بعد مرور ثمانية أشهر على الإخفاق الإسرائيلي الأخطر يوم السابع من تشرين الأول / أكتوبر 2023، ما زال قادة أجهزة الأمن السابقين والحاليين في دولة الاحتلال، يشعرون بحجم القصور الذي واكبهم، رغم ادعائهم المتكرر استخلاص الدروس والعبر من أخطاء وإخفاقات الماضي، والتعلم منها طوال الوقت، لكن لسوء حظهم هذه المرة، فإنهم لم يضمنوا عدم حدوث مثل هذه المفاجأة الاستخباراتية بعد يوم واحد فقط من إحياء الاحتلال لإخفاق السادس من أكتوبر 1973.



يوسي بن آري، الجنرال الإسرائيلي المتقاعد من مجتمع الاستخبارات بعد عمل دام خمسين عاما، أكد أنه "رغم حيازة الاحتلال اليوم لمعلومات استخباراتية ممتازة، أفضل بكثير مما كانت لديه في عام 1973، لكن من الخطأ الاعتقاد أنها تعطينا الصورة الكاملة، صحيح أننا نعرف الكثير عن أعدائنا، لكننا لن نعرف كل شيء أبدا، والأخطاء المتعلقة بنواياهم في تحركات معينة، سبق أن شهدناها، مما يستدعي الحذر في التحليل، والتشكيك، والانتباه لاختلاف الآراء، مما سيقلل من فرصة القيام بالوقوع في خطأ استراتيجي، لكنه لن يلغي هذا الاحتمال".


وأضاف في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل" العبري، وترجمته "عربي21"، أن "الروح البشرية عرضة دائما لارتكاب الأخطاء، المشكلة الأمنية الإسرائيلية ليست في المعرفة، بل في ترجمة المعلومات التي لديها إلى فهم وعمل، أزعم أننا عرفنا في عام 1973 كل شيء، لكن كانت المشكلة هي الفهم والرؤى، ويمكننا أن نسقط في هذا حتى اليوم في أكتوبر 2023، لكن أهم ما يمكن القيام به كي لا نتفاجأ هو الاهتمام بالآراء الشاذة، والاستماع للآراء الأخرى، وقد علمنا العمل في الأجهزة الاستخباراتية أهمية إلقاء الشك، والتعلم أن نكون متواضعين، بعيدا عن تفكير القطيع، الذي يحاولون التعامل معه".

وأشار إلى أن "مهمة ضابط الأمن رفيع المستوى أن يغلق الباب، وإخبار رئيس الوزراء على مرأى من جميع الوزراء بما يعتقده، حتى لو كان مخالفا لرأيه بمقدار مائة وثمانين درجة، الأمر ليس سهلا، لأن البيئة لا تحب الآراء غير العادية، القادة لا يحبون أن تتم مقاطعتهم، لكن هذا واجب إقناع أصحاب القرار، وعادة ما أوصت لجان التحقيق الإسرائيلية بالإخفاقات الأمنية والعسكرية أن يطرق رجال الأمن والاستخبارات الطاولة أمام رئيس الوزراء، لأنه لا يكفي الأخير أن يرى ما يؤمن به فقط، يجب أن يتأكد أن كل من حوله يؤمنون بما يؤمن به هو".

وأوضح أنه "إذا كان رجل الاستخبارات الإسرائيلية يعتقد أنه ستكون حربا، فعلى الفور يجب عليه أن يذهب لقائده، ثم قائد الجيش، وإذا لم يقبل، يذهب لرئيس مجلس الأمن القومي، وإن رفض، عليه الذهاب لرئيس الوزراء، كتابيًا أو شفهيًا، لأن الكثير من هؤلاء لم يفعل ذلك في عام 1973؛ ، مما كان يستدعي القيام بذلك قبل مفاجأة 2023، كجزء من استيعاب الدروس المستفادة، وإلا فإننا سنعيد اختراع العجلة في كل مرة، وإذا بقيت الدولة تنزف بسبب تلك الحرب خمسين عاما، فلا أحد يعلم كم ستبقى تنزف بعد حرب 2023، ولا أحد يدرك كم سيستغرق من الوقت حتى تلتئم جروحه من هذا الإخفاق والكارثة".


ولفت إلى أن "مرور ثمانية أشهر من كارثة أكتوبر يؤكد أن أيا من رجال الاستخبارات الإسرائيلية لم يطرقوا الطاولة أمام رؤسائهم في الأعلى، ومن الواضح أن الآليات التي تم إنشاؤها منذ حوالي خمسين عامًا غير قادرة على قمع تفكير القطيع، ولم يستطع أيا من ضباط الاستخبارات التعبير عن آرائهم غير المقبولة لدى كبار الساسة، لأن ذلك يتطلب وقتاً وخبرة وشجاعة كبيرة، وعدم خشية من المخاطرة بالمكانة المهنية الوظيفية، مما يستدعي إجراء تعديلات مطلوبة لتعزيز الرقابة على الهيئات الأمنية، والاعتماد على كبار المسؤولين، وذوي الخبرة، الذين يقدمون تقاريرهم مباشرة لرؤساء الأجهزة، من صانعي القرار إلى رئيس الحكومة".

تكشف هذه القراءة الاستراتيجية لما يعتبرها الاحتلال "كارثة أكتوبر"، أن المفاجآت الاستخبارية التي حدثت مرات عديدة في الماضي، من المحتمل أن تحصل أيضا في المستقبل على غرار أكتوبر 2023، لأن التنبؤ بمثل هذه التطورات الاستراتيجية، خاصة التحذير من حدوث مفاجأة شديدة الخطورة، هو الواجب الأول لجميع هيئات مجتمع الاستخبارات، وإذا لم يتمكنوا من "تسليم البضائع"، المتمثلة في المعلومات الأمنية، فلماذا ينظرون إليها على أنها ملكهم الحصرية، وبسبب ذلك "يلتهمون" جزءا كبيرا من ميزانياتهم.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال 7 اكتوبر صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

كاتب إسرائيلي يتحدث عن أسباب خشية النظام المصري من فكرة التهجير إلى سيناء

أكد الكاتب الإسرائيلي شاحر كلايمن، أن مصر تخشى الدخول في حالة حرب مع "إسرائيل"؛ كون كل هزيمة في حرب مآلها إسقاط النظام، موضحا أن "خوفها الأشد من نقل الغزيين إلى سيناء، هو تحول شبه الجزيرة إلى مربض مناوشات مع إسرائيل تفجر مثل هذه الحرب".

وقال كلايمن في مقال نشرته صحيفة "يسرائيل هيوم"؛ إن "رفض الهجرة من قطاع غزة، هو مبدأ مصري صلب بالضبط، مثل الحفاظ على السلام وعدم التدخل في أي حرب، وهذا هو ما قاله إبراهيم عيسى، المقدم التلفزيوني المصري المعروف بالقرب من النظام الحالي".

وأضاف الكاتب أنه "يحتمل أن يبدو هذا القول للإسرائيليين غريبا بعض الشيء، ففي كل بضعة أيام ينشر شريط آخر لمسيرة عسكرية في بلاد النيل، ويمكن للمرء حقا أن يسمع طبول الحرب، فضلا عن ذلك، قيل غير مرة؛ إن مصر هي جيش توجد له دولة وليست دولة يوجد لها جيش، فهل هذه الدولة بالذات تتحفظ على الحرب؟ كي نفهم المنطق يجب أن نفهم المبنى الهرمي للمجتمع المصري".

الجنرالات يسيطرون في الدولة
وذكر الكاتب أنه "منذ ثورة الضباط الأحرار في 1952، التي أطاحت بالملكية، تسيطر في مصر النخبة العسكرية، في أحداث الربيع العربي أيضا كان من أطاح بحسني مبارك هم الضباط الكبار، وفي بداية الأسبوع، أحيوا في القاهرة 14 سنة على الخطاب الدراماتيكي لنائب الرئيس، عمر سليمان، الذي أعلن فيه عن نقل الصلاحيات السلطوية من مبارك إلى المجلس العسكري الأعلى".

إظهار أخبار متعلقة


وأشار إلى أنه "في مصر، الجيش ليس مجرد منظمة عسكرية؛ فالجنرالات يسيطرون على مئات المخابز ومشاريع البناء والفنادق. حسب التقديرات، فإن ثلث الاقتصاد المصري يوجد تحت سيطرتهم، من هنا يمكن أن نفهم لماذا يعد التهديد الأكبر على الحكام في مصر واليوم عبد الفتاح السيسي، ليس الإخوان المسلمين، ولا حتى المتظاهرين الذين يحتجون بجموعهم، فهؤلاء وأولئك قابلون للقمع".

وأكد الكاتب أن "التهديد الأكبر يوجد في صفوف الجنرالات، وإذا لم يواصل السيسي تضخم ميزانيات الجيش، فالقرار سيؤثر فورا على مصالحهم الاقتصادية والشخصية، عتاد أقل وقوات أقل يعني مال أقل وهكذا، ولهذا السبب، فإن الحرب تشكل خطرا، مشكوك أن تكون القيادة في القاهرة مستعدة لأن تأخذه".

وقال: "يكفي التذكير بأن هزائم الجيوش العربية أدت في الماضي إلى انقلابات وإلى تغييرات في الحكم، وفي سوريا وزير الدفاع حافظ الأسد صعد إلى الحكم بعد حرب الأيام الستة (نكسة 1967)، والمعركة تلك أيضا أدت إلى نهاية طريق الرئيس المصري جمال عبد الناصر، وبعد ثلاث سنوات من ذلك، توفي وحل محله نائبه أنور السادات، باختصار، لا طريقا أكثر ضمانة لفقدان الحكم من حرب ضد إسرائيل".

مصالح وكراهية لاذعة
في المقابل، قال الكاتب؛ إنه "حتى نحو خمسة عقود على اتفاقات السلام، لم تلغ جنون الاضطهاد المصري. في بلاد النيل يوجد تخوف دائم في أوساط دوائر معنية من تطلعات التوسع الإسرائيلية".

وأوضح كلايمن أنه "في مناورات دورية، السيناريو هو اجتياح من الجيش الإسرائيلي، والأخطر من ذلك أنه على مدى عقود لم تبذل القيادة المصرية جهدا لتغيير مضامين تحريضية ضد إسرائيل، وفي السنوات الأخيرة فقط طرأ بعض التغيير في المضامين، هكذا نشأ اتفاق سلام بارد يقوم على مصالح أمنية وسياسية فقط".

وأضاف: "إذا كان ثمة درس ينبغي استخلاصه من قصور 7 تشرين الثاني/ أكتوبر 2023، فهو أنه لا تكفي المصالح للحفاظ على الاستقرار والهدوء في الشرق الأوسط".

إظهار أخبار متعلقة


وبين أنه "أحيانا الكراهية اللاذعة من شأنها أن تخرب على الاعتبارات العقلانية، صحيح حتى الآن يخيل أن هذا ليس الوضع في مصر، وصحيح أن السيسي أقرب إلى السلام من أسلافه، لكنه بعيدٌ سنوات ضوء عن مواقف أصولية على نمط الإخوان المسلمين، العكس هو الصحيح الرئيس المصري أدى بالذات إلى تعزيز التعاون مع إسرائيل".

وختم أن "معارضته الحادة لخطة ترامب لإخلاء الفلسطينيين، ينبغي أن نعيدها إلى التهديد بأن تصبح شبه جزيرة سيناء عش إرهاب برعاية الغزيين، ولا يزال، إسرائيل تعلمت بالطريقة الأصعب بأنه يجب الاستعداد لكل سيناريو".

مقالات مشابهة

  • انزعاج إسرائيلي من بقاء حماس حاكمة لغزة بعد الفشل في إخراجها من المشهد
  • إعلام إسرائيلي: حماس لن تكتفي بالأسرى وما يقدم ثمن إخفاق 7 أكتوبر
  • ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 48271 والجرحى إلى 111693 منذ 7 أكتوبر 2023
  • «إعلام إسرائيلي» تكشف أسباب رفض نتنياهو دخول الكرافانات والمعدات الثقيلة إلى غزة
  • مهمتها نقل الاستخبارات.. تعرف على وحدة سابير الإسرائيلية الغامضة
  • وزيرة التضامن: مصر صاحبة نصيب الأسد من مساعدات غزة منذ أكتوبر 2023 -صور
  • الرقابة المالية: 3.7 مليون عميل لقطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة في أكتوبر
  • باحثة سياسية: ترامب ينفذ خطة الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023
  • كاتب إسرائيلي يتحدث عن أسباب خشية النظام المصري من فكرة التهجير إلى سيناء
  • تحليل علمي يكشف عن التركيب الكيميائي للأجرام السماوية: يصل قطرها إلى 1500 ميل