توصّلت هيئة محلفين مكوّنة من 12 عضوا يوم الخميس الموافق 30 مايو 2024، إلى أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مذنب في كافة التهم الـ 34 التي يواجهها بشأن تزوير وثائق للتغطية على مبلغ مالي دفعه لشراء صمت ممثلة إباحية قبل انتخابات عام 2016. ومن المقرر أن يتم النطق بالحكم وفق ما ورد من تقارير قبل أربعة أيام من موعد إنعقاد المؤتمر الوطني للحزب الجمهوري، أي في11 يوليو.
وبالاستناد الى النتيجة التي خلصت إليها هيئة المحلفين، أصبح ترامب أوّل رئيس أمريكي سابق مدان جنائياً مع عقوبة قد تصل الى أربع سنوات. ويشير بعض القانونيين الى أنّه عادة ما تصدر أحكام أقصر من هذه المدّة الزمنية للمدانين بمثل هذه الجريمة فيما يواجه البعض غرامات مالية أو يتم وضعهم تحت المراقبة. لكنّ وكيل الدفاع عن ترامب قال أنّ فريقه سيستأنف الحكم "في أقرب وقت ممكن"، فيما أمهل القاضي فريق الدفاع عن ترامب حتى 13 يونيو لتقديم دفوعه وللنيابة العامة حتى 27 حزيران للرد على هذه الدفوع.
وتعليقاً على هذه التطورات اعتبر رئيس مجلس النواب الأمريكي، مايك جونسون، إدانة ترامب "مخزية"، فيما قاله محاميه السابق والشاهد الرئيسي في المحكمة مايكل كوهين أنّ يوم صدور النتيجة هو يوم تاريخي لأمريكا وأنّه بالرغم من أنّ المرحلة كانت شاقة بالنسبة له ولعائلته إلاّ أنّ ما تحقّق هو تأكّد على مبدأ العدالة. لكن ما يبدو للبعض انّه مجرّد عمليّة قضائية لتحقيق العدالة يرى آخرون أنّها جزء من انقلاب استباقي مدبّر.
الأوضاع في الولايات المتّحدة ليست كما تبدو عليه لبعض المراقبين من الخارج، إذ يلعب المال والإعلام وأجهزة المخابرات والسياسيين الفاسدين بالإضافة إلى اللوبيات دوراً كبيراً في تشكيل مخرجات مثل هذه الأحداث وصناعتها أو التأثير عليها بالإضافة إلى التأثير على الرأي العام. خلال السنوات الأربع الماضية، تمّ إثارة الكثير من القضايا والمشاكل في وجه ترامب في ما يعتبره كثيرون عملية مدبّرة لمنعه من الترشح للإنتخابات الرئاسية أو تهشيم حظوظه في الفوز.
لا يعني ذلك بالضرورة أنّ ترامب بريء من هذه التهم، فهو رجل غير متوازن ولا يمكن توقع سلوكه وغارق في الفساد. لكن هل تقتصر هذه الصفات عليه دون غيره؟ يشير البعض الى قضايا فساد تتعلّق بجو بادين وعائلته تمّ حجب النقاش بخصوصها في الإعلام وفي المؤسسات الرسمية من قبل أجهزة حكومية كقضية حاسوب هانتر بايدن، وقضية تلقي بايدن وهانتر رشاوى من أوكرانيا.
سواءً كانت إدانة ترامب جزء من مخطط استباقي للإطاحة به وقطع الطريق عليه للوصول إلى البيت الأبيض مرة أخرى، أم أنّه كان مساراً طبيعياً لتحقيق العدالة، فالأكيد أنّ مشاكل الولايات المتّحدة الداخلية والخارجية آخذة في الازدياد في ظل التراجع الأمريكي على المستوى العالمي، وهو تراجع من المتوقّع أن يستمر على مختلف الجبهات خلال المرحلة المقبلة.وفي هذا السياق، هناك من يرى بأنّ ترامب رجل غير تقليدي، بمعنى أنّه لا ينتمي للطبقة السياسية التقليدية ولا يمكن للمؤسسات الرسمية أن تسيطر عليه أو تؤثّر فيه، وأنّه من الأفضل إبعاده عن المشهد لاسيما في ظل الاستقطاب السياسي والإجتماعي المتزايد في الولايات المتّحدة، وتصاعد إتجاه اليمين المتطرف. اذ يعتبر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن والجماعات اليمينيّة المتطرّفة المُسلّحة هم التهديد الإرهابي المحلي الأكبر في الولايات المتحدة منذ العام 2019.
بقاء ترامب في المشهد السياسي من شأنه أن يُشكل حاضنة رسمية لهذه القوى. ويواجه ترامب منذ نهاية ولايته في عام 2020 سيلاً من الاتهامات والملاحقات القضائية في قضايا مختلفة، ويعتقد مناصرو ترامب أنّه قد تمّ تسييس القضاء الأمريكي واستخدامه كسلاح ضدّه الرئيس السابق في هذه القضية، وأنّ ذلك جزء من مخطّط لإبعاده عن الساحة السياسية وحرمانه من التنافس على الانتخابات المقبلة سيما في ظل تراجع حظوظ بايدن بسبب الموقف من الحرب الإسرائيلية على غزّة.
وفقاً لاستطلاع أجرته "سي أن أن" قبل حوالي شهر من الآن، فإنّ ترامب يتفوّق على بايدن بواقع 49% مقابل 43%، وأنّ 55% من الأمريكيين يرون أن ولاية ترامب السابقة كانت ولاية ناجحة مقابل 44% يرون أنّها فاشلة. وتشير نتائج بعض استطلاعات الرأي التي تمّ نشر نتائجها الخميس الماضي إلى أنّ بايدن خسر الكثير من أصوات بعض المجموعات التي أمّنت له الإنتصار خلال الانتخابات الرئاسية السابقة لاسيما فئة الشباب.
واستناداً إلى نتائج هذا الاستطلاع، فإنّ حوالي 44% من الديمقراطيين لا يوافقون على طريقة إدارة بايدن لملف الحرب الإسرائيلية على غزّة. ويشير هذا الاستطلاع إلى أنّ بايدن قد يتفوّق على ترامب بنقطتين لكنّه قد يخسر أمام مرشّح ثالث بأربع نقاط. المثير للاهتمام أنّ هذه التطورات التي حدثت قبل خمسة أشهر فقط من الانتخابات الرئاسية الأمريكية قد تترك تأثيرها المباشر على النتائج النهائية للانتخابات إذا لم يتم حرمان ترامب من الترشّح.
وبهذا المعنى، فهي قد تأتي بنتائج عكسية إذا ما نجح ترامب بتوظيفها لكسب المزيد من الشعبية من خلال التركيز على دور الضحيّة. يطرح هذا السيناريو كذلك تساؤلات عن مستقبل الولايات المتّحدة إذا ما قام رئيس سابق مدان بالترشح والفوز، وكيف سينعكس ذلك على الانقسام السياسي والاجتماعي في البلاد، وعلى الصراع الداخلي الجاري في ظل الحديث المتزايد عن إمكانية أن تشهد الولايات المتّحدة حرباً أهلية في المستقبل القريب.
وسواءً كانت إدانة ترامب جزء من مخطط استباقي للإطاحة به وقطع الطريق عليه للوصول إلى البيت الأبيض مرة أخرى، أم أنّه كان مساراً طبيعياً لتحقيق العدالة، فالأكيد أنّ مشاكل الولايات المتّحدة الداخلية والخارجية آخذة في الازدياد في ظل التراجع الأمريكي على المستوى العالمي، وهو تراجع من المتوقّع أن يستمر على مختلف الجبهات خلال المرحلة المقبلة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ترامب إدانة الرأي القضاء امريكا قضاء إدانة رأي ترامب مقالات مقالات مقالات رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المت حدة إدانة ترامب جزء من
إقرأ أيضاً:
ترامب يتسبب في أول حرب تجارية بين الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والصين
زنقة 20. الرباط
أكد البيت الأبيض، أول أمس الجمعة، أن الرسوم الجمركية المفروضة بنسبة 25 بالمائة على المنتجات القادمة من كندا والمكسيك، و10 بالمائة على المنتجات الصينية، ستدخل حيز التنفيذ، يوم السبت 1 فبراير.
وكانت تقارير إعلامية أشارت، خلال الأيام الأخيرة، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتزم تأجيل تطبيق هذه الرسوم لمدة شهر.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، خلال لقاء صحافي اليوم الجمعة، إن هذه التقارير “غير صحيحة”، مؤكدة أن “غدا، الأول من فبراير، هو الموعد النهائي، الذي أعلن عنه الرئيس ترامب في وقت سابق” .
وكان ترامب هدد بفرض رسوم جمركية بسبب “إخفاق” كندا والمكسيك في مكافحة تدفق المهاجرين غير القانونيين وتهريب المخدرات، خاصة الفنتانيل، عبر حدودهما مع الولايات المتحدة.
ويحذر خبراء أوردت الصحافة آراءهم، من التداعيات السلبية لزيادة الرسوم الجمركية على قطاعات من قبيل السيارات والطاقة.
وأشارت وكالة (بلومبرغ) الإخبارية إلى أن إجمالي المبادلات التجارية بين الولايات المتحدة وكندا بلغ 699 مليار دولار ما بين يناير ونونبر 2024، فيما ارتفع حجم هذه المبادلات مع المكسيك إلى 776 مليار دولار.
من جته، أعلن رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، مساء السبت، أن أوتاوا ستفرض رسوما جمركية بنسبة 25 بالمائة على 155 مليار دولار من المنتجات الواردة من الولايات المتحدة.
وأوضح ترودو أن سلسلة أولى من التعريفات الجمركية تشمل ما قيمته 30 مليار دولار من السلع الأمريكية، ستدخل حيز التنفيذ ابتداء من يوم الثلاثاء، فيما ستهم حزمة ثانية من هذه الرسوم سلعا واردة من الولايات المتحدة بقيمة 125 مليار دولار، سيتم تطبيقها بعد 21 يوما.
يأتي إعلان المسؤول الكندي بعد أن فرضت واشنطن في اليوم ذاته رسوما جمركية بنسبة 25 بالمائة على المنتجات القادمة من كندا، باستثناء المواد الطاقية الخاضعة للضريبة بنسبة 10 بالمائة.
وصرح ترودو، خلال مؤتمر صحافي، بأن الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة “تهدد العلاقات الاقتصادية التاريخية” بين البلدين.
وكان البنك المركزي الكندي حذر من الضرر الكبير الذي سيطال اقتصاد كندا بعد فرض واشنطن تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمائة على الصادرات الكندية إلى الولايات المتحدة.
وتبلغ قيمة السلع والخدمات التي تعبر الحدود يوميا بين البلدين 3.6 مليار دولار.
كما أعلنت رئيسة المكسيك، كلاوديا شينباوم، أن بلادها تعتزم إقرار “تدابير جمركية وغير جمركية دفاعا عن مصالح المكسيك”، في رد على التعريفات الجمركية بنسبة 25 بالمائة التي فرضتها الولايات المتحدة على منتجاتها.
وفي منشور على منصة (X)، اقترحت الرئيسة المكسيكية، التي لم تكشف أي تفاصيل بشأن هذه “التدابير الجمركية”، على الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تشكيل “مجموعة عمل تضم أفضل فرقنا للأمن والصحة العامة”، بغية التصدي لقضايا الاتجار بالمخدرات والهجرة.
وفرضت الولايات المتحدة، يوم السبت، رسوما جمركية بنسبة 25 بالمائة على المنتجات الواردة من كندا، باستثناء المنتجات الطاقية الخاضعة لضريبة 10 بالمائة، والمكسيك، ورسوما إضافية بنسبة 10 بالمائة على الضرائب المفروضة على المنتجات الصينية.
وأشار الرئيس الأمريكي إلى أنه تم فرض هذه الرسوم الجمركية بسبب “إخفاق” كندا والمكسيك في مكافحة تدفق المهاجرين غير القانونيين وتهريب المخدرات، خاصة الفنتانيل، عبر حدودهما مع الولايات المتحدة.
ويحذر المحللون من أن هذه الرسوم الجمركية تهدد صادرات ونمو اقتصاد وعملة المكسيك، التي توجه 83 بالمائة من صادراتها إلى جارتها الأمريكية (السيارات وأجهزة الحاسوب والمنتجات الزراعية).
وتسجل المكسيك فائضا تجاريا هاما مع الولايات المتحدة، مما دفع ترامب إلى التأكيد أن بلاده “تمول المكسيك”.
وخلال سنة 2024، حقق الاقتصاد المكسيكي نموا بنسبة 1.3 بالمائة، غير أنه تباطأ خلال الربع الأخير.