أكد رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن السديس أن المملكة العربية السعودية تأسست على أقوى قاعدة وأرسخ أساس؛ ألا وهي العقيدة الإسلامية الصحيحة، والتوحيد الخالص، والأخذ بالكتاب والسنة، وفهمها وفق منهج السلف القويم.
وقال رئيس الشؤون الدينية خلال تقديمه الورقة العلمية في ندوة جهود المملكة العربية السعودية في صيانة جناب التوحيد والتحذير من الشرك؛ التي تنظمها الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف بجامعة أم القرى بعد صلاة المغرب، أمس الخميس: "إن رئاسة الشؤون الدينية اضطلعت بدور عظيم رئيس في بث العقيدة الصحيحة والدعوة إلى توحيد الله تعالى، والتنبيه على منهج السلف طوال تاريخها وتطورها منذ تأسيسها مجلسًا لإدارة الحرم في عهد الملك عبد العزيز، مرورًا بإدارة الإشراف الديني، وحتى إنشاء رئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي؛ موضحا أن أهمية دورها يكمن في أن الحرمين الشريفين وجهة الحاج والمعتمر ومقصده ومبتغاه، وفيهما يقضي أكثر وقته، ويؤدي جل عبادته، وفيهما يتسع وقته للنهل من العقيدة الصحيحة من منبعها الأول ومصدرها الصافي، حيث مأرز الإيمان ومجمعه، مصداقا لقول الله تبارك وتعالى: {إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه}، وقوله تعالى: {وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لاَّ تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُود}".

تبليغ ونشر الدعوة إلى اللهوأردف قائلًا: إدراكًا لهذه المكانة الجليلة، وهذا الواجب المقدس؛ وهو تبليغ الدعوة إلى الله تعالى، وبيان عقيدة التوحيد أوضح البيان، وتجلية ما يخالفها للقاصدين، واغتناما لاجتماع هذه الأعداد المليونية المختلفة الأعراق والألسن، والتي يرجى أن تكون رسل دعوة وإصلاح وإرشاد؛ قامت الرئاسة باتخاذ كل الوسائل والأساليب والإمكانات، بل تسارع في تسخير وسائل التقنية الحديثة في سبيل قيامها بمهامها.
أخبار متعلقة (رصد 4) يرفع جاهزيته مع القطاعات العاملة في موسم الحجبهذه الإجراءات.. السديس يوجه أئمة الحرمين بالتخفيف على المصلين في الحجوأضاف أن ملوك بلادنا المباركة؛ منذ الدولة السعودية الأولى اهتموا بحماية حمى التوحيد والذود عن الإسلام، والدعوة إليه بكل ما تملكه من أدوات وطاقات وإمكانات بشرية ومادية.
وتابع قائلا: لقد أنشأت الدولة العديد من الأجهزة الحكومية التي جعلت رأس مهامها تحقيق الدعوة إلى التوحيد والعقيدة الصحيحة، ومحاربة الانحرافات العقدية، ومنع الوسائل المفضية إلى الشرك والبدع ووأدها في مهدها، في تعاون وتكامل، كل في ميدانه، وبما لديه من اختصاصات وإمكانات.أهم أعمال الرئاسة بمجال الخطابةوتحدث رئيس الشؤون الدينية عن أهم أعمال الرئاسة وأنشطتها خصوصا في مجال الخطابة والخطباء، وبين أن لمنبري الحرمين الشريفين مكانة سامية، فهما منبران عالميان، يشهدهما ملايين المسلمين بالحرمين الشريفين، ويصل صداهما إلى مئات الملايين حول العالم عبر الوسائل الحديثة.
وأضاف: من هنا حرص خطباء الحرمين الشريفين على الدعوة إلى التوحيد والتنويه به، فأفردوا له الخطب العديدة طوال العام، ولا سيما في موسمي الحج والعمرة.
وفيما يتعلق بالدروس قال: إن الدروس الدائمة والمحاضرات التوجيهية، والدورات العلمية المتخصصة تعد من مرتكزات الرئاسة لإيصال رسالة الحرمين الشريفين لعموم المسلمين، ولا يكاد يخلو يوم في الحرمين الشريفين من عدة دروس في التوحيد، وبيان مسائل الإيمان وصحيح الاعتقاد، وتعزيز التوحيد وتصحيحه، وترسيخه في نفوس القاصدين والزائرين، ويلقي هذه الدروس عدد من أصحاب المعالي والفضيلة العلماء طوال السنة، حيث يدرسون كتب العقيدة، ويجيبون عن الأسئلة، ويكشفون الشبهات، ويحلون المعضلات، ويبينون العقيدة الصحيحة أحسن ما يكون البيان

المصدر: صحيفة اليوم

كلمات دلالية: عبدالعزيز العمري مكة المكرمة رئيس الشؤون الدينية المسجد الحرام المسجد النبوي العقيدة الإسلامية الحرمین الشریفین العقیدة الصحیحة الشؤون الدینیة الدعوة إلى

إقرأ أيضاً:

تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام

تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام
أعلن رئيس مجلس السيادة اليوم أن الجيش بصدد القيام بمراجعة جذرية لعقيدته القتالية الدفاعية الموروثة من الاستعمار البريطاني، والتي بناءً عليها قامت القوات المسلحة بوضع خططها التدريبية والتسليحية والعملياتية وبناء علاقاتها الخارجية خلال قرن من الزمان، وتبعاً لها تخوض القوات المسلحة حرب البقاء والوجود في مواجهة الغزو الأجنبي.

ملامح العقيدة الجديدة بحسب البرهان هي: انتقالٌ من عقيدة دفاعية تقليدية إلى عقيدة هجومية ردعية تجمع بين العمل التقليدي واللا تماثلي (Asymmetric). العقيدة الجديدة للجيش،ـ تفترض قيام الجيش ببناء قوة قادرة على ضرب مصادر الخطر استباقاً، وزيادة قدراته التقنية والاستخبارية، مع الاحتفاظ بقدرات لا تماثلية لمواجهة الحروب الهجينة الحديثة.
إن تصريحات الفريق أول ركن البرهان، قائد الجيش، في هذا الصدد تُعتبر الأهم في تاريخ التحولات داخل القوات المسلحة، وأتت في سياق الدروس المُستفادة، والحكمة واجبة التعلُّم لكل السودانيين، سواء على مستوى الدولة أو المواطنين، ومن نافلة القول أن مراجعة العقيدة القتالية للجيش لا يجب أن ينفصل عن مصيرية وضع فلسفة أمن قومي لا يمكن التهاون فيها مستقبلاً.

أضاف البرهان على ذلك أن الهدف من تغيير عقيدة الجيش ليس فقط مجابهة التحديات الخارجية التي تواجه الأمن القومي السوداني حالياً، والتي تتطور كنتيجة لرفض أبوظبي ومن ورائها القبول بأن تٌهزم، بل لتحقيق الردع مع المحيط العدائي تجاهنا، والذين ظنوا بسبب غفلتنا عن أمننا القومي، أن السودان، الدولة والاُمّة، سهل الابتلاع والهضم.

إن نجاح القوات المسلحة في إنجاز هذا التحول التاريخي والكبير والمُعقّد، له مطلوبات كثيرة -داخلياً وخارجياً- وبذات الدرجة من التعقيد، ولن يكون الطريق أمامها مُعبّداً بالورود، فالسودان يُدافع عن بقائه كدولة في مواجهة الغزو الخارجي من أبوظبي، ومن تمثلهم، وحلفائها من منظومة شبكات عسكرية ولوجستية ودبلوماسية وإعلامية، ومختلف أدوات حروب الجيل الرابع، كلها حُشدت لتقسيم السودان، وتسييل دولته، وتفكيك مؤسساته، وتفتيت مجتمعاته.
كل ما واجهه السودان ويتعرض له اليوم، على امتداد مساحته وحدوده الطويلة مع سبع دول مضطربة – باستثناء مصر وإريتريا – يثبت أن الاعتماد على الدفاع السلبي جريمة بحق بقاء الدولة. ففي عالم تنهشه الفوضى وتسوده النزاعات، الدفاع لا يؤجل سوى السقوط، بينما الهجوم الاستباقي وحده يصنع البقاء ويحمي السلام.

في جوار متفجر بالمطامع، وفي إقليم يموج بالتناحر والتصارع، يصبح الانتظار ضرباً من الانتحار المؤجل. ومع انهيار النظام الدولي القديم، وصعود سباق البقاء بالقوة، لم يعد الهجوم خياراً؛ بل صار قدراً لا مفر منه لحماية الأمن القومي وردع الأطماع قبل أن تكتمل.

هذا التوجه ليس جديداً في تاريخ الجيوش والدول. روسيا، على سبيل المثال، كسرت جمود منظومة الردع التقليدي الموروث من زمن الحرب الباردة، ففي عام 2024، قامت بمراجعة عقيدتها النووية، مخفضةً عتبة استخدام السلاح النووي، ومعززةً قدرتها على استخدام القوة التقليدية، سواء عبر منظومات الطيران المُسيّر الانتحاري المعدل، أو منظومات الصواريخ الفرط صوتية التي أصبحت رائدة عالمياً فيها، مما ضمن لها الردع الفعّال ضد أي تهديد يطال سيادتها أو وحدة أراضيها.

كذلك الصين، بعد أن عاشت “قرن الإذلال الوطني” (1839–1949)، أدركت أن الدفاع السلبي لا يحمي الأمن القومي. فتبنت أولاً عقيدة “حرب الشعب”، ثم طورتها لاحقاً إلى “حرب الشعب في الظروف الحديثة”، وصولاً إلى “الحروب الذكية” القائمة على التكنولوجيا المتقدمة والقدرات السيبرانية. هذا التطور العقائدي منح الصين قاعدة صلبة للنهضة الاقتصادية والعسكرية، ورسّخ مكانتها كقوة عالمية.

كما أن الولايات المتحدة، القوة الغربية الأبرز، عرفت مبكراً أن الدفاع التقليدي وحده لا يكفي لحماية المصالح القومية في عصر التحولات العنيفة. فعقب هزيمتها في حرب فيتنام عام 1975، أدركت أن الاعتماد على الردع النووي والدفاع التقليدي ضد الجيوش النظامية لم يعد كافياً، وأن طبيعة الصراعات باتت هجينة وغير متماثلة. فأعادت بناء عقيدتها العسكرية لتتبنى مبدأ “الضربات الاستباقية” والحروب الشبكية، ودمجت بين القدرات التقليدية والعمليات الخاصة والقدرات السيبرانية والإعلامية، لتؤسس ما عرف لاحقاً بالحرب الهجينة والردع النشط. هذا التحول العقائدي منحها القدرة على التعامل مع التهديدات قبل أن تكتمل قوتها، ومكنها من الحفاظ على تفوقها العالمي لعقود.

في السياق السوداني، بناء عقيدة هجومية ردعية مدروسة بالضرورة لا يعني التوسع العبثي أو العدوانية المطلقة، بل يعني حماية السيادة الوطنية بأدوات القوة الذكية: القدرة على المبادرة الاستراتيجية، الرد الانتقامي الرادع، وكسر أطماع الخصوم قبل أن تتحول إلى واقع.
إن القوة العسكرية الفعّالة ليست مجرد أداة قتال، بل هي الإطار الضامن للاستقرار السياسي والشرط الأولي لأي مشروع تنموي وتحول صناعي. فالتنمية الاقتصادية والتحول الصناعي يتطلبان بيئة آمنة ومستقرة، قادرة على حماية التوافقات السياسية الوطنية دون تدخل أو ابتزاز خارجي، توافقات يمكن أن تتطور وتتوسع باستمرار.

ما فشلت في فهمه النخب المدينية السودانية، ومجموعات ديسمبر، هو أنه لا حقوق ولا حريات، ولا تحول ديمقراطي، ولا نهضة صناعية، يمكن أن تتحقق في ظل تهديد بقاء الدولة وسيادتها عبر كيانات مسلحة تعبّر عن مشاريع استتباع أجنبي. بل إن بعض القوى الموجودة اليوم ضمن معسكر بقاء الدولة، لا تدرك بعد متطلبات حماية السيادة والوحدة الوطنية.

تصريحات رئيس مجلس السيادة اليوم تُعبّر بوضوح عن أننا بصدد مرحلة جديدة لبناء جيش يمتلك قوة هجومية ردعية، في عالم لا مكان فيه للضعفاء الذين ينتظرون أن يرحمهم الطامعون. القوة الحاسمة وحدها تصنع السلام الحقيقي، وتحفظ وحدة الدول واستقلالها، وتضمن ازدهار مجتمعاتها.

Ahmad Shomokh

#ربيع_الدولة

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • "الواقع الافتراضي" ينقل زوار معرض تونس للكتاب إلى الحرمين الشريفين
  • تحوّل العقيدة القتالية للجيش: نحو عقيدة ردعية هجومية تحمي السيادة وتحفظ السلام
  • وزير الشؤون الإسلامية بالمالديف يكرم السديس لجهوده في تعزيز الوسطية
  • خادم الحرمين الشريفين وولي العهد يهنئان رئيس جمهورية جنوب أفريقيا بذكرى يوم الحرية لبلاده
  • خادم الحرمين الشريفين يُعزي الرئيس الإيراني في ضحايا الانفجار الذي وقع في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس
  • السديس: رؤية 2030 رسمت خارطة وسطية لإيصال رسالة الحرمين للعالم
  • السديس: رؤية المملكة 2030 جمعت بين الأصالة والمعاصرة ورسمت خارطة إثرائية وسطية لإيصال رسالة الحرمين للعالم
  • وزير الشؤون الدينية الأندونيسي يلتقي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية بالعاصمة جاكرتا
  • خادم الحرمين الشريفين: المملكة أصبحت نموذجًا عالميًا في التحول خلال أقل من عقد
  • بث مباشر.. خطبة الجمعة من الحرمين الشريفين