إن منْ يتأمل التأثير العظيم للإسلام ينبهر أمام التأثير الذى حوّل العرب من قبائل وشيع إلى أمة ذات وجود عضوى متماسك صار عالميا، بعد أن أخرج العرب من جاهليتهم إلى التقدم، والقيم والمبادئ، والاتحاد، فنهضت الأمة العربية بسبب قيم الإسلام، وبما أرْستْه السنة النبوية من قيم، ومن أسس الخير، حتى أحصى عبد العزيز بن عبد الله فى مجلة الهلال، أغسطس 1978 ص 84، وما بعدها، فى عدد خاص عن الرسول صلى الله عليه وسلم أحصى من الأحاديت ذات الطابع الاجتماعى ما ينيف على أربعة أخماس الأحاديث ، وتتابع اهتمام المستشرقين وشغفهم بهذا الثراء اللغوي، من ذلك ما قام به « دى ساسي» فى اختيار مادة كتابه المختار من كتب أئمة التفسير والعربية فى كشف الغطاء عن غوامض الاصطلاحات النحوية واللغوية، راجعا لأمهات الكتب العربية ومصادرها، وراجعا إلى أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي، ودرة الغواص فى أوهام الخواص للحريري، والإعراب عن قواعد الأعراب لابن هشام كاملا، والمصباح فى النحو للمطرّزي، والأنموذج فى النحو والكشاف، وهما للزمخشري، وألفية ابن مالك، وملحة الإعراب للحريرى، والكتاب لسيبويه، ومقدمة ابن خلدون، وجعل كتابه هذا تكملة لكتاب آخر له هو الأنيس المفيد للطالب المستفيد، وطبعه فى باريس بدار الطباعة السلطانية سنة 1243 هـ/1827م جامعا النصين العربى والفرنسى فى 186 + 519 صفحة، وفى نهاية كل صفحة بداية الصفحة التالية.
وإذا ما عدْنا بالزمن إلى ما قبل ظهور الإسلام وجدْنا أنه لم يكن فى الشرق القديم فى المنطقة قبل ميلاد المسيح، عليه السلام، بنحو 2000ـ 2500ـ سوى حضارتين، مهمتين، هما: المصرية على ضفاف النيل، وحضارة الرافدين، فى ربوع دجلة والفرات، و لم يكن للتاريخ العبرى القديم أثر تاريخى واضح، فيما يقرر د. محمد خليفة حسن، ونوافقه عليه فى مقاله التاريخ العبرى القديم رؤية نقدية عامة، مجلة الفيصل العدد 80، نوفمبر 1983، ص 46، وما بعدها، فقد وقعوا، فيما بين النهرين، فى تبعية للنفوذ البابلي، وفى الجنوب، فى تبعية للنفوذ المصري، فتبعوا آشور أو بابل، فضلا عن الخلط فى أخبارهم، وامتزاج الدين بالتاريخ، وكانت الجزيرة العربية الأصل الأول لكل الشعوب السامية، وهذا سرّ وجود الحضارة الأدبية العربية، وبخاصة الشعر العربى ( ديوان العرب وسجلّمآثرهم) وحيدا فى الساحة الأدبية، وقد أثـّرتْ العربية فى العبرية من خلال عامية المغرب والأندلس، وفهم الكثيرون التلمود من خلال العربية، رجوعا إلى ما ذكره العقاد من أن النبطية والعبرية لهجتان من لهجات العرب القديمة، واستعمل اليهود العربية كتابة ومحاورة منذ القرن الثالث الهجري، واتخذوا كتاب سيبويه منطلقا لتجديد النحو العبرى بفاس منذ القرن الرابع، كما ذكر ماسينيون فى مجموعة بحوثه ومحاضراته، مؤتمر مجمع اللغة العربية 1959ـ1960، ص218، وظهر علماء منهم تحت هذا التأثر، وتحت مبدأ تعريب العبرية منهم :
«مناحم بن سوق» نحو349هـ/ 960م، تبعه أبو زكرياء يحيى بن داوود حيوج الفاسي»، واقتبس منه، وتبعه ووضع كتابه الأصول، محاكاة لخصائص ابن جنى (942ـ1002م)،أبو الوليد مروان بن جناح الرطبي، وتصدى للدعوة الحبر الفاسي»دونش بن لبرات»، وترجمت أسرة «تبون» إلى العبرية عددا من كتب العربية المتنوعة، ولإسحق بن يعقوب الجوهن الملقب بالفاسى فتاوى عديدة بالعربية، وظل يهود المغرب، واليهود الفارون من اضطهاد رجال التفتيش المسيحيين بالأندلس يدرسون العربية ويكتبون بها، ويسهمون فى نهضة العلوم التطبيقية العربية، وما تزال محاولات الاستنباط والوضع، وإعادة قراءة تراثنا، مستمرة أمام انفتاح باب البحث المقارن. هذا غيض من فيض يؤكد أصالة اللغة العربية فى المنطقة فى أعماق التاريخ، وفى حاضره على حدّ سواء من موقع تأثيها فى العبرية. .
عضو المجمع العلمى وأستاذ النقد بجامعة عين شمس
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: جامعة عين شمس لغتنا العربية جذور هويتنا د يوسف نوفل
إقرأ أيضاً:
هل يصح صيام تارك الصلاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب
هل يصح صيام تارك الصلاة؟.. سؤال أجاب عنه مركز الأزهر العالمي للفتوى الالكترونية عبر صفحته الرسمية على فيس بوك.
وقال مركز الأزهر في إجابته عن السؤال: إن من صام وهو لا يصلي؛ فصومه صحيح يُسقط عنه الفرض؛ لأنه لا يُشتَرَط لصحة الصوم إقامة الصلاة، ولكنه آثمٌ شرعًا من جهة تركه للصلاة، ومرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، وعليه أن يبادر بالتوبة إلى الله- تعالى-.
وبالنسبة لمسألة الأجر؛ قال المركز إن مردها إلى الله تعالى، غير أن الصائم المُصَلِّي أرجى ثوابًا وأجرًا وقَبولًا ممن لا يصلي .. والله تعالى أعلم.
أوضحت دار الإفتاء المصرية، أن الصوم فريضة وركن من أركان الإسلام، وكذلك الصلاة وكلاهما لا يغني عن الآخر.
وأفتت بأن عدم صلاة الصائم قد يكون مانعا من قبول العمل أو نقص الثواب، ولكن يكون صومه صحيح، ويكون قد أدى ما عليه من الفرض ومسألة الأجر في يد الله سبحانه وتعالى.
هل يقبل صيام من لا يصلي؟
وأكدت دار الإفتاء أن الصلاة عماد الدين، ولا يجوز لمسلمٍ تركها، منوهة بأنه اشتد وعيد الله- تعالى- ورسوله- صلى الله عليه وآله وسلم- لمن تركها وفرط في شأنها.
وقالت «الإفتاء» إن الإسلام لا يتجزأ والمسلم العاقل لا يقبل لنفسه إطلاقًا أن يتقيد بجانب من الإسلام ثم يتحلل من جانب آخر ؛ لأنه يكون في هذه الحالة كمن يعترض على الله جل جلاله .
حكم صيام تارك الصلاة
قالت دار الإفتاء المصرية، انه لا يجوز لمسلمٍ تركُ الصلاة، وقد اشتد وعيد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لمن تركها وفرط في شأنها، حتى قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلاَةُ، فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» أخرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم.
وأبانت «الإفتاء» في إجابتها عن سؤال: «ما الحكم فيمن صام رمضان ولكنه لا يصلي؛ هل ذلك يُفسِد صيامه ولا ينال عليه أجرًا؟» أن معنى «فقد كفر» في هذا الحديث الشريف وغيره من الأحاديث التي في معناه: أي أتى فعلًا كبيرًا وشابه الكفار في عدم صلاتهم، فإن الكبائر من شُعَب الكُفر كما أن الطاعات من شُعَب الإيمان، لا أنه قد خرج بذلك عن ملة الإسلام- عياذًا بالله تعالى- فإن تارك الصلاة لا يكفر حتى يجحدها ويكذب بها، ولكنه مع ذلك مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب.