عائلة فنان ليبي تحوّل منزلها متحفاً يتحدى الفوضى والانقسامات
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
طرابلس "أ.ف.ب": للوهلة الأولى، تبدو فيلاّ الفنان الليبي الراحل علي قانه في ضواحي العاصمة طرابلس دارةً عادية، لكنّها في الواقع زاخرة بأعماله التي تتوزع في أرجاء المنزل، إذا أن عائلته حولّته متحفاً فريداً من نوعه.
ففي الدولة الإفريقية الشمالية التي لا تزال إلى اليوم نعاني الانقسامات والصراعات منذ الإطاخة بالدكتاتور معمر القذافي عام 2011، "يأتي الفن في المرتبة الاخيرة"، على قول هادية قانه، أصغر أبناء الفنان الأربعة.
عملت كريمة الفنان طوال نحو عشر سنوات بمساعدة اصدقاء ومتطوعين على تحويل منزل العائلة الذي صممه وبناه والدها قبل وفاته في 2006 عن 70 عاماً، إلى "المتحف الأول والوحيد للفن المعاصر في ليبيا".
ويهدف مشروع "بيت علي قانه" الذي افتُتِح أخيراً هذه السنة بعد طول انتظار ويعبق بالذكريات، إلى أن يكون عنواناً للأمل في بلد معرّض باستمرار للعنف وعدم الاستقرار، وتعاني فيه الفنون والثقافة إهمالاً كبيراً.
و"يُنظر إلى هذا الأمر على أنه غير ضروري"، بحسب هادية قانه التي لاحظت أن المعارض الفنية في بلدها الذي مزقته الحرب غالبًا ما تركّز فقط على بيع الأعمال بدلاً من جعل الفن في متناول الجميع.
ويعبر زوار المتحف حديقة خضراء مزهرة ليصلوا إلى المعرض الدائم لنتاج علي قانه، من لوحات ومنحوتات ورسوم تخطيطية، في حين خُصِصَت الغرف الأخرى لإقامة معارض لفنانين آحرين وندوات وورش عمل.
وأشارت هادية قانه إلى إن حاوية شحن قديمة جُهِّزَت لاحتضان فنانين زوار و"منظمي معارض وعلماء متاحف"، يندر في ليبيا أولئك الذين يتمتعون بمهاراتهم.
فالفنانون الليبيون كانوا طويلاً في ظل حكم القذافي الذي دام أكثر من أربعة عقود، عُرضة لقيود كانت تحد من حريتهم الإبداعية، إذ كانت الرقابة مفروضة عليهم، وكانوا مضظرين إلى ممارسة الرقابة الذاتية.
وقالت قانه البالغة 50 عاماً وهي نفسها فنانة خزفيات: "لم نكن نستطيع التعبير عن أنفسنا في السياسة أو انتقادها"، مع أن الفن "يجب ألا يكون خاضعاً لحواجز".
ومع أن "بيت علي قانه" يبدو غير مرتبط بزمن، وشاءته عائلته واحةً مسالمة للفكر و الروح، وضعت هنا وهناك تذكيراً بآلام الحرب وعلامات الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالقذافي ومقتله.
وتتدلى مثلاً لافتة مرورية أحدث فيها الرصاص ثقوباً من البوابة التي تفصل المتحف عن المسكن الخاص.
وتتوزع قذائف هاون مقلوبة رأساً على عقب بين أزهار الحديقة، تُقدّم عليها للزوار المشروبات الباردة وقهوة الإسبريسو الإيطالية، إذ أقامت هادية في المكان نسخة طبق الأصل عن مقهى جدها سعيد في المدينة القديمة بطرابلس.
خلال الاضطرابات التي بدأت عام 2011، وجدت هادية قانه نفسها بمفردها في بيت ابيها وكانت تخشى "خسارة كل شيء إذا سقط صاروخ على المنزل".
ومن هنا جاءت فكرة إنشاء متحف على أمل الحفاظ على أعمال والدها الثمينة وأرشيفه.
لكن القتال المتقطع،وانقطاع المياه والكهرباء، والعزلة القسرية بسبب جائحة كوفيد، شكّلت صعوبات متركمة حالت دون مواصلة مشروع إقامة الم فيما فضّلت الأسرة عدم الاتكال على أموال المستثمرين أو رجال الأعمال أو حتى الحكومة، بغية الحفاظ على استقلالية المشروع.
وقالت ابنة الفنان إن المنزل تحول تدريجاً إلى مركز ثقافي يجسّد ما نادى به علي قانه وهو "التعليم والتربية من خلال الفن".
وأوضحت أنه "ليس ضريحاً" لذكرى الفنان، بل مركز للإبداع والتعليم.
وفي محفوظات الفنان الراحل أيضاً توثيق للحِرَف والمهن التقليدية التي اندثر بعضها بالكامل في الوقت الراهن.
وقال أكبر أبنائه، مهدي،المقيم في هولندا، لوكالة فرانس برس إن "الحرف اليدوية أصبحت طوال 40 عاما نشاطاً محظوراً في ليبيا "، إذ أن القذافي، بعد تنفيذه انقلابه عام 1969 واستيلائه على السلطة، فرض حظراً على كل المؤسسات الخاصة، فأمر بإغلاق المحال والمصانع.
وأوضح لوكالة فرانس برس أن والده انكبّ خلال حياته على "بناء أرشيف من أجل ربط ماضي ليبيا بمستقبل محتمل".
وقالت الأم جانين رابيو قانه، وهي فرنسية تولت التدريس في المدرسة الفرنسية بطرابلس وتبرعت بمكتبة العائلة للمتحف: "إن طبيعة الأسرة" هي حفظ المعرفة ومشاركتها مع الآخرين.
وإذ ذكّرت بأن المتاحف يُفترض أن تكون مساحات للتعليم، لاحظت أن "هذه الفكرة غير موجودة بعد في ليبيا".
وشرحت أنها أرادت "تجنُّب جَعلِه متحفاً تقليدياً حيث كل شيء جامد".
وأضافت "أردت شيئًا مفعمًا بالحيوية، ومرحًا، ولكن قبل كل شيء، مكاناً يثير الفضول".
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
محافظ الأقصر يستقبل الفنان سامح حسين ويؤكد على سمو الفن المصري الهادف
استقبل المهندس عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، الدكتور وليد عبد الله، عميد كلية التربية والمشرف على الجامعة الأهلية، والفنان سامح حسين المدعو لحضور الملتقى السنوي الأول للبحث الإجرائي الذي تنظمه كلية التربية بجامعة الأقصر تحت عنوان " بحوث وممارسات.
ورحب محافظ الأقصر بضيوفه، مؤكدًا على أهمية التعليم والبحث العلمي، وكذا أهمية الفن كرسالة سامية لنهضة الشعوب وتشكيل الثقافات والوعى، والتأكيد على القيم الأصيلة و المتوارثة، وقال أنه على الفنان أن يكون صاحب فكر ورؤية خاصة نحو التوجيه لإصلاح المجتمعات.
وأشار محافظ الأقصر إلى أن تكريم الرئيس عبد الفتاح السيسي، للفنان سامح حسين وبرنامجه الهادف الذي عرض في شهر رمضان الماضي، أنما يأتي في إطار رسالة مصر لتقدير كل الجهود الإعلامية رفيعة المستوي، ودعم البرامج ذات المحتوي المتميز قيميًا وثقافيًا، ضد المحتوى الغير هادف.
وأكد محافظ الأقصر على أن المردود القوى للبرامج الهادفة نشاهده في جوالاتنا بقرى ونجوع المحافظة من اصطفاف أهالينا بالقرى خلف القيادة السياسية ودعم مصر وجيشها ضد كل التحديات التي تواجه بلدنا.
ومن جانبة، أشاد الفنان سامح حسين باستقبال محافظ الأقصر، مؤكدًا على جهود المحافظ الملموسة في نشاطه بالقرى والمدن للوصول لكافة المواطنين، وفتح بابه لشعب الأقصر وهو ما لمسه من أحاديث الأهالي منذ وصوله للأقصر.
يُذكر أن الملتقى يستمر ليومي ٢٩ و٣٠ أبريل الجارى، ويهدف إلى إلقاء الضوء على التحديات التربوية والمشكلات التعليمية والإدارية أو النفسية أو غيرها من المشكلات الميدانية، وتطوير مهارات البحث العلمي لدى طلاب الدراسات العليا من خلال ورش عمل ومحاضرات تفاعلية، وتبادل المعرفة عن طريق توفير منصة لتبادل الأفكار والخبرات حول تقنيات البحث الإجرائي.