المبادرات الحكومية تحقق أثرًا تنمويًا فوريًا، وتدعم التنويع على المديين المتوسط والطويل

توسيع دور القطاع الخاص يمكنه بشكل متزايد من قيادة النمو ويتيح للحكومة خيارات متعددة لتمويل التنمية

حسن استغلال الموارد في القطاعين العام والخاص منطلق يعزز توجهات الاستدامة في رؤية "عُمان 2040"

فضلا عن الفوائد المباشرة التي تقدمها مبادرات الحكومة لتسهيل التمويل وإتاحة خيارات متعددة ومنتجات مناسبة لتمويل القطاع الخاص ورواد الأعمال، فإن إطلاق وسرعة تنفيذ هذه المبادرات له دلالات مهمة في سياق توجهات التنمية المستدامة في سلطنة عمان، التي تسعى بشكل حثيث نحو الاستدامة المالية والاقتصادية للدولة وللقطاع الخاص في آن واحد من خلال جهود ومبادرات وخطط تنويع مصادر الدخل وإيجاد مصادر مبتكرة لتمويل التنمية وحسن استغلال الموارد كممكنات أساسية لتحقيق توجهات الاستدامة في رؤية "عُمان 2040" والتي تضع استقرار الوضع المالي وتحقيق أولوية الاقتصاد والتنمية في صدارة اهتمامها.

وفي جانب الوضع المالي والاقتصادي للدولة، تسعى توجهات الاستدامة إلى خفض تدريجي ومتواصل في أعباء الدين والإنفاق العام وضمان استدامة النمو واستقرار مصادر الدخل وتنوعها لتجنب مخاطر تقلبات النفط بما تسببه من تأثير على حجم الإيرادات العامة للدولة، ولا تقتصر توجهات الاستدامة على القطاع الحكومي، بل تمتد أيضا لتشمل القطاع الخاص نظرا لدوره في استدامة النمو، وتعزز الحكومة هذا الدور من خلال التحفيز والدعم وتحسين بيئة الأعمال وتشجيع القطاع الخاص على تنويع مشروعاته ووسائل تمويل هذه المشروعات وتوسعة آفاق التمويل بما يعزز مشاركة أعلى للقطاع الخاص ورواد الأعمال، فكلما زاد نطاق هذه المشاركة اتسع معها آفاق التنويع ويتمكن القطاع الخاص بشكل متزايد من دوره في قيادة نمو الاقتصاد، وتتعدد خيارات تمويل التنمية وتتوسع من روافد متعددة بما يسهم فعليا في تقليص حجم الإنفاق العام وخفض الاعتماد على النفط ووضع الاقتصاد على مسار النمو المستدام.

وفي هذا الإطار جاءت خطة تطوير القطاع المالي التي يمضي تنفيذها بشكل حثيث من قبل البرنامج الوطني لاستدامة القطاع المالي "استدامة" ضمن عدد من البرامج الوطنية التي تستهدف تسريع تنفيذ مستهدفات التنويع والاستدامة في الخطة الخمسية العاشرة واستكمالا لما حققته جهود الحكومة من تقدم في تعزيز استقرار الوضع المالي وإرساء أسس استدامته عبر تنويع مصادر الدخل ورفع كفاءة الإنفاق العام، وتعد الخطة انتقالا لجهود الاستدامة من مرحلة احتواء المخاطر المالية إلى مرحلة البناء على ما تحقق من مكتسبات مهمة في جانب تقوية الوضع المالي للدولة خلال السنوات الماضية، وتعد خطة تطوير القطاع المالي وبرنامج "استدامة" امتدادا للخطة المالية متوسطة المدى (2020 - 2024) والتي نجحت في تحقيق العديد من النتائج الإيجابية في خفض الدين العام وتحسين متواصل في التصنيف الائتماني لسلطنة عمان.

وتندرج خطة تطوير القطاع المالي ضمن التوجهات الاستراتيجية لسلطنة عُمان نحو حسن استغلال الموارد المالية وتفعيل دورها في تحقيق الأهداف التنموية والاقتصادية والاستثمارية الطموحة لرؤية "عُمان 2040" المستقبلية، وهو التوجه الذي كان من أهم ثماره استغلال عائدات النفط الإضافية في تسريع سداد الدين ودعم قطاعات التنويع الاقتصادي وما حققه ذلك من تقدم ملموس في تعزيز نمو الناتج المحلي وتوسع الأنشطة غير النفطية وتقوية المركز المالي للدولة، بينما من أهم الثمار المتوقعة للتوجه الحكومي نحو حسن استغلال الموارد التي يملكها القطاع المالي في سلطنة عمان هو استفادة القطاع الخاص وقطاعات التنويع من الإمكانيات الكبيرة للقطاع المصرفي وسوق رأس المال في التمويل وتوسعة دور هذه القطاعات في نمو الاقتصاد.

تم إطلاق برنامج "استدامة" وفق التوجيهات السامية، ويمتد الإطار الزمني لفترة تنفيذ البرنامج من 2023 وحتى 2025 أي حتى نهاية مدة الخطة الخمسية العاشرة مما يقدم دعما مستمرا لتنفيذ مستهدفات التنويع والاستدامة المالية خلال الخطة العاشرة، ويأتي تسهيل تمويل القطاع الخاص واستدامة وتنوع مصادر التمويل كأحد المستهدفات الأساسية للبرنامج من خلال خطته لتطوير القطاع المالي، وفي إطار مبادرات "استدامة" جاءت التوجيهات السامية بتأسيس سوق فرعية للشركات الواعدة، وإطلاق برنامج التحفيز الخاص بتشجيع الشركات الخاصة والعائلية والمتوسطة والصغيرة والناشئة على الاستفادة من المزايا التي تحققها بوجودها وإدراجها في سوق رأس المال، خاصة ما يتعلق بتسهيل التمويل.

ويعد حجم التمويل المتاح للقطاع الخاص من بين أهم التحديات التي توصلت إليها نتائج المختبرات والبرامج الوطنية التي تستهدف دعم آفاق التنويع الاقتصادي، وتتضمن هذه التحديات أن التمويل الذي يأتي جانبه الأكبر من القطاع المصرفي يتطلب ضمانات عديدة تحد من فرص الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الحصول على التمويل، كما أن انخفاض مستويات السيولة في سوق رأس المال يحجم دوره كخيار تمويلي للقطاع الخاص، وفي بيئة الأعمال تتمثل أهم التحديات في انخفاض معدلات الاستثمار المحلي وعدم وجود قطاع مهم من الشركات الخاصة في بورصة مسقط خاصة الشركات العائلية.

وتأتي خطة تطوير القطاع المالي لتوجد حلولا مستدامة للتمويل، وتعزز في الوقت ذاته توجهات الاستدامة والتنويع من خلال دعم نمو القطاع المالي بكافة مكوناته من الأنشطة المصرفية والتمويلية وشركات التأمين وبورصة مسقط، مع استكمال المبادرات المرتبطة بتحسين المؤشرات المالية العامة للدولة.

ودعما لتوجهات التنويع ومواصلة للاهتمام الحكومي بتمكين رواد الأعمال، يهدف برنامج استدامة إلى تعزيز مشاركة القطاع المالي الخاص في توفير خيارات تمويلية موجهة لمختلف الفئات كرواد الأعمال والمستثمرين والشركات الناشئة والذين تدعم مشروعاتهم نمو قطاعات التنويع الاقتصادي وتعزز أيضا دور الابتكار في الاقتصاد، كما يدعم "استدامة" طموحات سلطنة عمان في التحول نحو الاقتصاد الأخضر ويدعم صناعات الهيدروجين الأخضر المتنامية وتحقيق المستهدفات الوطنية للوصول للحياد الصفري الكربوني بحلول عام 2050، وكان توفير التمويل الأخضر المستدام من الجوانب التي ركز عليها "استدامة" من خلال توحيد الجهود لضمان جاهزية البيئة التشريعية والتنظيمية في سلطنة عمان لتمكين القطاعين العام والخاص من الحصول على التمويل الأخضر بكلفة مواتية، وقد تم تنفيذ هذه المبادرة من خلال إصدار إطار عمل مرجعي للتمويل السيادي المستدام من قبل وزارة المالية، وتدشين الدليل الاسترشادي ومنصة إفصاح الحوكمة الثلاثية للشركات المدرجة من قبل بورصة مسقط.

ولتسريع الأثر التنموي للمبادرات الحكومية، وسعت مبادرات الحكومة خلال العامين الماضي والحالي من آفاق التمويل على المدى القصير وأيضا على المديين المتوسط والطويل، ووفرت هذه المبادرات إمكانية التمويل لمشروعات القطاع الخاص والمؤسسات المتوسطة والصغيرة المؤهلة للحصول على التمويل عبر محفظة الإقراض في صندوق عمان المستقبل والتي تبلغ ملياري ريال عماني على مدى 5 سنوات، وبنك التنمية العماني والذي قضت التوجيهات السامية بتعزيز رأسماله ليبلغ نحو 500 مليون ريال عماني، وإضافة إلى دور كل من الصندوق وبنك التنمية في توسعة وتسهيل التمويل، فهما يلعبان في الوقت ذاته دورا حيويا في استدامة النمو عبر إيجاد حلول مرنة لضمان التمويل وتشجيع مشروعات رواد الأعمال والشركات الناشئة ودمج هذه المشروعات مع مستهدفات التنويع الاقتصادي.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التنویع الاقتصادی استغلال الموارد الوضع المالی للقطاع الخاص القطاع الخاص سلطنة عمان من خلال

إقرأ أيضاً:

وزراء فلسطين يؤكد سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مُختلف الأطراف العربية والدولية

 أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد مصطفى اليوم الأربعاء أن إسرائيل حولت 435 مليون شيقل إسرائيلي من أموال ضرائب شهري أبريل ومايو.

 

وقال مصطفي خلال جلسة حكومته الأسبوعية في مدينة رام الله وسط الضفة الغربية إن وزارة المالية الإسرائيلية حولت 435 مليون شيقل (الدولار يساوي 3.7 شيقل إسرائيلي) من مقاصة شهري أبريل ومايو.

وأكد مصطفى سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مختلف الأطراف العربية والدولية، لافتا إلى أن إسرائيل ضاعفت من اقتطاعاتها لأموال المقاصة منذ الحرب على غزة في السابع من أكتوبر الماضي لتصل في المتوسط إلى 480 مليون شيقل شهريا.

وشدد على استمرار الجهود والاتصالات لاستعادة أكثر من 6 مليارات شيقل من الأموال الفلسطينية المحتجزة لتستطيع الحكومة الوفاء بإلتزاماتها تجاه رواتب الموظفين والموردين ومختلف مقدمي الخدمات.

وعلى صعيد الاتصالات الدولية لتجنيد الدعم المالي، أشار رئيس الوزراء إلى وجود تجاوب إيجابي من بعض الأطراف، خصوصا قرار مجلس إدارة البنك الدولي قبل أيام زيادة المنحة السنوية التي يقدمها إلى دولة فلسطين من نحو 70 مليون دولار إلى 300 مليون دولار سنويا، وهذا رقم غير مسبوق في تاريخ علاقة فلسطين مع البنك الدولي.

وأفاد مصطفى بأن المبلغ سيقدمه البنك على دفعات، وسيذهب جزء منه لدعم الموازنة، فيما الجزء الآخر لتمويل المشاريع التنموية.

واعتبر أن مساهمة البنك الدولي ستشجع الأطراف الأخرى على تقديم الدعم المالي لما يمثله البنك الدولي من مصداقية لهذه الأطراف، وهو ما يمثل رسالة دعم لحقوق الشعب الفلسطيني في ممارسة حياته بشكل معقول ومقبول.

ووفقا لاتفاقات (أوسلو) العام 1993 بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، تجمع إسرائيل الضرائب وتحولها بعد ذلك إلى وزارة المالية الفلسطينية وتقدر بأكثر من مليار دولار سنويا.

وتستقطع إسرائيل نسبة 3 في المائة من إجمالي قيمة الضرائب المحولة نظير جمعها لها كما أنها تستقطع منها الديون الفلسطينية مقابل توريد البترول والكهرباء وخدمات أخرى.

من جهة أخرى، التقى محمد مصطفى اليوم مع مدير عام مفاوضات الجوار والتوسع في المفوضية الأوروبية غيرت يان كوبمان في مكتبه بمدينة رام الله.

وقال بيان صادر عن الحكومة الفلسطينية إن مصطفى بحث مع كوبمان دعم الاتحاد الأوروبي لجهود حكومته في إعادة الاعمار والتنمية الاقتصادية والاجتماعية عند انتهاء الحرب على قطاع غزة.

وثمن مصطفى دعم الاتحاد الأوروبي المستمر والمهم لفلسطين، من أجل دعم السلام وبناء الدولة الفلسطينية وتحقيق حل الدولتين.

وفي السياق التقى أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حسين الشيخ في مكتبه بمدينة رام الله كوبمان والمديرة العامة بالجوار الجنوبي وتركيا لمفاوضات الجوار والتوسع بالاتحاد الأوروبي هنريك تراوتمان.

وقال بيان صادر عن مكتبه إن الشيخ بحث مع كوبمان وتراوتمان الجهود الإقليمية والدولية لوقف "العدوان المدمر والكارثة الإنسانية المتفاقمة" في قطاع غزة.

من جهته أكد كوبمان بحسب البيان دعم الاتحاد الأوروبي الثابت للسلطة الفلسطينية، وحل الدولتين.

وتخوض إسرائيل منذ السابع من أكتوبر الماضي حربا ضد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزة أدت إلى مقتل أكثر من 37 ألف فلسطيني، بحسب السلطات في القطاع، وذلك بعد أن شنت حماس هجوما مباغتا على عدد من القواعد العسكرية والبلدات الإسرائيلية المتاخمة للحدود مع القطاع أسفر عن مقتل 1200 إسرائيلي، وفق السلطات الإسرائيلية.

مقالات مشابهة

  • «اقتصادية أبوظبي» تستعرض الفرص الاستثمارية والشراكة مع القطاع الخاص
  • وزير الموارد البشرية والتوطين يواصل تفقد تجهيزات القطاع الخاص للالتزام بـ “حظر العمل وقت الظهيرة”
  • محمد يوسف يكتب: تغيير المجموعة الاقتصادية في الحكومة.. توجهات مرحلة جديدة
  • أمين «الصناع المصريين» يحدد مطالب القطاع الخاص من الحكومة الجديدة
  • يقترب من الاستقرار.. ارتفاع أداء القطاع الخاص في مصر خلال يونيو الماضي
  • هيئة الشارقة للتعليم الخاص تعزز المعايير التعليمية عبر برنامج التطوير المهني
  • وزراء فلسطين يؤكد سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي بالتنسيق مع مُختلف الأطراف العربية والدولية
  • محمد الباز يطالب القطاع الخاص بتفعيل دور المساندة للدولة المصرية
  • رئيس وزراء فلسطين يؤكد سعي حكومته لتحقيق الاستقرار المالي
  • وزير المالية الجديد: ثقة القيادة السياسية تدفعنا جميعًا لمضاعفة الجهود لتحقيق الاستقرار الاقتصادي