بوابة الوفد:
2025-03-15@06:06:53 GMT

ضحايا إلغاء دعم الخبز

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

منذ بدأت الدولة فى مصر التعامل مع سياسات الاقتراض  من صندوق النقد الدولى والاعتماد على المساعدات الخارجية بدلا من سياسات التنمية الانتاجية ، بدءا من عام 1977 وحتى هذا العام، والعصف بالحقوق الاجتماعية لأغلبية  المواطنين صار هدفا يمضى على قدم وساق، وفى القلب منه تنفيذ المطلب الأثير الدائم لدى صندوق النقد الدولى، بإلغاء الدعم على سلع الاستهلاك الأساسية.

أما المضحك فى الأمر، فهو التفنن الحكومى فى استخدام كلمات اللغة ومعانيها فى غير موضعها، وسرد حجج عن المنافع العامة لتلك السياسات، تتهاوى عندما يتم تنفيذها على أرض الواقع لكن السياسات التى جلبتها تبقى مستمرة مع ذلك.
صارت سياسات التقشف التى تهدف إلى سد العجز فى الموازانة العامة للدولة، بإلغاء الدعم بتحايلات تدريجية بتقليص دور القطاع العام وتصفيته، وتخفيض قيمة الجنيه وتقليل الانفاق الحكومى على الخدمات العامة فى مجالات الصحة والتعليم والنقل العام والطاقة، وخفض أوجه الانفاق الاجتماعى لتحسين الحياة المعيشية، وتخلى الدولة عن أصولها ومواردها السيادية ،أصبح كل ذلك التدهور فى أساليب الحياة الاجتماعية والسياسية للمواطنين، يسمى فى الخطاب الحكومى، اصلاحا اقتصاديا وتحريكا للأسعار وارتفاعا فى قيمة الدولار وتشجيعا للاستثمار وللقطاع الخاص، بالرغم من التجارب المريرة التى أكدها الواقع، إن معظم المستثمرين فى القطاع الخاص قد استفادوا من الاعفاءات الجمركية والضريبية لزيادة أرباحهم، بما يفوق كثيرا القيمة المضافة التى قدموها للاقتصاد الوطنى. مع الأخذ بعين الاعتبارأن للدولة دورا فى دعم تلك الخدمات فى كل دول الغرب الأوروبى والأمريكى الرأسمالى.
ارتبط رغيف الخبز لدى المصريين بالحياة ، ولذلك أسموه «رغيف العيش» لأنه بات الغذاء الرئيسى لمعظم الأسر، بما يملكه من خصائص تسد رمق الجوعى  الفقراء، حتى لو كان مجرد «عيش وملح».، ومنحوه قيمة القداسة وهم يقسمون عليه: والعيش والملح. ولم تبتعد أمثالهم الشعبية عن التغنى به: بياكل عيشه من عرق جبينه، والخبز مخبوز والمية فى الكوز، يا واكل قوتى ،يا ناوى على موتى .وعض قلبى ولا تعض رغيفى!.
وحين تُقدم الحكومة على رفع سعر رغيف العيش المدعوم من خمسة جنيهات، إلى عشرين جنيها  بواقع 300% بدءا من اليوم السبت، وتسمى ذلك تحريكا لسعره، ولا تكف عن  تبكيتنا ليل نهار بالأعباء التى باتت تتحملها من جراء ارتفاع قيمة الدعم السنوى للخبز إلى 120 مليار جنيه ، بما تعده عبئا على الخزانة العامة، فهى قد لا تعلم أنها تعبث بحياة ملايين المصريين ، وإن كانت تعلم ، فهى تقامر بالأمن الاجتماعى للبلاد ، لا سيما والغلاء الفاحش والارتفاع اليومى المتوالى فى كل أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية بات سيد الأسواق وراعيها وحاكمها!.
كلما أشتدت الأزمة الاقتصادية من جراء سياسات اقتصادية فاشلة، لا تبحث الحكومة عن حل لها إلا بالتفتيش فى جيوب الفقراء برغم أنها خاوية. وهى تمضى فى سلك هذه الطريق، لأنها تخشى مجرد النظر إلى مقترحات بديلة لتحميل الفقراء أسباب الأزمة، ذُكرت فى الحوار الوطنى وفى خارجه، تطول الامتيازات التى توجهها لدعم الأثرياء. ورجال الأعمال ممن صاروا يتحكمون فى قرار الدولة التشريعى والاقتصادى. باتت الكلمات والاقتراحات والآراء البديلة لا معنى لها  لأنها تذهب أدراج الرياح، ولأن الحكومة لا تنصت إلا للأقوياء من المتنفذين والمنتفعين من خبراء الصندوق الذين يرسمون السياسة الاقتصادية طبقا لمصالحهم، ويتغولون فى أجهزتها التنفيذية .وربما تكون سخرية  أحمد فؤاد نجم حلا للخروج من تلك المتاهة العبثية التى تشعرنا اننا رعايا لا مواطنون، يقول نجم ويشدو الشيخ إمام منذ عام 1981: حتقول لى الفقرا ومشاكلهم ، دى مسائل عايزة التفانين، وأنا رأيى نحلها ربانى، ونمّوت كل الجاعنين ، وبهذا محدش ح يجوع ،لو نعلن هذا المشروع، وحنقفل هذا الموضوع ، نهائيا ونعيش فى تبات، ياحلاوة الناوه كوا الناوه ، يابلدنا يا آخر فتكات.
أما العم بيرم التونسى فله رأى آخر ،حين ضاقت عليه سبل العيش ومعه أهل الاسكندرية ، من رسوم وضرائب  ثقيلة ومرتفعة فرضها المجلس المحلى للمدينة ،حين كان يسمى المجلس البلدى بحجة ثابتة فى التاريخ تسمى المنفعة العامة  فقال :قد اوقع القلب فى الأشجان والكمد، هوى حبيب يسمى المجلس البلدى، إذا الرغيف أتى فالنصف آكله، والنصف أتركه للمجلس البلدى ،..أمشى وأكتم أنفاسى مخافة أن ، يعدها عامل المجلس البلدى، غاز إذا  صارع العبسى جندله، ويبرم الأمر عسفا لن يعدله، وإن رأيت على بابى محصله، بكى الصغير يريد الخبز قلت له، دعنا لندفع مال المجلس البلدى ، هو الذى لم يدع فى الأرض شاردة ، كلا ولا رطبة فيها وجامدة، إلا وكانت على التحصيل شاهدة ،يابائع الفجل بالمليم واحدة، كم للعيال، وكم للمجلس البلدى ، .. يبغى ويطلب أثوابى فأنزعها ، والروح أيضا وما كنت لأمنعها، إذا الخطوب أحاطت كيف أدفعها والأرض والبحر والأنعام  أجمعها، الكل ليست لغير المجلس البلدى .
عدة عقود مضت على سخرية الشاعرين من أحوالنا البائسة، ولايزال الحال يبعث على الضحك ،لكنه ضحك كالبكاء .نريد حكومة للدفاع عن مصالح الفقراء..

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: أمينة النقاش على فكرة صندوق النقد الدولي الإنفاق الحكومي

إقرأ أيضاً:

طوابير طويلة أمام المخابز والمطابخ الخيرية في غزة للحصول على وجبة إفطار

 

 

الثورة / افتكار القاضي

يصطفون في طوابير طويلة – رجالا ونساء وأطفالا – أمام أحد مخابز غزة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، أملاً في الحصول على ربطة خبز للإفطار، وآخرون يصطفون أمام أحد المطابخ الخيرية في منطقة المواصي بخان يونس بمواعينهم الفارغة، ليحصلوا على وجبة إفطار جاهزة، أو جزء منها، بعد أن نفذ ما كان لديهم من غاز الطهي المنزلي، مع استمرار إغلاق الاحتلال المعابر ومنع دخول المساعدات للأسبوع الثاني، الذي يفاقم معاناة النازحين في غزة، وخصوصا في هذا الشهر الكريم.
معاناة مضاعفة
الشاب سالم عبدالله، ينتظر عدة ساعات للحصول على ربطة خبز لعائلته يقول: «منذ العاشرة صباحًا وأنا أقف هنا، شيئًا فشيئًا امتدت الطوابير من المنتظرين، وانتظرنا لعدة ساعات حتى بدأ المخبز عملية البيع».
ويضيف: «كنت تنفست الصعداء بعد إعلان وقف النار، واعتقدت أنني لن أعود مجددًا لهذه الطوابير التي أنهكتنا طوال فترة الحرب، لكن العودة إليها جاءت أسرع مما كنت أتخيل «.
ومع إغلاق الاحتلال لمعبر كرم أبو سالم، باتت والدة جبر عاجزة عن إعداد الخبز في المنزل لأسرتها المكونة من تسعة أفراد، بعد أن اعتمدت مؤخرًا في خبزه على «طنجرة الخبز» التي تعمل بواسطة غاز الطهي، حث تقول: «لم يتبق لدينا سوى القليل من الغاز، خصصناه لوجبة السحور، في حين تعد أمي وجبة الإفطار باستخدام الحطب».
ولم يكن أمام يحيى بدٌّ من العودة لطوابير المخبز للحصول على ربطتي خبز يوميًا للتخفيف عنها، رغم الإرهاق الذي يصيبه في هذا الطابور الطويل وهو صائم.
هيام السر -من مخيم البريج تسارع الخطى نحو مخيم النصيرات المجاور للحصول على دورها في الطابور أمام مخبز ما زال يعمل، بعد أن توقف المخبز الوحيد في مخيمهم عن العمل مع استمرار إغلاق المعبر، تقول: «نضطر للذهاب إلى النصيرات للحصول على ربطة الخبز، ونأمل أن لا يغلق المخبز هناك أبوابه أيضًا، فلا ندري وقتها ماذا يمكن أن نفعل كي نتدبر أمرنا».
ارتفاع أسعار الخبز
عمر أبو زيد (يعيل أسرة من أربعة أفراد)، لم يلجأ للوقوف في طوابير المخبز المرهقة، بل لجأ لشراء ربطة خبز من أحد الصبية الذين اشتروها من المخبز وعرضوها للبيع، حيث يقول: «اعتدت شراء ربطات الخبز ممن يبيعونها حول المخبز، كنت قبل أيام فقط أشتريها منهم بثلاثة شواكل، بزيادة شيكل واحد عن سعرها في المخبز، أما اليوم فتفاجأت بأن سعرها أصبح يتراوح بين سبعة إلى ثمانية شواكل».
ويتابع: «أخشى أن ترتفع الأسعار أكثر مع نفاذ غاز الطهي تدريجيًا من بيوت الناس، وعودة طوابير الخبز المرهقة للتزايد، فهؤلاء الأطفال الذين يبيعون ربطات الخبز ستزداد ساعات وقوفهم أمام المخبز للحصول عليها، وبالتالي سيضاعفون أسعارها». ويشير إلى أن الأمور انقلبت رأسًا على عقب خلال أيام فقط
ويضيف: «في الأيام الثلاثة الأولى من شهر رمضان، كان كل شيء متوفرًا، وبدأت الأسعار تنخفض بشكل كبير، والآن عدنا للحال الذي كنا عليه خلال الحرب، نبحث عن لقمة الخبز التي لن نحصل عليها إلا بانتظار مرهق للبدن أو سعر مرتفع مرهق للجيب». وعادت أزمة الخبز للطفو على السطح مجددًا بعد أن أغلقت ستة مخابز في الوسطى والجنوب أبوابها بعد نفاد غاز الطهي لديها، في ظل استمرار إغلاق الاحتلال الإسرائيلي لمعبر كرم أبو سالم.
كأنها طوق نجاة
وفي الجانب الآخر، يقف أبو محمد (45 عامًا) في طابور طويل أمام إحدى التكيات الخيرية في منطقة المواصي بخان يونس، يحمل بين يديه وعاءً فارغًا، متمنيًا أن يعود إلى أطفاله الخمسة بما يسد رمقهم، لكن هذه المرة، يدرك أن ما سيحصل عليه لن يكون كالمعتاد، فالوجبات التي كانت تضم الأرز وقطع الدجاج أو اللحم باتت مجرد أطباق بسيطة من المعكرونة أو الفاصوليا، بالكاد تكفي لإبعاد شبح الجوع عن عائلته. يقول أبو محمد، الذي فقد منزله في حي الجنينة برفح خلال حرب الإبادة الإسرائيلية: «ننتظر هذه الوجبات كأنها طوق نجاة، لم يكن لدينا خيار آخر، الآن، حتى هذا الطوق بدأ يضعف، لا أعرف كيف سنواجه ما تبقى من رمضان، ونحن لا نملك حتى ما يكفي لإعداد وجبة واحدة».
وفي خيمة متواضعة، تواجه أم أحمد (35 عامًا) المأساة نفسها بعد أن كانت الأمور قد تحسنت قليلا بعد وقف إطلاق النار وبدء دخول المساعدات، لكنها سرعان ما عادت مجددا بعد إغراق معبر أبو سالم تقول: «كنت أحصل على وجبة دجاج وأرز كل يوم من التكية القريبة، لكنهم أخبرونا أن الدجاج لم يعد متوفرًا، الآن، نعتمد على العدس والمجدرة والأرز، لكن حتى هذه الوجبات التي سئم أطفالي من تناولها طيلة 15 شهرًا قد تنقطع قريبًا».
وتسبب إغلاق المعابر أمم تدفق المساعدات في ارتفاع الأسعار وشح السلع، وارتفاع أسعارها بنسبة تصل إلى 300% لتصبح اليوم حلمًا بعيد المنال لكثير من العائلات التي باتت تواجه معاناة مضاعفة ناهيك عن ويلات النزوح ومخيمات الإيواء المهترئة التي لم تعد صالحة للسكن بعدما لحقتها هي الأخرى من أضرار جراء القصف الإسرائيلي أو الرياح والأمطار التي عصفت بالآلاف منها.

مقالات مشابهة

  • مدير فرع الرعاية الصحية بالأقصر يلتقى ممثلي منظمات المجتمع المدني بمستشفى طيبة
  • طوابير طويلة أمام المخابز والمطابخ الخيرية في غزة للحصول على وجبة إفطار
  • "فقة وأحكام الصيام للنساء في رمضان" ندوة ببورسعيد الأزهرية
  • الإيد الشقيانة كسبانة… «نورا» أشهر صانعة كنافة بلدى بالشرقية: شغاله من 15 سنة والسر فى الصنعة
  • أزمة الخبز تتفاقم في غزة مع إغلاق معبر كرم أبو سالم
  • الزكاة تدشن توزع 3 آلاف سلة غذائية للأسر الفقيرة في القريشية
  • على هامش مشاركتها فى الدورة 69 .. أمل عمار تلتقي وزيرة المرأة والأسرة بماليزيا
  • أمل عمار تبحث مع وزيرة ماليزية تعزيز التعاون في مجالات تمكين المرأة
  • تأييد حكم الإعدام على المتهم بقتل شاب خنقاً وسرقته بالشرقية
  • رد ما لا يجاوز نصف قيمة الأرض المخصصة لها.. حوافز تشجيعية للمشروعات الصغيرة