بوابة الوفد:
2025-03-18@12:20:33 GMT

بين استراتيجية الغرب وعفوية العرب!

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

وصلتنى  من أ. د. على الغتيت أستاذ القانون الدولى والاقتصادى المقارن ورئيس الجمعية المصرية للقانون الدولى ونائب رئيس الاتحاد الدولى للمحامين سابقا والخبير القانونى العالمى المعروف هذه الرسالة المهمة تعليقا على مقال الأسبوع الماضى الذى كان عن ضرورة وجود حراك فلسفى عربى جديد ، وفيها توضيح غاية فى الأهمية عن استراتيجيات الغرب فى التعامل مع الآخر وخاصة دول الجنوب ؛ تقول الرسالة «أنه فى أصول دراسات الاستراتيجية الغربية فى العلاقات الدولية «IR» واصول الهيمنة العالمية فى أهم المراجع الاكاديمية والعلمية المدونة والحائزة على NOBLE وتدرس فى أعلى جامعات الغرب و US OF AMERICA أن عماد القوة الاستراتيجية للهيمنة العالمية  التامة الراسخة فى مواجهة دول الجنوب؛ هى «أولا»: النجاح فى تحقيق الكثافة السكانية العالية للمهيمن، و«ثانيا» :تحصين النجاح فى تحقق القدرة الاقتصادية المستقلة، أما شروط نجاح الهيمنة على الآخر فى العالم الجنوبى فهى: 
«أولا»: تحقيق وضمان استمرار هزال الحالة الاقتصادية والمالية و ترسيخ الاعتماد على الاقتراض الأجنبى، و«ثانيا» : الحد من النمو السكانى عددا و صحة وتعليمًا، وضمان تحقق حرمانه من التعليم ومن الصحة ومن سبل العلاج.

!».
وتعليقا على ذلك أرى أنه بالفعل هذه هى استراتيجيات الغرب فى التعامل مع دول الجنوب اليي صنفوها على أنها دول عالم ثالث وتعمدوا طوال الحقبة الاستعمارية اضعافها بالاستيلاء مباشرة على ثرواتها الطبيعية والمادية، أو بربطها اقتصاديا باقتصادهم حتى بعد الفترة الاستعمارية، وهذا هو الأهم بعرقلة تقدمها عن طريق تكبيلها بمجموعة ظالمة من القوانين والمنظمات الاقتصادية التى يسمونها عالمية وهى فى الحقيقة منظمات لم تخلق الا للتضييق على اقتصاديات الدول النامية وخنقها وحرمانها من تحقيق طفرات تنموية تخلصها من التبعية والاعتماد على الآخر!
أضف الى ذلك أن الرؤية الغربية للآخر لا ترى فيه الا أنه مجرد مصدر للثروات المادية والبشرية والقوى العاملة وتعمل دوما على ضرورة استمراره خاضعا واعتماديا ، ولذلك أرى أنه لا ينبغى بأى حال التعامل بجدية مع كل ما يروجون له من مفاهيم أخلاقية وخاصة ما يتعلق بحقوق الانسان والتسامح والديموقراطية .. الخ. لأن الانسان بألف ولام التعريف فى نظرهم هو فقط الانسان الغربى الأبيض فهو الجدير بالسيادة والريادة والتمتع بكل الحقوق والحريات أما ماعداه فلا يهمهم من قريب أو من بعيد ! وقد أشرت الى ذلك وبرهنت عليه فى كتابى « حقوق الانسان المعاصر بين الخطاب النظرى والواقع العملى «، وها هى حرب الإبادة العنصرية التى تقوم بها إسرائيل فى فلسطين بدعم واضح ومعلن ومفضوح من الولايات المتحدة الأمريكية خير شاهد على ذلك ! 
اننا نعيش بلا شك فى ظل الهيمنة الأمريكية الغربية على العالم أسوأ دورة حضارية شهدها التاريخ البشرى لما فيها من نزعة عنصرية وتمييز واضح، ولما فيها من ازدواجية المعايير وفرض الرأى على الآخرين ! ان مجرد الوعى بما ورد فى حديث د. على الغتيت عن استراتيجية الغرب تجاه دول الجنوب يعنى ضرورة أن نعيد النظر فى علاقتنا الاستسلامية  بالغرب والاستجابة لدعواته الخاصة بحوار الثقافات والأديان والتسامح مع الآخر الخ .، فهى كلها دعوات المقصود بها تخديرنا وتغييب ارادتنا الواعية فلا نلتفت الى مخططاته الخبيثة لاضعافنا ماديا وبشريا!
إن الحقيقة الناصعة التى لا ينبغى أن تغيب عن وعينا هى أن الغرب لا يريد بنا خيرا أبدا ، وأنهم يعتبروننا كما يقول فيلسوفهم صمويل هنتنجتون صاحب كتاب « صدام الحضارات « العدو الأول ، ولذلك أعدوا الخطط وصمموا الاستراتيجيات التى من شأنها اضعافنا كدول عربية وإسلامية وهذه الخطط المعلنة وغير المعلنة تهدف جميعا الى تفتيت دولنا الى دويلات وهدم الجيوش واذكاء الصراعات الإقليمية والعرقية والمذهبية، فلا تجد دولة الا وهى تعانى من هذه الصراعات والحروب الداخلية، وكل تلك النزاعات والصراعات يشعلها ويغذيها ويمولها الغرب والمنظمات الصهيونية العالمية! وكم كتبت عن ذلك ونبه اليه الكثير من الكتاب والمثقفين العرب لكن عادة ما تذهب تحذيرات وصرخات الكتاب العرب هباء منثورا لأن الحكام والزعماء العرب وأصحاب المصالح فى واد آخر ، وكم قلنا وسنظل نقول: أفيقوا ياعرب ، ان مصلحتكم الحقيقية هى فى القضاء على كل النزاعات والحروب الداخلية والعلو على المصالح الآنية للحكام والزعماء والنهوض بالأمة عبر الوعى بكل مايحاك بنا ورفض كل  محاولات التشتيت والتفتيت والعمل جادين جاهدين لبناء نظام عربى جديد من شأنه رأب الصدع وتوحيد الكلمة، والعمل على تطوير العمل العربى المشترك ، وياليتنا نفكر – كما ناديت بذلك  فى كتابى « الأورجانون العربى للمستقبل  الذى صدر عام 2014 - فى انشاء كيان بديل للجامعة العربية برياسة تبادلية بين الزعماء العرب يكون له ذراع تنفيذية ممثلة فى مجلس وزارى من المتخصصين فى كل المجالات وخاصة العسكرية والسياسية والاقتصادية والتعليمية والثقافية يقود العمل العربى المشترك فى الفترة القادمة! فهل من مجيب؟!

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نحو المستقبل حقوق الإنسان دول الجنوب

إقرأ أيضاً:

السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا

لا يُمكن فصل السّيَاسات الدولية اليوم تجاه فلسطين أو تجاه كافة دول العالم الإسلامي عن الموقف من الإسلام في حد ذاته. تحكم السياساتِ الدولية بشكل عامّ مصالح وصراعاتٌ اقتصادية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالعالم الإسلامي يُلاحَظ أن هناك عاملا خفيا يُغلِّف كل هذه السياسات له علاقة بكون هذه الدولة بها غالبية من المسلمين أم لا، بغضِّ النظر عن المذهب أو طبيعة نظام الحكم أو التاريخ أو الجغرافيا لتلك الدولة.

في آخر المطاف تجد اتفاقا بين الدول الغربية في أسلوب التعامل مع أي منها يقوم على فكرة مركزية مفادها ضرورة إذعان هذه الدولة للنظام العالمي الغربي والقَبول بهيمنة القواعد المتحكِّمة فيه وعدم الخروج عنها بأيِّ صفة كانت، وإلا فإنها ستُحارَب بكافة الوسائل والطرق. لا يهم إن كانت هذه الدولة فقيرة مثل الصومال أو غنيّة مثل السعودية أو تركيا أو إيران. جميعهم في نظر السياسات الغربية واحد، فقط هي أساليب التعامل مع كل منهم التي تختلف. بعضهم يحتاج إلى القوة وآخر إلى الحصار وثالث إلى التّهديد ورابع إلى تحريك الصراعات الداخلية إلى حد الاقتتال وسادس إلى إثارة خلافات حدودية مع جيرانه… الخ، أي أنها ينبغي جميعا أن تبقى في حالة توتر وخوف وقلق من المستقبل.

تكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالمتكفي نظرة شاملة إلى المساحة الجغرافية التي ينتشر بها المسلمون عبر العالم للتأكد من ذلك، فحيث لا يوجد إخضاع تام من خلال القواعد العسكرية المباشرة والقَبول كرها بخدمة المصالح الغربية، يوجد إخضاع غير مباشر من خلال الحروب الأهلية أو اصطناع الجماعات الإرهابية أو إثارة النّعرات القبلية والعرقية أو تحريك مشكلات الحدود الجغرافية.. نادرا ما تُترك فرصة لِدولة من دولنا لتتحرّك بعيدا عن هذه الضغوط. السيناريوهات فقط هي التي تتبدّل أما الغاية فباستمرار واحدة: ينبغي ألا تستقلّ دول العالم الإسلامي بقرارها، ومن الممنوعات الإستراتيجية أن تُعيد التفكير في مشروع وحدة على طريق جمال الدين الأفغاني في القرن التاسع عشر مثلا!

وهنا تبرز فلسطين كحلقة مركزية في هذا العالم الإسلامي، ويتحدد إقليم غزة بالتحديد كمكان يتكثف فيه الصراع.

ما يحدث في غزة اليوم ليس المستهدَف منه سكان فلسطين وحدهم، إنما كل كتلة العالم الإسلامي المفترض وجودها كذلك. أيّ إبادة لسكان هذا القطاع إنما تحمل في معناها العميق تهديد أي دولة من دول العالم الإسلامي تُريد الخروج عن هيمنة النظام العالمي الغربي المفروض  بالقوة اليوم على جميع الشعوب غير الغربية، وبالدرجة الأولى على الشعوب الإسلامية.. وكذلك الأمر بالنسبة للحصار والتجويع والقهر بجميع أنواعه. إنها ممارساتٌ تحمل رسائل مُوجَّهة لكافة المسلمين ولكافة دول الجنوب الفقير وليس فقط للفلسطينيين في قطاع غزة بمفردهم. محتوى هذه الرسائل واحد: الغرب بمختلف اتجاهاته يستخدم اليد الضاربة للصهيونية في قلب أمة الإسلام، ليس فقط لإخضاع غزة إنما إخضاع كل هذه المساحة الجيوستراتيجية الشاسعة لسيطرته الكاملة ثم إخضاع بقية العالم.
يُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط
وعليه، فإن السلوك المُشتَّت اليوم للمسلمين، وبقاء نظرتهم المُجزّأة للصراع، كل يسعى لإنقاذ نفسه، إنما هو في الواقع إنقاذٌ مؤقت إلى حين تتحول البوصلة نحو بلد آخر يُحاصَر أو يُقَسَّم أو تُثار به أنواع أخرى من الفتن… ويُخطِئ من يحاول إقناع نفسه بأنه بمنأى عن هذا الخطر! أو أن الغرب هو ضد حماس فقط أو ضد حركة الجهاد في فلسطين، ذلك أن كل الاتجاهات الإسلامية هي في نظر الاستراتيجي الغربي واحدة، تختلف فقط من حيث الشكل أو من حيث الحدة والأسلوب. لذلك فجميعها موضوعة على القائمة للتصفية يوما من الأيام، بما في ذلك تلك التي تعلن أنها مسلمة لائكية حداثية أو عصرية!.. لا خلاف سوى مرحليًّا بينها، لا فرق عند الغربيين بين المُعمَّم بالعمامة السوداء أو البيضاء أو صاحب ربطة العنق أو الدشداش أو الكوفية أو الشاش، ولا فرق عندهم بين جميع أشكال الحجاب أو الخمار أو ألوانها في كل بقعة من العالم الإسلامي، جميعها تدل على الأمر ذاته.

وفي هذه المسألة بالذات هم متّحدون، وإن أبدوا بعض الليونة المؤقتة تجاه هذا أو ذاك إلى حين.
فهل تصل الشعوب والحكومات في البلدان الإسلامية إلى مثل هذه القناعة وتتحرّك ككتلة واحدة تجاه الآخرين كما يفعل الغرب الذي يتصرّف بشكل موحد تجاه المسلمين وإنْ تنافس على النيل منهم؟

ذلك هو السؤال الذي تحكم طبيعة الإجابة عنه مصير غزة وفلسطين.. ومادام الغرب يعرف الإجابة اليوم، فإنه سيستمرّ في سياسته إلى حين يقضي الله تعالى أمرا كان مفعولا وتتبدَّل الموازين.

(نقلا عن صحيفة الشروق الجزائرية)

مقالات مشابهة

  • ما العلاقة بين دهون البطن وذاكرة الانسان.. دراسة حديثة تكشف الاسرار
  • حيث الانسان يعيد البسمة للأطفال الملتحقين بمركز يؤهل ذوي الاحتياجات الخاصة بمدينة تريم بحضرموت.. تفاصيل الحكاية
  • السقوط الحتمي
  • شذى حسون تكشف عن تعرضها للخيانة وأزمتها مع الرجال .. فيديو
  • المسيحية الصهيونية.. كيف تحولت إلى أداة سياسية؟
  • مقارنة بين وقوف الغرب مع أوكرانيا وموقف العرب من فلسطين
  • طوائف متعددة على مائدة «إفطار دبي»
  • السؤال الذي يعرف الغرب الإجابة عنه مسبقا
  • الحرمان من رؤية الأطفال.. هل يعاقب القانون الزوجة؟
  • كيف زيِّفت أوروبا ذاتها الحضارية؟!