ماذا قال معلقون وصحفيون إسرائيليون عن خطاب بايدن بشأن الفرصة الأخيرة؟
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
جاء خطاب الرئيس الأمريكي جو بايدن وحديثه عن فرصة أخيرة لوقف الحرب، في توقيت مهم بالنسبة للإسرائيليين، لاسيما وأنه يأتي عشية استقالة محتملة للوزير في مجلس الحرب بيني غانتس، مما يثير كثيرا من التساؤلات حول الفرصة التي لا ينبغي تفويتها وفق تحذير بايدن للاحتلال.
"عربي21" رصدت جملة من ردود فعل المعلقين الإسرائيليين حول خطاب بايدن، والموقف الاسرائيلي المتوقع، وفرص تحقيق وقف العدوان.
دانا فايس مراسلة الشئون السياسية في "القناة 12" أكدت أن "بايدن أراد مخاطبة الجمهور الإسرائيلي مباشرة أولاً وقبل كل شيء، بقوله إن هناك فرصة هنا يجب على الاسرائيليين اغتنامها، من خلال قبول صفقة التبادل، ووضع حد للحرب على غزة، ورؤية حماس ضعيفة لا يمكنها تهديدهم، والحصول على الدعم الكامل مع الضمانات من الولايات المتحدة، ومن قطر ومصر إذا خرقت حماس الصفقة".
وأضافت أن "شرط بايدن لكل بنود الصفقة التي تشمل التطبيع مع السعودية، ووقف التوتر في الجبهة الشمالية، واضح جداً، ويتضمن ثلاث مراحل تحدث عنها بالتفصيل، لكن الأهم أن الخطاب يعبر عن الإحباط الأمريكي الكبير المتمثل في عدم قدرة الإدارة على إقناع الحكومة الإسرائيلية بقبول العرض الذي قدمته بنفسها أمام الوسطاء".
وأشارت إلى أن "بايدن صحيح أنه لا يلزم الاحتلال بإنهاء الحرب، لكنه يعطي حماس ضمانة بأنه لن ينتهك وقف إطلاق النار بعد المرحلة الأولى، محاولا التغلب على خوف حماس من أن الاحتلال سيفعل ذلك، وفي الوقت ذاته يعطي الاحتلال ضمانة بأنه سيفعل ذلك، ومن الممكن دائماً العودة للقتال".
وأكدت أن "توقيت الخطاب ليس صدفة، لأن بيتسلئيل سموتريش وإيتمار بن غفير لا يستطيعان الرد عليه بسبب عطلة السبت اليهودية، كما أن الخطاب تم قبل خروج متوقع لمعسكر الدولة برئاسة غانتس من الحكومة، وفي المحصلة فإن الخطاب يتوافق مع الجدول السياسي الإسرائيلي، لأنه إذا انسحب أولئك الاثنين، فإن هناك شبكة أمان يمنحها غانتس وآيزنكوت لنتنياهو".
نير دفوري المراسل العسكري للقناة 12 اعتبر أن خطاب بايدن يمكن تسميته "الفرصة الأخيرة لاتخاذ القرارات، رغم أنه أوضح بعض النقاط، وأبقى بعض علامات الاستفهام، لكن المحصلة أن خطابه تحدث عن نقطة القرار والوقت المناسب لاتخاذه، وفي الواقع، فقد أعطى فرصة أخيرة لوقف الحرب، رغم أنه حتى في ظل الاقتراح الإسرائيلي، تظل حماس في السلطة، مما يطرح علامة الاستفهام حول ما إذا كان سيتم إبعادها عنها، واللافت أن بايدن لم يتحدث أبدا عما سيحدث مع السلطة الفلسطينية، مكتفيا بالحديث عن ترتيبات محلية وإقليمية".
وأضاف أن "بايدن تحدث صراحةً، على غير العادة، أن المشكلة تكمن في الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، واصفاً إياه بأنه يتراجع خطوة للوراء، صحيح أنه أكد على أن الكرة في ملعب حماس حالياً، لكن ليس ذلك فحسب، بل هي في ملعب إسرائيل أيضاً، وبالتالي فإن استماع الجمهور الإسرائيلي لهذا الخطاب، وبهذه التفاصيل، للمرة الأولى، سينعكس في استطلاعات الرأي".
يونا ليبزون مراسلة الشؤون الدولية في القناة 12 اعتبرت أننا "أمام خطاب نهاية الحرب، كلنا نتذكر خطاب بايدن في بدايتها، وخطاب الليلة ربما نتذكره باعتباره خطابه في نهاية الحرب، لقد قالها رسميًا، ولأول مرة بمثل هذه العبارات، بكلماته الخاصة، وليس خلف الكواليس، أو في أي نوع من الإحاطات الخاصة المغلقة، لقد قدم الخطوط العريضة الحقيقية لإنهاء الحرب، وليس مجرد وقف إطلاق النار، واتفاق إطلاق سراح المختطفين".
وأضافت أن "ما يجب ملاحظته في كلام بايدن أنه طوال الوقت أكد على هدف القضاء على حماس، وأنها لن تكون قادرة على تنفيذ هجوم السابع من أكتوبر مرة أخرى، مما يعني من وجهة نظر الأميركيين، فإن جميع الأهداف العسكرية التي حددتها إسرائيل قد انتهت، صحيح أن الخطاب يحمل نداءً مباشراً للجمهور الإسرائيلي، وهذا شيء كان البيت الأبيض يفكر فيه لفترة طويلة جدًا، لكن بايدن تحدث معهم فوق رأس الحكومة".
غاي بيليغ مراسل الشؤون الحزبية في القناة ذاتها أشار أن "العنوان الأكثر مناسبة لخطاب بايدن أنه "يحفظنا من أنفسنا، مما يجعلنا نتذكر خطابه الافتتاحي في بداية الحرب، عندما وصل هنا، وأرسل رسائل إلى حزب الله وإيران وجميع أعدائنا بألا يعبثوا معنا، ثم حمانا من أعدائنا، واليوم يحمينا من أنفسنا، لقد كان هذا في الواقع خطابه الليلة، رغم إدراكه أن هناك عناصر سياسية في الحكومة تبتزّ نتنياهو، وتسيطر عليه، لكنه حذره من الاستسلام لتلك العناصر الخطيرة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية بايدن غانتس غزة غزة بايدن الهدنة غانتس دولة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة خطاب بایدن
إقرأ أيضاً:
تنازلات زيلينسكي الأخيرة.. هل تنقذه من الإطاحة به؟
في 28 فبراير/شباط الماضي، وقعت مشادة حادة غير مألوفة داخل المكتب البيضاوي بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، دار الجدل العلني حول سياسات كييف تجاه الحرب مع روسيا، وانتهى بإعلان ترامب تعليق التواصل مع زيلينسكي حتى يغير موقفه.
ومنذ ذلك الحين، تصاعد الحديث في واشنطن عن ضرورة تنحي زيلينسكي من منصبه، في خطوة بدا أنها مدفوعة برؤية ترامب لإنهاء الحرب الأوكرانية وفق شروط مواتية له.
لكن هل تسعى إدارة ترامب حقا للإطاحة بزيلينسكي؟ أم أن هذه الضغوط مجرد محاولة لتحقيق مصالح سياسية مثل ورقة تعليق المساعدات العسكرية؟
وهل ينذر قبول زيلينسكي بوقف إطلاق النار خلال محادثات السعودية بنهاية هذه الأزمة السياسية أم أن مصير الرئيس الأوكراني ما زال معلقا؟ وما الخيارات المتاحة أمامه في مواجهة تحالف أميركي-روسي يشكل ضغطا عليه؟
View this post on InstagramA post shared by قناة الجزيرة مباشر (@aljazeeramubasher)
ترامب و"شؤم" زيلينسكيمنذ بداية وصول ترامب للسلطة في 2019، اتسمت علاقته بزيلينسكي بالتوتر والإثارة، بدأت باتصال هاتفي مثير للجدل أثار فضيحة سياسية كبرى في واشنطن، وهذا فتح الباب لإطلاق إجراءات عزل ترامب برلمانيا. ورغم فشل تلك الإجراءات في الإطاحة به، فإنها أسهمت في تقويض صورته السياسية ومهدت لهزيمته في الانتخابات اللاحقة.
إعلانكان الرئيس الأميركي خلال ذلك الاتصال قد طلب من الرئيس الأوكراني فتح تحقيق في أنشطة هانتر بايدن في أوكرانيا، وهو نجل المرشح الديمقراطي الأوفر حظا لمنافسته حينها جو بايدن، ليتهم ترامب بإساءة استغلال السلطة واستخدامها لمصالحه الانتخابية الشخصية.
ولم يكن العهد الجديد في علاقة الرجلين أقل إثارة، إذ أصبحت حادثة المكتب البيضاوي واحدة من أبرز اللحظات الجدلية ليس فقط في تاريخ السياسة الأميركية، بل أيضا في العلاقات الدولية الحديثة.
عكست تلك الواقعة استياء واضحا يكنه ترامب تجاه زيلينسكي، وهو استياء ربما تراكم منذ الاتصال الهاتفي الشهير الذي أطلق سلسلة من المشكلات السياسية للرئيس الأميركي وكاد يفضي إلى عزله.
ولم يكن زيلينسكي بالنسبة لترامب مجرد رئيس أجنبي بل كان تجسيدا لكابوس سياسي يلاحقه، يذكّره بجو بايدن وبقضايا الفساد التي طالما انتقدها، فضلا عن الإنفاق الكبير على أوكرانيا الذي كان محط انتقاد الجمهوريين في الولايات المتحدة.
تجلى ذلك في حملة نظمها ترامب وحلفاؤه عام 2023 داخل مجلس النواب لتعليق المساعدات العسكرية لأوكرانيا، وهي حملة باءت بالفشل.
وكانت حادثة المكتب البيضاوي قد استبقت بتنابز إعلامي بين الرجلين، ففي 19 فبراير/شباط غرد ترامب على شبكته الاجتماعية "تروث سوشيال" واصفا الرئيس الاوكراني بالدكتاتور وبفاقد الشرعية الانتخابية، في تماه تام مع الدعاية الروسية وفي إشارة إلى أن زيلينسكي انتهت مأموريته الانتخابية في مايو/أيار 2024.
ومن جانبه اعتبر زيلينسكي أن ترامب يعيش وسط هالة من التضليل الإعلامي تعميه عن الحقيقة.
وتتالت التصريحات الأميركية التي وصلت حد الجهر بضرورة تنحي زيلينسكي عن الحكم والبحث عن بديل له يمكن معه تحقيق السلام وفق رؤية ترامب وإنفاذا لوعد من وعود حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة.
إعلانفقد ألمح ترامب إلى أن زيلينسكي لن "يبقى في السلطة لفترة طويلة" إذا لم يبرم صفقة مع روسيا، واتهمت مديرة الاستخبارات الأميركية تولسي غابارد كييف بإلغاء الانتخابات. وغرد إيلون ماسك أن: "أوكرانيا بحاجة إلى إجراء انتخابات، وسيخسر زيلينسكي بأغلبية ساحقة".
ووصلت ضغوط إدارة ترامب حد التواصل مع المعارضة الأوكرانية لبحث السبل الكفيلة بتنحية زيلينسكي وإيجاد بديل له.
محادثات سرية مع معارضي زيلينسكيفي السادس من مارس/آذار الجاري، أوردت صحيفة بوليتيكو الأميركية في تقرير لها أن 4 من كبار أعضاء إدارة ترامب أجروا مناقشات سرية مع كبار معارضي زيلينسكي في إطار مساع من واشنطن وموسكو لإزاحة الرئيس الأوكراني من منصبه.
وذكرت صحيفة بوليتيكو، نقلا عن 3 برلمانيين أوكرانيين وعضو في الحزب الجمهوري الأميركي، أن مقربين من الرئيس ترامب أجروا اتصالات مع زعيمة المعارضة الأوكرانية ورئيسة الوزراء السابقة يوليا تيموشينكو، بالإضافة إلى شخصيات بارزة في حزب الرئيس الأوكراني السابق بيترو بوروشينكو، الذي سبق الرئيس الحالي زيلينسكي في تولي الرئاسة.
وبحسب الصحيفة، فقد ركزت المناقشات على ما إذا كانت أوكرانيا قادرة على إجراء انتخابات رئاسية سريعة، حيث إن مساعدي ترامب واثقون من أن زيلينسكي سيخسر أي تصويت بسبب تداعيات الحرب والإحباط العام مما تصفه إدارة ترامب بالفساد المستشري في أوكرانيا.
ونقلت الصحيفة عن أحد مصادرها -طلب حجب اسمه- قوله إن: "أنصار بوروشينكو ويوليا يسعون جميعا للتقرب من ترامب، ويضعون أنفسهم كأشخاص سيكون من الأسهل العمل معهم لموافقتهم على العديد من الأمور التي يرفضها زيلينسكي".
من جانب آخر، وبحسب تقرير لمراسل صحيفة الغارديان البريطانية في كييف لوك هاردينغ، فإن بيترو بوروشينكو ويوليا تيموشينكو قد نفى أنهما كانا جزءا من مؤامرة البيت الأبيض المزعومة لإزاحة الرئيس الأوكراني من السلطة، مع اعترافهم بالتواصل مع أعضاء من إدارة ترامب.
إعلانونقلت الغارديان عن كل من بوروشينكو -الذي خسر أمام زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية لعام 2019- ويوليا تيموشينكو -التي شوهدت في واشنطن أثناء تنصيب ترامب في يناير/كانون الثاني- قولهما إنهما أجريا محادثات مع مقربين من ترامب، لكنهما يعارضان إجراء انتخابات خلال الحرب.
وأصدر حزبا تيموشينكو وبوروشينكو بيانات للدفاع عن تواصلهما مع إدارة ترامب، وأكدا أنهما "يتفاوضان مع جميع الحلفاء الذين تمكنهم المساعدة في ضمان السلام العادل في أقرب وقت ممكن"، معتبرين أن "الفشل في التواصل مع الإدارة الأميركية يشكل خطرا على الدولة".
كانت ولاية الرئيس الأوكراني -التي استمرت 5 سنوات- قد انتهت رسميا في 19 مايو/أيار 2024، ومع ذلك بقي في منصبه من دون التجديد له ولفترة غير محددة أيضا.
لكن زيلينسكي يأوي في بقائه في السلطة إلى ركن قانوني منيع، حيث يستند إلى دستور أوكرانيا وقوانينها الانتخابية التي تحظر إجراء أي انتخابات أثناء الأحكام العرفية.
فقد أعلن زيلينسكي الأحكام العرفية في 24 فبراير/شباط 2022، وهو اليوم الذي بدأت فيه الحرب الروسية على أوكرانيا، ومنذ ذلك الحين يتم تجديد هذه الأحكام كل 90 يوما، وتسري صلاحية آخر تجديد حتى التاسع من مايو/أيار المقبل.
وتنقل صحيفة "لوكرييه إنترناسيونال" الفرنسية عن الخبيرة القانونية الأوكرانية تاتيانا باركهومتشوك أن "الأحكام العرفية تمنح الحكومة الصلاحيات اللازمة لمقاومة العدوان المسلح من خلال فرض قيود مؤقتة على الحقوق والحريات الدستورية للمواطنين".
ويجمع المتابعون للشأن الأوكراني على صعوبة إجراء الانتخابات عمليا أثناء الحرب، فالآلاف من الناخبين منخرطون في القتال على الخطوط الأمامية، وهناك 6 ملايين أوكراني في الخارج فرارا من الحرب، حسب تقديرات الأمم المتحدة.
إعلانوينضاف لما سبق أن روسيا سيطرت على حوالي 20% من الأراضي الأوكرانية، وهذا يعني أن تلك الأراضي لن تشملها الانتخابات، وسيكون هذا بمثابة تكريس لقرار الكرملين بضم تلك المناطق إلى الأراضي الروسية.
وينقل الكاتب ماكسيم تسوين في مقال على صحيفة "آكتياليتي" الفرنسية عن شخصيات أوكرانية أن أي انتخابات تجري أثناء الحرب لن يفوز فيها لا زيلينسكي ولا بوروشينكو، وإنما ستكون انتصارا لشخص واحد هو بوتين لما يمتلكه من وسائل وحملات التضليل ولوجود طابور خامس يمكنه استغلاله، لذلك لا ينبغي أن يسمح له بذلك حسب تلك الشخصيات الأوكرانية.
هل من بديل لزيلينسكي؟رغم الضغوط الأميركية والروسية لتنحيته وحديث المقربين من معسكر ترامب عن انعدام شعبيته، لا يوحي الواقع السياسي في أوكرانيا ولا استطلاعات الرأي بوجود بديل جاهز للحلول محله.
فوفقا لصحيفة الغارديان، يظهر استطلاع أجرته مؤسسة سيرفيشن البريطانية أنه 44% من الأوكرانيين قالوا إنهم سيدعمون زيلينسكي للرئاسة، وكان أقرب منافس له يتخلف عنه بأكثر من 20 نقطة مئوية، وهو فاليري زالوزني، قائد الجيش السابق الذي يشغل الآن منصب سفير أوكرانيا في بريطانيا.
أما زعيما المعارضة اللذان تواصلت معهما الإدارة الأميركية بوروشينكو وتيموشينكو، فقد حلا حسب الاستطلاع في أسفل الترتيب وحصلا على التوالي على 10% و5.7% فقط.
ولا يبدو أن زالوزني الذي حل ثانيا في الاستطلاع سيكون الخيار المفضل لإدارة ترامب، فقد نقلت عنه صحيفة الغارديان تصريحات اتهم فيها ترامب "بتخريب الوحدة الغربية"، مضيفا أنه: "إذا كان محور الشر وروسيا يحاولان تغيير النظام العالمي، فإن الولايات المتحدة تدمره".
وحذر من أن حلف شمال الأطلسي (الناتو) سيتوقف عن الوجود قريبا بعد أن تحللت الولايات المتحدة من التزامها بالأمن الأوروبي.
قد يرى البعض أن إعلان زيلينسكي قبوله وقف إطلاق النار خلال محادثات السعودية، الثلاثاء الماضي، يشير إلى انتهاء الضغوط الأميركية لتنحيته، لكن صحيفة بوليتيكو أوردت في تقريرها أن مفتاح كل الخطط التي نوقشت عبر القنوات السرية لتنحية الرئيس الأوكراني يتمثل في إجراء انتخابات رئاسية بعد التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق نار مؤقت، وقبل الشروع في مفاوضات سلام شاملة وجادة.
إعلانوتحظى هذه الخطوة بدعم الكرملين، الذي يرى في الإطاحة بزيلينسكي هدفا إستراتيجيا ضمن أولوياته.
ومما يؤكد استمرار سيناريو عزل زيلينسكي، أن الشخصيات المعارضة الأوكرانية التي تواصلت معها إدارة ترامب أكدت معارضتها إجراء أي انتخابات قبل وقف القتال، وهذا يعني أن عملية وقف إطلاق النار بدلا من أن تكون حبل نجاة لزيلينسكي، فقد تعني الخطوة الأولى لمسار تنحيته عن السلطة باعتبار ذلك هدفا مزدوجا للطرفين الأميركي والروسي حتى يتسنى لهما عقد اتفاق مريح.
محاولة زيلينسكي النزول من الشجرةبعيد واقعة المكتب البيضاوي، أبدى زيلينسكي مقاومة واضحة للمطالب الأميركية الداعية إلى استقالته، مدعوما بتأييد داخلي وإشادات دولية بموقفه، حتى إنه سخر من المطالب الأميركية باستقالته وقال للصحفيين على هامش قمة لندن إنه "لو أجريت انتخابات هذا العام فمن المرجح أن أفوز إلا أن يمنعوني من المشاركة".
وأكد زيلينسكي أنه لن يتنحى عن منصبه إلا إذا نجحت أوكرانيا في الحصول على عضوية حلف شمال الأطلسي، مشيرا إلى أن تحقيق هذا الإنجاز يعني اكتمال مهمته كرئيس.
لكنه سرعان ما بدأ ما يمكن وصفه بـ"التراجع الكبير"، خاصة بعد قرار تعليق المساعدات العسكرية الأميركية والضغوط المتزايدة التي مورست عليه من حلفائه الأوروبيين الذين اعتبرهم في السابق بديلا محتملا لدعم واشنطن.
وكشفت تسريبات إعلامية من اجتماعاته مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر، والأمين العام لحلف شمال الأطلسي مارك روته، أن هؤلاء الحلفاء حثوه على ضرورة السعي لإصلاح علاقته مع الرئيس الأميركي ترامب عقب واقعة المكتب البيضاوي.
وهكذا بدأ زيلينسكي التراجع ومحاولة النزول من أعلى الشجرة، حيث أعلن صراحة أنه نادم على المواجهة النارية في البيت الأبيض ومستعد بقوة للعمل مع ترامب من أجل السلام.
كما أن "النشوة" التي أحدثها موقف زيلينسكي لدى الرأي العام الأوكراني بدأت تتلاشى بسرعة، فقد أعلن العديد من قادة الأحزاب والفصائل في أوكرانيا خلال الأيام الماضية أن أولوية أوكرانيا يجب أن تكون إصلاح العلاقات مع ترامب، وهناك شبه إجماع في النخب الأوكرانية أنه من دون دعم الولايات المتحدة، ستهزم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
وأظهر استطلاع للرأي أجراه المعهد الأوكراني للسياسة الأسبوع الماضي، أن ثلثي سكان البلاد يريدون إنهاء الحرب ويستعد نصف هؤلاء لقبول تنازلات كبيرة من جانب أوكرانيا، في حين يريد حوالي ربع السكان فقط استمرار الحرب حتى يتم طرد الروس من كل أنحاء أوكرانيا.
من جهة أخرى، يعتبر المؤرخ الروسي البريطاني والأستاذ المتخصص في الحرب الباردة في مركز هنري كيسنجر بجامعة جونز هوبكنز في واشنطن سيرغي رادشينكو أن الرئيسين الأميركي والروسي تحالفا للإطاحة بالرئيس الأوكراني، وليس أمام الأخير خيار آخر سوى استرضاء ترامب، لكنه سيواجه صعوبة في تحقيق ذلك.
إعلانويؤكد الباحث رادشينكو في مقابلة مع صحيفة "ليكسبريس" الفرنسية أنه مهما بلغت جدية وصدق زيلينسكي في محاولته إصلاح الأمور، فإن فرصة النجاح تبدو ضئيلة، لأن ترامب لا يهتم أصلا بأوكرانيا وإنما اهتمامه الكبير بعلاقاته الشخصية، كما أنه يكره الرئيس الأوكراني الحالي.
ومع ذلك، يستدرك رادشينكو بأن امتثال زيلينسكي لجميع المطالب الأميركية قد يساهم في تحسين العلاقة بين الطرفين. فقد أظهرت تجارب سابقة أن ترامب قادر على تغيير موقفه تجاه أي زعيم أجنبي بشكل جذري، كما حدث مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، الذي انتقل من وصفه بأقسى العبارات إلى الإشادة به علنا وإعلان "حبه" له. فالرئيس الأميركي معروف بتقلباته المفاجئة في مواقفه.