الدكتور إكرام بدرالدين يكتب: الأمن القومي والحوار الوطني
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
ترتب على دعوة السيد الرئيس إلى إطلاق حوار وطنى بين مختلف الاتجاهات السياسية منذ قرابة عامين إلى إطلاق زخم كبير فى الحياة السياسية المصرية، حيث شارك فى هذا الحوار العديد من الأطياف السياسية والحزبية، إضافة إلى الخبراء، والمتخصصين، والأكاديميين، والذين سعوا إلى تبادل الآراء، والأفكار حول القضايا الأساسية التى تهم الوطن سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية وهو ما يفسر تعددية جلسات الحوار الوطنى إضافة إلى تعددية محاوره، حيث يمكن التمييز بين المحور السياسى فى الحوار، والمحور الاقتصادى، إضافة إلى المحور الاجتماعى، ولعل الهدف من أى حوار هو التوصل إلى نقاط التوافق الأساسية رغم تعددية الآراء، والاجتهادات، وإيجاد قاسم مشترك بين الجميع، كما ترجع أهمية الحوار أيضاً إلى النواحى العملية والتطبيقية، فالحوار ليس مطلوباً لذاته، أو أن يكون الحوار من أجل الحوار فقط، بل يمكن القول إن الأهمية الحقيقية للحوار هى فيما يسفر عنه تطبيق ما يتم التوافق عليه من أفكار، أو ما يمكن التعبير عنه بتنفيذ مخرجات الحوار، وهذا ما حدث فى المراحل السابقة للحوار، فبناء على توجهات القيادة السياسية تم تنفيذ فورى لمخرجات مهمة للحوار الوطنى، كما تم إدخال مواضيع جديدة فى دائرة الحوار بناء على توجيه رئاسى لتوسيع قضايا الحوار فى الشق السياسى وبحيث لا تقتصر فقط على قضايا السياسة الداخلية بل تشمل أيضاً قضايا الأمن القومى والسياسة الخارجية.
ويمكن القول إن قضايا الأمن القومى والسياسة الخارجية لا يوجد بينهما فصل تحكمى بمعنى أن كليهما يؤثر فى الآخر ويتأثر به، وبعبارة أخرى فإن السياسة الخارجية تؤثر بالضرورة على الأمن القومى، ومن جانب آخر، فإن الأمن القومى يؤثر بالضرورة على محددات السياسة الخارجية، كما يلاحظ أيضاً أن لعنصر الزمن أو التوقيت أهمية كبرى فى التأثير على السياسة الخارجية، والأمن القومى، ففى السنوات القليلة الماضية وحتى الآن تلاحقت العديد من الأحداث سواء على المستوى الإقليمى، أو على المستوى الدولى، والتى انعكس تأثيرها على الأمن القومى المصرى، وعلى سياسة مصر الخارجية، ومن ذلك على سبيل المثال الملفات الساخنة فى المنطقة والتى مر عليها أكثر من عقد من الزمان، والتى تتمثل فى تهديدات تتعرض لها الدولة الوطنية، ووحدة مؤسساتها، واندلاع الصراعات الداخلية، كما هو الحال فى دول الجوار لمصر مثل ليبيا، والسودان، إضافة إلى الصراعات الداخلية التى تشهدها اليمن، وسوريا، والعراق، وما تمثله قضية العرب الأولى وهى القضية الفلسطينية من تحديات على مستوى الأمن القومى وعلى مستوى السياسة الخارجية المصرية، ويتطلب الأمر إزاء هذه التطورات المتلاحقة وما تمثله من تحديات للأمن القومى المصرى أن تكون هناك استراتيجية للسياسة الخارجية المصرية وللأمن القومى المصرى من خلال الحوار الوطنى، وبحيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى مواجهة والتغلب على التحديات التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى، وذلك من خلال تدعيم الدور المصرى فى السياسة الخارجية سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، من خلال العمل على حل مشكلات الإقليم بالطرق السلمية، والعمل على التوفيق بين متطلبات الأمن القومى وحمايته والحفاظ عليه من جانب، وبين الالتزامات والاتفاقات الدولية التى وقعتها مصر، وكذلك تدعيم التوافق الداخلى، والاصطفاف القوى لفئات الشعب المختلفة خلف القيادة والمؤسسات السياسية للعمل على مواجهة التحديات، والتهديدات، وخصوصاً ما يتعلق بالآثار الناجمة عن تطورات الموقف فى غزة فى ظل الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الأشقاء الفلسطينيون والتى تنعكس بالضرورة على الأمن القومى لمصر، وسياستها الخارجية، حيث يتطلب الأمر التأكيد على الثوابت المصرية بالنسبة للقضية الفلسطينية وهى رفض تصفية القضية، ورفض التهجير القسرى، والعمل على التهدئة، وإيقاف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ودعوة الدول الشقيقة والصديقة إلى اتخاذ موقف موحد فى هذا الإطار لممارسة ضغط يهدف إلى إيقاف إطلاق النار فى غزة، وخصوصاً بعد إخفاق مجلس الأمن فى تحقيق ذلك نتيجة الاستخدام المتكرر لحق الفيتو، وبعد موقف القضاء الدولى ضد إسرائيل سواء بالنسبة لمحكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية، وبحيث يمكن للدول فرادى أن تحقق الضغط الذى عجز عن تحقيقه مجلس الأمن، ورسم الاستراتيجيات الملائمة لتحقيق الحفاظ على الأمن القومى، مع دور فعال للسياسة الخارجية يكسبها مزيداً من التوازن والمرونة والاستقلالية، ومزيداً من الانفتاح على دول العالم المختلفة، والقوى الكبرى، والعمل المكثف على إطلاق مبادرة سلام جادة فى الشرق الأوسط لتحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضى الفلسطينية التى احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.
* أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الحوار الوطنى دعم غزة وقف الإبادة بـ غزة السیاسة الخارجیة على الأمن القومى القومى المصرى إضافة إلى
إقرأ أيضاً:
مجلس الأمن القومي السوري هيئة لتنسيق السياسات الأمنية
في 12 مارس/آذار 2025 أعلنت الرئاسة السورية حسب قرار رئاسي أصدره الرئيس أحمد الشرع، تشكيل مجلس للأمن القومي في البلاد بمشاركة 3 وزراء، ويهدف إلى تنسيق وإدارة السياسات الأمنية والسياسية بالبلاد.
التأسيسأصدر الرئيس السوري أحمد الشرع قرارا بتشكيل "مجلس الأمن القومي" وفق ما أعلنه في القرار الرئاسي رقم (5) لعام 2025، وحسب بيان لرئاسة الجمهورية السورية، فإن المجلس سيكون برئاسة الشرع.
وجاء في نص القرار: "بناء على الصلاحيات الممنوحة لرئيس الجمهورية العربية السورية وانطلاقا من المصلحة الوطنية العليا، وحرصا على تعزيز الأمن القومي والاستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة، يقرر رئيس الجمهورية تشكيل مجلس الأمن القومي برئاسة رئيس الجمهورية".
وجاء تشكيل هذا المجلس في أعقاب التوترات التي شهدها الساحل السوري في 6 مارس/آذار 2025 إثر هجمات منسقة على دوريات وحواجز أمنية نفذها فلول نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على قوات الأمن السورية.
وكانت السلطات السورية الجديدة، عقب إسقاط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، قد أطلقت مبادرة تهدف إلى تسوية أوضاع عناصر الجيش والأجهزة الأمنية التابعة للنظام السابق، بشرط تسليم أسلحتهم وعدم تورطهم في جرائم قتل.
إعلانوقد لقيت المبادرة استجابة واسعة، وسلّم عشرات الآلاف أنفسهم، في حين رفضتها مجموعات مسلحة من فلول النظام، خاصة في المناطق الساحلية، التي كانت تضم كبار ضباط النظام السابق.
ومع مرور الوقت، لجأت هذه المجموعات إلى المناطق الجبلية، وبدأت بتنفيذ عمليات تهدف إلى زعزعة الاستقرار، عبر شن هجمات متفرقة على القوات الحكومية.
الأهداف وآلية العملوأعلن الرئيس السوري تشكيل مجلس الأمن القومي بهدف تنسيق وإدارة الشؤون الأمنية والسياسية بالبلاد، انطلاقا من المصلحة الوطنية العليا واستجابة للتحديات الأمنية والسياسية في المرحلة المقبلة.
وبموجب القرار، يعقد المجلس اجتماعاته بشكل دوري أو بناء على دعوة من رئيس الجمهورية، وتُتخذ القرارات المرتبطة بالأمن القومي والتحديات التي تواجه الدولة عبر التشاور بين الأعضاء.
أما مهام المجلس وآليات عمله، فيتم تحديدها بتوجيهات من رئيس الجمهورية، بما يحقق المصلحة الوطنية العليا، ويضمن التنسيق الفعّال بين مختلف الأجهزة والمؤسسات.
وأوضحت الرئاسة السورية أن آلية عمل المجلس تحدد بتوجيهات من رئيس الجمهورية بما يضمن التنسيق الفعال بين المؤسسات.
الأعضاءويتألف المجلس من وزراء الدفاع والداخلية والخارجية ومدير الاستخبارات العامة وعضوين استشاريين يعينهما رئيس البلاد وفقا للكفاءة والخبرة، وآخر تقني تخصصي يتابع الشؤون التقنية والعلمية ذات الصلة.
وزير الخارجية أسعد الشيبانيمن مواليد الحسكة عام 1987، وعاش في دمشق وتخرج في جامعتها حاصلا على إجازة في اللغة الإنجليزية وآدابها عام 2009، ونال درجتَي الماجستير والدكتوراه في العلوم السياسية والعلاقات الدولية من جامعة إسطنبول صباح الدين زعيم، والتحق بالثورة السورية منذ بدايتها عام 2011، وعمل في الجانب الإنساني، ثم أسهم في تأسيس حكومة الإنقاذ السورية وإدارة الشؤون السياسية فيها.
واتخذ الشيباني أسماء مستعارة عدة، أبرزها زيد العطار، وكان مدير العلاقات الخارجية في هيئة تحرير الشام ومدير الإدارة السياسية في حكومة الإنقاذ بإدلب، التي استطاع ربطها بعدد من الدول الأجنبية عبر لقائه وفودا قرب معبر "باب الهوى" عند الحدود السورية-التركية، كما كان يدير ملفات أمنية خارجية مثل ملف المقاتلين الأجانب.
إعلانوكلفته إدارة الشؤون السياسية في سوريا أواخر عام 2024 بحقيبة وزارة الخارجية السورية، وزار أنقرة في أول زيارة هي الأولى من نوعها لمسؤول رفيع من الإدارة السورية الجديدة إلى تركيا بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد.
وزير الدفاع مرهف أبو قصرةقيادي سوري سابق في المعارضة المسلحة، وهو من مواليد مدينة حلفايا في محافظة حماة، وحاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسة الزراعية من جامعة دمشق.
شغل منصب القائد العام للجناح العسكري لهيئة تحرير الشام، وتولى هندسة القدرات العسكرية للمعارضة السورية المسلحة في الشمال السوري منذ انطلاق الثورة السورية عام 2011، وقاد معظم العمليات العسكرية هناك، وعرف باسمه العسكري "أبو حسن الحموي".
يعدّ أبرز قادة إدارة العمليات العسكرية التي قادت معركة "ردع العدوان" ضد النظام السوري واستطاعت إسقاطه. وعقب سقوط حكومة المخلوع بشار الأسد، عينته حكومة تصريف الأعمال السورية أواخر عام 2024 وزيرا للدفاع.
وزير الداخلية علي كدةوُلد علي كده عام 1973 في قرية حربنوش بريف إدللب الشمالي، ثم انتقل لاحقا للإقامة في مدينة إدلب. حصل على شهادة في الهندسة العسكرية عام 1997، وأكمل دراسته في جامعة حلب، حيث تخرج من كلية الهندسة الكهربائية في اختصاص الإلكترون عام 2003.
مع اندلاع الثورة السورية عام 2011، اعتقلته قوات الأسد سبعة أشهر. وبعد الإفراج عنه، انخرط في العمل التربوي وأسهم في المجالس المحلية والشرطة الحرة بمحافظة إدلب منذ عام 2012.
تولى مناصب قيادية عدة في حكومة الإنقاذ السورية، وشغل منصب معاون وزير الداخلية للشؤون الإدارية والعلاقات العامة في الدورة الثانية للحكومة في ديسمبر/كانون الأول 2018، ثم ترأس الحكومة في دوراتها عام 2019 و2020 و2022 و2023.
وفي 19 يناير/كانون الثاني 2025، كُلّف بتولي وزارة الداخلية في حكومة تصريف الأعمال، خلفا للوزير السابق محمد عبد الرحمن.
إعلانوقال كدة في مقابلة مع الجزيرة أوائل فبراير/شباط 2025 إن "كل من تورط في جرائم بحق الشعب السوري سيُحاسب، في حين سيتم استيعاب من لم تتلطخ أيديهم بالدماء وفق معايير قانونية عادلة".
وأضاف أن الأجهزة الأمنية التي كانت قائمة في عهد النظام السابق قد تم حلها بالكامل، وبدأ العمل على تأسيس مؤسسة جديدة تستند إلى العدالة القانونية.
مدير الاستخبارات العامة أنس خطابقيادي في المعارضة السورية، ولد في ريف دمشق عام 1987، وتنحدر أصوله من بلدة الرحيبة في القلمون الشرقي. التحق بجامعة دمشق لدراسة هندسة العمارة، لكنه لم يكمل تعليمه، وغادر إلى العراق عام 2008 لـ"الجهاد ضد الاحتلال الأميركي".
وأسهم في تأسيس جبهة النصرة عام 2012 بعدما عاد إلى سوريا، وشغل منصب نائب القائد العام فيها، ثم عضو مجلس الشورى ومسؤول الجهاز الأمني في هيئة تحرير الشام.
وأسّس خطاب جهاز استخبارات "هيئة تحرير الشام"، وجهاز الأمن العام التابع للهيئة في إدلب وأداره، وهو جهاز توسع نفوذه ليشمل أغلب المحافظات الخاضعة لسيطرة الهيئة ومنذ عام 2019، تمكن جهاز الأمن العام من القضاء على "تنظيمات جهادية" كما تصفها الهيئة، وخلايا تنظيم الدولة الإسلامية في إدلب.
وأواخر ديسمبر/كانون الأول 2024، بعد تمكن المعارضة من إسقاط نظام بشار الأسد، كُلّف خطاب بترؤس جهاز الاستخبارات العامة في سوريا.
وأوضح خطاب -وفق ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية "سانا" على حسابها بمنصة "إكس"- أنه "سيعاد تشكيل المؤسسة الأمنية من جديد، بعد حل كافة الأفرع الأمنية وإعادة هيكلتها بصورة تليق بشعبنا وتضحياته وتاريخه العريق في بناء الأمم".