خمسون عاماً في فلسطين.. شهادة مؤرخة بريطانية عن تاريخ الاحتلال
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
الكتاب: خمسون عاماً في فلسطين، مذكرات صديقة العرب.
الكاتب: فرنسس إملي نيوتن.
ترجمة: وديع البستاني.
الناشر: دار الكتب والوثائق المصرية بيروت، عام 2014.
صدر هذا الكتاب في بيروت عام 1947م، مترجماً إلى العربية، ثم أعيد نشره عام 2014م، من دار الكتب المصرية للتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته، كتبت فرنسس كتابها في فصول قصيرة عددها 32 فصلاً، مقسمة كل فصل لعناوين جانبية، تداخلت فيها الأفكار، وتكاملت لتعطي صورة واضحة المعالم للقضايا التي أرادت أن توردها، وتورد رأيها فيها، ووضعت يدها في كتابها على عدة قضايا رئيسية فيه، منها ظروف تركها لوطنها إنجلترا، وإقامتها في فلسطين التي اعتبرتها وطنها الثاني، كما كتبت عن مشاهداتها وانطباعاتها عن فلسطين وأهلها وأرضها.
من وطن إلى وطن
ولدت فرنسس نيوتن في مملكة مكلور الإنجليزية، عام 1872م، درست الأدب الإنجليزي، وأتقنت الألمانية والفرنسية، كان لديها شغف بعلم التاريخ، والموسيقى، سافرت مع أختها إيدث، وصديقتها أر مسترنغ إلى فلسطين، بين ثنايا سطور يوميات فرنسس تظهر كيف كانت فلسطين في مرمى استهداف المبشرين إذ أن أختها وصديقتها أرمسترنغ ممن عملوا في مجال التبشير، فهن عضوات بجمعية الكنيسة التبشيرية، وكثيراً ما تطرقت إلى حالة التبشير للمسيحية في المدن الفلسطينية سواء برحلات أفراد أو جمعيات مسيحية عبر إقامة المدراس، وعبر تقديم الرعاية الصحية لهم في مستشفيات وعيادات افتتحت لهذا الغرض؛ بحجة مساعدة فقراء فلسطين تحت شعار تقديم خدمات إنسانية؛ إلا أن كتابها لم يأتي على أي محاولة لاختراق الحالة الفلسطينية حتى مع كل ما بذلته وقدمته تلك الجمعيات.
تحدثت نيوتن عن إقامتها في الناصرة، وكيف تحولت لمرمى الاستهداف الاستيطاني فتشير: يومذاك كانت الناصرة مدينة زاهرة؛ بها بندراً، وسوقاً، وفيها الحدادين والصاغة والعطارين... انقلب عليها الزمان بعد الحرب العظمى الأولى، بقيام طائفة من المستعمرات اليهودية في سهول مرج ابن عامر، مكان قراه العربية، وأهالي تلك المستعمرات يتدبرون حاجاتهم فيما بينهم، فما يشتري يهودي من عربي".. ص22.
عندما انتقلت فرنسس عام 1908م، من الناصرة إلى حيفا وجدت نفسها بين نقيضين على حد وصفها: "من أراد النقيضين وجدهما في فلسطين، ففي الطرف الواحد عيشة الريف الزراعي الرعوية برحابتها ومباهجها، وفي الآخر سكنى المدينة بضيقها الخانق، وتعاريجها المرهقة، في الأولى جمال الفطرة والقدم، وفي الثانية تفرنج واختلاط حابل بنابل وغث بسمين"، ووصفت حيفا بقولها" كان سكان حيفا عناصر، وأقواماً فالسواد عربي، وإلى جانب هذه الأكثرية أقليات عديدة أوروبية أو أوروبية مهجنة، ومستعمرة مسيحية ألمانية استقلت بغرب المدينة، ففي الشارع الواحد تزاحمت القبعة مع الحطة، والطربوش مع العقال، وفي البيوتات العربية كثر المثقفون، بين تاجر، وطبيب، ومحام ولكن المسحة الغالبة على هذه المدينة كانت ضرباً من التباعد والانحجاز، بخلاف ما عهد في قدام المدائن، كيافا ونابلس، وغزة" ص48.
أما عن الشعب الفلسطيني فتشير: "عشت بينهم طويلاً، فتعلمت الاحترام والتقدير لسجاياهم الفطرية من إباء وعزة ووفاء وحب الأوطان، وما أردت بهذا الكتاب إلا أن أقدمهم للعالم كما عرفتهم، ولقد حان لنا أن نطلق الوهم الذي مازال يصور لنا أن العربي قد يرخص وطنه وتراث أجداده... لقد حان لنا أن نقلع عن إغفال العرب بمجرد التودد إليهم، والتمويه على سماحة نفوسهم، فهم اليوم أبناء أمسهم العظيم الذي شهد عزتهم وأمجادهم، وآثار كباراً لما فطروا عليه من مواهب، إن تراثهم لعزيز على قلوبهم، فما يرضون عنه بديلاً، وإنه لتراث جدير بحرصهم عليه، وما من أحد يعرف عرب فلسطين يرضى أن يفرض عليهم تمدن غريب عن نزعاتهم وملكاتهم، وكما بين القطبين البعد بين الثقافتين اليهودية والعربية" .
القراء لثنايا فصول الدراسة يدركاً تماماً أنه وثيقة للرد على المزاعم الصهيونية بأن أرض فلسطين كانت قاحلة جرداء، كيف لا ومرج بن عامر عرف بأنه سلة فلسطين الغذائيةأوردت فرنسس تصريحات في غاية الأهمية عن الصهيونية "هذه الصهيونية المعتدة بذاتها، حتى فلسطين كلها لا تكاد ترضيها أو تكفيها، فمن مشاريعها مشروع لتحويل نهر الأردن إلى ترع وأقنية الري، في واديه بكامله شرقاً وغرباً، وفي صحراء النقب جنوباً، ولحفر قناة في البحر المتوسط إلى البحر الميت تعوض هذا الأخير عن ماء الأردن شلالاً يولد من الكهرباء ما يكفي عديد الملايين".
تحت عنوان البساط السحري كتبت فرنسس" تراءى الحلم الصهيوني بساطاً سحرياً يمثل دولة يهودية؛ فاعتزموا أن يحيكوه، فقامت المنظمة الصهيونية بمثابة النول، والمجتمعات اليهودية بمثابة السدى، كانت اللحمة أرض العرب في فلسطين، وأعوزهم المكوك فكان صك الانتداب المصنوع من تصريح بلفور وطلبوا المادة، فيسرها الصندوق القومي اليهودي، وصندوق التأسيس فلسطين" كيرين هايسود"، ودار النول، فإذا وقف المكوك لمعارضة أو اشتباك؛ تداخلت الحكومة بلجان التحقيق وتقاريرها ووصلت الخيوط واستؤنف النسج على هذا المنوال"، كانت مهمة الحكومة البريطانية في نسج البساط" تأليف اللجنة بعد اللجنة، للتحقيق والتقرير، كلما قامت في البلاد فتنة، طلباً للحق وتقرير المصير، ولم يكن من حدوث الفتن بد، فإن العرب تنبهوا لما كان يحاك لليهود من دولة خلال ديارهم، فهبوا للذود عن ديارهم، أولا في مدينة القدس عام 1920م، ثم ثورة يافا 1921م" ص 135
القراء لثنايا فصول الدراسة يدركاً تماماً أنه وثيقة للرد على المزاعم الصهيونية بأن أرض فلسطين كانت قاحلة جرداء، كيف لا ومرج بن عامر عرف بأنه سلة فلسطين الغذائية".. قد يدهش القراء أن يعلموا أن كل فدان من ازدرلون يزرع خير زراعة، وأن الأمن يسود نواحيه كلها، حيثما توجه المتوجه، وأنا بذلك كله الشهيد، وها هو اليوم أمامي، بحيرة خضراء يتمارج قمحها، حول قرى ودساكر، ناهضة كالجزائر، فوق هضب مستقرة آمنة، صورة للخصب والبحوحة باهرة" ص69.
وجهت دعوة لفرنسس 25 مارس 1925م؛ للكتابة في صحيفة فلسطين العربية، ومخاطبة الرأي العام العالمي، حين أصدرت عدداً خاصاً بالإنجليزية لمناسبة زيارة بلفور لفلسطين، فتقول: "من هو السياسي الذي عرفه باسمه ذلك التصريح، الذي قضى على ما للعرب من آمال تعللوا بها، عندما دخلت البلاد الجيوش البريطاني في سنة 1918م"، فإنها لبت النداء، حيث شاء رئيس التحرير أن يسمع صوت بريطاني" لقد كتبت تشكو الحكومة البريطانية، جامعة الأمم، حكومة فلسطين البريطانية، كما طلبت من البرلمان البريطاني ومن شعب الإمبراطورية، ومن جامعة الأمم المتحدة أن يفرض على حكومة فلسطين احترام البيان الملكي والتصريح الإنجليزي الفرنسي"، ص85.
قبل الحرب العالمية الأولى1914م، لم يكن في خلد العربي ما يحمله على التخوف من اليهودي، ولكن الكراهية الكامنة، اتقدت نارها لما راحت السياسية الصهيونية تلوح بالوطن القومي اليهودي تلويحاً، كان لتلك النار ترويحاً، فاضطرم وقودها، وبرز ذلك نداءات صحيفة الكرمل المحذرة من المخططات الصهيونية" وما كانت صيحات الكرمل العاليات تلقي آذان مرهفة، لأن السيل لم يكن عرماً، وكانت الحكومة قد قطبت لهم الجبين، فما يدخلون إلا خلسة، وكانت النظرة الوطنية إلى أولئك الدخلاء، نظرة ازدراء لا نظرة شحناء أو بغضاء.
كما عدت فرنسس أن تحول العرب عن إنجلترا في الحرب العالمية الثانية 1939 ـ 1944م؛ إنما كان أمراً مقضياً ومفهوماً، حيث برزت الولايات المتحدة لحمل الثقل الصهيوني في تجسيد الدولة على أرض الواقع، فما جاءت سنة 1942م؛ إلا وقد استحكم شعور العداء ضد بريطانية، التي وضعت سلسلة من الإجراءات لوقف سيل الهجرة اليهودية، وتسرب الأراضي بإصدار قانون عام 1939م، وبدا التودد البريطاني لمعاشر العرب كافة، لا لعلة سوى سياسة الحكومة البريطانية تجاه المآرب الصهيونية"
أخت هارون
كان لليهودي هارون "آرون آرونسون أخ اسمه الكسندر، وأخت أسمها سارة، الثلاثة معاً لعبوا دوراً في سلك المخابرات البريطانية اثناء الحرب العالمية الأولى، فأرون آرونسون أسس محطة التجارب الزراعية في عتليت، اتخذها كمركز للتجسس على القوات العثمانية في فلسطين ومصر عبر مراقبة السفن البحرية، أما سارة فقد ألفت منظمة سرية اسمها نيلي ضمت عشرين عضواً، قدمت خدمتهم للقوات البريطانية، كانت تسافرة سارة من مناطق تابعة للعثمانيين خارج فلسطين، وتنقل وفريقها المعلومات إلى البريطانيين في مصر، اكتشفت الأتراك أمر سارة بعد أن امسكوا بإحدى حمام الزاجل، وفي رجلها رسالة إلى البريطانيين، ونجحوا في فك شفرة نيلي، وألقوا القبض على عدد كبيرة من الشبكة، ومنهم سارة التي أطلقت النار على نفسها بيدها، لتنجو من يدهم، وعاشت ثلاث أيام، ذاقت فيها الموت ألوان علها تبوح بما ينفعهم، فما فاهت بكلمة، وفي عام 1942م، احتفل الصهاينة بمرور ربع قرن على انتحار سارة آرنسون في فلسطين. ص72.
لو تورعت الصهيونية لما تنكرت للحل الذي عرضته حكومة الانتداب البريطاني في الكتاب الأبيض عام 1939م، كما اعتبرت فرنسس ذلك حلاً وسطاً ديمقراطيا، ولكنها رفضته في حين كاد العرب يقبلون به، لأنها أرادات تجاهل الديمقراطية بل إنكارها إلى أن يصبح اليهود هم الأكثرية السائدةكما عرضت فتنة عيد الفصح /فتنة النبي موسى عام 1920م، التي اعتبرتها الثورة الأولى لبركان متأجج محتدم، حكمت بوجوده لجنة ملكية، وعندها أن الشرارة المباشرة للثورة تسبب فيها قيام يهودي ببادرة اشمئزاز وازدراء تجاه الموكب الفلسطيني، بعدها قام جابوتنسكي قائد جيش الهاغناة بدور خطير من خلال قوة يهودية نظمه وسلحه بأسلحة نارية، وهنا استغربت فرنسس كيف تم هذا والحكم كان عسكرياً بريطانياً، ويحرم العرب وغيرهم من اقتناء الأسلحة والاكتفاء بالسكاكين والخناجر؟! بل كيف حصل اليهود على الأسلحة رغم القيوم المفروضة على البلاد؟؟ كان من الطبيعي أن يؤدي ذلك لزيادة غضب العرب.
هذا الكتاب على أهميته، كان بحاجة إلى مراجعة، وتدقيق للمصطلحات المستخدمة من قبل الكاتبة فرنسس كقولها أن مسجد قبة الصخرة "قائماً على موقع هيكل سليمان"، ومنها قولها عن حائط البراق "ولا خفاء أن العرب المسلمين، طيلة عصور حكمهم، كانوا يحترمون تعبد اليهود لدى الجدار"، وهذا لا يخدم السردية الفلسطينية ص 171
ختمت فرنسس كتابها: لو تورعت الصهيونية لما تنكرت للحل الذي عرضته حكومة الانتداب البريطاني في الكتاب الأبيض عام 1939م، كما اعتبرت فرنسس ذلك حلاً وسطاً ديمقراطيا، ولكنها رفضته في حين كاد العرب يقبلون به، لأنها أرادات تجاهل الديمقراطية بل إنكارها إلى أن يصبح اليهود هم الأكثرية السائدة" آن لحكومتنا ان توجه القول الواحد إلى الصهيونيين إنما كفلنا لكم وطناً قومياً على حد تفسيره لكم في عام 1922م، تفسيراً رضيتم به في حينه، ولقد منحناكم ذلك الوطن، فبرئت ذمتنا، وليس في مقدرونا أن نرغم العرب على أن يفهموا دولة يهودية من ذلك الوطن القومي الروحي الذي أردناه لكم".
لقد طال الظلم لفلسطين وشعبها، وقد يطول، ولكن المهم ألا تختفي مثل هذه الكتابات عن الباحثين في تاريخ القضية الفلسطينية، ومن الأهمية جمع ما كتب الكتاب الغربيون المدافعون عن القضية الفلسطينية، وإعادة نشره وترجمته لتصبح متاحة لجميع الباحثين والسياسيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الكتاب فلسطين التاريخ فلسطين كتاب تاريخ عرض كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی فلسطین
إقرأ أيضاً:
قرية النبي صالح في فلسطين.. موقع متميز وأراضي خصبة ونضال لا يتوقف
رغم صغر مساحتها وعدد سكانها القليل إلا أنها حاضرة بقوة في وسائل الإعلام، وينقل عن مطلعين على أوضاع هذه القرية أن غالبية سكانها تعرضوا للاعتقال.
"النبي صالح"، قرية تقع قرب مدينة رام الله بالضفة الغربية، وتبعد عنها حوالي 20 كم إلى الشمال الغربي، وتحيط بها أراضي قرى: كفر عين، دير السودان، بيت ريما، دير نظام، وأم الصفا، وترتفع عن سطح البحر 570 م.
تبلغ مساحة أراضيها 2846 دونما، وقدر عدد سكانها عام 1922 بحوالي 105 نسمة، وفي عام 1945 بلغ عددهم نحو 170 نسمة، وفي عام 1967 وصل إلى 179 نسمة، وفي عام 1996 بلغ العدد 218 نسمة، وفي عام 2015 ناهز قرابة ألف نسمة.
معظم سكان القرية من عائلة التميمي التي يعود أصلها إلى مدينة الخليل، ويقال أنهم قدموا من الخليل ليسكنوا في النبي صالح ودير نظام ومناطق مختلفة، بسبب خصوبة أرضها وموقعها الجميل وأراضيها الزراعية وزيتونها النقي.
أنقاض أبنية وحجارة منحلة لا تزال شاهدة على تاريخ القرية..
تنسب القرية إلى النبي صالح أحد أنبياء العرب الخمسة الذين ذكرهم القرآن الكريم. وهناك العديد من الأماكن في فلسطين تحمل نفس الاسم، وجاء ذلك تخليدا لذكرى نزوح النبي صالح إلى فلسطين ووفاته فيها، ويقال أن ضريحه موجود في منطقة الرملة في مكان يحمل اسمه.
تاريخ القرية ضارب في القدم فقد تم العثور على قطع فخارية من العصر الروماني والبيزنطي.
وتم العثور على قطع فخارية من العصر العثماني المبكر، وفي سجل الضرائب العثماني لعام 1596، ظهرت القرية باسم "دير صالح" على أنها تقع في ناحية القدس في لواء القدس. وكان سكانها يدفعون معدل ضريبة ثابت بنسبة 33.3٪ على المنتجات الزراعية، بما في ذلك القمح والشعير والمحاصيل الصيفية، بالإضافة إلى الإيرادات العرضية بإجمالي 550 آقجة (العملة السائدة في الدولة العثمانية).
ويحيط بالقرية مجموعة من الخرب الأثرية، وتحتوي على أنقاض أبنية وحجارة منحلة.
كما تم الاعتراف بموقع غابات في محيط قريتي النبي صالح وأم صفا كمنطقة مهمة للطيور من قبل منظمة " حياة الطيور الدولية"، وتوجد سلسلة من خمسة ينابيع طبيعية في وادي الراية تمتد بين النبي صالح وقرية دير نظام المجاورة.
وطنيا، فقد شارك عدد من الثوار من قرية النبي صالح في الثورة الفلسطينية الكبرى في عام 1936 إلى جانب الثوار الفلسطينيين في عدد من المعارك في مواجهة قوات الانتداب البريطاني وعصابات "الهاجاناة" و "الأرجون" الإرهابية، وقد أصيب واستشهد عدد منهم في تلك الثورة .
وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب حزيران /يونيو عام 1967.
وبرزت قرية النبي صالح بشكل كبير في الانتفاضة الفلسطينية الأولى في عام 1987 حيث شاركت في صياغة البيان الأول للانتفاضة، وشارك أبناء القرية بشكل فعال في قيادتها، حيث كان الدكتور سمير شحادة التميمي أحد رجالات القيادة الموحدة للانتفاضة الأولى وتعرض للاعتقال على إثر ذلك.
وشاركت القرية بفاعلية في أحداث الانتفاضة الثانية التي اندلعت اثر دخول رئيس وزراء الاحتلال ارييل شارون إلى المسجد الأقصى، وشكلت نقطة احتكاك دائم لمواجهات متصاعدة أصيب خلالها المئات وتعرضت إلى حملات مستمرة من الاعتقالات والمداهمات والتهديدات العسكرية.
وتتصدر النبي صالح، البلدات الفلسطينية المناهضة للجدار والاستيطان، إذ يخرج أهلها كل جمعة في مسيرات جماهيرية للمطالبة بإزالة مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضيهم.
وتواجه قرية النبي صالح الاستيطان منذ عام 1976 عندما تم إنشاء مستوطنة "حلميش" في معسكر قديم كان مقاما بالقرب من القرية، حيث بدأ الاحتلال توسيع المعسكر وجلب مئات المستوطنين من مختلف أنحاء العالم وإعادة تسكينهم في بيوت تم بنائها على أراضي أهالي القرية بالإضافة إلى القرى المجاورة الأخرى.
وشهدت القرية مقاومة شعبية عام 2009، حين قام المستوطنون باحتلال نبع للمياه يسد جزءا من حاجة القرية، بحماية وحراسة قوات كبيرة من جيش الاحتلال.
واشتهرت عهد التميمي إثر الحادثة الشهيرة التي قامت خلالها بصفع جندي إسرائيلي، حيث تم لاحقا محاكمتها مع والدتها لفترة ثماني أشهر وغرامة مالية.
وأيضا بعد بث فيديو يظهر قيام جندي إسرائيلي بمحاولة خنق واعتقال الطفل محمد التميمي، شقيق عهد، ونجاح نسوة القرية في تحرير الطفل من بين يديه.
مواجهة عهد التميمي لجندي إسرائيلي يحاول اعتقال شقيقها
وتعتمد قرية النبي صالح بشكل كبير على الجانب الزراعي، حيث تحتوي معظم أراضيها على أعداد كبيرة من أشجار الزيتون بالإضافة إلى المزروعات الأخرى، ولكنها تأثرت بشكل كبير بفعل سيطرة جيش الاحتلال على عين الماء الرئيسية في القرية، بالإضافة على السيطرة بشكل جزئي على المناطق الحرجية المحاذية والمناطق السهلية التي كان يتم زراعتها في السابق.
ويقيم جيش الاحتلال بوابتين على مدخل القرية يغلق إحداهما ويقيم عليها برجا عسكريا أصبح باستمرار وجهة للمسيرة الراجلة أسبوعيا.
ويشكو أهالي قرية النبي صالح من الإغلاقات، والاعتقالات والاقتحامات المتكررة للمنازل، والضرب والإهانة، وقلع لأشجار الزيتون، والحواجز، وإغلاق الطرق، واحتلال المنازل، وإطلاق النار والقنابل المسيلة للدموع، وضرب واعتقال النساء، واختطاف الأطفال من أحضان أمهاتهم، وتصويرهم بحجة تعبئة ملفاتهم.
بعض بيوت القرية والتلال المحيطة بها.
ومعظم سكان النبي صالح، دخلوا السجن في مرحلة ما، حيث أصبحت القرية معروفة بحركتها الاحتجاجية الشعبية.
وبرغم صغر عدد سكانها ومراقبتها طوال 24 ساعة من قبل برج لجيش الاحتلال يقع شرقها إلا أن قرية النبي صالح صارت شوكة في حلق الاحتلال يصعب نزعها بتحديها المتواصل دون كلل أو ملل عبر المسيرات السلمية.
المصادر:
ـ "قرية النبي صالح..شوكة في حلق الاحتلال"، المركز الفلسطيني للإعلام، 31/8/2015.
ـ عوض الرجوب، "النبي صالح..قرية تقاوم الاستيطان"، الجزيرة نت، 9/1/2012.
ـ "النبي صالح..قرية فلسطينية رغم النكسة والجدار تتحدى الاستيطان"، وكالة معا الإخبارية، 15/6/2013.
ـ ريهام عبد الله، "عهد التميمي..شوكة في حلق الاحتلال الإسرائيلي"، اليوم السابع، 30/11/2023.
ـ "قرية فلسطينية سجن أغلب سكانها بالمعتقلات الإسرائيلية..هكذا تحول فيها النضال لمسألة عائلية"، عربي بوست، 7/12/2023.