تقرير: ثورة الذكاء الاصطناعي تفقد قوتها
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، الضوء على ثورة الذكاء الاصطناعي التي اجتاحت العالم، معتبرة أنها "تفقد قوتها"، حيث إن "خيبة أمل كبيرة قد تلوح في الأفق، سواء من خلال ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، أو العوائد التي سيحققها المستثمرون".
وحسب الصحيفة، فإن "معدل التحسن في أنظمة الذكاء الاصطناعي يتباطأ، ويبدو أن عدد التطبيقات أقل مما كان متصورا في الأصل، حتى بالنسبة لأكثرها قدرة".
وتقول "وول ستريت جورنال" إن بناء وتشغيل الذكاء الاصطناعي أمر مكلف للغاية، فعلى الرغم من ظهور نماذج ذكاء اصطناعي جديدة ومتنافسة باستمرار، فإن الأمر يستغرق وقتا طويلا حتى يكون لها تأثير ملموس على الطريقة التي يعمل بها معظم الأشخاص فعليا.
وتثير هذه العوامل تساؤلات حول إمكانية تحوّل الذكاء الاصطناعي إلى سلعة، ومدى قدرته على تحقيق إيرادات وأرباح خاصة، وما إذا كان اقتصاد جديد يولد بالفعل، وفق الصحيفة.
كما أن هذه العوامل تشير، حسب "وول ستريت جورنال"، إلى أن الإنفاق على الذكاء الاصطناعي "ربما يحدث بنفس الطريقة التي لم نرها إلا خلال طفرة الألياف الضوئية في أواخر التسعينيات، وهي طفرة أدت إلى أكبر انهيارات فقاعة الإنترنت الأولى".
ووفق الصحيفة، فإن معظم التحسينات النوعية والقابلة للقياس في نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل "تشات جي بي تي" من "أوبين إيه أي"، و"جيمناي" من غوغل، تحتاج إلى إدخال المزيد من البيانات إليها.
وتعمل هذه النماذج من خلال استيعاب كميات هائلة من النصوص، ولا يمكن إنكار أنه حتى الآن، أدت مجرد إضافة المزيد إلى تحسين القدرات.
لكن العائق الرئيسي أمام الاستمرار في هذا المسار، حسب "وول ستريت جورنال"، يتمثل في أن الشركات "قامت بالفعل بتدريب الذكاء الاصطناعي الخاص بها بكل البيانات المتاحة على شبكة الإنترنت تقريبا، ولم يتبق الكثير من البيانات الإضافية التي يمكن استهلاكها".
وأضافت أنه لتدريب الجيل القادم من أنظمة الذكاء الاصطناعي، يلجأ المهندسون إلى "البيانات الاصطناعية"، وهي البيانات التي يتم إنشاؤها بواسطة أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى.
ولم ينجح هذا النهج في إنشاء تقنية أفضل للقيادة الذاتية للسيارات، وهناك الكثير من الأدلة على أنه لن يكون أفضل بالنسبة لنماذج اللغات، كما يقول غاري ماركوس، العالم المختص بالإدراك، الذي باع شركة ناشئة للذكاء الاصطناعي لشركة "أوبر" عام 2016.
ويضيف ماركوس لـ"وول ستريت جورنال"، أن أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل "تشات جي بي تي"، تحسنت سريعا في أيامها الأولى، "لكن ما رأيناه في الأشهر الـ14 ونصف الماضية، ليس سوى تطورات تدريجية فقط".
ويتابع: "الحقيقة هي أن القدرات الأساسية لهذه الأنظمة إما وصلت إلى مستوى ثابت، أو على الأقل تباطأت في تحسينها".
ويمكن العثور على المزيد من الأدلة على التباطؤ في تحسين أنظمة الذكاء الاصطناعي، في الأبحاث التي تظهر أن الفجوات بين أداء نماذج الذكاء الاصطناعي المختلفة آخذة في الانغلاق، وفق الصحيفة، حيث تتقارب جميع نماذج الذكاء الاصطناعي في اختبارات القدرات.
وفي حين أن هناك تفاؤلا بأن الشركات الكبرى مثل مايكروسوفت وغوغل ستكون قادرة على جذب عدد كاف من المستخدمين، لجعل استثماراتهم في الذكاء الاصطناعي جديرة بالاهتمام، فإن القيام بذلك سيتطلب "إنفاق مبالغ هائلة من المال على مدى فترة طويلة من الزمن، مما يترك حتى أفضل الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي غير قادرة على المنافسة"، حسب "وول ستريت جورنال".
وتضيف: "لا يزال تشغيل الذكاء الاصطناعي مكلفا للغاية، وتشير شركة (سيكويا كابيتال) في وداي السيليكون، إلى أن الصناعة أنفقت 50 مليار دولار على رقائق من إنفيديا لتدريب الذكاء الاصطناعي في عام 2023، لكنها لم تحقق سوى 3 مليارات دولار من الإيرادات".
ووفق "وول ستريت جورنال"، يعتبر هذا الاختلاف بين الإنفاق والإيرادات "مثير للقلق، لكن ما يهم حقا هو تكلفة التشغيل على المدى الطويل".
ويكاد يكون من المستحيل الحصول على إحصاءات دقيقة حول التكاليف، لكن وفق الصحيفة، فإن تكاليف الذكاء الاصطناعي التوليدي، تتجاوز بكثير تكلفة تدريبه "الباهظة بالفعل"، لأن "الذكاء الاصطناعي يجب أن يفكر بشكل جديد في كل مرة يُطلب منه فيها شيء ما، والموارد التي يستخدمها عندما يولد إجابة أكبر بكثير مما يتطلبه".
تحديات وعوائقووجدت دراسة حديثة أجرتها مايكروسوفت و"لينكد إن"، أن 3 من كل 4 موظفين من ذوي الياقات البيضاء (المديرون والمتخصصون) يستخدمون الآن الذكاء الاصطناعي في العمل.
وأظهر استطلاع آخر أجرته شركة Ramp لإدارة نفقات الشركات وتتبعها، أن حوالي ثلث الشركات تدفع مقابل أداة واحدة على الأقل للذكاء الاصطناعي، مقارنة بـ 21 بالمئة قبل عام.
ويشير هذا وفق الصحيفة، إلى وجود "فجوة هائلة" بين عدد العمال الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي، والمجموعة الفرعية التي تعتمد عليه وتدفع ثمنه.
وتؤكد الأدلة أن الذكاء الاصطناعي ليس بمثابة أداة لتعزيز الإنتاجية كما يتم الترويج لها، حسب ما يقول أستاذ الإدارة في كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا، بيتر كابيلي.
وفي حين أن هذه الأنظمة يمكن أن تساعد بعض الأشخاص على أداء وظائفهم، إلا أنها لا تستطيع استبدالهم فعليا، وهذا يعني أنه من غير المرجح أن تساعد الشركات على توفير الرواتب، وفق الصحيفة، التي تشير أيضا إلى تحديات "لا تعد ولا تحصى" لاستخدام الذكاء الاصطناعي في العمل، من بينها "صنع معلومات مزيفة"، مما يعني أنها تحتاج إلى شخص مطلع لاستخدامها.
وتضيف: "سيكون تغيير عقليات الناس وعاداتهم من بين أكبر العوائق التي تحول دون التبني السريع للذكاء الاصطناعي، وهذا نمط ثابت بشكل ملحوظ عبر طرح جميع التقنيات الجديدة".
وتشير "وول ستريت جورنال" إلى أن كل هذا لا يعني "أن الذكاء الاصطناعي اليوم لن يغير جميع أنواع الوظائف والصناعات على المدى الطويل"، لكن "تكمن المشكلة في أن المستوى الحالي للاستثمار في الشركات الناشئة والشركات الكبرى، يعتمد على فكرة أن الذكاء الاصطناعي سيتطور كثيرا، وبسرعة كبيرة. في المقابل، فإن الأدلة تؤكد أن الأمر لن يكون كذلك".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: أنظمة الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی وول ستریت جورنال وفق الصحیفة
إقرأ أيضاً:
ذبح الخنازير.. كيف يحوّل الذكاء الاصطناعي الاحتيال المالي إلى كارثة عالمية؟
رغم أن العالم يشهد تقدما تقنيا مذهلا في ظل الذكاء الاصطناعي، فإن هذه الثورة تأتي بجانبها المظلم الذي يهدد سلامة الأنظمة المالية والشخصية. فما بين الفوائد الكبيرة التي يقدمها هذا الذكاء، وبين مخاطر الاحتيال المتزايدة، تزداد الحاجة إلى التأهب لمستقبل أكثر تعقيدا.
لقد شهدنا عام 2024 لمحات عن قدرات الذكاء الاصطناعي في التزييف العميق، واستنساخ الصوت، وعمليات الاحتيال، لكنها كانت مجرد عجلات تدريب للمحتالين أثناء اختبارهم للأوضاع.
ومع دخولنا عام 2025، المليء بالتطورات التقنية المثيرة، يظهر الذكاء الاصطناعي كسلاح ذي حدّين. ففي حين يعزز من قدراتنا، يضعنا أمام خطر داهم قد يجعل من هذا العام نقطة تحول، حيث تصبح العمليات الاحتيالية المدعومة بالذكاء الاصطناعي قوة مهيمنة تهدد الأنظمة المالية والبنوك العالمية، إضافة إلى سمعة البشر ومصداقية الأحداث ومن أبرز هذه العمليات الجديدة عمليات "ذبح الخنازير" (pig butchering scams).
تهديدات مالية غير مسبوقة.. الذكاء الاصطناعي يعيد تعريف الاحتيالوفقا لتقرير مركز "ديلويت للخدمات المالية" (Deloitte Center for Financial Services)، من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي التوليدي في تحقيق خسائر قد تصل إلى 40 مليار دولار بحلول عام 2027، بزيادة ملحوظة عن 12.3 مليار دولار في عام 2023، وهو ما يمثل معدل نمو سنوي مركب يبلغ 32%.
إعلانوقد جذب هذا الارتفاع الملحوظ في الخسائر انتباه مكتب التحقيقات الفدرالي، الذي حذر في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي من أن المجرمين يستغلون الذكاء الاصطناعي لتنفيذ عمليات احتيال على نطاق أوسع، بهدف تعزيز مصداقية مخططاتهم.
الاحتيال كخدمة.. كيف انتقلت الجرائم الإلكترونية إلى مستوى جديد؟في عالم الاحتيال المدعوم بالذكاء الاصطناعي، ظهرت شركة "هاوتيان إيه آي" (Haotian AI) التي تقدم برامج تغيير الوجه عبر "تليغرام"، في إعلان يظهر أن فريقهم جادّ في عمله، حيث صرحوا علنا: "لدينا فريق بحث وتطوير مكون من مئات المبرمجين وعشرات الخوادم لخدمتكم".
حيث يروج الإعلان لبرامج تغيير الوجه العميقة التي يصعب تمييزها بالعين المجردة، والمصممة خصيصا للمكالمات الخارجية، وهو ما يتناسب تماما مع المحتالين الذين يرغبون في جعل عمليات الاحتيال الرومانسية أكثر مصداقية.
ومع ازدهار هذه التكنولوجيا، شهدت القنوات المخصصة للجريمة الإلكترونية باستخدام الذكاء الاصطناعي والتزييف العميق على "تليغرام" نموا ملحوظا في المحادثات، وهو ما يعكس انتشار هذه الظاهرة.
ووفقا لتحليل أجرته شركة "بوينت برودكتيف" (Point Predictive) في عام 2023، كان هناك حوالي 47 ألف رسالة في تلك القنوات، بينما تجاوز عدد الرسائل عام 2024 أكثر من 350 ألف رسالة، مسجلا زيادة بنسبة 644%.
تخيل جدارا من الهواتف المحمولة، يدير آلاف المحادثات الوهمية لخداع ضحايا من جميع أنحاء العالم في كل دقيقة.
إنه ليس مشهدا من فيلم خيال علمي، بل واقع تكشفه مقاطع الفيديو المتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات مثل "تليغرام". بل إنها تقنية جديدة تستخدم لتوسيع نطاق عمليات الاحتيال بشكل غير مسبوق.
أحد الأمثلة البارزة هو برنامج ذكي يعرف باسم "معجبو إنستغرام التلقائيون" (Instagram Automatic Fans)، الذي يرسل آلاف الرسائل في الدقيقة لإيقاع المستخدمين في مصيدة عمليات احتيال "ذبح الخنازير" (pig butchering scams).
إعلانحيث تبدأ الرسائل عادة بجمل بسيطة مثل "صديقي أوصاني بك. كيف حالك؟"، ويتم إرسالها بشكل متكرر لإغراء الضحية.
ومع دخول عام 2025، يتوقع الخبراء أن تستفيد العصابات الإجرامية المتورطة في عمليات "ذبح الخنازير" من تقنية التزييف العميق المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مكالمات الفيديو، واستنساخ الصوت، والدردشة الآلية لتوسيع نطاق عملياتها.
لكن ما عمليات احتيال "ذبح الخنازير"؟وفقا لـ"مكتب المفتش العام" (Office Of Inspector General – OIG) -وهو هيئة مستقلة تشكل داخل الوكالات الحكومية في الولايات المتحدة، مسؤولة عن مراقبة نزاهة وكفاءة العمليات داخل هذه الوكالات- فإن عمليات "ذبح الخنازير" هي نوع من الاحتيال يتعلق بالثقة والاستثمار.
حيث يتم استدراج الضحية تدريجيا لتقديم مساهمات مالية متزايدة، عادة في شكل عملات مشفرة، لصالح استثمار يبدو موثوقا، قبل أن يختفي المحتال بالأموال التي تم تقديمها.