العدوان على غزة يلقي بظلاله على إقامة مهرجان جرش
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
عمّان- أثارت تصريحات وزيرة الثقافة الأردنية هيفاء النجار بشأن موعد إقامة مهرجان جرش للثقافة والفنون في نسخته الـ38 جدلا واسعا بين الأردنيين، حيث نقل الموقع الإلكتروني لقناة "المملكة" المحلية عنها، أنَّ موعد مهرجان جرش سيكون خلال الصيف الحالي، في 24 يوليو/تموز المقبل.
ولم تمض ساعات على إعلان الخبر حتى جاءت ردود الفعل غاضبة على منصات التواصل الاجتماعي، منتقدة إعلان إقامة المهرجان في ظل المجازر التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء قطاع غزة، ومطالبة بإلغاء المهرجان هذا العام.
وبعد وقت قصير، عادت الوزيرة النجار -التي تشغل أيضا منصب رئيسة اللجنة العليا للمهرجان- لتتراجع عن إعلانها السابق عبر تصريح آخر لها، أشارت فيه إلى أن إقامة مهرجان جرش "لا يعتبر أولوية" نتيجة للأوضاع المأساوية التي يمر بها الشعب الفلسطيني.
أرجع بعض المحللين حالة الارتباك في تصريحات الوزيرة النجار إلى ردود الفعل الغاضبة من نية عقد مهرجان جرش في ظل العدوان الذي يشهده قطاع غزة منذ 8 أشهر. وفي حديثه للجزيرة نت، قال النائب في البرلمان الأردني حسن الرياطي إن المطلوب أن "نرتقي بمستوى موقفنا تجاه ما يجري من مجازر في قطاع غزة، لا أن تخرج علينا وزيرة الثقافة لتعلن عن موعد بدء مهرجان جرش".
وأضاف الرياطي "إننا نعيب على أي شخص يقيم حفلا في داره وجاره لديه مأتم، فكيف نقبل أن نقيم مهرجان جرش للغناء، وأهلنا في غزة يذبحون، ودماؤهم لم تجف بعد".
إلا أن عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة اليرموك الدكتور خلف الطاهات كان له رأي مغاير، حيث أكد أن مهرجان جرش يعتبر فرصة للأردن يمكن استثمارها وتوظيفها لإبراز ودعم الموقف الرسمي والشعبي المتعاطف مع ما يجري في غزة.
وقال الطاهات في تغريدة له بحسابه على موقع "إكس" إن مهرجان جرش يمكن أن يكون امتدادا مهما جدا لمنظومة الجهود الأردنية الكبيرة، إلى جانب الجهود السياسية والدبلوماسية والإغاثية والإنسانية والإعلامية التي يقدمها الأردن بمسؤولية عالية منذ بداية الاعتداء على غزة.
pic.twitter.com/NLSafqk9Cr
— Khalaf Tahat د. خلف الطاهات (@khalaf_tahat) May 30, 2024
الرقص على الجراحمن جهته، قال الوزير الأردني الأسبق الدكتور بسام العموش إن الأردن ليس ضد الثقافة التي ترتبط بالعلم، لكن الظرف الآن لا يسمح بـ"التهريج بأي شكل كان"، ووضّح بأن هناك فرقا بين الثقافة والرقص والغناء، في ظل الدم المسكوب يوميا في قطاع غزة.
وأضاف في حديثه للجزيرة نت متسائلا "على ماذا نرقص، هل نرقص على جراحنا؟" مؤكدا أن الظرف العام والتوقيت ليسا مناسبين، وأن وقف هذا المهرجان يعتبر "أقل الواجب"، بدلا من الإعلان عن إقامته، وأضاف أنه ضد أن يتم جلب المغنين والمغنيات في ظل هذه الأوضاع. وقال "الأمر بالنسبة لنا مرفوض تماما، بل لنا موقف ضد المهرجان من حيث المبدأ".
وطالب النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي بتأجيل مهرجان جرش حتى إشعار آخر؛ احتراما لدماء الشهداء في غزة، وللموقف الأردني الداعم لسكان القطاع ولفلسطين.
إلى وزيرة الثقافة السيدة هيفاء النجار @haifanajjar3
نطالب بتآجيل مهرجان جرش حتى إشعار آخر إحتراماً لدماء الشهداء في غزّة و إحتراماً للموقف الأردني لطالما كان الأردن و الأردنيين خير سند و عون لأهلنا في غزّة و فلسطين ..#تأجيل_مهرجان_جرش pic.twitter.com/FViXIe1wxA
— Rashed (@mubaidin_rashed) May 29, 2024
يذكر أن مهرجان جرش انطلق للمرة الأولى عام 1980 بمبادرة من جامعة اليرموك، قبل أن يتحوّل إلى مهرجان رسمي، وافتُتحت دورته الأولى عام 1981، وأصبح فعالية سنوية تقام في مدينة جرش الأثرية خلال أشهر الصيف، ويشمل فعاليات فنية وأدبية وثقافية من مختلف أنحاء العالم، وسبق أن تم إلغاؤه عام 1982 بسبب مصادفة موعده مع اجتياح إسرائيل للعاصمة اللبنانية بيروت.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات وزیرة الثقافة مهرجان جرش قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
إبراهيم النجار يكتب: اتفاق الشرع قسد.. وماذا بعد؟!
في دوامة المشهد السوري، حيث تتشابك الخيوط وتتعقد.. يظل عنصر المفاجأة سيد الموقف هناك. وعلي الرغم من وضوح الصراعات، يبقي توقيت الأحداث لغزا محيرا، حيث تتبدل فيه المواقف والتحالفات في برهة من الزمن.. أحداث دامية، واشتعال النيران في الساحل السوري، جعلت الصوت الدولي يرتفع، مطالبا بوقف العنف، وتحرك حكومة دمشق علي وجه السرعة، لرأب الصدع ومعالجته قدر المستطاع.
في غمرة هذا المشهد المأساوي، يطل فجأة إعلان اتفاق بين دمشق وقوات سوريا الديمقراطية، "قسد". والذي وصف بـ التاريخي، حسب مراقبين، ذلك الاتفاق الذي كان بالأمس القريب ضربا من الخيال. ينص الاتفاق، الذي وقعه الرئيس السوري، أحمد الشرع، وقائد "قسد"، الجنرال مظلوم عبيدي، على دمج جميع المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للإدارة الذاتية الكردية، في إطار الدولة السورية الجديدة. خطوة يراها البعض، أهم تطور منذ سقوط حكم بشار الأسد. إذ يطمح السوريون، إلي أن يسهم الاتفاق، في وأد أي محاولات انفصالية، ومنع أي اقتتال داخلي قد يعيد البلاد إلي الفوضي.
بينما امتلأت شوارع دمشق، بـ الاحتفالات، وسط آمال بأن يشكل الاتفاق، اختراق كبير في مسار بناء الدولة الجديدة، هناك من يدعو إلي التريث، محذرين من أن التنفيذ هو الاختبار الحقيقي، لمدي جدية الأطراف في الالتزام ببنود الاتفاق - الاتفاق في حد ذاته جيد - غير أن الضغوط الإقليمية، قد تؤثر بقوة علي مجريات تنفيذ بنود الاتفاق، ومعطياته علي الأرض، ولا سيما، أن اللاعبين الدوليين، لن يقفوا مكتوفي الأيدي، ومن ثم فإن نجاح الاتفاق، يتوقف علي قدرة "قسد"، علي مقاومة الإغراءات والضغوط الخارجية، التي ربما قد تعيدها إلي دائرة المواجهة مع الدولة، هذا من جهة، ومن جهة أخري، مرونة دمشق في تلبية متطلبات السوريين الأكراد، وقبولهم في الاندماج في النظام.
ثمة من يري، هذا التفاؤل مشروط، ولا بد من الحذر من الفخاخ السياسية، فـ الاتفاق يعزز وحدة البلاد، ويحبط المخططات الإسرائيلية، الساعية إلي استغلال الاقليات الدينية والعرقية، لتقسيم سوريا. ومن ثم لابد من التركيز علي دمج كل مكونات المجتمع السوري، ومنح الشعب في حقه في السلطة، وإدارة شئون البلاد، وإلا فإن الفرص ستضيق أكثر فأكثر علي الحكومة الجديدة، إقليميا ودوليا. فهل سيثبت الاتفاق قوته، أمام العواصف السياسية والتدخلات الخارجية، وصراع المحاور في سوريا؟.