الحسابات الخاطئة في حرب السودان
تاريخ النشر: 3rd, August 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة السودان عن الحسابات الخاطئة في حرب السودان، في الوقت الذي تقترب فيه جولة الحرب الراهنة في السودان من إكمال شهرها الرابع، لا تزال قطاعات من السودانيين، أو بالأصح من النُّخب، تواصل معاركها .،بحسب ما نشر النيلين، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات الحسابات الخاطئة في حرب السودان، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
في الوقت الذي تقترب فيه جولة الحرب الراهنة في السودان من إكمال شهرها الرابع، لا تزال قطاعات من السودانيين، أو بالأصح من النُّخب، تواصل معاركها الكلامية الطاحنة حولها. ولا يزال الجدل محتدماً حول من أطلق الرصاصة الأولى، ومن المتسبب فيها، ولمصلحة من، وكل طرف يحاول غسل يديه وإلقاء المسؤولية على طرف آخر. فالحرب أصبحت للأسف ساحة جديدة للمناورات السياسية، وتصفية حسابات ليس هذا وقتها.
كثيراً ما أفكر في أن هذه النخب بجدالاتها البيزنطية، انسلخت عن الشارع السوداني وأحدثت شروخاً عميقة بينها وبينه. الناس لا يهتمون في هذه اللحظة بالجدل حول مَن أطلق الرصاصة الأولى، ولا يرون جدوى لمعركة الاتهامات المتبادلة بين قوى الحرية والتغيير – المجلس المركزي (قحت) وفلول النظام السابق من الإسلاميين (الكيزان)، فكل همهم هو وقف الحرب وطرد قوات الدعم السريع من بيوتهم وأحيائهم ومن المؤسسات الخدمية، ومن العاصمة كلياً حتى يعود الأمان، بل وبات أكثرهم يتمنون دحر القوات التي عانوا من ممارساتها وانتهاكاتها أشد المعاناة.
قوى الحرية والتغيير هي الخاسر الأكبر في تقديري، فموقفها من الحرب أفقدها تأييد قطاع مقدر من السودانيين ومنهم من كان يؤيدها بحماس في السابق، وباتوا يتهمونها اليوم بموالاة قوات الدعم السريع. لا يفهم الناس موقفها وهم يرون هذه القوات تعيث فساداً في البلاد وعاصمتها، تدميراً وقتلاً وترويعاً للناس، واحتلال بيوتهم ونهبها. تقشعر أبدانهم وينتفضون غضباً وهم يسمعون قصص وشهادات ضحايا الاغتصاب. يغلي الدم في عروقهم وهم يسمعون أحد قياديي «الدعم السريع» يقول كلاماً عنصرياً مستفزاً في مقطع فيديو بتاريخ الثلاثاء 25 يوليو (تموز) الماضي، ويهدد وهو محاط بالمقاتلين المدججين بالسلاح بأنهم لا ينوون مغادرة الأحياء وبيوت المواطنين التي احتلوها. يقول الرجل متوجهاً بكلامه لسكان أحياء في الخرطوم: «نحن أهل هذه الأرض. والخرطوم هذه حقتنا (ملكنا)… نطلع منها لماذا. نحن لن نطلع منها لأننا الساس والرأس».
يزعم الرجل أن قواتهم (الدعم السريع) ليس فيها تفلت ومتفلتون، بينما الناس في السودان، والعالم كله يعرفون الممارسات والانتهاكات البشعة التي تمارسها هذه القوات. ويزعم أيضاً أن قواتهم يمثل فيها كل أهل السودان وليست فيها تفرقة، و«زرق وحمر»، بينما يشهد العالم بأنهم يقتلون ويهجرون الناس في دارفور على أساس عرقي وقبلي، وينقلون خطابهم العنصري اليوم إلى الخرطوم بممارساتهم فيها.
بالطبع ليس هذا الشخص الوحيد من هذه القوات الذي خرج في تسجيلات صوتية بكلام من شاكلة أنهم لن يغادروا الخرطوم ولا منازل المواطنين التي «وجدوا فيها الراحات والهواء البارد»، على حد قول أحدهم.
الذين يرفعون شعار «لا للحرب» لا يقولون للناس ماذا سيعني هذا الأمر بالنسبة لمستقبل قوات الدعم السريع هل يعني ذلك عودتها للمشهد من جديد لكي تكون لاعباً فيه؟
وإذا كانوا يتحدثون عن دمجها في الجيش، هل سيكون ذلك مقبولاً ومعقولاً بعد كل الذي جرى، وبعد كل الدماء التي سالت؟ وهل يمكن أن تعود الثقة بين الطرفين؟ هذه ميليشيا قبلية لا عقيدة عسكرية لها، ولا تعرف سوى القتل والنهب، ولا تدين بولاء إلا لقيادتها.
وماذا سيعني الدمج الآن، هل يعني العفو عن هذه الميليشيا وقياداتها والتجاوز عن كل ما ارتكبته في الخرطوم ودارفور؟
الناس يرون قوات الدعم السريع ترتكب كل هذه التجاوزات والانتهاكات، بينما الجيش يقاتل لطردهم ويشترط في المفاوضات إخلاء بيوت المواطنين والمرافق العامة والخدمية. الجيش لا يتعرض للمواطنين. فكيف يستقيم إذاً أن نساوي بين الطرفين؟
محاولة البعض من المحسوبين على «قحت» تصوير الجيش وكأنه هو الطرف الذي يقتل الناس بالرصاص في الشوارع، ويقصف مساكنهم عمداً لتهجيرهم منها، هو قلب للحقائق، ومحاولة بائسة واضحة لتجريمه و«غسل» صحيفة «الدعم السريع» الملوثة بمختلف الانتهاكات والفظائع التي يشهد عليها القاصي والداني.
عداء الكيزان ليس مشروعاً سياسياً قائماً بذاته لبناء وطن، ولتبرير كل شيء، وهو بالتأكيد لا يبرر موالاة قوات الدعم السريع والوقوف ضد جيش البلاد في هذه الظروف.
قرأت، أول من أمس، موقفاً للقيادي بقوى الحرية والتغيير (قحت) ياسر عرمان، بمناسبة الاتصالات الجارية لتنظيم حوار وطني سوداني يفترض أن يعقد هذا الشهر في أديس أبابا تحت رعاية الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد)، يقول إنه لا يجب مكافأة حزب المؤتمر الوطني المنحل وواجهاته في المفاوضات لدورهم في الحرب. ومع اقتناعي بأن الشعب قال كلمته في تنحية «المؤتمر الوطني» في ثورة ديسمبر (كانون الأول) 2018، واقتناعي أيضاً بأن الظروف تستدعي اليوم إشراك القوى الإسلامية التي خرجت على النظام السابق وقامت بمراجعة موقفها من سجل حكمه، في المسا
185.208.78.254
اقرأ على الموقع الرسمي
وفي نهاية المقال نود ان نشير الى ان هذه هي تفاصيل الحسابات الخاطئة في حرب السودان وتم نقلها من النيلين نرجوا بأن نكون قد وفقنا بإعطائك التفاصيل والمعلومات الكامله .
علما ان فريق التحرير في صحافة العرب بالتاكد منه وربما تم التعديل علية وربما قد يكون تم نقله بالكامل اوالاقتباس منه ويمكنك قراءة ومتابعة مستجدادت هذا الخبر او الموضوع من مصدره الاساسي.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: ايجي بست موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
أين بابا؟ رحلة المخاطر والالم بحثا عن مفقود لدى الدعم السريع
التغيير، كمبالا
منذ نوفمبر 2023، بدأت دكتورة فاطمة (اسم مستعار بناءً على رغبتها في عدم الكشف عن هويتها لدواعٍ أمنية)، وهي طبيبة، رحلة شاقة مليئة بالمعاناة بحثًا عن زوجها المفقود، المدير الطبي لمستشفى جبل أولياء، الذي اختفى بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المنطقة، الواقعة على بعد 45 كيلومترًا جنوب العاصمة الخرطوم.
بدأت القصة عندما انقطع اتصال د. فاطمة بزوجها خلال حصار الدعم السريع لجبل أولياء، حيث بقي في المستشفى، يقدم الخدمات الطبية للمصابين وسط اشتباكات عنيفة.
تصف الزوجة في مقابلتها مع “التغيير” اللحظات الأخيرة التي سبقت اختفاء زوجها: “عندما دخل الدعم السريع جبل أولياء، حاصروا المنطقة بالكامل، زوجي ظل محاصرا في المستشفى من جميع الجهات أسبوعًا كاملًا، وكان يتأكد من خروج كل زملائه والمصابين بأمان. كان يتصل بنا ليطمئننا بأنه بخير، لكنه لم يجد طريقة آمنة للخروج بسبب كثافة الهجمات”.
وفي 20 نوفمبر 2023، انقطعت الاتصالات تمامًا. تقول فاطمة: “كنا نأمل أنه ربما يكون في الطريق أو قد وجد ملجأً مؤقتًا، فقد كان هناك أشخاص تمكنوا من الوصول إلى عائلاتهم رغم المسافات الطويلة”. لكنها تضيف: “مع مرور الوقت، بدأت هذه الآمال تتلاشى، وبدأت العائلة رحلة البحث المضنية. لم نكن نعلم ما إذا كان حيًا أم ميتًا، أو إذا كان معتقلًا”.
حاولت فاطمة البحث عن زملاء الدكتور الذين كانوا معه في المستشفى، “كان الجميع يؤكدون أنهم خرجوا قبله، وتركوه في المستشفى ليحاول إيجاد طريقة آمنة للخروج”. ومع انقطاع الاتصالات في المنطقة، تفاقمت المعاناة، حيث لم تتمكن العائلة من التواصل حتى مع أسرة زوجها الكبيرة في أم درمان.
محاولات البحثلم تستسلم فاطمة وعائلتها رغم غياب المعلومات توجهت إلى المستشفيات القريبة، بمدني، المناقل، كوستي، ربك، ومستشفى الدويم والقطينة، بحثًا عن أي أثر لزوجها ضمن المصابين الذين تم إجلاؤهم من جبل أولياء، لكن دون جدوى.
مخاطرة كبيرةقررت فاطمة خوض مخاطرة كبيرة والذهاب بنفسها إلى جبل أولياء في اواخر نوفمبر من نفس العام، رغم كل التحذيرات التي تلقتها عن خطورة الخطوة.
حينها كانت فاطمة أمًا لطفلة رضيعة تبلغ من العمر 7 أشهر، لكنها اضطرت إلى تركها مع والدتها، بدأت رحلتها من القطينة برفقة والدها، إلا أنها طلبت منه أن ينتظرها هناك خوفًا عليه. تقول: “لم يكن الوصول إلى المنطقة سهلاً. لم تكن هناك طرق ميسرة، فاضطررت إلى عبور النيل باستخدام معدية، ثم استقليت عدة وسائل نقل حتى وصلت إلى نقاط الارتكاز التابعة للدعم السريع”.
هناك، بدأت المواجهة. تضيف: “أوقفني الجنود وبدأوا بسؤالي عن سبب وجودي. أخبرتهم أنني أبحث عن زوجي، وهو طبيب مدني ولا علاقة له بالجيش”. ورغم محاولاتها لتوضيح موقفها، أُجبرت على العودة بعد أن أُبلغت بأن المنطقة خطرة وقد تتعرض للاعتقال.
أثناء عودتها، اعترضتها عناصر من الدعم السريع ووجهوا إليها اتهامات بأنها جاسوسة تتبع للجيش. بدأوا باستجوابها بشكل مخيف، قبل أن يقتادوها إلى الضابط المسؤول.
تقول فاطمة: “عندما سألني الضابط عن سبب وجودي هناك، أوضحت له بكل صراحة أنني أبحث عن زوجي، الطبيب المدني، وشرحت له أنه كان يعمل في المستشفى قبل أن نفقد الاتصال به، وأنني لا أعرف شيئًا عن مصيره”.
تضيف: “سألني الضابط إن كان لدي أطفال، وعندما أجبته بنعم، قال لي: هذه منطقة عمليات عسكرية، يمنع دخولها للمدنيين، خاصة النساء. عودي إلى أطفالك، وإذا كان زوجك موجودًا فسيظهر، وأن لم يكن فليتولَّه الله برحمته”.
لاحقًا، تفاجأت فاطمة بفيديو منتشر على وسائل التواصل الاجتماعي يظهرها مع تعليق “القبض على مستنفرة تتبع للفلول”. هذا الفيديو أثار قلق عائلتها ومعارفها، وزاد من معاناتها النفسية.
تصف الدكتورة هذه التجربة بأنها واحدة من أصعب اللحظات في حياتها، وتؤكد أن كل ما كانت تسعى إليه هو معرفة مصير زوجها.
بعد انتشار الفيديو الذي صوّرها على أنها “مستنفرة”، أصبحت فاطمة تعيش في حالة من الخوف على نفسها وعلى أسرتها، بعدما أصبحت معروفة لدى عناصر الدعم السريع. كانت تخشى أن يتم القبض عليها في أي مكان، وهو خوف امتد ليشمل أسرتها بالكامل، خاصة وأنهم كانوا يقيمون في منطقة معرضة لدخول قوات الدعم السريع في أي وقت.
معلومات متضاربةفي يناير 2024، وصلت أول معلومة تشير إلى أن زوجها قد يكون حيًا. تقول الدكتورة: “كان ذلك شعورًا لا يوصف. علمنا من أحد الناجين الذي اعتُقل مع زوجي لدى الدعم السريع أنه لا يزال حيًا. ورغم أن هذه المعلومة كانت نعمة، إلا أن رحلتنا للبحث عنه ازدادت صعوبة بسبب الأوضاع الأمنية المتدهورة”.
توالت المعلومات المتضاربة، حيث أشار البعض إلى أن زوجها شوهد في معتقل سوبا، وآخرون قالوا إنه يعمل في الوحدة الطبية هناك. لكن كل هذه المعلومات ظلت غير مؤكدة، والوصول إلى مصدر المعلومة كان شبه مستحيل بسبب ضعف الشبكة وصعوبة التنقل.
جاء خبر من شخص قال إنه شاهد الدكتور في مدينة الدويم، ولم يكن أمام د. فاطمة سوى التحرك على الفور بحثًا عن هذا الشخص، رغم صعوبة الظروف وغياب أي ضمانات. انطلقت برفقة والدها في رحلة شاقة، متنقلة بين ثلاث مدن: كوستي، ربك، والدويم. وعندما تمكنت أخيرًا من مقابلته في ربك، أخبرها أن ما حدث كان مجرد تشابه أسماء، وأنه لم يكن يقصد زوجها.
تصف د. فاطمة هذه اللحظة بأنها واحدة من أصعب ما مرت به، وتقول: “شعرت بخيبة أمل كبيرة بعد كل هذا الجهد والتعب”.
خطوات قانونيةفي شهر مايو الماضي، قررت د. فاطمة اتخاذ خطوة جديدة في رحلة البحث عن زوجها، حيث فتحت بلاغًا رسميًا في قسم الشرطة بمدينة الدويم. كانت تلك المرة الأولى التي تتمكن فيها من التعامل مع جهة حكومية رسمية، بعد ما كانت تقيم في قرية تفتقر إلى مثل هذه الخدمات، توجهت إلى النيابة لتقديم البلاغ بشكل رسمي، إلا أن الاستجابة ظلت بطيئة.
تقدمت الزوجة كذلك ببلاغ للصليب الأحمر، بالإضافة إلى شكوى عبر المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، للجنة الأمم المتحدة الخاصة بالاختفاء القسري في جنيف.
ذكرت د. فاطمة أنها لم تتلقَّ أي معلومات من الصليب الأحمر، مشيرة إلى أن الرد كان دائمًا نفسه عند كل محاولة للتواصل معهم: “لا معلومات جديدة”. وعلى الجانب الآخر، أكدت أنها لم تتلقَّ أي رد من المركز الأفريقي بشأن الشكوى التي تقدمت بها أو الجهة التي أُودعت لديها.
تضيف : “كان هذا الإحساس بالعجز قاسيًا للغاية، فلا شيء أصعب من أن تشعر بأنك تتحرك في دائرة مغلقة بلا أي إجابات”.
توضيح المركزمن جانبه،أوضح المنسق القطري لمكتب المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، شوقي يعقوب آدم ان الإجراءات المعتادة في مثل هذه الحالات تبدأ بتقديم بلاغ في النيابة العامة بالخرطوم، حيث تُفتح غالبًا بلاغات تحت المادة 47 من قانون الإجراءات الجنائية. وأشار في حديثه (للتغيير) أن النيابات تُعد الجهة المختصة في مثل هذه القضايا، إلا أنه في بعض الأحيان تُحال الدعاوى إلى نيابات أخرى بناءً على تقدير السلطات.
وأضاف آدم: “بعد استنفاد الخطوات المحلية، قدمنا شكوى إلى لجنة الأمم المتحدة الخاصة بالاختفاء القسري، التي أُنشئت بموجب اتفاقية حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري التي وقع عليها السودان في عام 2021. هذه اللجنة تقبل الشكاوى الفردية وفقًا للإجراءات المتبعة، وقال المنسق: قمنا بإعداد الشكوى باستخدام النماذج المخصصة، وبعد موافقة أسرة المفقود، رفعناها إلى اللجنة نيابة عنهم كمركز”.
وأكد أن اللجنة استلمت الشكوى وأفادت باستلامها رسميًا، مشيرًا إلى أن إجراءاتها لا تزال مستمرة. وأوضح أن اللجنة ستخاطب الجهات الرسمية ذات الصلة بالشكوى وتنتظر الردود منها، و بناءً على تلك الردود، تقوم اللجنة باتخاذ قرارها النهائي بشأن الشكوى المقدمة.
نقابة الاطباء وعود دون خطوات ملموسةتواصلت د. فاطمة ايضا مع نقابة الأطباء التي وعدت ببذل جهود للعثور عليه. ورغم أنهم نشروا معلومات عنه كمفقود على وسائل التواصل الاجتماعي، إلا أنها لم تجد أي خطوات ملموسة تساعدها في البحث عنه أو معرفة مصيره، كما ذكرت.
وحاولت “التغيير” التواصل مع عدد من قيادات اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء السودانيين، لطرح استفسارات حول أي معلومات عن زميلهم المفقود وأعداد الأطباء المختفين قسريًا لدى الجيش وقوات الدعم السريع. ورغم وعودهم بالرد، لم تتلقَ الصحيفة أي إجابة حتى الآن.
استغلال النصابينفي تلك الفترة، واجهت د. فاطمة تحديًا جديدًا وغير متوقع، تمثل في استغلال “النصابين” لمعاناة أسر المفقودين. توضح الدكتورة: “كانوا يتواصلون معي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بعدما شاهدوا منشورات البحث عن زوجي، ويدّعون أنهم يمتلكون معلومات عنه. كانوا يطلبون مني مبالغ مالية مقابل إرسال صورة أو إتاحة فرصة للتحدث معه”.
وتتابع قائلة: “في البداية، دفعتني حالتي النفسية إلى تصديقهم. أرسلت لهم الأموال على أمل الحصول على أي معلومة قد تقودني إلى زوجي. لكن في كل مرة، كانوا يختفون بمجرد حصولهم على الأموال، دون تقديم أي دليل يثبت صحة ادعاءاتهم”.
مع تكرار هذه المواقف، أدركت د. فاطمة أن هؤلاء ليسوا سوى “نصابين” يستغلون ضعف الأسر ومعاناتها لتحقيق مكاسب شخصية، و قررت التوقف عن التعامل معهم، ولكن الأثر النفسي الذي تركوه كان عميقًا. تضيف: “شعرت بالإحباط والخذلان مرات عديدة، خاصة أنني كنت أضع كل أملي في كل وعد منهم”.
أسئلة لاتنتهيوسط هذه المحن، وجدت د. فاطمة نفسها مضطرة للعب دور الأم والأب لطفلتيها، حيث تبلغ الكبرى 4 سنوات ونصف، بينما أصبحت الرضيعة بعمر سنة و7 أشهر.
تشير دكتورة فاطمة إلى أن أصعب اللحظات هي عندما تواجه أسئلة طفلتها الكبرى عندما تسألني: “بابا وين؟”. أحاول أن أطمئنها قائلة: “بابا في الشغل، بيعالج الناس المصابين عشان دي حرب”، لكن أسئلتها لا تنتهي: “ليه ما بضرب لينا تلفون؟”. أختلق الأعذار لها، مثل أنه ليس لديه هاتف أو أن الشبكة غير متوفرة.
وتضيف: “مع كل صباح، أجد نفسي أمام مسؤولية مزدوجة: أن أكون أمًا وأبًا، وأن أوفر لهن الحياة الكريمة التي تستحقاها. وفي الوقت نفسه، هناك عبء لا ينتهي بالبحث عن زوجي المفقود، حيث تحمل كل خطوة في هذا الطريق الصعب تكلفة نفسية ومادية باهظة”.
الدعم وسط الألمرغم كل هذه التحديات، وجدت د. فاطمة أناسًا وقفوا بجانبها في هذه المحنة. زملاء دراستها، الذين انقطعت عنهم منذ أكثر من عشر سنوات، بمجرد أن علموا بما تمر به، تواصلوا معها وساعدوها بكل الطرق الممكنة. لم يقتصر دعمهم على المساعدة المادية فقط، بل شمل أيضًا تقديم الدعم النفسي. ساعدوها في تأمين سكن آمن لعائلتها، وتوفير فرصة عمل خارج السودان، بالإضافة إلى كافة الترتيبات اللازمة للسفر.
كما أكدت د. فاطمة أن أهلها وعائلة زوجها لم يقصروا في تقديم الدعم، مشيرة إلى أن هذه الوقفات الإنسانية جعلتها تشعر أنها ليست وحيدة في هذا الطريق الشاق..
ورغم كل ذلك، تقول د. فاطمة: “أظل متمسكة بالأمل. عندما تسألني ابنتي عن والدها، أقول لها إنه في سوبا دون تفاصيل أخرى. أحاول قدر الإمكان أن أحميها من الحقيقة المؤلمة، لكنني أعلم أن الأسئلة القادمة ستكون أصعب، وأتمنى أن أجد الإجابة قبل أن يحين وقتها.”.