تزايد الخلافات بين سيف العدل المقيم في إيران وباطرفي بهدف السيطرة التنظيمية، وبرزت شدة الخلافات خلال شهري مارس وأبريل، فقد قادت المجموعة المصرية حراكا داخليا يدعو إلى إعادة هيكلة تنظيم القاعدة وتقليص صلاحيات باطرفي. بالمقابل، لوّح باطرفي بأنه قد يتحالف مع سعد العولقي ويوقف العمليات الداخلية في جنوب اليمن (ضد قوات الحكومة والمجلس الانتقالي الجنوبي) وأنه سيعيد النظر في استراتيجية التحالف مع إيران، وقد يستأنف العمليات الداخلية ضد جماعة الحوثيين.

وأكد التحليل أن التجاذب بين باطرفي والعدل لم يستمر طويلا، إذ برزت ملامح تسوية داخلية تضمنت إبقاء التنظيم على نفس سياسات سيف العدل، مقابل الدعم الكامل لصلاحيات باطرفي القيادية. سرعان ما تجلت مفاعيل هذه التسوية في مايو 2023، حين تحصّل تنظيم القاعدة لأول مرة على سلاح الطائرات المسيرة كتتويج لتقاربه مع جماعة الحوثيين.

بالمقابل، وجّه باطرفي بتكثيف العمليات العسكرية في جنوب اليمن وتوسيع بنك الأهداف ليشمل قيادات رفيعة كان أبرزها “عبداللطيف السيد” قائد الحزام الأمني التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي في أبين، والذي قُتل في أغسطس 2023. إضافة إلى ذلك، استأنف التنظيم عملياته الأمنية في تعز ومأرب وحضرموت، وهو ما اعتبره مراقبون عودة قوية لنشاط التنظيم بعد فترة من التقوقع.

أهداف المرحلة الانتقالية  

أكد التحليل أن عام 2024 –في الغالب– سيكون بمثابة مرحلة انتقالية بالنسبة للقيادة الجديدة للتنظيم، حيث سيركز سعد العولقي خلالها على ثلاث أولويات مهمة: تتمثل الأولى في الإمساك بمفاصل التنظيم (القيادة العامة للتنظيم، والتي تضم أمير التنظيم و6- 8 قادة آخرين يتشاركون معه صناعة القرار؛ واللجان التنفيذية العسكرية، المالية، الإعلامية، الأمنية، وكذلك المعنية بالعمليات الخاصة؛ وأمراء المناطق والمحافظات). حتى الآن، ما تزال الجهات الثلاث في التنظيم إما شاغرة، أو تحت سيطرة قيادات موالية لباطرفي أو موالية لسيف العدل، وبالتالي سوف يتعين على العولقي إما كسب ولاء القيادات الحالية أو تعيين قيادات جديدة موالية له.

وترتكز المهمة الثانية هي إصلاح العلاقة المتوترة للتنظيم مع الحواضن الاجتماعية والقبلية لا سيما في محافظتي أبين وشبوة. كان أحد أسباب تحفظ العولقي على نهج باطرفي في استئناف العمليات العسكرية جنوبا هو الخوف من إدخالهم في مواجهة مع القبائل. وبرز ذلك قبول الرجل بالوساطات القبلية التي تم رفضها أثناء فترة قيادة باطرفي بشأن إطلاق مختطفين لدى التنظيم من أبناء القبائل. تُمثل هذه الواقعة مؤشرا مهما على الأرجح لاستشراف نهج القيادة الجديدة إزاء الحواضن “القبلية السنية” لا سيما في مأرب وشبوة وأبين، إلاّ أن العولقي قد يواجه مشكلة في استعادة الثقة مع قبائل محافظة البيضاء لأن ذلك سيتطلب منه مواجهة الحوثيين.

ثالثاً، تجنب أي صدمات داخلية مبكرة عبر العمل على استمالة رجال باطرفي (السعوديين/الحضارم/ الصنعانيين أو رجال الريمي سابقا)، وكذلك إعادة استقطاب القيادات والعناصر المنعزلة والمتمردة إلى صفوف التنظيم. وأكد التحاليل أن العولقي يعمل على احتواء المجموعة المصرية وذلك من خلال الحفاظ على مواقع نفوذها الحالي، لا سيما قيادة إبراهيم البنا للجنة الأمنية، وسوف يبحث بشكل مؤقت عن صيغة مشتركة للمواءمة بين توجهات سيف العدل الداعية للتعاون مع الحوثيين وتوجهاته هو شخصيا (أي العولقي) المناهضة للحوثيين، عبر الحفاظ على مسافة أكبر عن الحوثيين.

المصدر: نيوزيمن

كلمات دلالية: تنظیم القاعدة فی القاعدة فی الیمن لتنظیم القاعدة القیادة العامة داخل التنظیم سعد العولقی فی التنظیم سیف العدل من خلال

إقرأ أيضاً:

التاريخ والصراع في اليمن

 

 

لقد دلت متواليات الصراع في الزمن الحديث، أن العنف عملية تدميرية قاتلة وهي رؤية لا تمت إلى إرادة الحياة والنماء والتحديث والتغيير والانتقال بصلة.. وقد رأينا نحن في اليمن كيف عدنا إلى نقاط تاريخية بعينها، فالمحافظات الجنوبية التي تجاوزت البناءات الاجتماعية القديمة خلال عقدين من زمن ما بعد الاستقلال إلى عام90م، حدث ويحدث الآن تراجع مذهل في مشروعهم من خلال تفاعل رموزهم أو أبرز رموز الاشتراكي مع العصبيات القديمة، وأعني أولئك الذين غادروا عدن في أحداث 13 يناير 86م وعادوا اليها بعد أحداث ثورة 21 سبتمبر 2014م، وتداعياتها التي حدثت في 21 يناير 2015م، والتي على إثرها استقال الرئيس التوافقي ثم غادر إلى عدن وتراجع عن استقالته وعمد إلى تدمير ما تبقى من مظاهر الدولة وما تبقى من مظاهر المؤسسة العسكرية والأمنية بعد ذلك النشاط المحموم في مشروع الهيكلة الذي دلت الأيام والأحداث أنه كان مشروعاً تدميرياً كانت حركة الإخوان العالمية تسعى إليه وما تزال، ومثل ذلك التوجه للإخوان لم يكن خاصاً باليمن بل دلت الوقائع على عمومه سواءً في مصر أو في سوريا أو في العراق أو في ليبيا وتونس، ولعل الظاهرة النصية للإخوان والثبات الذي تمتاز به رؤيتهم وثقافتهم قد صبغت المرحلة بحالة انكسارية هي الآن في أشد أنواع البهوت وأمام حالة مقاومة قادرة على الصناعة والصراع بين الحالين هي السمة البارزة في كل دول «الربيع العربي»، والصراع بين الحالين الذي أقصده هو صراع بين ماضٍ ثابت متحجر، وحاضر متحول ينشد المستقبل.. وهذا الصراع قائم في مصر وليبيا وفي تونس وفي سوريا وهو أكثر وضوحاً في تجاذبات عدن وما جاورها وفي استعدادات «نخلاء والسحيل» في مارب والجوف، وما بين الحالين يبقى الأمل بالانتصار على ثقافة الموت والفوضى والدمار.
ويبدو أن العدوان بكل تجلياته وتحالفاته لا يكاد يخرج عن نسقه التاريخي، فالسعودية التي واجهت حركة الاستقلال في الجنوب في مطلع عقد الستينيات من القرن الماضي ووقفت ضد ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال كانت تخوض معركتها في الأرض اليمنية ليس دفاعاً عن نفسها خوف حركة التحرر التي تقودها الحركة القومية الناصرية فقط، ولكنها كانت تخوض معركة نيابة عن المستعمر البريطاني الذي تداخل مع التكوين الأول والنشأة الجديدة للدولة السعودية، لذلك كان موقف المملكة ثابتاً لا يخرج عن الإرادة السياسية البريطانية، ومثل ذلك دالة عليه الوثائق التاريخية التي تنص على التبعية الكاملة لبريطانيا، ومنها المذكرة التي تقر أن فلسطين وطن قومي لليهود، ومذيلة بقول الملك عبدالعزيز: فأنا لا أخرج عن رأي بريطانيا..
لذلك لا يمكن الفصل مطلقاً بين العدوان الإسرائيلي في حزيران 67م، على مصر وبين حركة التحرر في اليمن، ونتائج مثل ذلك لا تحتاج كثير تأمل، فبريطانيا التي سمعت كلمات الزعيم جمال عبدالناصر من تعز وهو يقول لها: ” احملي عصاك وارحلي “، أوعزت إلى يدها الطولى في الجزيرة العربية من آل سعود بكسر شوكة عبدالناصر والوقوف أمام ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال والحد من الأثر المباشر لثورة 14 أكتوبر 1963م في الجنوب، لذلك كان أثر الثورة بطيئاً في الجنوب بسبب حركة الممانعة التي قادتها السعودية ضد ثورة 26 سبتمبر 1962م في الشمال، إذ سارعت إلى الاشتغال في الشمال عن طريق حركة الإخوان التي تشكلت في إطار حزب الله بقيادة الزبيري وأغرت مشايخ القبائل بالذهب واستقطبت بعض العسكريين، وكان ظاهر اشتغالها هو دعم الملكية المتوكلية التي غادرت صنعاء تحت نيران الانفجار الثوري صبيحة 26 سبتمبر 1962م، وباطنه هو دعم المستعمر البريطاني في تغيير معادلة وجوده في جنوب اليمن واستمراره في الهيمنة على عدن ومضيق باب المندب، ولذلك تأجل الجلاء بفضل الممانعة التي قادتها المملكة العربية السعودية منذ تفجر الثورة اليمنية مدة أربعة أعوام من 63م إلى 67م، وخلال هذا الزمن حصلت تبدلات جذرية في السياق السياسي العربي واليمني فقد حصلت نكسة (5 حزيران 67م) في مصر ثم تلتها أحداث أغسطس 67م في اليمن وصولاً إلى انقلاب (5 نوفمبر 67م) الذي أطاح بالسلال المحسوب على مصر وعلى الثورة المصرية وجمال عبدالناصر وجاء المجلس الجمهوري الذي تنازعت النفوذ فيه السعودية مع مصر، بيد أن السعودية كانت أكثر نفوذاً بسبب آثار النكسة النفسية والثقافية والسياسية، ويبدو أن المستعمر البريطاني وجد قدراً من الاطمئنان بعد سيطرة ربيبته السعودية على مفردات اللعبة السياسية في الشمال وهو يدرك الأثر المباشر على الجنوب بل لم يدر في خلده أن يصبح الجنوب دولة مستقلة بحكم التداخل الذي كانت مظاهره واضحة في الجمهورية الأولى التي امتدت من 62م- 1967م برئاسة عبدالله السلال..
في اليمن على وجه العموم قضية وطنية وثقافية لا تحتمل التأجيل والتسويف وأصبح طرحها على طاولة الحوار والنقاش – لابتكار الحلول المناسبة لها- أمراً ضرورياً، فالتمادي ضياع وتيه ولا نرغب باليمن أن تصل إلى حالة التيه التي أصابت الأمم من قبلنا، كما أن الاستقلال فكرة يفترض دراستها من كل جوانبها حتى نصل إلى لحظة الاستقلال الحقيقي، ومعنى الحرية الكاملة، والتقدم التاريخي، لذلك نؤكد على فهم حركة التاريخ على حقيقتها حتى نجتاز ما نحن فيه من خضوع وهوان.

مقالات مشابهة

  • صدمة في اليمن بعد قيام الحوثيين بالإفراج عن أخطر إرهابي يقف خلف مجزرة ميدان السبعين الدامية عام 2012
  • التحالف الوطني يطلق شراكة استراتيجية لعلاج الأطفال غير القادرين في 17 محافظة
  • ناشط سياسي بجنوب اليمن لـ "الفجر": انتهاكات الحوثي تتشابه مع الإخوان والتنظيمات الإرهابية
  • الجنوب يصد زحف الحوثي في كرش: معركة كبرى تهز جبال لحج
  • اليمن.. قتلى وجرحى بهجوم إرهابي لـ«القاعدة» في أبين
  • الحوثيون وتنظم القاعدة.. تفاصيل اتفاق سري سينفذ في محافظة جنوبية وتعاون في مهام أمنية واستخباراتية ولوجستية
  • اليمن.. مقتل وإصابة 7 جنود في هجوم على قوات المجلس الانتقالي
  • تصاعد متأجج للحرب بين الحوثيين وواشنطن في اليمن والسعودية تعود عبر القوات المشتركة (تحليل)
  • التاريخ والصراع في اليمن
  • اليمن تقلب الطاولة على واشنطن في الشرق الأوسط.. تحليل للبيان العسكري الأخير