غداة مغادرة الموفد الفرنسي جان ايف لودريان لبنان من دون تحقيق تقدم ملموس في الملف الرئاسي، اشارت مصادر مواكبة للحراك الرئاسي وتطور المشهد السياسي إلى أن «لا تغير في الواقع الداخلي في لبنان، لا على الجبهة الجنوبية المرشحة للمزيد من التصعيد ولا الملف الرئاسي المعلق على الصراع السياسي الداخلي والحرب في الجنوب والمنطقة، وبطبيعة الحال للملفات والاستحقاقات السياسية والاقتصادية والمالية والكهربائية الأخرى».



وكتبت" الاخبار": الخلاصة التي وصل إليها مشاركون في الاجتماعات مع الموفد الرئاسي الفرنسي، أن الرجل يستهدف فرض آلية من الحوارات الداخلية التمهيدية للانتخابات الرئاسية. وهو دعا إلى اعتماد خيار اللقاءات الثنائية أو الثلاثية برعاية فرنسا، معتبراً أن الحوار الوطني مرفوض من قبل جهات لبنانية كثيرة، علماً أن المداولات أظهرت أن «القوات اللبنانية» هي فقط من يرفض الحوار العام. لكنّ لودريان خصّ حزب الله بالحوار حول هذه النقطة، إضافة إلى البند الخاص بترشيح فرنجية. وقد سمع من رئيس كتلة الوفاء للمقاومة كلاماً واضحاً لخّصه مصدر معنيّ بالآتي:
أولاً: إن الثنائي (أمل وحزب الله) لا يربط مصير الرئاسة بملف الحرب مع إسرائيل على الإطلاق، وإنه في حال رُفعت الفيتوات الخارجية وتُرك اللبنانيون يتحاورون، سوف يصلون إلى نتيجة.
ثانياً: إن الحزب لا يزال يدعم ترشيح فرنجية، وهو متمسك به اليوم أكثر من أي وقت مضى، ولا يعتقد بوجود أي سبب لسحب هذا الترشيح أو دعم خيار آخر.
ثالثاً: إن الحزب لن يشارك في أي حوار لا يدعو إليه الرئيس نبيه بري ويكون برئاسته، وإن المشاورات الثنائية جارية أصلاً ولكنها لا تعني الحوار الوطني العام المنشود.
وفي هذا السياق، شرح الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس موقف الحزب قائلاً إن «لا علاقة للمعركة في الجنوب وغزة بانتخاب الرئيس في لبنان»، متسائلاً «هل يوجد سبيل غير الحوار والتشاور للوصول إلى نتيجة». وأكّد أننا «منذ البداية قلنا إننا لا نريد أن نوظف ما يجري في الجنوب بالشأن الداخلي لكن ثمة من يعيش في الوهم» ، مشيراً إلى أن «ما عطّل الانتخابات قبل طوفان الأقصى هو الخلافات الداخلية ووجود فيتوات خارجية، وأن هناك كتلاً نيابية مستعدة لانتخاب مرشح بعينه في حال لمست بصدق أن الخارج ليست لديه تدخلات أو مواقف».
وبينما ظهر أن الدور الفرنسي أصبحَ محكوماً بالسقف السعودي والأميركي أيضاً، فإن الانطباع الذي ساد عقب مهمة لودريان هو أن مهمة الرجل صارت في حكم المنتهية مع إحباط محاولته استدراج جميع القوى السياسية إلى حوار تحت عنوان «تشاور». ويُمكن الجزم، وفقاً للمعطيات المتوافرة، أن وقع هذه الزيارة بالنسبة إلى الموفد الفرنسي كان مختلفاً عن السابق حيث لمسَ من غالبية الأطراف «ليونة» تحديداً تجاه موضوع الحوار، وإن اختلفت الآراء حول مبدأ المرشح الثالث. لكن ما لفت لودريان أن رئيس حزب «القوات» سمير جعجع كان أشد المعارضين لفكرة الحوار. وهو رافض لكل المبادرات. وتنقل أوساط مطّلعة عن لودريان عدة ملاحظات سجّلها في لقاءاته مع القوى السياسية، ستكون مضمون تقريره الذي سيحمله معه إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أبرزها:
أولاً، موقف حزب الله كان صريحاً وواضحاً في مواقفه والأهم تأكيده عدم الربط بين الرئاسة والحرب على غزة. وهو موقف فاجأ لودريان واعتبره إيجابياً بعد أن سادَ مناخ يوحي بغير ذلك تماماً طيلة الأشهر الماضية.
ثانياً، التعاون اللفظي في عين التينة، حيث تعامل رئيس مجلس النواب نبيه بري بليونة في ما يتعلق بالتسميات فلم يرفض فكرة التشاور كما سمّاها لودريان، على أن لا يكون محدوداً زمنياً ومن ثم الانتقال إلى جلسة بدورات متتالية لكنها ليست مفتوحة.
ثالثاً، تأكيد فرنجية أنه ماضٍ في ترشيحه مهما حصل، حتى بعد أن أبلغه لودريان بصراحة سلبية الموقف الخارجي من ترشّحه.
رابعاً، بدت بعض قوى المعارضة مثل حزب «الكتائب»، أكثر تراخياً في التعامل مع فكرة الحوار أو التشاور كما أراد لودريان أن يسميها. وإن كانَ هذا التراخي مشروطاً بعقد جلسة مفتوحة أياً كانت نتيجة الحوار.
خامساً، «التصعيد الشامل» الذي يُصر عليه جعجع. فهو لا يريد بأي شكل من الأشكال لا حواراً ولا تشاوراً، مُوحياً وكأنه لا يريد انتخابات رئاسية بحجة أن ذلك لن يُفضي إلى أي اختراق لأن كل فريق سيبقى على تمسكه بخياره.
وأظهرت حصيلة تقييم القوى الداخلية لزيارته أن «الجولة السادسة للموفد الفرنسي قطعت أن يكون لبلاده دور أساسي وجوهري، في إيجاد حل للأزمة الرئاسية، وقد حاولت باريس أكثر من مرة منذ انفجار مرفأ بيروت، ولم تنجح». ولفتت بعض الأوساط المتابعة الانتباه إلى المقابلة التي أجراها المسؤول الأميركي المكلّف بالملف اللبناني «عاموس هوكشتين» أول من أمس، وذلك بعد يوم واحد من انتهاء زيارة لودريان، معلناً أنّ «اتفاقاً للحدود البرية بين إسرائيل ولبنان يتم تنفيذه على مراحل، قد يخفف من الصراع المحتدم والدامي بين البلدين». وما كان بارزاً في كلام هوكشتين هو أن الاتفاق تضمّن ملفات اقتصادية، حيث تحدّث عن مرحلة ثانية «تشمل حزمة اقتصادية، مثلاً لدينا حل لأزمة الكهرباء، وقد وضعنا حزمة يمكن أن تخلق حلاً من شأنه أن يوفّر لهم الكهرباء لمدة 12 ساعة في فترة زمنية قصيرة». وقد فسّرت بعض الأوساط إطلالة هوكشتين باعتبارها إعلاناً لإنهاء أي دور غير الدور الأميركي في لبنان، والتأكيد على أن الاتفاق الذي يعمل عليه مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الطاقة هو عبارة عن سلّة متكاملة تشمل كل الملفات.
 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية

لأول مرة يرتعب جنرالات الحركة الإسلامية سافكو دم شعبهم، بعد أن علموا بأن الله قد منّ على المستهدفين بالبراميل المتفجرة الساقطة على رؤوسهم، بسلاح نوعي يحميهم، جعل القلوب الخافقة تهدأ والنفوس الوجلة تستقر، فالرب قد استجاب لتلك المرأة المسكينة، التي رفعت كفيها بالدعاء على من أحرق زرعها وضرعها وبيتها، بأن يحرقه، وهي امرأة وحيدة وضعيفة ومسكينة على أعتاب التسعين، أبرها الله الذي وصفته بأنه (ليس ابن عم أحد)، في تضرع صادق خارج من صميم قلب مكلوم مهيض الجناح لا يلوي على شيء، هذه الحرب أدخلت مجرمي الإسلام السياسي في جحر ضب خرب، وكشفت عن بشاعة النفس التي بين جنبيهم، وأبانت كيف أن النشأة الأولى لم تكن على أساس ديني قويم، وإنّما كانت بناء على انحراف خلقي واخلاقي، وإلّا لما جاءت النتيجة بعد ثلاثين عاماً من تجربة الحكم استهدافاً قاسياً للمسلمين الفقراء الكادحين الذين لا حول لهم ولا قوة، جرمهم الوحيد أنهم يسكنون هذه الأرض، وما يزال القاتل الأكبر يتربص بهم كيف أنهم أنجبوا هؤلاء الرجال الأشداء المقاتلين من أجل الحق؟، الذي استمات الحركيون الإسلاميون في تمييعه، بين نفاق الإعلام الكذوب وإفك فقهاء الجنرال الظلوم الجهول "مدّعي الربوبية"، الذي ذُعِر أيما ذُعر وهو يتحدث عن حصول (الرجال) على السلاح النوعي، المانع لآلته المجرمة والقاتلة من أداء مهمتها الجبانة والقذرة، ألم يتلو آيات الذكر الحكيم القائلة أن الباطل لابد وأن يزهق، كيف بربك يتلوها وهو القاتل الغاصب الفاسق الرعديد؟.
من ظن أن السودانيين سيواصلون صمتهم الخجول الممتد لسبعة عقود، عن المجازر المخطط لها بعناية ودقة فائقة وممنهجة من زمان "حسن بشير نصر" و"أبو كدوك" إلى زمان المختبئين وراء المليشيات الإرهابية، يكون غائب عن الوعي وغير مدرك لحتميات حركة التاريخ، وكما في حياتنا الرعوية مقولة "قصعة الجرّة"، التي تعني اجترار الحيوان لكل ما التهمه من عشب النهار ليلاً، بدأ مجرمو مؤسسة الموت والهلاك والدمار يطرشون ما اختزنوه من خطيئة سفك دماء الأبرياء، فجميع من ترونهم من لواءات وعمداء وعقداء يسقطون من السماء على الأرض، ويرقص حول جثثهم المحترقة الأحرار في حفلات شواء ناقمة، ما هي إلّا عملية استفراغ لما ارتكبوه من جرم بشع وعمل شنيع لا يشبه فعل إبليس. على المستوى الشخصي حينما سمعت خبر مقتل العقيد وليد ابن اخت الجنرال الهارب، أيقنت أن القصاص لن يترك فرداً ولا جماعة ولغت في دم عشيرة الغبراء التي أقسمت على الله فأبرها، هذا "الوليد" هو مهندس مجازر الجنينة كما كان (خاله) وجده "اللواء الدابي"، هل تعلمون أن الملازم وليد في تسعينيات القرن المنصرم ارتكب مجزرة بحق سكان قرية بدارفور، شهودها جنود في "جيش (العشب) الواحد"؟، روى تفاصيل الجريمة النكراء "رقيب معاش" ما زال حياً، وأنا على يقين من أنه قد رفع كفيه للسماء بعد أن علم بالخبر وقال "الحمد لله"، إنّ جند الجيش "الكتشنري" سوف يتذوقون ذات طعم الحنظل الذي أذاقوه للسودانيين ما دامت الأكف مرفوعة بالدعاء.
يقول المثل "المصيبة ليست في ظلم الأشرار ولكن في صمت الأخيار"، وانا أقول "المصيبة ليست في صمت الأخيار ولكن في عدم وجود (أخيار) من الأساس"، لأن الرجل الخيّر لن يصمت عن قول الحق، ولن يتسامح مع المجرمين والمنافقين والمدلسين والمزورين والكذابين والأفّاكين، وطالما أن هنالك بيننا من يعتقد في أن الجنود السودانيين الذين يعملون تحت راية (القوات المسلحة)، والمرسلين لليمن من معسكر "سركاب" أنهم "متمردين"، ويتجاهل كونهم نائمين على أسرة (معسكر الجيش) وهم منزوعي السلاح، داخل بيت ضيافة (القوات المسلحة)، تأكد من حقيقة واحدة لا ثاني لها، هي حتمية انتصار كل من رفع البندقية في وجه هذا (الجيش)، الذي فقد الزخم المصطنع الذي عاشه السودانيون مائة عام، إذ كيف لجيش عمره قرن يورث الناس الحرب والدمار والخراب؟، لماذا لم يؤد دوره الوطني المنوط به؟، لقد أعاد "جيشنا جيش الهنا" الخرطوم للعهد الذي بدأ بدخول "كتشنر" حيث عربة "الكارو" الناقلة لماء الشرب، التي يسحبها حمار لتقوم بمهمة سقيا الناس قبل قرن وربع القرن، إنّه (فرض عين) على الشعب السوداني أن يثور ثورته الأخيرة القاضية، ليقضي على العصابة المنحرفة المتواجدة في بورتسودان، وإلّا ستشهد بورتسودان نفسها ما شهدته "نيالا" و"الفاشر"، على أهل الشرق أن يكونوا كما قال المثل " السعيد يشوف في أخوه"، إنّ شر الإخوان قد أوصل مصر لدرك سحيق خلال حقبة حكم لم تتجاوز السنة الواحدة، أما الشعب السوداني فليس في مقدوره إخراج (الأذى) إلّا بعد أن يستعين بصديق، فإن لم يفعل ولن يفعل، فليبشر بطول أمد المعركة الدائرة الآن بين حق السودانيين في الحياة الكريمة، وباطل الحركة الإسلامية (الإخوان) في استعباد السودانيين.

إسماعيل عبد الله
ismeel1@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • سلاح الجو النوعي الذي أرعب الحركة الإسلامية
  • حوار عون وحزب الله لم ينطلق بعد
  • ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
  • أذكار الصباح اليوم الأربعاء 23 أبريل 2025.. «بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء»
  • أسعار ومؤشرات العملات الرقمية اليوم.. انتعاش في الأسواق وصعود جماعي يقوده البيتكوين والإيثريوم
  • نص قسم الولاء الذي ردده أئمة الأوقاف أمام الرئيس السيسي
  • التحية للدكتور الصادق الرزيقي القوي الذي وقف وقفة مشرفة
  • السيرة الذاتية للإمام السيوطي الذي تمنى الرئيس السيسي الاقتداء به؟
  • من هو الإمام السيوطي الذي تمنى الرئيس السيسي الاقتداء به؟
  • مركز الملك عبد الله للحوار ينعى البابا فرنسيس: رمزًا للحوار والسلام