إعلان جوائز مهرجان نوادي المسرح 31.. "طقوس الإشارات والتحولات" يحصد المركز الأول
تاريخ النشر: 1st, June 2024 GMT
اختتمت مساء الجمعة على مسرح السامر بالعجوزة فعاليات الدورة الحادية والثلاثين للمهرجان الختامي لنوادي المسرح "دورة الكاتب المسرحي الراحل د. علاء عبد العزيز"، والتي أقيمت برعاية الدكتورة نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة، ونظمتها الهيئة العامة لقصور الثقافة، على مدار أسبوعين بمسرحي السامر وقصر ثقافة روض الفرج.
شهد حفل الختام عمرو البسيوني رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بحضور الكاتب محمد ناصف نائب رئيس الهيئة، والفنان تامر عبد المنعم رئيس الإدارة المركزية للشئون الفنية، وسمر الوزير مدير عام المسرح، ولفيف من المسرحيين والنقاد والفنانين وقيادات قصور الثقافة وأعضاء لجنتي التحكيم والندوات النقدية وإعلاميين.
واستهلت فعاليات الحفل الختامي بالسلام الجمهوري، أعقبه فقرة فنية للمخرجين المتدربين بعنوان "ترانزيت" فكرة وصياغة درامية د. لمياء أنور، أشعار عمر رجب، غناء محمد عاصم، رؤية إخراجية محمد سالم، وإشراف المخرج محمد الطايع، كما شهد الحفل عرض فيلم تسجيلي عن الكاتب الراحل د. علاء عبد العزيز.
جوائز المهرجانوأعلن المخرج هشام عطوة رئيس لجنة التحكيم نتيجة العروض الفائزة بالمهرجان، الذي شارك به 24 عرضا مسرحيا من مختلف أقاليم مصر، وجاءت كالتالي:
أفضل عرض:
المركز الأول: "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثاني: "303"، نادي مسرح بورسعيد
المركز الثالث: "سوء تفاهم"، نادي مسرح المنوفية
أفضل نص:
المركز الأول: "303"، محمد عادل، نادي مسرح بورسعيد
المركز الثاني: "كلمات بلا معنى"، محمد حلمي، نادي مسرح دمياط
المركز الثالث: "الخروج عن النص"، أحمد نبيل، نادي مسرح الزقازيق
أفضل ديكور:
المركز الأول: إسلام جمال، "كلمات بلا معنى"، نادي مسرح دمياط
المركز الثاني: عبد الله خالد، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثالث: السيد حسين، "سوء تفاهم"، نادي مسرح المنوفية
أفضل ملابس:
المركز الأول: عبد الله خالد، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثاني: رحمة دسوقي، "موسم الحرب والغناء" نادي مسرح بورسعيد
أفضل إضاءة:
المركز الأول: شادي عزت، "303"، نادي مسرح بورسعيد
المركز الثاني: عبد العزيز بدري، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثالث: محمود رشاد، "سوء تفاهم" نادي مسرح المنوفية
أفضل ألحان:
المركز الأول: فؤاد هارون، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثاني: مي سامي، "الجريمة والعقاب"، نادي مسرح الإسماعيلية
المركز الثالث: إبراهيم هيكل، "303"، نادي مسرح بورسعيد
أفضل ممثل:
المركز الأول: عبد الله خالد، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثاني: محمد رزق "موسم الحرب والغناء"
نادي مسرح بورسعيد
المركز الثالث: عمر حسين، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
أفضل ممثلة:
المركز الأول: سلمى مؤمن، "سوء تفاهم" نادي مسرح المنوفية
المركز الثاني: دنيا حجاب، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي السلام
المركز الثالث: مناصفة سارة صديق عن "هالوفوبيا" نادي مسرح الجيزة، جيسيكا هاني عن " الأيام المخمورة"، نادي مسرح القباري
أفضل مخرج:
المركز الأول: أحمد زكي، "طقوس الإشارات والتحولات"، نادي مسرح السلام
المركز الثاني: بيشوي عماد، "303"، نادي مسرح بورسعيد
المركز الثالث: ساندرا سامح، "سوء تفاهم"، نادي مسرح المنوفية
ومنحت اللجنة شهادات تميز لكل من: نورين النحلاوي عن عرض "عائلة توت" لفرقة مصطفى كامل بالإسكندرية، أحمد أمين "تصميم إضاءة" عن عرض "كلمات بلا معنى"، نادي مسرح دمياط،
حسام طارق "تصميم ديكور" عن عرض "موسم الحرب والغناء" نادي مسرح بورسعيد، مريم عبد المنعم عن عرض "303" نادي مسرح بورسعيد،
رنا خالد عن عرض "الخروج عن النص" نادي مسرح الزقازيق.
كما تم منح فرقة الجيزة شهادة تقدير لأفضل أداء جماعي عن عرض "هالوفوبيا".
تكريمات المهرجان
وشهد الحفل الختامي تكريم اسم الكاتب الراحل د. علاء عبد العزيز وتسلمت التكريم قرينته د. رشا خيري.
وكرم المهرجان أعضاء لجنة التحكيم المكونة من المخرج هشام عطوة رئيس اللجنة، والدكتور محمد سمير الخطيب، والدكتور حمدي عطية والمخرج سامح مجاهد، والموسيقار أحمد حمدي رؤوف، والمخرج محمد الطايع مقرر اللجنة.
بالإضافة إلى تكريم أعضاء لجنة الندوات النقدية المكونة من النقاد: د. داليا همام، د. أحمد عادل، يس الضوي، مجدي الحمزاوي، صلاح فرغلي، فادي نشأت، محمد عبد الوارث، ضحي الورداني، والمخرجين محمد صابر، ومحمد العدل.
إلى جانب تكريم مدربي الورش الفنية التي صاحبت فعاليات المهرجان وهم: د.صبحي السيد، الناقدة د. لمياء أنور، الكاتب سامح عثمان، الناقد محمود حامد، والمخرج ناصر عبد المنعم.
كما كرم المهرجان الشاعر والكاتب الصحفي يسري حسان رئيس تحرير نشرة المهرجان، وتم تسليم شهادات تقدير لمتدربي المرحلة الأولى من ورشة شباب المخرجين.
توصيات المهرجان
وجاءت توصيات لجنة التحكيم التي أعلنها د. محمد سمير الخطيب كالتالى:
1-ضرورة وجود مصحح لغوي في البروفات المسرحية، وتلك التوصية سبق التأكيد عليها من قبل في الدورات السابقة.
2- استخدام المصطلحات بطريقة علمية في العروض من خلال إقامة ندوات للتفريق بين الإعداد والدراماتورج.
3- إقامة ورش في التخصصات كافة مصاحبة لفعاليات المهرجان للتعريف بالتقنيات المسرحية خاصة في مجالات الديكور والإضاءة والملابس.
4- ضرورة الاستفادة من المِنح التي تقدمها بعض الدول الأجنبية في مجال المسرح وإرسال الفائزين بالمهرجان، لإعداد كوادر فنية.
5- إضافة جائزة للتعبير الحركي.
6- عقد ندوات خاصة بكل عرض مشارك بالمهرجان، بحضور مجموعة من المتخصصين وكبار الفنانين والكتّاب والنقاد للاستفادة من خبراتهم.
7-دعم التجارب المسرحية المختلفة انطلاقًا من هوية نوادي المسرح بوصفها صيغة إبداعية مفتوحة، ساهمت في إعلاء اسم مصر عقب الفوز بجائزة أفضل أداء جماعي بإحدى دورات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي.
8- تشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ التوصيات.
حضر الحفل قيادات هيئة قصور الثقافة الشاعر مسعود شومان رئيس الإدارة المركزية للشئون الثقافية، عمرو فرج رئيس إقليم شرق الدلتا الثقافي، والفنان الكبير حمدي الوزير.
المهرجان الختامي لنوادي المسرح نظمته الهيئة العامة لقصور الثقافة، وأقيم بإشراف الإدارة المركزية للشئون الفنية، والإدارة العامة للمسرح، وقدم به 24 عرضا مسرحيا من مختلف أقاليم مصر، وصاحب المهرجان إصدار نشرة يومية، بجانب ندوات نقدية أعقبت العروض شارك بها نخبة من النقاد والمخرجين والكتاب المسرحيين.
كما شهد المهرجان إقامة المرحلة الأولى من ورش اعتماد المخرجين الجدد الذين تم تصعيدهم للمهرجان هذا الموسم، تلقوا خلالها تدريبات مكثفة لمدة 12 يوما في مجالات "الإخراج المسرحي، السينوغرافيا، الدراما، التثقيف المسرحي والتذوق الفني".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طقوس الإشارات والتحولات مهرجان نوادي المسرح مسرح السامر الهيئة العامة لقصور الثقافة المرکز الثالث المرکز الأول عبد العزیز سوء تفاهم عن عرض
إقرأ أيضاً:
خليفة الظاهري لـ«الاتحاد»: الدِّين منظومة قيمية وليس مجرد طقوس وشعائر
حوار: د. حمد الكعبي
أكّد الدكتور خليفة الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية، أن التسامح هو الأساس في بناء مجتمعات وطنية تتجاوز التعدد الثقافي والاختلاف الإضافي لتحقيق الوحدة في التنوع، لافتاً في هذا السياق إلى أن دولة الإمارات العربية المتحدة نموذج فذ في ترسيخ قيم التسامح والتعايش منذ تأسيسها، ومثال حضاري في قيم الأخوة الإنسانية والمواطنة.
وشدد على أن «فهم الواقع» الأساس في «فهم الخطاب الشرعي»، مشيراً إلى أهمية إعمال «القراءة القيميّة» للدِّين، وتحكيمها في فهم نصوصه، والتعرُّف على معانيه، واستنباط أحكامه.
وقال إن الدِّين طاقة متجدّدة، لا غنى عنه أبداً، لكنَّه يساء استعماله إنْ لم يضبطْ بالتوجيه والتجديد، مؤكداً أن الواقع اليومَ لم يعد يعرف مفاهيم «تديين العالم» و«تقسيم المعمورة»، مشدداً على أن «الاعتبار الوطني» أساس لحمة الهوّيّة والانتماء. في السياق ذاته، اعتبر الظاهري بقاء الدِّين مفتوحاً أمام مختلف التأويلات والقراءات والتّوظيفات، من شأنه أَن يهدّد السّلم الاجتماعيّ والاستقرار الوطنيّ، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الدَّولة لها سلطة الاختصاص بتنظيم كلّ ما يتعلّق بالشّأن العامّ. وفي حوار مع «صحيفة الاتحاد»، أكد الظاهري أنّ عالمَ اليوم يعِي أنّ البشريّة بأجمعها ذات مصير مشترَك، وأنه لا بدَّ أن تَجِدَّ في سلوك مسارٍ مشتركٍ، هو التّعارف والتّعاون في سبيل تحقيق الخير العامّ لها حالاً واستقبالاً.
في الوقت نفسه، أكد مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية أن الدِّين ليس مجرد طقوس وشعائر، بل هو منظومة قيمية تتيح بُعداً روحانياً يحقق السلام الداخلي، ويقوي يقظة ضمير الفرد، ما ينعكس إيجاباً على استقرار المجتمع وسلامته.
ولفت إلى تنوع تعاليم الدِّين ما بين تعزيز القيم المجتمعية، وخلق بيئة تضامنية، ومعالجة قضايا مجتمعية عويصة، والدعوة إلى الصدق والأمانة والتسامح والعدل والإحسان حتى مع الحيوان والنبات. وأشار إلى أن الدّولةُ بمدنيّتها لا تتنافى مع اختلاف الهوّيّات الدّينيّة والعرقيّة لشعبها الذي يخضعُ لسلطانها، تماماً كما يعنيه اليومَ الانتماءُ إلى الدّولة الوطنيّة، الذي لا يُبقي مجالاً لبروز الهوّيّات الدّينيّة للمواطنين بمظهر التّصارع، أو التّنافي، أو التّضادّ، لافتاً في هذا السياق إلى أن النبي «صلّى الله عليه وسلّم» ضرب أروع الأمثلة في بناء الهوّيّة الوطنيّة الجامعة بين مختلف الانتماءات العرقيّة والدّينيّة، حين أسّس المجتمع المدنيّ، وبنى الدّولةَ بالمدينة عقب هجرته إليها، على الانتماء الوطنيّ، والمواطنة الجامعة.
وجزم الظاهري بأن الخطاب الدّينيّ لا يمكن أن يسهم في تعزيز الولاء الوطنيّ ما لم يتحرّر من عقدة النّموذج والمثال التي انبنت على مغالطات في فهم التّجربة التّاريخيّة، داعياً إلى مراجعة المدوّنة الفقهيّة، وأدبيّاتها مراجعةً تستحضر القراءَةَ المنهجيّةَ الرّصينةَ للنّصّ الدّينيّ، وتفاعلاته مع الظّروف التّاريخيّة التي أحاطت بعمليّة تفسيره، والتي أثّرت ولا شكّ في عمليّة استنباط أحكامه. وقال إن الحوار هو السبيل لإيجاد أرضية مشتركة تعزز التعايش وتحقق السلم المجتمعي، ومفتاح باب فهم الآخر والوقوف على مساحة المشترك معه، وأساس بناء خطاب ديني يحترم الاختلاف والتعدد ويقبل التنوع الديني والثقافي كواقع إنساني، ويحفظ ثوابت المواطنة. وفي ما يلي نص الحوار:
- يقول الفيلسوف باروخ سبينوزا: «عندما يُفهَم الدّينُ على أنّه دعوةٌ للمحبّة والعدالة، يُصبِح أساساً قويّاً للتّكافل الاجتماعيّ».
ومن هنا، اسمحوا لنا أن نسأل عن العناصر الأساسيّة التي يجب أن يحتويَها الخطابُ الدّينيّ؟
= للإجابة عن تساؤلكم لا بد أن نعرف أولاً: ما هو الخطاب الديني، ثم نتعرض لاحقاً لعناصره الأساسية.
فالمراد بالخطاب الدّينيّ هو كلّ وسيلة يُبَثُّ بها الدّين، ويُنشَرُ ويُوَجَّهُ إلى النّاسِ، فهو عبارة عن تلك الحوامل أو الوسائط التي تحمل كلّ ما يُعَدُّ ديناً من التّصوّرات والأفكار التي تُستخلَصُ من النّصوص المؤسّسة للدّين (القرآن الكريم والهدي النّبويّ الشّريف).
أما إذا تكلمنا عن العناصر التي يجب أن يحتويها الخطاب الدّينيّ، فإننا نقرّر بداية أنّ الخطاب الدّينيّ اليومَ لم يَعُدْ ذلكَ الحِمى المُستباحَ، الذي يرتَعُ فيه كُلُّ أحدٍ، بل قد صارَ مُمَأسساً من قِبَل الدَّولةِ، التي لها سلطة الاختصاص بتنظيم كلّ ما يتعلّق بالشّأن العامّ، ولا تخفى صلةُ الدّين بهذا الشّأنِ، وأن بقاءه مفتوحاً أمام مختلف التأويلات والقراءات والتّوظيفات من شأنه أَن يهدّد السّلم الاجتماعيّ، والاستقرار الوطنيّ. فالدّينُ طاقةٌ متجدّدةٌ، لا غنى عنهُ أبداً، لكنَّه إنْ لم يُضبَطْ شأنُهُ بالتوجيه والتجديد، يساء استعمالُه بما يفتُّ عضد المجتَمَع، ويُخِلُّ بنظامه.
وبناءً على ذلك نرى أنّه ينبغي للخطاب الدّينيّ المعاصر أن يشتمل على عنصرين أساسيّين هما:
إعمال القراءة القيميّة للدّين وتحكيمها في فهم نصوصه والتعرّف على معانيه واستنباط أحكامه، إذ القيم هي فلسفتُه وخلاصة حكمته، لقول الله تعالى: (... دِيناً قِيماً ملّةَ إبراهيم حنيفاً...)، وقول النّبيّ عليه الصّلاة والسّلام: «إنّما بُعثتُ لأتمّم صالح الأخلاق».
أما العنصر الثاني فهو «فهم الواقع»، وهذا العنصر شريك أساسيّ في فهم الخطاب الشّرعيّ، ولا بدّ من مراعاة هذه البيئة في معرفة ما يناسبُ أن ينزّل فيها من الأحكامِ.
والواقع اليومَ لم يعد يعرف مفاهيم «تديين العالم» و«تقسيم المعمورة»، فقد غدت المجتمعات اليوم بطبيعتها مفتوحة، وصار الاعتبار الوطني أساسَ لحمة الهوّيّة والانتماء، وأصبح العالم كلّه اليوم يعي أن البشريّة بأجمعها ذاتُ مصيرٍ مشترَكٍ، فلا بدَّ أن تَجِدَّ في سلوك مسارٍ مشتركٍ، هو التّعارف والتّعاون في سبيل تحقيق الخير العامّ لها حالاً واستقبالاً.
- لا شك أن «الدّينَ هو القوّةُ التي تربِطُ النّاسَ بمُثُلهم العليا»، فكيف يمكن للدّين أن يكون مؤثّراً في المجتمع المعاصر ومشكِّلاً للقيَم المجتمعيّة؟
= إن الدّينَ ليس مجرد طقوس وشعائر، بل هو منظومة قيمية تتيح بُعداً روحانياً يحقق السلام الداخلي ويقوي يقظة الضمير للأفراد، مما ينعكس إيجاباً على استقرار المجتمع وسلامته، والمتأمل في تعاليم الدين المتنوعة يجد أنها تعزز القيم المجتمعية، فمنها تعاليم تدعو إلى التكافل الاجتماعي، كالصدقة، والزكاة، والوقف... التي تخلق بيئة تضامنية، تسهم في تكوين مجتمع أكثر تماسكاً واستقراراً، ومنها تعاليم تعالج قضايا مجتمعية عويصة مثل التفكك الأسري، وترسخ بناء الأسرة التي تشكل نواة المجتمعات، وتماسكها عنوان تماسك المجتمع، وتعاليم خُلقية تدعو إلى الصدق والأمانة والتسامح والعدل والإحسان مع الحيوان والنبات، فضلاً عن التعامل مع الإنسان.
- قالوا: إن «الهوّيّة ليست ما نكتسبه فقطّ، بل ما نبنيه من خلال التّفاعل مع الآخرين».. ومن هنا، كيف يمكن أن يسهم الخطاب الدّينيّ في تشكيل الهوّيّة الوطنيّة؟
= لقد ضرب لنا رسول الله «صلّى الله عليه وسلّم» أروع الأمثلة في بناء الهوّيّة الوطنيّة، الجامعة بين مختلف الانتماءات العرقيّة والدّينيّة، حين أسّس المجتمع المدنيّ، وبنى الدّولةَ بالمدينة عقب هجرته إليها، على الانتماء الوطنيّ، والمواطنة الجامعة، فكانت الدّولةُ بمدنيّتها لا تتنافى مع اختلاف الهوّيّات الدّينيّة والعرقيّة لشعبها الذي يخضعُ لسلطانها. تماماً كما يعنيه اليومَ الانتماءُ إلى الدّولة الوطنيّة، الذي لا يبقي مجالاً لبروز الهوّيّات الدّينيّة للمواطنين بمظهر التّصارع، أو التّنافي، أو التّضادّ.
إنّ الخطابَ الدّينيّ اليومَ ينبغي أن يكون مفتوحاً على الظّروف الرّاهنة التي تعيشها المجتمعات المعاصرة، بخصائصها وسماتها الحديثة، التي لم يعد من جملتها «وحدة الدّين»، ولا «ثنائية الدّار والجوار» المنبنية على «تقسيم المعمورة»، فالدّولة الوطنيّة بما تتأسّس عليه من مفهوم الانتماء الوطنيّ تسعُ مختلفَ الأديان والأطياف والثّقافات والإثنيّات.
إنّ خطابنا الدّينيّ لا يمكن أن يسهم في تعزيز الولاء الوطنيّ ما لم يتحرّر من عقدة النّموذجِ والمثال، التي انبنت على مغالطات في فهم التّجربة التّاريخيّة، وعدم التّمييز فيها بين الدّينيّ، والثّقافي
ثمّ إنّه لا بدّ من مراجعة المدوّنة الفقهيّة، وأدبيّاتها مراجعةً تستحضر القراءَةَ المنهجيّةَ الرّصينةَ للنّصّ الدّينيّ، وتفاعلاته مع الظّروف التّاريخيّة التي أحاطت بعمليّة تفسيره، والتي أثّرت ولا شكّ في عمليّة استنباط أحكامه، والتي لم يُرَد منها أن تكون معياريّةً تتجاوزُ اعتبارات الزّمان، وإكراهات الوقت والأوان، وإنّما كانت غايتها الاستجابةَ لمتطلّبات تلك الظّروفِ والأحوال.
فالخطابُ الدّينيّ إذاً يحتاجُ إلى إعادة قراءة بنيته، وهي نصوص الدّين من حيثُ كيفيّة تطبيق أحكامها في الواقع المعاصر من جهة، وإلى إعادة النّظر في وسائلِ تبليغ تلك الأحكام وشرح كيفيّة تطبيقها من جهة ثانيةٍ.
وذلكَ شرطُ ما يتعلّقُ به أملُ الاستفادة من الخطاب الدّينيّ في بناء الهوّيّة الوطنيّة والتّوعية بها، وترسيخِ حُرمتها وتعزيز مكانتها في المجتمع.
- لا شك في أن «التّسامح ليس التّنازل عن المبادئ، بل الاعترافُ بحقّ الآخرينَ في امتلاك مبادئهم»، وهو ما يحيلنا إلى السؤال عن الدّور الذي يلعبه التّسامح الدّينيّ في بناء مجتمعاتٍ وطنيّةٍ ومتعدّدة الثّقافات في ظلّ قراءاتٍ أخرى لنصوصٍ دينيّةٍ تهدم أطروحةَ المواطنة؟
= إن التسامح الديني هو العمود الأساسي لبناء مجتمعات وطنية تتجاوز التعدد الثقافي والاختلاف الإضافي لتحقيق الوحدة في التنوع، والكليات من النصوص الدينية القطعية تشهد أن لكل فرد الحق في ممارسة معتقداته دون إكراه، وهذا ما يعزز بناء مجتمعات وطنية متعددة الثقافات، يكون أساس النظر فيها للكفاءات لا للمعتقدات، يحترم فيها الحق في الاختلاف النوعي مع الانسجام الكلي، والتفاعل الثقافي.
وهذا ما جسّده النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم عملياً من خلال مشاركته في حلف الفضول بمكة، وبنائه وثيقةَ المدينة ليؤكد أن التسامح لا يعني التنازل عن المبادئ بل اعتراف بحق الآخرين في الاختلاف واحترام اختيارهم.
وتعد دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجاً فذاً في ترسيخ قيم التسامح والتعايش منذ تأسيسها بيد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وتعتبر دولة الإمارات اليوم مثالاً حضارياً في قيم الأخوة الإنسانية والمواطنة.
- لا شك في أن «الحوار هو بداية الفهم الحقيقيّ»، كما قال مارتن بوبر.. فهل لكم أن توضحوا لنا دور الحوار مع الآخر المختلف في بناء خطابٍ دينيٍّ لا يُساوِم على ثوابت المواطنة؟
الحوار هو السبيل لإيجاد أرضية مشتركة تعزز التعايش وتحقق السلم المجتمعي، لأنه مفتاح باب فهم الآخر والوقوف على مساحة المشترك معه، وهو أساس بناء خطاب ديني يحترم الاختلاف والتعدد ويقبل التنوع الديني والثقافي كواقع إنساني، ويحفظ ثوابت المواطنة من خلال نظره إلى الاختلاف على أنه عنصر إثراء لا عنصر تهديد، وذلك من خلال اعتماد خطاب ديني يركز على القيم الكلية المشتركة التي تعزز العدل، والكرامة، ويؤصل لأن الانتماء للوطن يتجاوز الانتماءات الطائفية، وأن الحقوق والواجبات تشمل الجميع بلا تمييز، ويتجنب الإقصاء والتعصب، وينبذ التحريض على الكراهية.