إدانة ترامب بقضية جنائية .. والنطق بالعقوبة 11 يوليو القادم
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
نيويورك "أ ف ب": أدانت هيئة محلّفين في نيويورك الخميس الرئيس السابق دونالد ترامب بكلّ التّهم الـ34 الموجّهة إليه في قضية تزوير سجلات محاسبية لإخفاء دفعه أموالاً لشراء صمت ممثّلة أفلام في تطوّر مزلزل يأتي قبل خمسة أشهر من الانتخابات الرئاسية التي يسعى من خلالها للعودة إلى البيت الأبيض.
وبذلك يصبح الملياردير الجمهوري أول رئيس أمريكي سابق يدان جنائياً، على الرّغم من أنّ هذا الحُكم لا يمنعه من أن يواصل حملته الانتخابية أو حتى أن يُنتخب رئيساً.
ولم تتّضح في الحال التداعيات السياسية لهذا الحكم.
وقال رئيس المحكمة القاضي خوان ميرشان إنّ النطق بالعقوبة سيتمّ في الساعة العاشرة من صباح 11 يوليو (14,00 ت غ)، وبانتظار ذلك الموعد أمر بإطلاق سراح المدان من دون كفالة.
وأمهل القاضي في محكمة مانهاتن فريق الدفاع عن ترامب حتى 13 يونيو لتقديم دفوعه وللنيابة العامّة حتى 27 يونيو للردّ على هذه الدفوع.
وعند تلاوة حكم الإدانة الصادر عن هيئة المحلّفين ظلّ الرئيس السابق جامداً محنياً كتفيه بعض الشيء.
وفور صدور الحكم، سارع ترامب إلى التنديد بمحاكمة "مزيّفة"، معتبراً الحكم الصادر بحقّه "عاراً" لأنّه "رجل بريء"، ومؤكّداً بنبرة ملؤها التحدّي أنّ "الحُكم الحقيقي" سيُصدره الناخبون يوم الانتخابات الرئاسية في 5 نوفمبر.
وسرعان ما عاد ترامب إلى برجه الواقع في مانهاتن على أن يعقد فيه مؤتمراً صحفياً.
من جهته، اكتفى البيت الأبيض بالقول إنّه "يحترم حُكم القانون" و"لا يدلي بأيّ تعليق آخر".
أمّا الرئيس جو بايدن الذي يمضي يوم الخميس مع أسرته لإحياء الذكرى السنوية التاسعة لوفاة نجله البكر، فلم يُدلِ من ناحيته بأيّ تعليق في الحال.
في المقابل، اعتبرت الحملة الانتخابيّة للرئيس الأمريكي جو بايدن أنّ هذا الحُكم دليل على أنّ "لا أحد فوق القانون".
وقال المسؤول في الحملة مايكل تايلر في بيان إنّه رغم هذه الإدانة "هناك طريقة واحدة فقط لإبقاء دونالد ترامب خارج المكتب البيضوي، ألا وهي بطاقة الاقتراع. فسواء أدين أو لم يُدَن فإنّ ترامب سيكون المرشح الجمهوري" للانتخابات الرئاسية المقرّرة في 5 نوفمبر.
من جهته أعرب رئيس مجلس النواب الأميركي مايك جونسون عن أسفه لحُكم الإدانة، معتبراً هذا اليوم "يوماً مخزياً" في تاريخ الولايات المتّحدة.
وقال الزعيم الجمهوري إنّ "اليوم هو يوم مخزٍِ في التاريخ الأمريكي. الديموقراطيون يهلّلون لإدانة زعيم الحزب المعارض بتهم سخيفة، بناء على شهادة (محام) مدان ومشطوب من سجلّ (المحامين). هذه ممارسة سياسية بحتة وليست قضائية".
"في أقرب وقت ممكن"
وما هي إلا ساعات على صدور الحكم حتى أعلن فريق الدفاع عن ترامب عزمه على استئنافه.
وقال المحامي تود بلانش وكيل الدفاع عن الرئيس السابق إنّ فريق الدفاع سيستأنف "في أقرب وقت ممكن" حكم الإدانة.
وقال بلانش لشبكة "سي إن إن" الإخبارية "سنستأنف الحُكم في أقرب وقت ممكن"، موضحاً أنّه "في نيويورك، تقضي الإجراءات بأن يتمّ النطق بالعقوبة أولاً، ومن ثم نستأنف".
وأمام محكمة مانهاتن، بدت الفرحة على وجوه عدد من أبناء نيويورك الذين كانوا يغادرون أعمالهم عندما علموا بالحكم التاريخي، في حين أبدى آخرون امتعاضهم من الحكم.
وقال جون رودي إنّ "هذه واحدة من اللحظات النادرة التي تثبت حقاً أنّ لا أحد فوق القانون في الولايات المتّحدة".
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
هل وقع ترامب في فخ الحوثيين باليمن؟
أجمع محللون على أن الضربات الأميركية الأخيرة على اليمن تمثل تحولاً خطيرًا في مسار الصراع، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب دخل في مأزق إستراتيجي قد يؤدي إلى تصعيد أوسع في المنطقة، خاصة مع إصرار جماعة أنصار الله (الحوثيين) على مواصلة عملياتهم ضد السفن المتجهة إلى إسرائيل.
وكانت الولايات المتحدة شنت، مساء السبت، نحو 40 غارة على اليمن أسفرت عن مقتل وجرح العشرات، ورأت واشنطن أن الغارات تأتي دفاعا عن المصالح الأميركية، واستعادة حرية الملاحة البحرية.
وبعد ساعات قليلة من الهجوم الأميركي أعلن المتحدث العسكري باسم جماعة أنصار الله يحيى سريع أنهم استهدفوا حاملة الطائرات الأميركية "يو إس إس هاري ترومان" بـ18 صاروخا وطائرة مسيّرة، واصفا العملية بالنوعية، وأنها جاءت ردا على "العدوان الأميركي الذي استهدف عددا من المحافظات اليمنية بأكثر من 47 غارة جوية، مخلفا عشرات الشهداء والجرحى".
وكان ترامب قد برر الغارات التي شنتها بلاده ضد اليمن، في منشور له على "تروث سوشيال"، قال فيه إنه لم تعبر أي سفينة تجارية أميركية قناة السويس أو البحر الأحمر أو خليج عدن بأمان منذ أكثر من عام، وأضاف أن ذلك تسبب في خسائر بمليارات الدولارات للاقتصاد العالمي.
وقال الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا، إن الضربات الأميركية تعكس إستراتيجية ترامب في بناء "منظومة ردعية" تتناسب مع خطابه مرتفع اللهجة، مشيرا إلى أن "المسرح اليمني أصبح مسرح الرسائل المباشرة، وهو المسرح الردعي الذي يتناسب مع كلمات الجحيم التي تحدث عنها ترامب كثيرا".
وأوضح حنا أن الإدارة الأميركية تبنت إستراتيجية تستهدف أولاً مراكز القيادة والسيطرة، مشيرا إلى أن "هذا ما حصل في العراق عامي 1991 و2003، حيث يقال إن استهداف القيادات قد يوقف الحرب".
وقال حنا إن الأميركيين نفذوا ما بين 50 إلى 60 غارة ثم توقفوا للانتظار وقياس النتائج قبل إعادة التقييم وتعديل الإستراتيجية.
ترامب ليس شخصا إستراتيجيا
ومن جانبه، أشار الباحث الأول بمركز الجزيرة للدراسات، الدكتور لقاء مكي، إلى أن إدارة ترامب منحت القيادات الميدانية العسكرية في المنطقة صلاحية القصف دون العودة إلى الجانب السياسي، وهي مسألة خطيرة لأن "العسكر لا يفكرون دائما بالنسق السياسي لهذه الضربات".
وحذر مكي من أن "الأمور قد تتحول إلى حرب حقيقية" مع استمرار القصف طالما المعركة قائمة، لافتا إلى أن هناك سببين أساسيين دفعا ترامب للتحرك الآن: أولهما إرسال رسالة لإيران في ظل عملية تفاوضية متوقعة، وثانيهما رغبة ترامب في "تجربة القوة العنيفة" بعد أن جرب العقوبات الاقتصادية والدبلوماسية الخشنة منذ توليه سلطاته قبل أقل من شهرين.
ووصف المتحدث نفسه الخطوة الأميركية الأخيرة في اليمن بأنها "استعراض قوة يحاول من خلاله ترامب القول إن أميركا لديها قوة هائلة".
واتفق المسؤول السابق في وزارة الخارجية الأميركية ونائب رئيس البحث السابق بالسفارة الأميركية في اليمن، نبيل خوري، مع ما ذهب إليه "لقاء مكي" بأن ترامب ليس لديه عقيدة عسكرية أو سياسية واضحة، وليس شخصا إستراتيجيا وجاء من خارج الدائرة السياسية والعسكرية، "فهو رجل تجارة بارع في المقايضات يعرض شيئا ويطلب سقفا عاليا".
وأشار خوري إلى أن ترامب "لا يفهم مدى عمق الوطنيات والقوميات الموجودة في المنطقة"، مقارنا بين ضربات ترامب الحالية وحرب الخليج الأولى التي استعد لها الرئيس جورج بوش الأب 6 أشهر وأقام لها تحالفا دوليا واسعا.
وقال "اليوم ترامب يأخذ القرار في يومين بأي خطة وبأي إستراتيجية؟ غير واضح، وأنا أراهن أنه لا يملك خطة ولا إستراتيجية".
تعزيز شرعية الحوثيين
وفيما يتعلق بالموقف اليمني، أجمع المحللون على أن الحوثيين سيواصلون المواجهة ولن يتراجعوا، وأوضح العميد حنا أن هذا يخلق "معضلة أساسية"، فـ"إذا قرر ترامب أن يوقف الحوثيين، فعليه أن يحقق النصر وإلا سيعتبر فاشلاً، وإذا توقف الحوثيون فهذا يعني أنهم رضخوا، وهو ما لم يتحدث عنه زعيم الجماعة".
وأشار مكي من جهته، إلى أن الضربات الأميركية ستعزز شرعية الحوثيين محليا وإقليميا، موضحا أن "الحوثي حصل على شرعية شعبية في اليمن وخارجه باعتباره من النادرين الذين حاربوا من أجل فلسطين، وكلما تلقى ضربات أكثر تعززت شرعيته أكثر".
وتوقع خوري أن يصمد الحوثيون رغم الضربات الأميركية، لافتا إلى أنهم عاصروا 6 سنوات حرب ضد الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح و8 سنوات ضد السعودية، وتعلموا ممارسة الحروب مع قوى تفوقهم تكنولوجيا.
وأضاف "الضربات تغذي روح الانتقام عندهم وتبرر ما كانوا يقولونه دائما إن أميركا عدوة لهم".
فرص الحرب الإقليمية
ولم يستبعد المحللون أن يتطور الوضع إلى حرب إقليمية أوسع، وقال مكي: "يمكن أن تدخل المليشيات العراقية وتضرب قواعد أميركية، كما يمكن أن يتشجع حزب الله، وهكذا نعود مرة أخرى إلى حرب شاملة في الشرق الأوسط بما في ذلك إيران".
وفي السياق نفسه، لفت العميد حنا إلى احتمال قيام الحوثيين باستهداف القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، متسائلاً: "ماذا لو قصف الحوثي قاعدة جيبوتي؟ ماذا لو قصف الحوثي أماكن معينة لقيادات عسكرية أو قواعد عسكرية في مكان ما؟".
وفيما يتعلق بدور إيران، أشار مكي إلى أن المرشد الإيراني آية الله علي خامنئي أثنى على العمليات اليمنية وقال إن "اليمنيين سينتصرون"، مما يعني أن "الجناح المؤيد للمفاوضات سيكون أضعف بكثير، وبالتالي ستزداد فرص احتمال الوصول إلى حافة الصدام الإيراني الأميركي".
وأوضح خوري أن الولايات المتحدة تلوم إيران على تسليح الحوثيين، لكن "من غير المنطقي أن نلوم إيران على أن الحوثيين يقومون بهذا العمل بقرارهم الخاص وليس بدفع من إيران".
ورأى أنه "بدل أن يأخذ ترامب مبادرة سياسية ويتفاهم مع الحوثيين، يتخذ خطوات عسكرية تزيد من معاناة اليمن وتعيق وصول المساعدات الإنسانية".
وفي تقييمهم للمستقبل، توقع مكي أن ترامب "لن يستطيع الآن التراجع لأن الأمر يتعلق بكرامته"، مشيرا إلى احتمال تفعيل "الجيش اليمني الشرعي" لمواجهة الحوثيين على الأرض، لكنه رجح استمرار التصعيد خاصة "بعدما أغلق الباب أمام الحل السياسي".