عربي21:
2025-03-26@02:04:41 GMT

طوفان غزة: حرب الإنسان ضد الحيوان

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

كلما لمحنا كوة انفراج في غزة خرج العدو يهدد باستمرار العدوان منذرا بالخراب. ونحن الذين لا نملك إلا الشفقة العاجزة من بعيد لا نفلح في فك حصار أو إيصال معونة، ونعجز قبل المشاركة هناك عن المشاركة حيث نحن، فلا نحرك ساحاتنا ولا نزعج القوى المساندة للعدو، حتى صارت ممارسة الشفقة تحللا من واجب النصرة الفعلية.

إن إنذارات الحرب التي لا تنتهي توجع المتفرج فما بالك بمن يتلقى القنابل على صدره ولا يجد مخرجا. لقد حسبنا مكاسب كثيرة لغزة ولمن يتعاطف معها، لكن طول أمد المعركة يفرض حركة تفوق ممارسة الشفقة، فهل نستدرك؟

مصر التي على الورق

في المكاسب نجد فضيحة النظام المصري ونقول لقد تعرى العسكر إذ باع وخذل، وفي الخسائر نجد مائة مليون مصري خارج المعركة فنقول ظهر الأمة مكسور في مصر ولا سبيل أن يلتحق شعب مصر بالمعركة، ثم نتأمل فنجد أن خروج مصر الآن يعني خروجها إلى زمن طويل لاحق، فلا سبيل لإشراك الثقل المصري في معركة تحرير أمة.

يمكننا أن نعيد حساب الخسائر منذ اتفاقية كامب ديفيد لكن بعد معركة الطوفان نفقد الأمل في مصر، فمصر لا تمنع شعبها فحسب من المشاركة، بل تسد الطريق على كل عربي وعلى كل مواطن عالمي لا يمكنه النزول على غزة حتى ببرشوت. فلا يكون الأمل إلا في الفلسطيني وحده بإمكانياته الذاتية، وهذا يديم المعركة فالعدو يتسلح يوميا وسلاحه يتجدد والمال يتدفق حتى للمرتزقة إذا فقد الجنود.

مشاهد الضربات التي يتلقاها العدو في جنوده وعتاده تشعرنا بقرب النصر أي اندحار العدو، لكن هل نكتفي بالحزن على غياب مصر؟ مصر خارج المعركة وشعبها صامت وقد يكون مثلنا مقهورا، فهل بقي مجال للحديث عن معركة قومية؟

معركة إنسانية أخزت العرب

في المكاسب نرى العالم يتحرك مع غزة ونقول صورة العدو تتهشم وسلطته على العالم تتراجع، وراية الفلسطيني تخرج من النسيان لتصير رمزا كونيا للحرية والمقاومة، لكن هذا لا يخفف على العرب أهل القضية إلا أن نقول إنها لم تعد معركة قومية بل تحولت إلى معركة الإنسان. وفي هذه أيضا يفرض سؤال نفسه: هل العربي موجود ضمن الإنسانية التي تقاوم؟

هذا منطلق جديد لتصورات جديدة لدور مختلف؛ الإنسان قبل العِرق (هذا إذا تجاوزنا مجاز الحديث عن العرق الموحد)، الإنسان هو الذي يحارب في غزة وهو الذي يطرح الأسئلة على العالم، وقد استجاب الإنسان في أماكن كثيرة وحدد موقعه لكن في المشهد الإنساني الشامل بحثنا عن العربي فلم نجده بعد.

غزة حررتنا من وهْم الأمة العربية، ولكن شعوب المنطقة وقد سقط عنها هذا الوهم لم تلتحق بالإنسان، فهي ماكثة خارج المعركة الآن لأنها ماكثة خارج الإنسانية، وهذا مؤلم وقاس لكنه حقيقي.

رابط الدين لم يكف للثورة، ورابط الهوية القومية لم يكف للنصرة، ورابط الإنسانية لم يثر على عجزه، فأقل الشعوب نصرة حتى بالشارع الأعزل هي الشعوب العربية والإسلامية. هل نتمنى أن تطول المعركة لعل أن تحدث معجزة؟ هذه أمنية مجرمة لأن ثمنها دم فلسطيني يصرف يوميا، ومن لم يثر في ثمانية أشهر لن يتحرك في بقية السنة من الحرب.

الآن معركة الإنسان أو الموت

لم يبق للعربي إلا أن يلتحق بالإنسانية ويدافع عن نفسه قبل أن يدافع عن غزة، وإنسانيته تبدأ في قطره من أجل حريته أولا، فلم يردنا عن غزة إلا أننا لسنا أحرارا في أقطارنا ونحن نكتشف عمق الاختراق الاحتلالي الذي نبذته غزة وثارت ولم نفعل فعلها في ساحاتنا ولو بأقل القليل منه. يمكننا أن نشكر غزة إذ علمتنا لكن الدرس لم يتحول إلى فعل.

تمر أمامي كل ذرائع الناكصين عن غزة وهي واهية في جملتها، فشاغل الخبز وسلامة الأولاد وتغيير السيارة القديمة ومصروف التصييف على البحر ومصروف المهرجانات لزوم التنفيس؛ أكبر علامة على شعب من السوائم المشغولة بكروشها فلا تواجه مصيرها بوجه مكشوف بل تعمد إلى حيل البقاء الذليل، فتهادن سلطة تقمع الحريات وهي أوهى من الصمود أمام شارع شجاع لمدة أسبوع.

نسيت أن أذكر بأن هناك من بيننا من يدمغنا يوميا بالسؤال: ونحن شو راحلنا بفلسطين؟ وعندما نقول له لقد فقدنا الإنسان فينا إذا خذلنا معركة حرية يحوّل إجابتنا إلى نكتة. حجم هؤلاء الذين يخذلون الشارع انكشف لنا بحجم محبط؛ نحن محتلون أيضا يا غزة ونحتاج معركة تحرير ونعرف أن كلفتها أقل مما دفعت، وهذه جملة قد ترضي غزة لكنها لا تحررنا.

قبل غزة وقبل نصرتها؛ الشارع العربي أو ما نسميه مجازا بذلك محتاج لأن يدافع عن إنسانيته وعن نفسه ويخرج من وضع السائمة، فكل يوم في الحرب هناك والصمت هنا هو عار وذلة لن تجد غزة وقتا لعلاجه (الي فيها مكفيها).

كلما طالت الحرب نكتشف الإنسان في العالم ونكتشف السائمة في بلاد العرب، ولن يكون لغزة الا الإنسان. فمن لم يلتحق بالمعركة حيث هو فليصمت خجلا وليتوارى، فالشفقة على غزة إهانة لدمها المقدس ولدروسها الإنسانية الباهرة. لتطل المعركة كما يخطط العدو حتى تكشف غزة الإنسان حيثما كان، وهذه أيام فاصلة بين الإنسان والحيوان. هل هذا هو القدر؟ إننا نتهجى إرادة الله في غزة، والحمد لله أن خلق غزة وكلفها بحرية الإنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإنسانية غزة العالم العربي الدعم الإنسانية مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

حمدين: لقد تغير مسار المعركة لصالح القوات المسلحة السودانية

قال بابكر حمدين وزير الصحة والرعاية الإجتماعية بحكومة إقليم دارفور والمستشار السياسي لرئيس حركة العدل والمساواةبمناسبة تحرير القصر الجمهوري رمز السيادة الوطنية من دنس مرتزقة مليشيا الدعم السريع المأجورة:نهنئ القوات المسلحة والقوات النظامية الأخري والقوات المشتركة والمستنفرين والشعب السوداني عامة بهذا النصر الكبير ونسأل الله أن يتقبل الشهداء ويشفي الجرحي والمصابين.لقد تغير مسار المعركة لصالح القوات المسلحة السودانية منذ أن إتجهت الى إستخدام إستراتيجية الهجوم إمتلكت زمام المبادرة في ميادين القتال وأصبحت هي من تحدد مسار المعركة ونتائجها ويتجلي ذلك بوضوح شديد في الهزائم الكبيرة التي تلقتها مليشيا الدعم السريع في كافة محاور القتال والتي أدت الى تحرير كامل لكل من ولاية سنار والجزيرة وبعض قرى القضارف والنيل الأبيض ومدن العاصمة القومية بحري وشرق النيل وأم درمان واليوم توج النصر بتحرير القصر الجمهوري وتبقت فقط جيوب صغيرة محاصرة في بعض أحياء الخرطوم وجبل أولياء وأطراف أمدرمان.ومنذ الأيام الأولى للمعركة هناك إختفاء وغياب تام لقائد المليشيا محمد حمدان دقلو عن المشهد والظهور العلني إلا من خلال تسجيلات صوتية مشكوك في صحتها ، أما إذا إعتقدنا في صحتها ووجوده قيد الحياة فهذا يقودنا على انه ليس في تمام صحته النفسية وانه يعاني ضغوط نفسية تجعله في حالة شعور دائم بخطر الموت الذي يحيط به من كل جانب ، وقلق من إحتمال التعرض لأحداث تفقده حياته جراء العمليات العسكرية التي يقوم بها الجيش السوداني في العديد من جبهات القتال خاصة في وسط الخرطوم وإحكامه الخناق على مليشياته وطلعات سلاح الجوء السوداني التي كان لها دور مؤثر وفعال فيما تحقق من إنتصارات ، كل هذه العوامل مجتمعة شوشت وعيه وأحدثت له خلل في الإدراك فأصبح الرجل مكابر يدعي الإنتصار وغير معترف بما تلقته مليشياته من هزائم في أغلب جبهات القتال وغير متصالح مع نفسه ناكراً للحقائق والمعطيات الماثلة والمشاهدة والواضحة أمام أنظار العالم كوضوح الشمس في رابعة النهار.

فالرجل بهذه الحالة المأزومة لا يمكنه إدارة شؤن نفسه ناهيك عن إدارة الحرب وعملياتها العسكرية.

إن عدم ظهوره في مؤتمر نيروبي وتجاوزه كقائد أول وظهور شقيقه عبدالرحيم بدلاً عنه في هذه المناسبة وغيرها من المناسبات كأنه القأئد الأول أكبر دليل على عدم قدرته على قيادة مليشياته ، فعلى قادة المليشيا والإدارات الأهلية الموالين للمليشيا أن يتجاوزا قائد مليشيا الدعم السريع حميدتي الذي يضحي بأرواحهم ويعرضهم للمحرقة والإبادة من أجل البحث عن إنتصارات متوهمة لصالح خدمة أجندة أجنبية واسرية لا يمكن تحقيقها لو قاتلوا مائة عام، وعليهم ان يبحثوا عن حلول مع قيادة الدولة تمكنهم من الخروج من هذا المأزق والتخلص من هذه الورطة التي دخلوها وادخلوا فيها البلاد.الذي يجب أن تعلمه قيادة المليشيا بأن الدولة ماضية في تحرير كل شبر من أرض السودان وقريبا ستعود كل ولايات كردفان ودارفور الي حضن الوطن.الصفحة الإعلامية لحركة العدل والمساواة السودانية إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المعركة بيننا وجنوب السودان
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ معركة “طوفان الأقصى”
  • عسكري أردني سابق: التكنولوجيا المتقدمة لا تحسم المعركة في اليمن
  • هل حديقة الحيوان مفتوحة في العيد؟.. موعد افتتاح حديقة الحيوان في الجيزة
  • لأول مرة.. سلاح أمريكي فتاك يدخل المعركة ضد الحوثيين!
  • إصابة 16 ألف جندي إسرائيلي منذ معركة طوفان الأقصى
  • هل يتم افتتاح حديقة الحيوان بالجيزة فى عيد الفطر 2025؟
  • المشاركون في مؤتمر فلسطين الثالث يؤكدون حرمة التطبيع مع الكيان العدو
  • المعركة على الخرطوم: الحرب الأهلية السودانية تعود من حيث بدأت.. لحظة خطيرة في ظل شبح التقسيم
  • حمدين: لقد تغير مسار المعركة لصالح القوات المسلحة السودانية