تحت هذا العنوان كتب إيغور مالتسيف مقالا على موقع RT باللغة الروسية تناول فيه الجدل الراهن حول جزيرة غوتلاند السويدية وفند مزاعم رغبة روسيا في "السيطرة عليها".
وجاء في المقال:
يحاول القائد العام للقوات المسلحة السويدية الجنرال ميكائيل بودن إقناع السويديين بأن روسيا تسعى للسيطرة على جزيرة غوتلاند، والتي من المفترض أنها تحتاجها لفرض سيطرتها على بحر البلطيق.
وها نحن في وسط المفاجأة التاريخية.
كان السويديون في يوم من الأيام من أشهر رواة القصص الأسطورية، وقد حصلوا على ذلك من الثقافة الإسكندنافية (أشعار السكالديين والأغاني). بعد الحرب العالمية الثانية، التي كانت فيها السويد دولة محايدة، تمت إضافة حكايات سويدية جديدة إلى حكايات الشعراء (السكالديين) وأستريد ليندغرين.
القصة المفضلة لدى الصحف السويدية الآن هي معرفة كيف تقترب الغواصات الروسية المجهولة عدة مرات في السنة من شواطئ المملكة، وربما حتى كيف يتم إنزال القوات البرية مباشرة نحو القصر الملكي.
إقرأ المزيد أي مفاجأة يعدّها بايدن بدلا من الانتخابات: حرب نووية أم "تشيرنوبل" جديدة؟وفي كل مرة يتم فيها إثارة مثل هذه الهستيريا في وسائل الإعلام، يؤمن الجميع حقا بما يسمونه "التهديد الروسي الجامح". وغالبا ما تحدث ذروة هذا التاريخ خلال الفترة التي يتم فيها النظر في ميزانية الدولة، لكننا لن نلوم رواة القصص لمجرد رغبتهم في زيادة الميزانية العسكرية، أليس كذلك؟
إلا أن جذور هذه الحكايات الخيالية ربما تعود إلى نتائج الحروب السويدية الروسية الأخيرة، والتي نتج عنها، على سبيل المثال، تخلص فنلندا ومدينة فيبورغ من السويديين.
الألم الوهمي
آخر مرة وضعت فيها روسيا عينها على الجزيرة فقط عندما قرأنا القصة البوليسية "الوهمي" The Invisible لماري يونجستدت عن شرطي محلي، ثم قام المخرج أندريه تاركوفسكي بوضع مخلبه الإمبراطوري على غوتلاند المسكينة بإخراجه فيلم "الأضحية" على هذه الجزيرة. لكن هذا لا يكفي لرسم صورة "التهديد الأبدي". حسنا، ربما وقفت قوات الأميرال نيقولاي بوديسكو الروسية على الجزيرة لمدة شهر كامل في عام 1808. وقفوا ثم غادروا. وبالمناسبة، هل تعرف لماذا كانوا هناك؟ من أجل التواصل مع الفرنسيين في جنوب السويد، وفقا للخطة "ب"، تحت قيادة برنادوت. نعم، نفس الشخص الذي أصبح بعد ذلك ملكا، ولكن ليس على فرنسا، بل على السويد. إنها قصة مليئة بالسخرية.
حينها، كانت الجزيرة لا تزال تعتبر مهمة للتحكم في الشحن عبر بحر البلطيق. في العهد السوفيتي، عندما أعلنت السويد حيادها، اتبعت فنلندا سياسة كوسينن المتمثلة في حسن الجوار مع الروس، وكانت إستونيا بشكل عام جزءا من الاتحاد السوفيتي، ولم ينظر إلى جزيرة غوتلاند بأي حال من الأحوال على أنها مفتاح لأسطول البلطيق.
والآن دعنا نحلل.
ليس من قبيل الصدفة أن نسمع بانتظام تصريحات مفادها أن بحر البلطيق يجب أن يصبح "بحرا داخليا لحلف (الناتو)". ويتم ذلك، من بين أمور أخرى لعزل كالينينغراد وخسارة روسيا لها. ومع وصول القواعد الأمريكية إلى المنطقة، فإن التهديد الذي يواجه بطرسبرغ سوف يتضاعف عدة مرات.
الآن، وبعد مغادرة روسيا المياه الإقليمية لجزيرة غوغلاند الروسية (يجب عدم الخلط بينها وبين غوتلاند)، وقبل دخول المياه الإقليمية الروسية على بعد 12 ميلا إلى الشمال الغربي من بوابات مدخل ميناء بالتييسك في منطقة كالينينغراد، تتم الملاحة للسفن الروسية على طول الطريق بأكمله في المياه المحايدة، في وقت السلم (وليس في زمن الحرب)، دون عوائق تقريبا، وفقا لأنظمة فصل حركة المرور وخطوط الملاحة الموصى بها. وأصحاب مخطط عسكرة غوتلاند يريدون تدمير هذه الآلية.
لكن من يعلن عن مثل هذه الخطط هم الأكثر حمقا، حيث يشير كل هذا بقوة إلى انتهاك قواعد الشحن الدولية، وهو ما يعني أنهم سيبدأون من الجانب الآخر، وهذا أيضا أمر نموذجي تماما: أولا، بإعلان أن روسيا تهدد أيام من لاتفيا أو شبونة أو أونتر دن ليندن، ثم تحقيقا لهذه الغاية إطلاق السباق العسكري بدءا بالاقتصاد وحتى دفع قوات "الناتو" إلى مسافة أقرب إلى الحدود الروسية، وغيرها. والآن، حان دور جزيرة غوتلاند، التي يمكن أن تصبح رأس جسر عسكري طبيعي لحلف "الناتو". لهذا فإن الأصح القول لا أن "روسيا تضع عينها على غوتلاند"، وإنما أن هناك خطط لأعضاء متحمسين جدد في حلف "الناتو" يفكرون في "كيفية إزعاج روسيا" لا أكثر ولا أقل.
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: ألكسندر نازاروف الاتحاد الأوروبي الحرب العالمية الثالثة بحر البلطيق حلف الناتو دول البلطيق كالينينغراد
إقرأ أيضاً:
حكايات القوادم | شيخ العرب همام.. آخر ملوك الصعيد
آثار موضوع «المطاعنة» الذى نشرناه فى هذه المساحة من فترة قريبة الكثير من ردود الأفعال، وفوجئنا بسيل من الإشادة والآراء المشجعة على تخصيص مساحة أخرى لإضافة معلومات جديدة عن تاريخ هذه البقعة الأصيلة من جنوب مصر.
كما أردنا التركيز أكثر على أسباب ملازمة شيخ العرب همام لهذه المنطقة قبيل وفاته، وما تواتر إلينا من ظروف رحيله، وأين بالتحديد يقع مدفنه.
كنا قولنا إن أبناء «المطاعنة» يتميزون بخفة الدم كما جاءتنا الكثير من الأدلة على أنهم برعوا منذ وجودهم فى النكتة، وما يطلق عليه اصطلاحا «قصف الجبهة» وهذا يعنى أن المتحدث يملك براعة الرد السريع والقاطع والمتميز بالسخرية فلا يترك مجالا لمحدثه ويفحمه إفحاما شديدا، بغض النظر عن العلاقة التى تربط بينهما، فمن الممكن أن يحدث هذا بين ولد وأبيه مثلا وهو ما توضحه هذه القصة..
إذ تقول: كان هناك ولد يربى الكثير من الماعز فوق بيتهم المبنى المرتفع.. فجاء ذات مرة لأبيه وقال له: «أنا هسافر وأرجع وخللى بالك م المعيز..» فسافر الولد فعليا لبلد، وفى اليوم اللاحق لسفره، قفز أحد جديانه من فوق البيت فتكسرت أقدامه..فقام الأب ليعجله بالسكين وذبحه وأكله هو وباقى البيت..ولما رجع الولد بعد فترة فأراد أن يطمئن على ثروته، فوجد جديا غائبًا، فسأل والده عن الأمر فقال له الأخير: «وقع من فوق وأكلناه».. فقال الولد: أنت تعلم أنى أحب أكل المخ، فكان لا بد أن تتركه لى لأتناوله، فرد عليه والده: «يا ولدى لو الجدى فيه مخ كان نط من الدور التالت؟».
هذا بالنسبة للنكتة أما فيما يتعلق بوجود شيخ العرب همام فهناك عدودة شهيرة قيلت خصيصا عنه، والعدودة يقولها النساء هناك لنعى الفقيد، وتقول العدودة:
«يابرج عالى كنا نضللوا تحتيه.. لما وقع فر الحمام منيه»
هذا مطلع عدودة نظمتها نساء المطاعنة وتم تريددها فى جنازة همام شيخ العرب.. وخرجت جنازة همام من منزله الكائن بمنفاه بالكوم الشرقى بكيمان المطاعنة وكان يقام بالقرب من دبة آل حرير وآل كراع، ولا يزال بقايا خدمه وحشمه موجودين فى إحدى عزب كيمان المطاعنة..
وكان شيخ العرب وآخر ملوك الصعيد قد فر من حدود مملكته فى قنا إلى أقاصى الجنوب بعد هزيمته على يد جيش المماليك بقيادة على بك الكبير، فاضطر للفرار ناحية إسنا، وهناك وجد حفاوة الاستقبال من أهل المطاعنة فاستضافوه بينهم، وهيئوا له الحياة التى تعود عليها، فظل معهم أمدًا كبيرًا إلى أن وافته المنية.
حكايات القوادمويتردد أنه عندما مات همام طلب أهل المطاعنة من ذويه أن يدفن بينهم، لكن أهله وأقاربه الذين كانوا معه قالوا إنه عظيم بلاد الصعيد ولا بد أن يدفن فى مسقط رأسه وبالفعل غسلوه المطاعنة وسكبوا عليه العطر ماء الورد وكفنوه فى ثوبين حرير أخميمى وخرجت جنازته من المطاعنة وركبت النيل فاصطف الناس على ضفتى نهر النيل من المطاعنة حتى فرشوط لكن المماليك قطعوا عليهم الطريق، وكانوا فى عز بأسهم، ورفضوا أن يدفن فى مسقط رأسه وكان قد وصل إلى جنوب قنا فحاول المطاعنة العودة بالجثمان لكن كانت العودة ستستغرق يوم ونصف اليوم وهو ما يعنى ضياع يومين فرأى الناس أن إكرام الميت دفنه وطلب أحد أصدقائه هو الشيخ محمد الجالس الكبير أن يدفن لديهم وبالفعل شاء عناية الله أن يدفن فى نجع الجالس بالغرب قامولا وهو أحد مراكز محافظة الأقصر حاليا وتقع غرب النيل.
وشيخ العرب همام هو همام بن يوسف بن أحمد بن محمد بن همام ابن أبو صبيح سبيه الملقب بشيخ العرب همام ولد عام١١٢١ هـ / ١٧٠٩ م فى فرشوط محافظة قنا وتوفى عام ١١٨٣ هـ / ٧ ديسمبر ١٧٦٩ م، من أشهر شخصيات الصعيد، وهو الابن البكر للشيخ يوسف زعيم قبائل الهوارة التى استقرت فى صعيد مصر وتمتعت بقدر كبير من الثروة والنفوذ وسيطر شيوخها على مقاليد الأمور فى الصعيد. تولى الشيخ همام الحكم بعد وفاة والده يوسف عام ١٧٦٧م ولم يمض قدمًا فى توسيع ومد سلطانه على كافة أقاليم الصعيد، من المنيا إلى أسوان.. حيث ما إن شرع فى ذلك حتى واجه حرب المماليك التى كانت تمسك مقاليد الحكم فى مصر آنذاك، ورفضوا تماما كل المحاولات للخروج عليهم، والاستئثار بحكم منطقة ما فى مصر ولو كانت فى أقاصى الصعيد.
وقام شيخ العرب همام حينها بتأسيس شبه دولة فأنشا الدواوين لإدارة شئون الأراضى الواقعة تحت سيطرته ولرعاية العاملين عليها وشكل قوة عسكرية من الهوارة والعرب ومن المماليك الفارين من حكم على بك الكبير فدقت أبواق الحرب بين دولة فى الجنوب يرأسها همام ولد يوسف أحمد الهوارى ودولة أخرى فى الشمال يرأسها على بك الكبير الذى كان حليفا للروس وكان يعدهم بأن يدخلوا مصر على جثه همام (أمير الصعيد) فأمدوه بأكثر الأسلحة تطورا فى هذا الوقت فبعث همام (شيخ العرب) جيشا كبيرا جمع فيه عدة جيوش من الصعيد ومن هوارة وعلى رأسهم (إسماعيل الهوارى) ابن عم الشيخ همام وزوج أخته وخال أولاده اختاره همام ليكون قائدا للجيش وبدأت الحرب وكانت الغلبة من نصيب أهل الصعيد وهوارة فى البداية ولكن بسبب مكر المماليك استطاعوا أن يخدعوا إسماعيل الهوارى ويجعلوه يخون ابن عمه وانتصر المماليك بسبب الخيانة ودخلوا فرشوط وجعلوها كوما من الرماد فاتجه همام إلى النوبة ليبنى جيشا آخر من الصعيد ولكنه لم يستطع بسبب الموت فتوفى فى الطريق.
ويرجع أصل كل الهمامية إلى جدهم همام بن ماضى (الملقب سيبيك) بن أحمد بن عياش بن بحير، المغربى نسبة لحكمه إقليم برقة بليبيا وتونس، حكم فيها على قبائل شمال إفريقيا ومنهم الهوارة والبربر وغيرهم، الحسيني، وقدم من المغرب الأدنى فى ١٥١٧م ليتولى إمارة الصعيد بعد انقضاء عهد أمراء بنى عمر بن عبد العزيز الهوارى البندارى، وتوالت الإمارة فى بنى همام وصولا لهمام بن يوسف بن أحمد بن محمد همام أبو صبيح همام بن ماضى (الملقب سيبيك) بن أحمد بن عياش بن بحير.
ورغم دفن جثمان همام فى منطقة قامولا إلا أن أهالى المطاعنة قرروا تحويل منزله إلى مقام رمزى ليعبر عن وجوده فى فترة ما بينهم، فتم تشييده فى المساحة التى كان يشغلها حيا فى آخر أيامه، وبقى شاخصا حتى الآن توفد له الزيارة من بلاده وذويه ومحبيه، ونالت قرى المطاعنة بعض الشهرة بسبب ذلك، كما عرفوا أيضا بالوفاء، وباتوا مضربا للأمثال بسبب هذه الواقعة.