شفق نيوز:
2024-09-08@20:30:53 GMT

ماذا لو سقطت الأقنعة؟

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

ماذا لو سقطت الأقنعة؟

ماذا لو سقطت الأقنعة؟.

المصدر: شفق نيوز

كلمات دلالية: العراق هاكان فيدان تركيا محمد شياع السوداني انتخابات مجالس المحافظات بغداد ديالى نينوى ذي قار ميسان اقليم كوردستان السليمانية اربيل نيجيرفان بارزاني إقليم كوردستان العراق بغداد اربيل تركيا اسعار الدولار روسيا ايران يفغيني بريغوجين اوكرانيا امريكا كرة اليد كرة القدم المنتخب الاولمبي العراقي المنتخب العراقي بطولة الجمهورية الكورد الفيليون الكورد الفيليون خانقين البطاقة الوطنية مطالبات العراق بغداد ذي قار ديالى حادث سير الكورد الفيليون مجلة فيلي عاشوراء شهر تموز مندلي

إقرأ أيضاً:

ماذا لو لم أشاهد مسلسلات سورية في صباي؟!

لا أدرك مدى ارتباطي الثقافي والعاطفي بالدراما السورية إلا حين أتوقف لأسأل نفسي بجدية إن كنت أنا من أنا الآن، وبلا مبالغة، لو لم يكن بسَّام كوسا أول شخصية تخرج من تلفزيون الصالة العائلية لتنطبع في طفولتي كشخصية حية في دور «نصَّار بن عريبي»؟ كان جلال مشهده وهو يرتل سورة الضحى في زنزانته عشية تنفيذ حكم الإعدام أحد أهم المشاهد في تاريخ علاقتي بالسينما. فماذا لو مُحيت ملحمة «الخوالي» بلوحاتها البطولية وخلفياتها الموسيقية، الحماسية حينا والتراجيدية حينا، من ذاكرة الطفل الذي كنته؟

أما الدراما السورية التاريخية فهي تحيلني لمراجعة الصورة الأولى التي تكونت في وعيي عن ملامح تاريخنا العربي كما صوَّرته ونطقت به تلك الدراما الفصيحة. كيف كنت سأصغي لنبر الشعرِ الجاهلي في كتب المعلقات لاحقا لو لم أستفق مبكرا في طفولتي على مرثيات الزير سالم لأخيه كُليب بصوت سلوم حداد في رائعة حاتم علي وممدوح عدوان؟ كيف ستتجاسر مخيلتي على تكوين ملامح بصرية أولية عن صورة حياة العرب قبل الإسلام وعن مآثرهم في العشق والفروسية لو لم أكن قد شاهدت «الزير سالم» لمرات ومرات منذ أن كنت في السادسة من عمري؟

بصرف النظر عن نمطية تلك الصورة غالبا، وبتجاوز السؤال عن مدى سلامتها الموضوعية واختلاط الأسطوري بالتاريخي فيها، لا بدَّ من القول إن العمل التاريخي الذي قدَّمه لنا الممثلون السوريون، رغم ما نعلمه من تواضع التقنيات والميزانيات الإنتاجية، قد فتح لنا نافذة للتواصل التخييلي مع تاريخنا العربي القديم ورموزه الأسطوريين الذين نقرأ عنهم في كتب التاريخ المغبرَّة على رفوف المكتبات. تلك الأعمال الرائعة التي صوَّرت لنا فصولا حاسمة من تاريخ الصراع السياسي بين الدولة الأموية والدولة العباسية نجحت -على الأقل- في إنقاذ وعي شريحة واسعة من متابعيها من فداحة النظرة الأيديولوجية التعميمية لمبدأ الصراع التاريخي بين الأمم، تماما كما فعل السوريون في الأعمال الملحمية التي روت لنا قصة الحجاج بن يوسف الثقفي وقصة عبدالرحمن الداخل وقصة صلاح الدين الأيوبي وغيرهم؛ حين تمكنت الكتابة الدرامية من إعادة بناء الشخصية التاريخية الجدلية بأسلوب نفسي مركَّب تتحاور فيه كل التناقضات البشرية في الذات الواحدة، متجاوزا النمطية الأسيرةَ لثنائية الخير المطلق أو الشر المطلق كما في مرويات الناس.

هذا البناء النفسي العميق المركَّب للشخصية الدرامية في المسلسل السوري قد بلغ أعلى مستويات نضجه في روائع الثنائي حاتم علي ووليد سيف، كما في الثلاثية الأندلسية. يستوقفني هذان الاسمان، المخرج والمؤلف، لمساءلة نفسي، في هذه المرحلة من العمر ومن السياق السياسي تحديدا، إن كانت علاقتي الشخصية بالقضية الفلسطينية وتفاعلي السياسي والثقافي معها ستبدو بذات القوة والوضوح -كما هي الآن- لو لم أشاهد «التغريبة الفلسطينية» في صباي؟ أكان بوسعي أن أستوعب تراجيديا الشعب الفلسطيني لو لم يكن القائد أبو صالح والأستاذ علي وأخوهما مسعود الذي يقطع الصحراء نحو الكويت ثلاثةَ أبطال أساسيين كثَّفوا في ذاكرتي المعاني المتعددة للنكبة؟ أستطيع الادعاء أنني شاهدت العمل كاملا لخمس مرات منذ أول مرة، هذا فضلا عن الزيارات المتفرقة التي أقصد فيها مشهدا بعينه؛ وبالتالي فإنني أستطيع التأكيد على المقولة التي ترى بأن الواقع هو من يحاكي فن، وليس العكس كما درجنا على القول.

وبالعودة إلى بسَّام كوسا فإن «باب الحارة» لم يكن من المسلسلات السورية الأثيرة عندي رغم النجاح الجماهيري الكاسح الذي بدا واضحا منذ ظهوره الرمضاني الأول عام 2006. فحتى وهو يؤدي دوره ببراعة في الجزء الأول، لم أجدني قادرا على التفاعل الكامل مع بطل طفولتي في صورة اللص الفقير الذي يحلف على المصحف كذبا، مُفضلا، ولأسباب شخصية بحتة، الحفاظ عليه في الصورة التي استقبلتُه بها لأول مرة في «الخوالي» كبطلٍ من أبطال التحرر العربي ضد الاستعمار العثماني. لم تكن ذائقتي الطفولية يومها مدرَّبة على قبول مشاهدة الممثلين وهم يخلعون جلد شخصياتهم السابقة منتمين إلى دور جديد تماما قد يتناقض أحيانا مع دورهم السابق.

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على ذلك المسلسل، وحينما اندلعت أغنيته الشهيرة من رنين هاتف رجل كبير في سن كان يجلس إلى جانبي في صالة الانتظار بأحد المراكز الصحية، استعدت حينها بوضوح تلك الحالة الشعبية المثيرة التي خلقتها أجواء «باب الحارة» بين طلبة المدارس وفي أوساط المجتمع الصغير. بوسعي أن أتذكر حميمية التواصل العائلي الذي كان يسود صالة البيت بمجرد أن يحين موعد الحلقة. أما إن حان موعدها وصادف أنك خارج البيت في تلك الأمسية الرمضانية فليس عليك سوى أن تدلف إلى أقرب حلاقٍ لتتفرَّج على الحلقة مع المنتظرين أدوارهم.

لقد أدخلت الدراما السورية عشاقها من مختلف أقطار العالم العربي إلى ساحة البيت الشامي، حيث الماء والياسمين، قبل أن يتحول هذا النوع من المسلسلات إلى ظاهرة تستنسخ نفسها في أجزاء متلاحقة أو حتى في أعمال أخرى تتوسل النجاح نفسه بالاستنساخ التجاري للتجربة. ولكن من يستطيع أن يكتب بصدق عن الدراما السورية اليوم، أي بعد 2011، بلا نبرة رثائية تطال في الواقع كل ما هو سوري؟ لعل الدراما السورية التي أعرفها والتي أنتمي إليها هي كل ما ادخرته منها في ذاكرتي قبل ذلك العام الفاصل. ويكفي أن تكون شخصياتها مدارا لأحلام الطفولة والمراهقة واحتياطا عاطفيا لا ينضب حتى أعترف بأثرها على تكويني.

سالم الرحبي شاعر وكاتب عماني

مقالات مشابهة

  • معلومات جديدة عن عصابة زوق مصبح... ماذا في التفاصيل؟
  • «لايق على كل دور».. ماذا قال أحمد حاتم بعد تشبيه الجمهور له بالطرحة السودا؟
  • بنك الأسئلة الموعود!! : ماذا يقيس ؟
  • ماذا لو لم أشاهد مسلسلات سورية في صباي؟!
  • هجوم جويّ لـحزب الله.. ماذا استهدف؟
  • عمليّة لـسرايا المقاومة.. ماذا استهدفت؟
  • ماذا لو
  • بيانٌ إسرائيلي عن آخر قصفٍ طال الجنوب.. ماذا فيه؟
  • آخر المعلوامت.. ماذا تريدُ أميركا في لبنان؟
  • من الحجار إلى البيطار