بوابة الفجر:
2025-03-16@16:55:49 GMT

ديكتاتورية «تكوين» المولود بشهادة وفاة

تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT

منذ اليوم الأول لإعلان تشكيل مركز «تكوين»، إلا وكتبت شهادة وفاته، لما أحيطت به من علامات استفهام لشخصيات مجلس الأمناء المعروف عنهم انتقادهم المستمر لبعض أمور الدين، بل ووصل الشطط ببعضهم لإنكار أمور تمس العقيدة والقدح في آيات القرآن الكريم.

المركز الذي ولد بشهادة وفاة، عُرِّف من قبل مجلس أمنائه، بأنه أنشئ بهدف تجديد الخطاب الديني وتطوير الفكر المصري والعربي وتنويره أمام الانحرافات الدينية التي توجد في كتب التراث، في إطار التوجه نحو تجديد الخطاب الديني، الذي ذاع صيطة في السنوات الأخيرة، تعرض لحملات انتقاد كبيرة، على جميع المستويات ومن جميع الفئات، اعتراضا على أعضاء مجلس الأمناء الذين عرف بعضهم بالإلحاد، والآخر بانتقاد السنة، وسط تساؤلات هنا وهناك، عن: كيف لمن ينكر وجود الله والجنة والنار ويسخر من الآيات القرآنية وأمور دينية أخرى، أن يجدد الخطاب الديني ويتحدث بفهم في أمور الحديث والإسناد وينقح الحديث الضعيف من الحديث ذي الإسناد القوي؟، وكيف نتأكد من صدق كلامه إذا كان يدعو للإلحاد في الأساس، ويشكك في أمور الدين؟.

الهالة السلبية التي أحاطها الناس بأعضاء مجلس أمناء المركز الوليد، -التي برأيي- كتبت شهادة وفاة المركز، نابعة من تصريحات كثيرة منفرة، منها سخرية أحد الأعضاء من آية قرآنية صريحة، وهي آية «هلك عني سلطانية»، بترديده كلمة «سلطانية» بسخرية وتمايل، فضلا عن إنكاره رحلة الإسراء والمعراج، وعذاب القبر، وغيرها.

وليس هذا وفقط، بل كان من أراء أحد أعضاء المجلس من جنسية دولة عربية، أن أنكر وجود الجنة والنار وعذاب القبر، مدعيا أنها من الأساطير والأمور الرمزية، فضلا عن أخرى سخرت من شعيرة الأضحية باعتبارها عملا غير إنساني، وإنكار أخرى وجود الله.

وبعيدا عن إنكار أمور دينية منصوص عليها صراحة في القرآن الكريم، كانت فكرة الجهل بالمصطلحات حاضرة، ومنها خطأ أحد الأعضاء في معنى كلمة «متبول» عند حديثه عن بيت شعر «بانت سعاد فقلبي اليوم متبول» وتفسيره معنى الكلمة بـ«وضع قلبه في التوابل»، ورغم ذلك لم يعتذر عن تفسيره الخاطئ بل أصرَّ.

وجهل أخرى بالسيرة النبوية، عندما عندما ادعت أن السيدة خديجة أم المؤمنين زوجة النبي عليه الصلاة والسلام دعت ابنتيها هند وهالة إلى الإسلام ولم تدع نساء غيرهما، -ومع أنها تعرِّف نفسها بأنها باحثة في الدين الإسلامي- إلا أنها جهلت أن السيدة خديجة لم تنجب بنات وإنما (هند وهالة) هما اسمي لولدين أنجبتهما، ليخرج عضو مجلس الأمناء يدافع عنها بقوله «باحثة مبتدئة»، ولا أعرف ما مؤهل الباحثة المبتدئة لتجدد في الدين.

ما طرح السؤال: كيف لمن لا يجيد فهم معاني المصطلحات أن يجدد التراث الذي يحتاج إلى فهم عميق للمصطلحات التي تحويها الكتب والإسنادات؟، وكيف لمن لا يفهم في السيرة أن يجددها؟

بيد أن الانقسام الواضح على مستوى مجلس الأمناء، من كثرة التصريحات المختلفة لأكثر من عضو بشكل منفرد عن الآخر، تؤكد حالة التشرذم وغياب التنسيق بين أعضاء المجلس، فهم إلى اليوم كل في وادٍ وكل يغني على ليلاه، ما بين عضو يقبل إجراء مناظرات مع دعاة دين، وآخر يرفض، وثالث يظهر في البرامج يتحدث بإسهاب في أمور مختلفة، من دون أن يكون هناك متحدث رسمي باسمهم جميعا، للرد على ما يثار من أسئلة أو أمور مطلوب التحدث فيها.

أضف إلى ذلك هو غياب الرأي الآخر الذي ينبغي له الرد على الباحثين في المركز، فيما يتعلق في الأمور التي يناقشونها ويعملون العقل فيها، حتى يقتنع المتلقي بصحة وسلامة رأي أعضاء المركز إن كانوا على صواب، وإلا فما الذي يجعلني ويجعل المشاهد يؤمن بصدق رأي المتحدث من أعضاء المركز.

أيضًا من الأشياء المريبة لي، التي تجعلني أصرف النظر عن الأطروحات والمناقشات التي يقدمها أعضاء المركز، هو حصر كل اجتهاداتهم في السنة فقط، فلا حديث في أي مجال آخر ديني أو سياسي أو اجتماعي، جُل أحاديثهم في تكذيب السنة النبوية والطعن في شخوص الرواة والناقلين والتشكيك في أمور تمس العقيدة.

وما زاد من ريبة الأمر، هو رفض مجلس الأمناء وأعضاء المركز، إجراء مناظرات مع دعاة دين للرد على أسئلتهم، حتى وصل الأمر إلى إعلان الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية، إلى إصدار بيان قال فيه: «جاءتني اقتراحات كثيرة بعد إشهار (مركز تكوين) بخوض مناظرة أخرى مع الأستاذ إسلام البحيري أو الأستاذ إبراهيم عيسى، فوجدت أن هذا غير مناسب، لأنه يعني كأننا ما زلنا لم نبرح مكاننا وأننا نعيد أنفسنا ولم نتقدم خطوة منذ سنة 2015م. (3) المناظرة الكبرى، وأنا وحدي سوف أناظر كل أعضاء مركز تكوين مجتمعين».

وتابع الأزهري معللا قبوله إجراء المناظرة: «اليوم لم تعد القضية هي الأستاذ إسلام البحيري أو الأستاذ إبراهيم عيسى على حدة، بل صار هناك تجمع لعدد من هؤلاء السادة الكرام، فالمقترح الذي أطرحه اليوم هو الدعوة إلى مناظرة كبرى، بشرط أن يجتمع فيها كل أعضاء (مركز تكوين) في جهة وأنا منفردا في جهة. فأدعو الدكتور يوسف زيدان، وإبراهيم عيسى، وإسلام بحيري، وفاطمة ناعوت، وبقية أعضاء المركز، وأضم إليهم الدكتور زاهي حواس، إلى مناظرة محددة يكونون فيها جميعا في جهة وأنا في جهة مقابلة لهم».

ختاما، إذا كان من حق أعضاء مركز تكوين الخوض في القضايا الدينية وإنكار صحة الأحاديث والروايات المتواترة عن النبي والصحابة، والتشكيك في صدق الرواة، فمن حق المتلقي أيضًا أولا: أن ينكر ما يقولوه ما دام تفردوا وحدهم بالرأي ومنحوا أنفسهم صكوك الصدق، وثانيا: لرفضهم النقاش مع المتخصصين في أمور الدين الأعلم بالسنة وعلوم الحديث والتفسير.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: تكوين الخطاب الديني تجديد الخطاب الديني فاطمة ناعوت مجلس أمناء كتب التراث مناظرة مجلس الأمناء ايات القران الفكر المصري مركز تكوين أعضاء المرکز مجلس الأمناء مرکز تکوین فی أمور فی جهة

إقرأ أيضاً:

ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟

 

 

 

د. يوسف الشامسي **

 

لربما يُوحي طرح السؤال بهذه الصيغة أني بصدد تقييم مُفصَّل للموضوع بناءً على تصوُّر معياري حول الصحافة ودورها، وبالتالي يمكن تحديد المفقود بالتعرّض للموجود؛ لكن الاستماع لأصوات الصحفيين والمختصّين بالشأن الإعلامي اليوم قد يجعلني أعيد التساؤل السالف ذكره بتساؤل لا يخلو من مفارقة ساخرة بلسان ذوي الشأن أنفسهم: ما الذي لم تعُد تفتقده صحافتنا اليوم؟!

أزعمُ أنَّ النقاش في هذا السياق لا يستدعي بحثًا وتحليلا معمقًا؛ بل مجرد الاستماع لذوي الاختصاص من جهة ووجود إرادة حقيقية من قبل الجهات المسؤولة من الجهة الأخرى كفيل بإعادة إنعاش هذا القطاع ليتبوأ دوره المؤمل في العلاقة بين المجتمع والسياسة، وسأكتفي باختزال الإجابة في مفقودَيْن اثنيْن جديرَيْنِ بدفع صحافتنا المحلية لمسارها المنشود، وأجزم أن أغلب المهتمين بهذا الحقل يجمعون على هذين المطلبين: مزيدًا من الحماية القانونية والتمكين، ومزيدًا من الدعم المادي والتحفيز. 

تُعد الصحافة أداة حيوية لتعزيز الحوكمة، والتماسك الاجتماعي، والمشاركة العامة، وتمكين الفئات الأقل حظًا في المجتمع، ولئن كانت مهمة الصحافة وجوهرها "نقل الحقيقة"، فإن ذلك لن يتأتى إلّا عبر بوابة الحرية، في مناخٍ ضامن لأمن الصحفي وأحقيّته في الوصول للمعلومة الصحيحة والتحقق منها، لذلك وقبل كل شيء، صحافتنا بحاجة إلى قوانين تدعم الشفافية والتمكين لاستقصاء المعلومات ومراقبة الجهات المُرتبطة بمصالح المواطنين. وغياب قانون حق الحصول على المعلومات هو حكم على الصحافة بالبقاء تحت وصاية الجهات الرسمية وغير الرسمية لتزويدها بالمعلومة، وبالتالي تضعف جودة التغطية الإعلامية وتغيب التنافسية بين المؤسسات الصحفية، ناهيك عن المخاطر القانونية التي قد تورِّط الصحفي جراء نشره معلومة ما دون إذن من الجهات الرسمية نتيجة لغياب قانون ينظّم له ذلك الحق. ورغم إقرار قانون الإعلام الصادر قبل أشهر- والذي ما يزال يثير تساؤلات المختصين- بهذا الحق في مادته الثالثة، إلّا أنه يظل قاصرًا عن منح الصلاحيات الكاملة للصحفي لينطلق بحرية في ميدانه. ولعلَّه من الجدير أن أشير هنا لجهود مجلس الشورى وطرحه لمقترح مشروع قانون حق الحصول على المعلومات قبل قرابة عقد من الزمن؛ ولكن لا أدري إذا ما سقط المقترح خلال دورته التشريعية آنذاك، أو أنه ما يزال يراوح مكانه في أروقة المجلس.

ولسنا بحاجة للوقوف كثيرًا حول أهمية هذا القانون؛ إذ يكفي أنه يعمل بمبدأ تعزيز الثقة وحُسن الظن في القائم على الرسالة الإعلامية، عكس تلك القوانين التي تحدّه بالعقوبات وتُكرِّس مبدأ سوء الظن في الصحفي، فيقبع يستظهر النصوص القانونية خوفًا من الوقوع في شيء من المحظورات، ويتجنب- من ثمّ- تغطية القضايا التي قد تشغل الرأي العام هروبًا من كل ما قد يأتيه بتبعات ومساءلة.

اليوم.. ثلاثة أرباع دول العالم تبنَّت قانون الحصول على المعلومات، 50% من هذه الدول أقرّت القانون فقط خلال العشر سنوات الماضية، لذلك لا ينبغي أن نتأخر كثيرًا عن الركب، خصوصًا وأن مثل هذه القوانين ذات تأثير مباشر على الأداء في مختلف المؤشرات الدولية. فليس بغريب أن نجد أغلب دول المنطقة العربية اليوم- وللأسف- مُصنَّفة في مراتب مُتدنية في مؤشرات حرية التعبير والصحافة العالمية، كتقرير "مراسلون بلا حدود"، و"بيت الحرية"، وغيرها. هنالك بالطبع من يُشكِّك في نزاهة هذه المؤشرات ويعيب مثل هذه التقارير الدولية بحُجة أنها ذات نزعة غربية تُحابي دول "المركز" في تقييمها وتُهمِّش "الهامش"، وهذا جزئيًا لا يُمكن إنكاره؛ كما لا يصحّ قبوله بالمُطلق؛ فبعض المؤسسات إذا ما تقدمت في أحد المؤشرات الدولية أذاعت بذلك في كل محفل، وإن تراجعت في التصنيفات انتقدتْ التقارير ورمتها بالتحيز وما شاءت من التّهم!

وللإنصاف، علينا أن نتساءل: هل صحافتنا اليوم أفضل حالًا مما كانت عليه قبل عقدين أو ثلاثة عقود؟ هل فعلًا نستحق ترتيبًا أفضل؟ وهل توجد مؤشرات وطنية أو إقليمية لنعتمدها فيما يخص حرية الصحافة في بلداننا؟ هل تقدّمنا فيها؟ وهل يعتدّ بها لدى المكتب الوطني للتنافسية؟ هذه التساؤلات ضرورية قبل انتقاد التقارير "الغربية" خاصة بعدما أضحت هذه المؤشرات الدولية شريطًا متريًا بخارطة مستقبل عمان لقياس مدى تقدمنا في مستهدفات رؤية "عُمان 2040".

وتفتقد المؤسسات الصحفية اليوم للدعم المادي، وهذا ما ليس يخفى على المهتمين، فضلًا عن العاملين بهذا القطاع، فأغلب المؤسسات الصحفية قائمة على الدعم الحكومي والإعلانات، واليوم وفق تعبير رئيس جمعية الصحفيين العُمانية، فإن أغلب الصحف الخاصة "تحتضر"، وبالتالي سيفقد المجال العام منابر ضرورية وُضِعَت لتُسهم في تحريك المناخ الثقافي والسياسي وذلك بخلق تعدُّدية في الآراء عند معالجة قضايا الشأن العام.

هذا من جانب، ومن جانب آخر، فإنَّ الكثير من العاملين في هذا القطاع يشكون ضعف المُحفِّزات المادية للبقاء فيه، ناهيك عن غياب النظرة التكاملية بين المُخرجات وسوق العمل. وعلى المعنيين بسياسات هذا القطاع دراسة هذه القضية بشفافية والتساؤل: ما تأثير غياب الدعم المادي المُستدام على جودة المحتوى الصحفي واستقلاليته؟ وإلى أي مدى يعكس سوق العمل احتياجاته الفعلية في عدد الخريجين الجدد من كليات الإعلام والصحافة بالسلطنة؟ وما السياسات التي يُمكن أن تُعتمد للحد من الفجوة بين المخرجات الإعلامية وسوق العمل؟ أيضًا كيف يمكن مُعالجة الفجوة بين الجنسين في فرص العمل داخل المؤسسات الصحفية؟ وأخيرًا هل هناك تجارب ناجحة في دول أخرى يمكن الاستفادة منها لدعم المؤسسات الصحفية الخاصة؟

هذه التحديات لربما باتت مصيرية وستتطلب إصلاحات جذرية إن تأخرنا في مُعالجتها؛ فبدون بيئة قانونية داعمة، وتمكين اقتصادي يحفظ للمؤسسات الصحفية استقلالها واستدامتها، سيظل هذا القطاع يُعاني من التراجع والقيود.

إنَّ تعزيز حرية الوصول إلى المعلومات، وزيادة التحفيز والدعم للمؤسسات الصحفية الخاصة، أصبحا من الضرورات لضمان دور الصحافة في تحقيق أهداف التنمية وتعزيز الحوكمة. فهل سنشهد تحركًا جادًا لإعادة إنعاش هذا القطاع وتمكينه، أم ستظل هذه المطالب مجرد أصوات في مهب الريح؟

** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري- جامعة التقنية والعلوم التطبيقية في نزوى

مقالات مشابهة

  • ما الذي تفتقده صحافتنا اليوم؟
  • رئيس جامعة القاهرة يشارك أعضاء هيئة التدريس مأدبة السحور بمقر نادى التجديف
  • المركز الوطني للأرصاد: حرارة تصل إلى 40°C اليوم وانخفاض متوقع بالشمال الغربي غدًا
  • وكيل الشباب والرياضة بالجيزة يشهد أطول مائدة إفطار بنادي 6 أكتوبر
  • مجلس الشيوخ الأمريكي يحاول تجنب إغلاق حكومي
  • تحرير 204 محاضر تموينية للمخابز والأسواق بالمنوفية
  • سيف بن زايد يشهد اليوم المفتوح لأولياء أمور مجندي الخدمة الوطنية
  • بعد وفاة طالبة.. جامعة المنوفية تحقق في أزمة اختبار الأنف والأذن.. وإيقاف 4 أعضاء هيئة تدريس
  • بعد وفاة طالبة.. إيقاف رئيس قسم و3 من أعضاء هيئة التدريس بطب المنوفية
  • سيف بن زايد يشهد اليوم المفتوح مع أولياء أمور مجندي الخدمة الوطنية