فنانو المسرح الليبي يتشبثون بفنهم رغم التحديات
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
بنغازي (ليبيا) "رويترز": يعاني المسرح في ليبيا من الإهمال وقلة الدعم من مؤسسات الدولة منذ سنوات إذ لا توجد أنشطة مسرحية على نحو دائم وليس هناك سوى مسرح واحد في بنغازي أما بقية المسارح فتخضع لأعمال صيانة.
ويعيش المسرح في ليبيا، التي تضم عددا من المسارح الرومانية القديمة في لبدة وصبراتة وقورينا، أزمة دعم كبيرة فضلا عن تأثر معنويات العاملين به إذ لا يستطيع الفنانون العمل دون التفكير في كيفية سد الاحتياجات اليومية في ظل ضعف الأجور وقلة الأعمال.
وليبيا، التي شهدت تشكيل أول فرقة مسرحية بالمعنى الحديث على يد الفنان محمد عبد الهادي عام 1928 وهي فرقة (هواة التمثيل)، تفتقر للمعاهد المسرحية.
ويقول ميلود العمروني (59 عاما) وهو فنان مسرحي يعمل منذ عام 1979 "المسرح في ليبيا متقطع في بعض المدن ومختف في المدن الأخرى. يوجد في بنغازي حوالي ثلاثة مسارح منها ما يرغبون في تحويلها إلي محلات وأخرى مغلقة للصيانة والمسرح الشعبي هو فقط الموجود الآن".
ويرى العمروني أن المسرح يتعرض لضغوط مختلفة قائلا "المسرح في ليبيا محارب بشكل معلن أو غير معلن وهناك ركود كبير في هذا الفن والحرب في نظري عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي بالتنمر على الفنانين أو من ناحية قلة دعم الدولة لهذا الفن".
أما بالنسبة للعائد المادي، يوضح العمروني أن الفنانين لا يكسبون ما يكفي لسد احتياجات العيش الأساسية.
وقال "ممكن ندفع من جيوبنا من أجل بقاء المسرح وألا يختفي ويكون هناك حراك ثقافي".
ويتفق مع نفس الرأي علاء الأوجلي (57 عاما) وهو ممثل مسرحي ومخرج حصل على ثلاث جوائز من مهرجانات في المغرب وتونس.
ويؤكد الأوجلي "الفنان يتحصل علي 600 إلى 1000 دينار على العروض خلال شهر وهذا لا يكفي في ظل ما تمر به البلاد الآن مما يجعل الفنان يذهب الي اتجاه آخر لمواكبة مصاريف الحياه اليومية".
وتُعرض المسرحيات خلال شهر رمضان فقط في بنغازي من كل عام وتشهد إقبالا من المواطنين.
ويشكو الأوجلي من قلة الدعم للمسرح منذ سنوات.
ويقول "نجاهد ليبقى المسرح الشعبي للأسف نرى اعتمادات للميزانيات من ضمنها وزارة الثقافة ولا نرى أي دعم للمسرح أو الفنان".
وأردف أن دعم المسرح خلال عهد معمر القذافي كان بسيطا بسبب "توجيه المسرحيات لخدمه النظام إلا أن الدعم حاليا معدوم ليصاب العمل المسرحي بالشلل".
وتعاني ليبيا من انقسامات سياسية منذ عام 2014 مما أثر على العديد من القطاعات الحكومية على مستوى البلاد.
ويلقي مروان العبار الفنان المسرحي (37 عاما) اللوم على وزارة الثقافة في تدهور حال المسرح.
ويقول "أحمل الذنب حاليا على وزارة الثقافة من تهميش متعمد للفنان وعدم دعم الفرق المسرحية والاهتمام بالمسرح الشعبي الذي من خلاله تستطيع أن تغير ثقافة شعب".
والعبار يعمل في هذا المجال من 20 عاما وهو حاصل على جوائز من تونس. وتحدث عن اضطرار فنانين لتحمل تكلفة السفر عند تكريمهم في دول أخرى.
ويقول "يوجد فنان اسمه أحمد سالم الذي جسد دور سيدنا بلال في فيلم الرسالة تم تكريمه في دولة الجزائر ذهب على حسابه الشخصي إلي هناك. الثقافة للأسف مهملة ولا يوجد أي دعم لها".
وقال محمد خليل (40 عاما) وهو موظف ومن عشاق المسرح إن الحل في مشكلة الإهمال الذي يعانيه الفنان والمسرح هو إقامة ورش عمل ودعم المسرح المدرسي وإضافة مادة تدرس في المناهج عن المسرح والفن والإعلام.
وأضاف "وكذلك دعم الفرق المسرحية وإنشاء معاهد وإقناع المستثمرين ورجال الأعمال بالمسرح وكيف من الممكن الحصول على مردود مادي من خلال الدعايات وغيرها".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
استكشاف أحمد عز
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
كنت أظن أن عزًا ممثلًا لا يستطع أداء الأدوار إلا أمام الكاميرات وفقط سواء كان ذلك في السينما أو التليفزيون، لكنه ظهر، أمس، خلال لحظة تكريمه بحفل افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي 45، ممثلا مسرحيا متمكنا من أدواته، ففي نظري كان أكثر من صعدوا على الخشبة حضورا، فتقريبا هو أول فنان يقف على خشبة المسرح الكبير ويخاطب ضيوف بلكونة الدور الخامس الذين يعدوا الفئة الأكثر تهميشا بين جمهور المسرح الكبير.
وكانت هذه المخاطبة بمثابة مشهد تفاعلي أجراه الفنان مع سيدة من الجمهور تجلس في بلكونة الدور الخامس، وجاء المشهد ليختتم خطا سرديا محكم البناء في الكلمة التي أداها الفنان على المسرح فور تكريمه، هذه الكلمة بالتحديد وأسلوبها القصصي تشير أيضا إلى موهبته في الكتابة حيث حكى في جزء من بداية كلمته إنه أيضا كان واحدا من ضيوف تلك البلكونة في بداية مشواره وكان مهمشا مثلهم.
ووصل عز بقصته تلك إلى قمة الإثارة حينما سرد خطا آخر تطرق خلاله إلى مشاهد لعلاقته مع والديه حيث قال إنه عندما اختار أن يصبح ممثلا كان كل ما يتمناه أن يصدق والداه اختياره كما كان يصدقه هو، لكن للأسف لم يكن لديه أي شواهد على أنه يسير في طريق الحقيقة، شواهد يقدمها إلى والديه غير مكنونه الصادق البعيد عن عيون الآخرين، لكن عندما أصبح عز لديه شيء ظاهر إذ كرم أمس بجائزة من أضخم مهرجان سينمائي عربي وهو يقف على المسرح الكبير المهيب لدار الأوبرا وفي قبضته تمثال جائزة فاتن حمامة وكاميرات القنوات الفضائية مصوبة نحوه، ومن يمنحه هذه الجائزة النجم الكبير حسين فهمي والدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة وتجلس في الصفوف الأولى نجمة الجماهير نبيلة عبيد وهي تصفق له، لكن في أوج هذا الظهور التاريخي في مسيرته لم يحقق عز أمنيته، فلم يعد والداه موجدين في عالمنا بعد، لقد غيرا عنوانهما.
لاقيت جميع الشخصيات التي قدمها عز خلال مسيرته قبولا جماهيريا، بالتحديد دور مصطفى في فيلم الرهينة، وأحمد عز فنان لم يأت من فوق فلم يكن أبوه ممثلا مثلا أو مثقفا كبيرا لكي يلفت نظره للمعهد العالي للفنون المسرحية ويتوسط له للقبول ومن ثم يتخرج ويتوظف في البيت الفني للمسرح ويبدأ في التدرج المهني للتمثيل في مصر. أيضا هو ليس نجل رجل أعمال ينتج أفلاما فيسند له أدوار. فقد بحث عز عن التمثيل بالمنطق الشعبي للبحث عن النجومية والفرص. شخصية شعبية ذات ملامح وجه متعددة الاحتمالات تصلح كوجه لشخصية غربية أو شرقية في نفس الوقت، تستميل طبقات معينة وقد تثير ضيق طبقات أخرى.
لكن كلتا الحالتين تعززان من قابلية ملامحه للتصوير، وأعتقد أن عز أدرك هذا فقرر أن يركب شخصيات شعبية الطباع على وجه ظهر على الشاشة في أدوار رومانسية ربما تعاملت معه كوجه قابل للتصوير فقط وليس كممثل، وهذا ما يبدو أنه يرفضه فيستمر في دور الباحث عن صورة ترضيه واختيارات تعبر بصدق عن شخصيته التي تتطور طيلة الوقت.
أتابع أحمد عز منذ أولى انطلاقاته ولفترة كبيرة كنت أظنه شخصية غير مثقفة وذي عقلية غير ناقدة، ربما أن هذا التصور قد تفجر في رأسي عندما سألوه ذات مرة عن الكتب فقال إنه يحب كتابات نبيل فاروق وهي -في نظري- كتابات شعبية تتجه نحو الأدب التجاري التقليدي، واستنتجت حينها أن شخصية عز قد تبدو شخصية تجارية أيضا غير راغبة في تقديم شيء يعلي شأن القيمة الفنية على التجارة. وكنت أظن أن سبب نجاحه لتقديم هذا الكم من الأعمال يكمن في ذكائه ولطف معاملته مع مقتضيات مهنته، لكن مشهد الأمس، مشهد انفراده وسيطرته على هذا الفراغ المهيب الذي يتمتع به المسرح الكبير، حيث سيطر بالدرجة التي مكنته من عقد حوار شيق مع امرأة تجلس في الخامس. هذا المشهد قد يشير إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي الـ 45 قرر أن يعيد اكتشاف أحمد عز. أحمد عز الكاتب والمسرحي والحالم وليس فقط "الفيجر" الذي يشغل حيزا من الشاشة المستطيلة.