ترتب على دعوة السيد الرئيس إلى إطلاق حوار وطنى بين مختلف الاتجاهات السياسية منذ قرابة عامين إلى إطلاق زخم كبير فى الحياة السياسية المصرية، حيث شارك فى هذا الحوار العديد من الأطياف السياسية والحزبية، إضافة إلى الخبراء، والمتخصصين، والأكاديميين، والذين سعوا إلى تبادل الآراء، والأفكار حول القضايا الأساسية التى تهم الوطن سواء الاقتصادية، أو الاجتماعية، أو السياسية وهو ما يفسر تعددية جلسات الحوار الوطنى إضافة إلى تعددية محاوره، حيث يمكن التمييز بين المحور السياسى فى الحوار، والمحور الاقتصادى، إضافة إلى المحور الاجتماعى، ولعل الهدف من أى حوار هو التوصل إلى نقاط التوافق الأساسية رغم تعددية الآراء، والاجتهادات، وإيجاد قاسم مشترك بين الجميع، كما ترجع أهمية الحوار أيضاً إلى النواحى العملية والتطبيقية، فالحوار ليس مطلوباً لذاته، أو أن يكون الحوار من أجل الحوار فقط، بل يمكن القول إن الأهمية الحقيقية للحوار هى فيما يسفر عنه تطبيق ما يتم التوافق عليه من أفكار، أو ما يمكن التعبير عنه بتنفيذ مخرجات الحوار، وهذا ما حدث فى المراحل السابقة للحوار، فبناء على توجهات القيادة السياسية تم تنفيذ فورى لمخرجات مهمة للحوار الوطنى، كما تم إدخال مواضيع جديدة فى دائرة الحوار بناء على توجيه رئاسى لتوسيع قضايا الحوار فى الشق السياسى وبحيث لا تقتصر فقط على قضايا السياسة الداخلية بل تشمل أيضاً قضايا الأمن القومى والسياسة الخارجية.

ويمكن القول إن قضايا الأمن القومى والسياسة الخارجية لا يوجد بينهما فصل تحكمى بمعنى أن كليهما يؤثر فى الآخر ويتأثر به، وبعبارة أخرى فإن السياسة الخارجية تؤثر بالضرورة على الأمن القومى، ومن جانب آخر، فإن الأمن القومى يؤثر بالضرورة على محددات السياسة الخارجية، كما يلاحظ أيضاً أن لعنصر الزمن أو التوقيت أهمية كبرى فى التأثير على السياسة الخارجية، والأمن القومى، ففى السنوات القليلة الماضية وحتى الآن تلاحقت العديد من الأحداث سواء على المستوى الإقليمى، أو على المستوى الدولى، والتى انعكس تأثيرها على الأمن القومى المصرى، وعلى سياسة مصر الخارجية، ومن ذلك على سبيل المثال الملفات الساخنة فى المنطقة والتى مر عليها أكثر من عقد من الزمان، والتى تتمثل فى تهديدات تتعرض لها الدولة الوطنية، ووحدة مؤسساتها، واندلاع الصراعات الداخلية، كما هو الحال فى دول الجوار لمصر مثل ليبيا، والسودان، إضافة إلى الصراعات الداخلية التى تشهدها اليمن، وسوريا، والعراق، وما تمثله قضية العرب الأولى وهى القضية الفلسطينية من تحديات على مستوى الأمن القومى وعلى مستوى السياسة الخارجية المصرية، ويتطلب الأمر إزاء هذه التطورات المتلاحقة وما تمثله من تحديات للأمن القومى المصرى أن تكون هناك استراتيجية للسياسة الخارجية المصرية وللأمن القومى المصرى من خلال الحوار الوطنى، وبحيث تهدف هذه الاستراتيجية إلى مواجهة والتغلب على التحديات التى يتعرض لها الأمن القومى المصرى، وذلك من خلال تدعيم الدور المصرى فى السياسة الخارجية سواء على المستوى الإقليمى أو الدولى، من خلال العمل على حل مشكلات الإقليم بالطرق السلمية، والعمل على التوفيق بين متطلبات الأمن القومى وحمايته والحفاظ عليه من جانب، وبين الالتزامات والاتفاقات الدولية التى وقعتها مصر، وكذلك تدعيم التوافق الداخلى، والاصطفاف القوى لفئات الشعب المختلفة خلف القيادة والمؤسسات السياسية للعمل على مواجهة التحديات، والتهديدات، وخصوصاً ما يتعلق بالآثار الناجمة عن تطورات الموقف فى غزة فى ظل الهجمة الشرسة التى يتعرض لها الأشقاء الفلسطينيون والتى تنعكس بالضرورة على الأمن القومى لمصر، وسياستها الخارجية، حيث يتطلب الأمر التأكيد على الثوابت المصرية بالنسبة للقضية الفلسطينية وهى رفض تصفية القضية، ورفض التهجير القسرى، والعمل على التهدئة، وإيقاف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، ودعوة الدول الشقيقة والصديقة إلى اتخاذ موقف موحد فى هذا الإطار لممارسة ضغط يهدف إلى إيقاف إطلاق النار فى غزة، وخصوصاً بعد إخفاق مجلس الأمن فى تحقيق ذلك نتيجة الاستخدام المتكرر لحق الفيتو، وبعد موقف القضاء الدولى ضد إسرائيل سواء بالنسبة لمحكمة العدل الدولية، أو المحكمة الجنائية الدولية، وبحيث يمكن للدول فرادى أن تحقق الضغط الذى عجز عن تحقيقه مجلس الأمن، ورسم الاستراتيجيات الملائمة لتحقيق الحفاظ على الأمن القومى، مع دور فعال للسياسة الخارجية يكسبها مزيداً من التوازن والمرونة والاستقلالية، ومزيداً من الانفتاح على دول العالم المختلفة، والقوى الكبرى، والعمل المكثف على إطلاق مبادرة سلام جادة فى الشرق الأوسط لتحقيق حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على الأراضى الفلسطينية التى احتلت عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وبما يحقق الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط.

* أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة

 

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الحوار الوطنى دعم غزة وقف الإبادة بـ غزة السیاسة الخارجیة على الأمن القومى القومى المصرى إضافة إلى

إقرأ أيضاً:

عودة ترامب تثير نقاشات واسعة في دافوس حول السياسة الخارجية الأمريكية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أثارت عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، ليبدأ فترته الرئاسية الثانية، نقاشات واسعة خلال الاجتماع السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، سويسرا. وتزامنت مراسم تنصيبه مع انطلاق الفعالية التي يشارك فيها أكثر من 3000 قائد من القطاعين العام والخاص، بمن فيهم أكثر من 50 رئيس دولة ومئات المسؤولين الحكوميين. 
وذكر المنتدى الاقتصادي العالمي /دافوس/ في تقرير نشره اليوم الثلاثاء أنه من المقرر أن يُلقي ترامب خطابًا عبر الفيديو أمام المشاركين بعد غد الخميس، حيث من المتوقع أن يُسلط الضوء على التوجهات الجديدة لسياسته الخارجية التي تُثير جدلًا واسعًا. وتشمل هذه السياسات فرض تعريفات جمركية مرتفعة على الاقتصادات الكبرى وإعادة تقييم التحالفات العسكرية والدبلوماسية وإصلاح المؤسسات متعددة الأطراف. 
وفي جلسة نقاشية عامة خلال المنتدى، صرح باتريك فوليس، محرر الشؤون الخارجية في مجلة "الإيكونوميست" البريطانية: "أجندة ترامب تُعبر عن نفوذ أمريكي أكثر قوة، ولكن ضمن نطاق جغرافي محدود". 
وتأتي ولاية ترامب الثانية وسط تحديات عالمية معقدة، مثل استمرار الحرب في أوكرانيا وإعلان وقف إطلاق النار في غزة. وأشار سام جاكوبس، رئيس تحرير مجلة "تايم" الأمريكية، إلى أن الولايات المتحدة أنفقت حوالي 183 مليار دولار على أوكرانيا، معبرا عن توقعه أن "ترامب لن يُنفق نفس المبلغ". وأضاف: "رئاسة ترامب الجديدة قد تكون أكثر تقلبًا وارتباكًا مقارنة بفترته الأولى". 
ومن جهتها، قالت مينا العريبي، رئيسة تحرير صحيفة "ذا ناشيونال" الإماراتية، إن تدخل ترامب كان حاسمًا في إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة. وأضافت: "ترامب كان واضحًا بشأن ضرورة تحقيق وقف إطلاق النار قبل حفل التنصيب". 
وفي سياق آخر، كانت تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية عالية على الواردات الصينية محور نقاش ساخن. وحذر الخبراء من أن هذه الخطوات قد تُشعل حربًا تجارية واسعة النطاق تؤثر على الاقتصاد العالمي. وأشار تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي بعنوان "رؤية كبار الاقتصاديين" إلى أن 89% من الخبراء توقعوا حدوث تصعيد في القيود التجارية بين الولايات المتحدة والصين، مع تحديد الحمائية كعامل رئيسي قد يُعيد تشكيل أنماط التجارة العالمية. 
ورغم هذه التوجهات، يرى الخبراء أن حالة "عدم اليقين" هي السمة البارزة في السياسات المقبلة. وقالت العريبي: "عدم القدرة على التنبؤ الذي يجلبه ترامب يعكس أيضًا عدم القدرة على التنبؤ في العالم بأسره". 
وأفاد التقرير بأن الإدارة الجديدة تستعد لإصدار سلسلة من الأوامر التنفيذية خلال الأيام المقبلة، تشمل قضايا تتعلق بالتعريفات الجمركية والهجرة والبيروقراطية الحكومية وتنظيم وسائل التواصل الاجتماعي. وعلّق فوليس قائلًا: "فترة رئاسة دونالد ترامب الثانية ستختبر قدرة المؤسسات الأمريكية على التكيف مع هذا الكم الهائل من التحولات". 

مقالات مشابهة

  • «الإخوان».. أعداء الوطن وصُناع الإرهاب
  • «الإسماعيلية» معركة الكبرياء الوطني.. أظهرت نبل وتضحيات المصريين لرفع راية مصر على مر التاريخ (ملف خاص)
  • مسعود بارزاني يبحث مع المجلس الوطني الكوردي نتائج الحوار في سوريا
  • عودة ترامب تثير نقاشات واسعة في دافوس حول السياسة الخارجية الأمريكية
  • وزير الاتصالات يشهد مراسم إطلاق خدمة الاتصال عبر شبكات الواى فاى "Wi-Fi Calling" بالسوق المصرى
  • القومي لحقوق الإنسان: لأول مرة يترأس وزير الخارجية وفد مصر لعرض التقرير
  • ندوة بعنوان تحديات الأمن القومى المصرى بمحافظة دمياط بحضور اللواء سمير فرج
  • وزير الاتصالات: إطلاق خدمة الاتصال عبر شبكات "الواي فاي" لتحسين الخدمات
  • “ ثابت ” يكشف عن خطورة الشائعات على الأمن القومي خلال حملة "أتحقق قبل ما تصدق" بإعلام الفيوم
  • «وزير الاتصالات»: إطلاق خدمة الاتصال عبر شبكات الواي فاي لنشر وتحسين الخدمات على مستوى الجمهورية