قبل اختيار شريك الحياة.. هل يتجاذب الأضداد فعلا؟ أم إننا نميل لمن يشبهنا؟
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
على مدار عقود طويلة، سادت نظرية اجتماعية بأن "الأضداد" تنجذب إلى بعضها البعض، ويتبنى الكثيرون هذه النظرية إما بشكل واعٍ أو غير واعٍ، فيميلون للاعتقاد بأن الأشخاص الذين يرتبطون عاطفيا يكونون على طرفي نقيض في الصفات والأفكار وربما التفضيلات.
ويبرهن البعض على وجهة النظر هذه بأن التضاد بين الشريكين قد يُضفي حيوية للعلاقة، ويجعلها أكثر تجددا وأقل إثارة للملل، بينما يعتقد البعض الآخر أن الشخصيات المختلفة تُكمل بعضها البعض، لتصبح الحياة أفضل وأكثر اكتمالا.
لكن، وعلى عكس كل ما سبق، أوضحت دراسة حديثة أننا، في الواقع، لا ننجذب إلا لمن يشبهنا، فالأضداد لا تتجاذب!
الانجذاب أولا للتشابه الشكليلا من الصفات ولا طريقة التفكير ولا المعتقدات يبدأ الانجذاب، فالأمر أسبق من التعرّف على كل هذا لدى شريكك، إذ تُظهر دراسة أجراها علماء النفس في جامعة كوينزلاند في بريسبان الأسترالية، أن الانجذاب بين الأشخاص يبدأ من مرحلة التشابه الشكلي.
وأوضحت التجارب، التي قامت عليها الدراسة، أننا نميل إلى اعتبار أن الأشخاص الذين يشبهوننا أكثر جاذبية، بالإضافة إلى أننا نعتبرهم أكثر لطفا من غيرهم وأجدر بالثقة، وفق موقع "ساينس دايركت".
تقول إيمي تشاو، مؤلفة الدراسة الرئيسية، "تشير النتائج إلى أن الناس قد يبحثون عن شركاء رومانسيين يشبهونهم في الوجه، وبسبب هذا التشابه، قد يُنظر إلى هذا الشريك المحتمل على أنه أكثر لطفا وتفهما وجدير بالثقة أكثر".
وكانت العديد من الدراسات السابقة سعت إلى إيجاد تفسير لانجذاب الأشخاص الذين يبدون متشابهين "شكليا". وقبل الدراسة الحالية بنحو 15 عاما -وتحديدا في عام 2008- وجد بحث أجراه علماء مجريون أن النساء يملن إلى اختيار شركاء تشبه وجوههم وجوه آبائهن، وكان الرجال أيضا يختارون شريكات يُشبهن أمهاتهم.
وفي العام 2012، خلصت دراسة أجراها معهد علوم التطور في مونبلييه بفرنسا، أن بعض الرجال كانوا أكثر انجذابا لصور النساء التي تم التلاعب بها رقميا لتشبه ملامحهم.
وخلال الدراسة الفرنسية، طلب الباحثون من 100 رجل اختيار النساء الأكثر جاذبية من بين مجموعة مختارة من الصور الفوتوغرافية، ثم طلبوا من عدد مماثل من الرجال أن يفعلوا الشيء نفسه مع مجموعة أخرى من 4 وجوه تم التلاعب بها رقميا لتبدو أكثر شبها بهم. هنا، أظهرت النتائج أن 37% من الرجال في التجربة الثانية قالوا إن الوجه الذي يشبه وجوههم هو الأكثر جاذبية.
ما قد يكون مفاجئا أكثر هنا، هو دراسة أُجريت عام 2002، وتوصلت إلى أن المشاركين الذين واجهوا خصوما يُشبهون وجوههم في ألعاب الكمبيوتر، كانوا أكثر استعدادا للثقة بالخصم! بحسب تقرير لموقع "ساينس دايركت".
على عكس الفكرة السائدة تظهر أبحاث حديثة أن الأشخاص ينجذبون إلى من يشبههم لا إلى من يختلف عنهم (غيتي) الانجذاب "المغناطيسي" لمن له مثل صراعنا الداخلي!يوضح خبير العلاج الأسري الدكتور ستيفن ج. بيتشن من خلال مقال نشره على موقع "سيكولوجي توداي" عام 2016، أن الأمر أبعد وأكثر عمقا من مُجرد الانجذاب للتشابه الشكلي فقط.
يقول بيتشن إنه، خلافا، للرأي السائد بأن الأضداد تتجاذب، فنحن لا نتزوج من أضدادنا، قد نختار بوعي شخصا أطول أو أكثر حزما أو نجاحا، أو حتى شخصا يبدو غير متوافق مع مهنتنا التي نعمل بها، لكن هذا الاختيار عادة ما يكون واعيا، وإذا ألقينا نظرة أكثر عمقا على علاقاتنا، وفحصنا ما هو أبعد من هذا الاختلاف "البسيط" أو "السطحي"، فسوف يظهر التشابه.
يُضيف بيتشن أنه خلال 35 عاما من عمله في تخصص العلاج الزوجي والأسري، كان يُقابل دوما شركاء يلقون باللوم على بعضهما البعض باستمرار بسبب مشاكل علاقاتهما، كان هؤلاء الأزواج يصفون أنفسهم بأنهم مختلفين تماما عن بعضهم، أو غير متطابقين بشكل كبير، فقابل أزواج يقولون مثلا "أنا عملي وواقعي، أما هي فرومانسية وخيالية"، أو "أنا حريصة وأحاول الادخار للغد وهو مسرف وينفق دوما ببذخ".
رغم هذه الاتهامات التي تُشير إلى وجود تناقض صارخ، فإن بيتشن توصّل من واقع عمله وخبرته المهنية إلى أنه لم يرَ "قط زوجين غير متطابقين". ويُضيف بيتشن أن الأمر يتجاوز بكثير مُجرد التشابه الشكلي، "فالحقيقة القاسية هنا هي أنه عندما يتعلق الأمر باختيار الشريك، فإننا غالبا لا نتمتع بإرادة حرة. نحن ننجذب مغناطيسيا إلى شخص مثلنا تماما، وكما أوضحت في كتابي (الشركاء المغناطيسيون)، فإننا نختار الأشخاص الذين لديهم نفس الصراع الداخلي".
يشرح بيتشن ما يقصده بـ"الصراع الداخلي" قائلا إنه يقصد بالصراع تلك الازدواجية الداخلية التي تجعل من العسير على الشخص تفضيل أو اختيار أحد طرفين على الآخر، أو دمج جانبين متناقضين بطريقة تسمح بخلق حل وسط.
المثال الذي يضربه بيتشن هنا للصراع الداخلي، أن الشخص مثلا، قد يرغب في أن يكون ناجحا، لكنه قد يشعر بعدم الارتياح عند تواجده في دائرة الضوء أو وجوده في مركز سلطة. هذا الشخص يصعب عليه تفضيل جانب على الآخر أو دمج الجانبين معا، وهو ما يخلق "صراعه" الداخلي.
التشابه الشكلي قد يخلق إحساسا بـ"القرابة" ويزيد احتمالية بدء علاقة بين الشخصين (بيكسابي) وكأنه أحد أفراد العائلة!أما عن السبب الذي يدفعنا للانجذاب إلى من يشبهنا في الشكل، فتوضح دراسة جامعة كوينزلاند، السابق الإشارة إليها، والتي نشرت في مجلة التطور والسلوك البشري، أن التشابه الشكلي قد يخلق إحساسا بـ"القرابة"، وهو ما قد يؤدي إلى الحصول على المزيد من القبول أو التأييد الاجتماعي، بين الطرفين، بل وزيادة احتمالية بدء علاقة بين الشخصين.
أرجع الباحثون حدوث هذا القبول إلى الانجذاب اللاشعوري للأشخاص الذين يبدون وكأنهم أحد أفراد العائلة. تشرح جان هانا إدلشتاين، خبيرة العلاقات نتائج الدراسة السابقة قائلة "أعتقد أن الأمر لا يتعلق بالنرجسية بقدر ما يتعلق بالشعور بالراحة والطمأنينة الذي نشعر به تجاه ما ومن نعرفه جيدا. لكن، على المدى الطويل، تعتمد العلاقات، بالطبع، على ما هو أكثر بكثير من مُجرد المظهر والشكل الخارجي".
وبالمثل، لنشعر بالأمان والطمأنينة والألفة، فإننا ننجذب للأشخاص الذين يأتون من خلفيات ثقافية واجتماعية ورُبما اقتصادية تُشبهنا، وننجذب لمن يفكر ويتحدث ويتصرف مثلنا، وفي أعمق الدرجات ننجذب لمن يحمل مثل صراعنا الداخلي، كما أوضح بيتشن.
هنا يُعلق ستيفن بيتشن على الخلافات الزوجية التي "يتوهم" أصحابها أنها بسبب تناقضاتهم الحادة قائلا "إذا استطعنا أن نفهم حقا أننا متشابهون أكثر بكثير مما تراه وتلاحظه العين، فقد نصبح بعد ذلك قادرين على التعاطف مع بعضنا البعض والتكاتف معا لدرء أي مشاكل قد نواجهها".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات اجتماعي الأشخاص الذین إلى أن
إقرأ أيضاً:
عبدالله بن زايد: البحرين شريك استراتيجي للإمارات في كافة المجالات
ترأس الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، أعمال الدورة الـ 12 من اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات ومملكة البحرين، التي عقدت في المنامة، الأحد، فيما ترأس الجانب البحريني الدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير خارجية مملكة البحرين.
حضر اجتماع اللجنة العليا المشتركة عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد، ونورة بنت محمد الكعبي وزيرة دولة، والدكتور سلطان بن سيف النيادي وزير دولة لشؤون الشباب، وخليفة شاهين المرر وزير دولة، وعدد من كبار المسؤولين في كلا البلدين.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، في مستهل كلمته خلال اجتماع اللجنة،: "يسعدني أن أكون اليوم في مملكة البحرين، الغالية علينا جميعاً، والتي يجمعنا معها تاريخ من الأخوة والصداقة والعمل المشترك".
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان أن "انعقاد الدورة الثانية عشرة للجنة المشتركة يجسد عمق العلاقات الراسخة بين البلدين الشقيقين، وهي علاقات تحظى بدعم ورعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، وأخيه الملك حمد بن عيسى آل خليفة"، مضيفاً :"شكلت هذه الرعاية وهذا الدعم حافزاً رئيسياً لجهودنا وتطلعاتنا المشتركة للارتقاء بعلاقاتنا الإستراتيجية، وتنويع مجالات التعاون الثنائي بين الجانبين".
وأضاف أن "دولة الإمارات كانت وما زالت ترى أن شقيقتها البحرين هي الشريك الإستراتيجي في كافة المجالات، وجزء أصيل ومتجذر من مسيرة التقدم والازدهار في الخليج العربي والمنطقة برمتها".
وأشار الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إلى أن "استمرار انعقاد اللجنة المشتركة بشكل دوري يعبر عن التزام البلدين بالعمل المشترك، حيث يتم بحث الفرص والإنجازات، ومناقشة التحديات والقضايا العالقة في مختلف المجالات، والبحث دائماً عن أفضل الفرص السانحة لخدمة البلدين، كما يعكس هذا النهج حرصنا المشترك على خلق حلول إبداعية لتذليل التحديات، وتحويلها إلى إنجازات ملموسة تخدم مصالح شعبي البلدين".
مصير مشتركوقال الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان إن "العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات ومملكة البحرين ليست مجرد أرقام، بل تعبير عن مصير مشترك وهدف طموح نسعى لتحقيقه، وحققت تجارتنا الثنائية غير النفطية نمواً ملحوظاً خلال السنوات الماضية، ليتجاوز 7.5 مليار دولار في العام 2023".
وأضاف إننا "نتطلع باستمرار لتوسيع قاعدة شراكاتنا مع أشقائنا في البحرين في كافة القطاعات، قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة المتجددة، والنقل، والبنية التحتية والخدمات".
وأكد :"نؤمن في دولة الإمارات بضرورة التعاون مع أشقائنا وشركائنا الرئيسيين ضمن مختلف المؤسسات الدولية والمنصات متعددة الأطراف، وعليه، فإننا نتطلع إلى الاستمرار بالدعم المتبادل لترشيحات البلدين الشقيقين في المؤسسات والمحافل الدولية، إضافة إلى تعزيز شراكاتنا في العمل متعدد الأطراف".
وقال الشيخ عبدالله بن زايد في ختام كلمته، موجهاً حديثه للدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني: "أخي بوراشد، دائماً أسعد بلقائك وأتشرف بالعمل معك، ومع فريقك، والشكر موصول لفرق العمل التي بذلت الجهد الأكبر لإنجاح هذه الدورة من اللجنة المشتركة وأتمنى منكم الاستمرار لكي نعمل سوياً لخدمة ورقي بلدينا".
الدورة الـ12وفي ختام أعمال اللجنة وقّع الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني وزير خارجية البحرين، على محضر اجتماع الدورة الـ 12 من اللجنة العليا المشتركة بين دولة الإمارات ومملكة البحرين.
4 مذكرات تفاهموعقب ذلك، شهد الشيخ عبدالله بن زايد والدكتور عبداللطيف بن راشد الزياني التوقيع على 4 مذكرات تفاهم وبرنامج تنفيذي بين البلدين، شملت مذكرة تفاهم بشأن توطيد أواصر التعاون وتبادل الخبرات في مجال الطيران المدني، وقعها عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد و الدكتور الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة وزير المواصلات والاتصالات في مملكة البحرين.
تعاون ثنائيومذكرة تفاهم بشأن التعاون الثنائي وتبادل السياسات والخبرات المالية والاقتصادية، وقعها علي عبدالله شرفي الوكيل المساعد لشؤون العلاقات المالية الدولية بالإنابة في وزارة المالية و المهندس نواف السيد هاشم الوكيل المساعد لشؤون التعاون الدولي بوزارة المالية والاقتصاد الوطني في مملكة البحرين.
ومذكرة تفاهم للتعاون في مجالات تعزيز التنافسية وقعتها حنان منصور أهلي مدير المركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء، ووقعها من الجانب البحريني الدكتور فيصل عيسى حماد الوكيل المساعد للتنافسية والمؤشرات الاقتصادية بوزارة المالية والاقتصاد الوطني.
ومذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال التدريب وتطوير الكفاءات الحكومية وقعها الدكتور ياسر أحمد النقبي مدير عام أكاديمية أبوظبي الحكومية التابعة لدائرة التمكين الحكومي والدكتورة الشيخة رنا بنت عيسى بن دعيج آل خليفة المدير العام لمعهد الإدارة العامة في مملكة البحرين.
كما تم التوقيع على برنامج تنفيذي للتعاون في المجال السياحي وقعه عبدالله بن طوق المري وزير الاقتصاد و فاطمة بنت جعفر الصيرفي وزيرة السياحة في مملكة البحرين.