بيروت – (د ب أ) – تقاسم الحزن قد يعني نصف معاناة. يقول ويليام نون: “لقد جمعتنا المأساة معا”. يجلس نون في مكتب وحدة إطفاء بيروت بجانب خطيبته ماريا فارس. كلاهما فقد شقيقيهما اللذين كانا من أوائل قوات الإطفاء التي تدخلت للسيطرة على الدمار الذي خلفه انفجار مرفأ بيروت في 4 آب/أغسطس .2020 في ذلك الوقت كان يمكن الشعور بقوة الانفجار في عاصمة جزيرة قبرص بالبحر المتوسط، نيقوسيا، على بعد 240 كيلومترا من بيروت.

ت قول فارس: “لقد غيرت هذه الكارثة حياتنا من جميع النواحي. الشيء الجيد الوحيد الذي نشأ منها هو قصة حبنا”. لقي أكثر من مئتي شخص وأصيب حوالي ستة آلاف آخرين في انفجار مرفأ العاصمة اللبنانية، الذي تسببت فيه كميات كبيرة من نترات الأمونيوم الكيميائية شديدة الانفجار، والتي تم تخزينها لسنوات دون احتياطات سلامة في المرفأ. دُمرَت أجزاء كبيرة من المرفأ والمناطق السكنية المجاورة. وكانت وحدة الإطفاء في منطقة الكرنتينا، التي يتواجد فيها نون وفارس، الأقرب إلى مكان الانفجار. تقول فارس: “عمل شقيقينا معا لفترة طويلة – ما مجموعه عامين وثمانية أشهر”. قابلت فارس خطيبها الحالي لأول مرة بعد المأساة، وكان ذلك في كانون الأول/ديسمبر 2020 خلال جلسة علاج جماعي للعائلات الثكلى لأفراد قوات الإطفاء الذين لقوا حتفهم. يقول نون: “بالطبع كنا نتمنى لو أننا التقينا في ظروف مختلفة، لكنه القدر”. يرتبط الاثنان منذ عام تقريبا، ويخططان لحفل زفافهما في مطلع أيلول/سبتمبر المقبل. تقول فارس 28/ عاما:/ “نشارك نفس القصة بالضبط: فهو فقد أخاه، وأنا فقدت أختي… سيكون من الصعب مشاركة الحياة مع شخص لن يفهم أبدا ما أشعر به بنسبة 100%. لكن الأمر مختلف بالنسبة لنا، لهذا السبب نتفاهم جيدا”. يقول كلاهما إنهما يبكيان سويا حتى اليوم على فقدان شقيقيهما، ويكافحان معا من أجل تحقيق العدالة. منذ الانفجار يعمل نون على وجه الخصوص بصفة مستمرة من أجل حقوق أسر الضحايا وكشف ملابسات الكارثة. حتى بعد مرور ثلاث سنوات على الانفجار لا تزال التحقيقات بطيئة. منذ إطلاق سراح جميع المشتبه بهم في كانون الثاني/يناير الماضي، لم يتم عمل أي شيء فيما يتعلق بالتحقيقات. يرى العديد من الساسة رفيعي المستوى أن سيرتهم المهنية مهددة عبر هذا التحقيق. ويلوم الكثير من اللبنانيين القيادة السياسية على الكارثة ويتهمونها بالتأثير على قرارات القضاء. حتى الآن لم تقدم السلطات اللبنانية تفسيرا واضحا لكيفية دخول نترات الأمونيوم إلى المرفأ أو الجهة التي جلبت المادة إلى البلاد. لطالما طالبت فارس ونون وأفراد آخرون من عائلات الضحايا بإجراء تحقيق دولي. وعلى الرغم من أنه تم بالفعل توجيه اتهامات إلى مسؤولين ووزراء مختلفين، لم يتم تقديم أي شخص إلى العدالة حتى الآن. يقول نون 28/ عاما:/ “نحن نعرف كيف يعمل هذا البلد. نعلم أن الأمر سيستغرق وقتا طويلا لكشف ملابسات الواقعة بالكامل. عشر سنوات على الأقل. لكننا لن نستسلم”، مضيفا أنه يحمل غضبا بداخله منذ فترة طويلة، وقال: “منذ أن وقعت في حب ماريا صار بمقدوري التحكم في غضبي بشكل أفضل”. يعتزم نون وفارس التظاهر مرة أخرى في الذكرى السنوية الثالثة للانفجار. وللتحضير لذلك التقيا أقارب آخرين لضحايا الانفجار في مقر قيادة الإطفاء بالقرب من المرفأ. تقول فارس: “هذا المقر يمثل مكانا خاصا لنا ولعائلاتنا ولحبنا، لأنه مكان خاص لشقيقينا… أرى سَحَر في كل مكان هنا. أراها تمشي في وحدة الإطفاء، تصعد الدَرَج، أو تمشي بجوار عربات الإطفاء”. كانت شقيقة فارس تخطط لحفل زفافها قبل وفاتها. تقول فارس: “الآن أنا من ستتزوج في غضون أسابيع قليلة… بالطبع نحن سعداء، لكن منذ وقوع الكارثة أصبح من الصعب علينا أن نكون سعداء”.

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

لا أحد مَوْصُوفٌ  بِحُبِّ  مثلُ النَّبِيِّ الكرِيم!

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تيقَّنت بعد قراءتي لكتاب  المفكر الكبير عباس محمود العقاد “عبقرية محمد”، أن هذا المفكر العملاق ازداد حبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيدنا محمد  بعد كتابته لهذا المؤلف الهام، ليس لأن قرأ بفهم فى سيرة النبي الكريم أو فكر بعمق او لأن مشاعره راقية وحسه بديع، ولكن  حبه لشخصية خير خلق الله أجمعين كان حبا من مفكر دارس وباحث مدقق،  وسجل ذلك فى كثير فى فصول كتابه إعجابا وتقديرا، فمثلا عندما أراد أن يتكلم عنه كرجل عظيم،لَهِج بمداد حب وبكلمات صادقة ورؤية صائبة فقال:

‫ عاش في العصور الماضية كثير من العظماء الذين تواترت الأنباء بأوصافهم السماعية، وأوصافهم المرسومة في الصور والتماثيل، غير أننا لا نعرف أحدا من هؤلاء العظماء تمت صورته السماعية أو المنقولة كما تمت صورة محمد عليه السلام من رواية أصحابه ومعاصريه، فنحن نعرفه بالوصف خيرا من معرفتنا لبعض المخلدين بصورهم وتماثيلهم التي نقلت عنهم  الحكاية والمطابقة، لأن هذه الصور والتماثيل قد تحكي للناظرين ملامح أصحابها ومعارفهم الظاهرة، وقد تحكي للمتفرسين شيئا من طبائعهم التي تنم عليها سيماهم، إلا أنها لا تحفظهم لنا كما حفظت الروايات المتواترة أوصاف النبي في كل حالة من حالاته، وكل لمحة من لمحاته: في سيماه وفي هندامه، وفي شرابه وطعامه، وصلاته وصيامه، وحله ومقامه، وسكوته وكلامه، لأن الذين وصفوه وأحبوه وأحبوا أن يقتدوا به فتحرجوا في وصفه كما يتحرج المرء في الاقتداء بصفات النجاة والأخذ بأسباب  السلامة، فكانت أمانة الوصف هنا مزيجا من العطف والتدين، وضربا من اتباع السنن وقضاء الفروض...!

وللحق كل من قرأ سيرة النبي الكريم بَدْءًا  من "سيرة ابن هشام" وهو وَاحِدٌ  من أهم الكتب التراثية التى  نقلت سيرة النبى محمد صلى الله عليه وسلم، وحتى ما كُتِبَ 

  من مؤلفات عن سيرة النبي الكريم حتى الآن إِلَّا ويجد نفسه يزداد حُبًّا  وَتَعْظِيمًا له

 وفى نفسه يزداد شرفا...

ومن الكتب التى تناولت جانب الحب لحضرة النبي الكريم وأشارت إليه هو  كتاب "حاكموا الحب"   للدكتور على جمعة مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء وقد كتب فى مقدمته:

إن كثيرًا من دلائل الحب التي جرت في أيام النبي محمد صلى الله عليه وسلم سواء بينه وبين زوجاته أو بينه وبين أبنائه أو بينه وبين أصحابه أو بين أصحابه بعضهم مع بعض يصعب على كثير منا في هذا العصر تفسيرها أو تأويلها فضلًا عن اليقين في وقوعها، حتى أنكرها كثير من الناس ورفضوها، وذلك لأننا صرنا نعيش في عصر انتزعت منه قيم الحب الأصيلة التي كانت تحكم أحداث عصر النبوة، ولن نستطيع أبدًا أن نستوعب مثل هذه الحوادث والدلائل إلا إذا لبسنا نظارة الحب  حتى نرى ونتذوق ونستمتع، حينئذ فقط يمكن فهم الأسباب والدوافع والحالة الشعورية والوجدانية التي عاشها الإنسان في هذا المكان وفي هذا الزمان، نعم كان الصحابة يعيشون حالة حب دائمة، وكان رسول الله  طاقة حب ورحمة وحنان ورأفة وَرِقَّة تسري روحها في كل شيء حتى الجماد.

 ‫ وأشار  إلى  بردة الإمام البوصيري والتى مدح فيها  النبى الكريم بقوله:

‫‏فَإِنَّ فَضْلَ رَسُولِ اللهِ لَيْـسَ لَـــهُ‏

‫‏حَدٌّ فَيُعْرِبُ عَنْـهُ نَاطِـقٌ بِـفَـمِ‏

‫‏وَكَيْفَ يُدْرِكُ فِي الدُّنْيَا حَقِيقَتَهُ‏

‫‏قَوْمٌ نِيَامٌ تَسَلَّوْا عَنْهُ بِالْحُلُـمِ‏

‫ وهذان البيتان يشتملان على حقائق عدة منها:

ـ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم شخص عظيم له حقيقة يغفل عنها كثير من المؤمنين به، فضلا عن من لم يعرفه أصلًا أو لم يؤمن به...

 ـ إن هذه الحقيقة وإن كانت ظاهرة للعيان فإنه ينكرها قساة القلوب ذوو البصائر الصدئة...

 ـ إن الإنسان إذا قارب الاطلاع على حقيقة رسول الله  صلى الله عليه وسلم  ولو بصورة جزئية فإنه ينبهر بنورها، ويعشق جمالها، ويهاب جلالها، ويذوب في حبها، ويعيش فيها وتعيش فيه.

‫ وهذا  ما حدث بالضبط منذ أكثر من مئة عام مع  الكاتب العظيم  "ليو تولستوي"  أحد أعظم الأدباء العالميين، والذى اشتهر برواياته الملحمية مثل "الحرب والسلام" و"آنا كارينينا" وغيرها والتي تُعتبر من روائع الأدب العالمي، فقد أحب هذا الكاتب المبدع  النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وكتب  عن بساطته وقيمه الأخلاقية...و فى كتابه  "حِكَم النَّبي مُحَمَّد" والذي صدر فى بداية القرن العشرين عام ١٩١٠ كتب فى مقدم كتابه :

"لا ريب أن النبي محمد كان من أعظم المصلحين الذين خدموا الهيئة الاجتماعية خدمة جليلة، ويكفيه فخرًا أنه هدى أمته إلى نور الحق وجعلها تؤمن بالله وبالرسالة السماوية"....

الأسبوع القادم بإذن الله أكمل القراءة فى الكتاب الرائع "عبقرية محمد للمفكر الكبير عباس محمود العقاد 

مقالات مشابهة

  • لماذا تحتاج للذهاب إلى الحمام طوال الوقت؟
  • الحب في زمن التوباكو (2)
  • إدارة السجون تقول إن على السجناء "انتظار دورهم" للحصول على سرير بسبب الاكتظاظ
  • حرائق هائلة في كوريا الجنوبية تخلف ضحايا وأضرارا غير مسبوقة
  • من العالم.. فاجعة بمسجد مصري وأطفال ضحايا حادثة مؤسفة
  • رمزيات كوردية وذئاب تركية.. تحذير من انفجار قومي في بيروت إيران
  • الدكتورة هيفاء يونس تروي قصة تحولها من الطب إلى الدعوة
  • دعوات لتعزيز استقلالية القضاء اللبناني وضمان العدالة لضحايا انفجار بيروت
  • إصابة إمرأة في حادث انفجار للغاز بالمسيلة!
  • لا أحد مَوْصُوفٌ  بِحُبِّ  مثلُ النَّبِيِّ الكرِيم!