في ظل التوترات السياسية الحالية في الولايات المتحدة، تأتي إدانة الرئيس السابق دونالد ترامب بتهم جنائية لتزيد من تعقيد المشهد السياسي الأميركي.

ويحذر الباحث فرانك لنتز، في استطلاعات الرأي، من أن هذا الحكم قد يؤدي إلى اندلاع عنف غير مسبوق وتهديد الديمقراطية الأميركية.

ويعبر لنتز في حديث لموقع "سكاي نيوز" البريطاني عن مخاوف المشاركين في مجموعات الاستطلاع من أن ترامب قد يصبح بمتابة "ضحية" لأنصاره إذا ما تم الحكم عليه بالسجن، مما قد يدفع البلاد نحو احتجاجات وأعمال شغب واسعة.

ترامب: بطل أم ضحية؟

ويمثل الحكم على ترامب حسب لنتز لحظة فارقة في السياسة الأمريكية، حيث يمكن أن يصبح ترامب "ضحية" بنظر أنصاره، مما يعزز من احتمالات حدوث احتجاجات وأعمال شغب في الشوارع.

وقد يستخدم ترامب هذا الحكم لصالحه من خلال تصوير نفسه كضحية للنظام القضائي، وهو ما يمكن أن يجلب له المزيد من الدعم والتعاطف.

بايدن وترامب: المواجهة الكبرى

ويتوقع لنتز، أن تكون المناظرة التلفزيونية المرتقبة بين ترامب وجو بايدن في جورجيا يوم 27 يونيو من أكثر المناظرات أهمية في تاريخ أمريكا، وأن تحدد هذه المناظرة مصير الانتخابات القادمة.

ويرى أن هذه المناظرة ستكون حاسمة حتى للذين لا يهتمون بالسياسة عادة، مشيرا إلى أن الفائز في هذه المناظرة قد يكون الرئيس القادم للولايات المتحدة.

واتفق ترامب وبايدن على مناظرة بعضهما البعض في 27 يونيو على شبكة "سي إن إن" وفي 10 سبتمبر على قناة "إيه بي سي".

لحظة "خطيرة" في تاريخ أميركا

من جهته، وصف مراسل موقع "سكاي نيوز" البريطاني مارك ستون هجوم ترامب على النظام القضائي بأنه لحظة خطيرة في تاريخ الولايات المتحدة.

وتروج القنوات الإخبارية اليمينية لرسالة ترامب بـ"منتهى الحدة"، مما قد يؤدي إلى زيادة دعم قاعدته الشعبية.

ورغم أن الحكم قد لا يؤثر بشكل كبير على نوايا التصويت، إلا أنه سيعزز من حماس مؤيديه.

ويعبر ستون عن دهشته من أن جميع أعضاء هيئة المحلفين وجدوا ترامب مذنبا، حيث كان من المتوقع أن يعترض أحدهم على الأقل.

هل يتحقق فيلم "الحرب الأهلية"؟

ويتخوف عدد من الناخبين الأميركيين من أن يؤدي الانقسام السياسي إلى عنف واسع النطاق في البلاد، وهو ما تم تجسيده فعليا في فيلم "الحرب الأهلية" الذي يتصدر مبيعات شباك التذاكر.

وحسب صحيفة "نيويورك تايمز" فقد حاول الفيلم استغلال القلق الذي عبر عنه الأميركيون في استطلاعات الرأي والمقابلات، من أن تتحول الانقسامات في البلاد إلى معارك فعلية في أفق الانتخابات الرئاسية المقبلة.

وأوضحت أن نجاح الفيلم قد فاق التوقعات في دور العرض مستفيدا من مجموعة من المخاوف والنقاشات الساخنة بين الأميركيين خاصة بعد اقتحام مبنى الكابيتول في 2021.

مخاوف من حرب أهلية

وفي استطلاعات الرأي والمقابلات، قال عدد من الناخبين إنهم يخشون أن تصبح الانقسامات في البلاد عميقة للغاية لدرجة أنها قد لا تؤدي إلى معارك خطابية فحسب، بل إلى معارك فعلية.

وقد أثار هذا الخوف أعمال العنف والفوضى التي تسود السياسة الأميركية بشكل خفي وعلني، ووصلت التهديدات العنيفة ضد أعضاء الكونجرس إلى مستويات قياسية، وكذلك التقارير عن جرائم الكراهية في البلاد ومن بينها:

تعرض زوج نانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب السابقة، للضرب بمطرقة في منزله. إضرام رجل النار في نفسه في أثناء محاكمة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وقال الرئيس السابق "لا أعرف”. "هناك مستوى من الشغف لم أره من قبل. هناك مستوى من الكراهية لم أره من قبل، وربما يكون هذا مزيجا سيئا". تحذير الرئيس جو بايدن في أول خطاب له خلال حملته الانتخابية هذا العام، من التهديدات التي تواجه ديمقراطية البلاد وأشار إلى أن الرئيس السابق يمكن أن يثير العنف السياسي في المستقبل. تمجيد ترامب مثيري الشغب في مبنى الكابيتول عام 2021 ووصفهم بالوطنيين وحافظ على رأيه بأن انتخابات 2020 سرقت منه. رفض الرئيس السابق الإجابة مباشرة عن سؤال حول ما إذا كانت البلاد تتجه نحو صراع مفتوح. لجوء الأمريكيين الواسع إلى التخزين الذاتي.

فيلم "حرب أهلية"

الفيلم لم يشر إلى أطراف واضحة في الصراع ولم يقدم تفاصيل حول سبب الصراع أو الرؤى المختلفة لكل طرف لمستقبل البلاد، كما لم يتم ذكر الكونغرس أو المحاكم أو المؤسسات المدنية الأخرى بخلاف الرئاسة والإشارات إلى مكتب التحقيقات الفيدرالي.

وقد شكل عدم الإشارة إلى الأطراف أو أسماء المؤسسات اختيارا متعمدا من قبل الكاتب والمخرج البريطاني أليكس غارلاند، الذي بدأ العمل على الفيلم في عام 2020 قبل أعمال الشغب في مبنى الكابيتول عام 2021.

وقال غارلاند لصحيفة "نيويورك تايمز": "أود أن أقول إن هذا الفيلم يدور حول الضوابط والتوازنات: الاستقطاب، والانقسام، والطريقة التي تقود بها السياسات الشعبوية نحو التطرف، حيث سينتهي التطرف نفسه ودور الصحافة أيضا في كل ذلك".

وأكد الخبير الاستراتيجي الديمقراطي إريك شولتز، والذي التقى بغارلاند عام 2021، أن الهدف من هذا الفيلم يمكن أن يوضح مخاطر الاستقطاب ليس فقط في الولايات المتحدة ولكن على مستوى العالم والوصول إلى أوسع جمهور ممكن.

استقطاب الجمهور

وقد ساعد الغموض في أحداث الفيلم على جذب جمهور يتخوف من أن تتحول الانقسامات السياسية إلى صراع أشمل.

وقال ديفيد ماندل، المنتج والكاتب في البرنامج التلفزيوني، إن الأفلام والبرامج الأكثر نجاحا عن الحياة السياسية الأميركية كانت لها علاقة متبادلة مع الرأي العام حول السياسة.

وتعتقد عالمة السياسة بجامعة كاليفورنيا في سان دييغو، والتي تدرس الحروب الأهلية، أن احتمال نشوب مثل هذا الصراع ليس مجرد أمر مجازي.

وترى أن البلاد تواجه عقدا أو عقدين من عدم الاستقرار السياسي والعنف الذي قد يشمل اغتيال السياسيين أو القضاة وصعود الميليشيات.

 

المصدر: سكاي نيوز عربية

كلمات دلالية: ملفات ملفات ملفات السياسة الأمريكية مناظرة الولايات المتحدة الانقسام السياسي الكابيتول أميركا الانتخابات الأميركية دونالد ترامب جو بايدن حرب أهلية فيلم السياسة الأمريكية مناظرة الولايات المتحدة الانقسام السياسي الكابيتول أخبار أميركا الرئیس السابق فی البلاد یمکن أن

إقرأ أيضاً:

ما هو الركود ولماذا يتخوف الأميركيون من وقوعه؟

تساور عديدون في الولايات المتحدة مخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في حالة ركود بعد الرسوم الجمركية الأخيرة التي أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وردود فعل الدول الأخرى عليها.

ويحدث الركود الاقتصادي في حال انكماش الناتج المحلي الإجمالي في ربعين متتاليين (6 أشهر)، بحسب أحد أبرز تعريفات هذا المصطلح الفضفاض نسبيا.

وهناك تعريف أكثر قبولا على نطاق واسع حدده المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية بالولايات المتحدة، والذي يقول إن الركود هو “انخفاض كبير في النشاط الاقتصادي، ينتشر في جميع أنحاء الاقتصاد ويستمر لأكثر من بضعة أشهر”.
ويحدد المكتب، وهو منظمة بحثية غير ربحية وغير حزبية، ما إذا كان الاقتصاد الأميركي في حالة ركود من خلال دراسة مؤشرات مثل الدخل الحقيقي، والقدرة الشرائية للأفراد مع مراعاة التضخم، ومستويات التوظيف، وحجم الإنتاج الصناعي، وحجم مبيعات الجملة والتجزئة، والناتج المحلي الإجمالي، خلال فترة زمنية محددة.
عادةً ما يشترط المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية أن تنخفض هذه المؤشرات لأكثر من بضعة أشهر حتى لا يكون مجرد مصادفة.
ماذا يحدث خلال فترة الركود؟
في فترة الركود، ينكمش الاقتصاد، ما يؤدي إلى انخفاض مستويات التوظيف، وتدهور أداء الشركات، وتدهور سوق الأسهم، وارتفاع تكاليف الاقتراض لكل من المستهلكين والشركات.
ومن أهم آثار الركود التحفظ في إنفاق المستهلكين وهو ما يؤثر على الشركات التي قد تضطر إلى تسريح عمال.
ما الأسباب؟
ويحدث الركود لأسباب من بينها حدوث صدمات غير متوقعة في العالم، مثل الحروب أو الأوبئة أو الانهيارات المالية.
وقد يحدث نتيجة ما يطلق عليه “انفجار الفقاعة المالية” وهي زيادة قيمة أسهم قطاع معين بشكل غير واقعي ثم تحدث ضائقة مالية تجعه عاجزا عن مواصلة مستوى نموه، فيحدث انهيار للأصول، مثلما حدث مع شركات التكنولوجيا خلال أزمة عامي 2007 و2008 في الولايات المتحدة.
وقد يحدث الركود نتيجة نمو الاقتصاد بسرعة كبيرة، مع تجاوز الطلب على السلع والخدمات مستويات العرض المستدامة. ومع ارتفاع تكلفة المواد والعمالة، ترفع الشركات الأسعار للحفاظ على ربحيتها. ويرتفع التضخم.
ويؤدي مزيج من ارتفاع تكاليف الاقتراض وارتفاع التضخم إلى توقف الشركات عن الاستثمار والتوسع، وتراجع إنفاق المستهلكين.
ومرت الولايات المتحدة بـ 34 حالة ركود منذ عام 1857، وفقا لبيانات المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية.
ومن أشهر فترات الركود في العصر الحديث بين عامي 1981 و1982، واستمرت 16 شهرا. في تلك الفترة ارتفعت معدلات البطالة، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي، ووصل التضخم إلى 11.1 في المئة، وفق الموسوعة البريطانية، ما دفع الاحتياطي الفيدرالي إلى رفع سعر الفائدة إلى 19 في المئة.
وشهدت الولايات المتحدة أيضا ركودا بين يوليو 1990 ومارس 1991 خلال فترة حرب الخليج الثانية،.
وبين مارس 2001 إلى نوفمبر من العام ذاته. وتقول الموسوعة البريطانية إن هجمات 11 سبتمبر والاضطرابات الاقتصادية المرتبطة بها سرعت من نهاية الركود مع خفض سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية.
ومن أشهر فترات الركود تلك بين ديسمبر 2007 ويونيو 2009 خلال أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة التي أدت إلى أزمة مالية عالمية.

وحدثت فترة ركود قصيرة بين فبراير 2020 وأبريل 2020 خلال جائحة كوفيد.

ومنذ عام 2020، يشهد العالم أزمات متتالية تؤثر في الاقتصاد العالمي، من جائحة كورونا التي شلت حركة الكوكب، إلى الغزو الروسي لأوكرانيا، وهجوم حماس في أكتوبر 2023.

اقرأ أيضاًتقاريرالوضع الإنساني في قطاع غزة “تدهور بشكل خطير”

وسارع الاحتياطي الفدرالي الأميركي لرفع معدلات الفائدة في مطلع 2022، وأبقاها عند أعلى مستوى في 22 عاما سعيا لخفض الطلب وكبح جماح التضخم.

والأسبوع الماضي، انخفضت أسعار النفط وهوت البورصات العالمية مع ظهور مخاوف جديدة بسبب الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

ويرى البعض أن فترات الركود، رغم أنها ليست مثالية أيضا قد لا تكون بالضرورة كارثية.

ويشير هؤلاء إلى سبعينيات القرن الماضي، عندما ارتفع التضخم، وبلغ ذروته 14 في المئة عام 1980. وقد تطلب الأمر زيادات مؤلمة في أسعار الفائدة وفترة ركود لاحقة في أوائل الثمانينيات، حتى تم أخيرا كسر دورة التضخم.

مقالات مشابهة

  • شاهد بالفيديو.. المدرب والمحلل المصري رضا عبد العال: (الحكم ظلم الهلال السوداني بعدم طرده لإثنين من لاعبي الأهلي)
  • تزامناً مع ذكرى الحرب الأهلية.. معرض حكيلي التفاعلي ينطلق في بيروت
  • تأييد الحكم للوزير السابق “نسيم ضيافات” بـ 5 سنوات حبسا
  • تصاعد نيران الحرب وضرورة وقفها
  • ما هو الركود ولماذا يتخوف الأميركيون من وقوعه؟
  • استطلاع رأي يكشف عن الانقسامات الحزبية العميقة بشأن السياسة الخارجية الأمريكية
  • أكاديمي أمريكي: 5 خطوات لإفساد السياسة الخارجية.. ينفذها ترامب بدقة
  • خبير دولى: ماكرون يسعى حاليًا لترميم صورة السياسة الفرنسية
  • محمود محيي الدين: الحرب التجارية العالمية تفرض على صناع السياسة النقدية أن يكونوا أكثر حذرا
  • اقتصادي: تركيا تضيع فرصة اقتصادية لحساب السياسة الداخلية