الاقتصاد نيوز - متابعة

يُمثل ارتفاع مستوى سطح البحر تحديًا كبيرًا في مكافحة تغير المناخ، فهو يهدد المجتمعات الساحلية والاقتصاد العالمي. وهناك حاجة مُلحة إلى التعامل مع هذه المشكلة، وتؤدي تقنية الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في ذلك.

وتوفر القدرات التنبُئية المتقدمة لهذه التقنية بالإضافة إلى القدرة على تحليل البيانات فرصًا لا مثيل لها لإنشاء استراتيجيات تساعد في الكشف المبكر عن هذه المشكلة والتخفيف من أضرارها.

ومن خلال الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي، يمكن للعلماء والحكومات التنبؤ بالمشكلات المستقبلية بنحو أكثر دقة وتطوير حلول مبتكرة لحماية السواحل من هذه المشكلة.

هناك عاملان مرتبطان بالاحتباس الحراري يؤديان إلى ارتفاع مستوى سطح البحر، هما: ذوبان الأنهار الجليدية والصفائح الجليدية، ومياه البحر التي تتوسع بسبب ارتفاع درجة حرارتها. وتُشكّل هذه الظاهرة تهديدًا كبيرًا للمدن الساحلية؛ لأنها مرتبطة بزيادة الفيضانات وتدمير المدن الساحلية وزيادة الأضرار الاقتصادية.

الاحتباس الحراري يرفع مستوى المسطحات المائية

وقد أشارت البيانات الصادرة عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن متوسط ​​مستوى سطح البحر العالمي وصل إلى مستوى قياسي جديد في عام 2021، حيث ارتفع بمعدل يبلغ 4.5 ملم سنويًا خلال المدة الممتدة من 2013 إلى 2021، وتشير هذه الزيادة الكبيرة إلى الوتيرة السريعة التي يرتفع بها مستوى سطح البحر؛ مما يؤكد الحاجة الفورية إلى التعامل مع هذه الظاهرة.

إن التأثير الذي تُحدثه هذه المشكلة على المدن الساحلية عميق، حيث تواجه المجتمعات التي تتعرض لهذه المشكلة احتمال النزوح وتلف البنية التحتية وتسرب المياه المالحة. تتطلب هذه التحديات حلولًا مبتكرة تتجاوز الحلول التقليدية للتعامل مع الفيضانات، وإنشاء نهج مستقبلي وقابل للتكيف لحماية المناطق الساحلية وضمان استدامتها.

تحليل البيانات

تكمن أهمية الذكاء الاصطناعي في العلوم البيئية في قدرته على تحليل مجموعات البيانات الكبيرة والمعقدة التي تتجاوز بكثير القدرة البشرية. وهذا يعني أنه يمكن الاستفادة من هذه القدرة لفهم الأنماط المُناخية وتحليل التغيرات في مستوى سطح البحر والتنبؤ بالمشكلات المستقبلية. ويُعدّ جمع البيانات من مصادر متنوعة مثل: صور الأقمار الصناعية وقراءات درجة حرارة المحيطات وبيانات الغلاف الجوي أمرًا مهمًا لتعزيز دور الذكاء الاصطناعي في التحليل والتنبؤ.

Play Video

تستخدم نماذج الذكاء الاصطناعي خوارزميات متطورة لتحديد الأنماط والشذوذ في البيانات المناخية للتنبؤ بالظروف المناخية المستقبلية واحتمالية ارتفاع مستوى سطح البحر؛ مما يساعد العلماء وصُنّاع القرار في وضع إستراتيجيات فعّالة للتخفيف من آثار تغير المناخ.

بالإضافة إلى ذلك، تخطو هذه التقنية خطوات كبيرة في الحفاظ على البيئة، خاصة في مجال الحد من الانبعاثات الكربونية، وهذا يؤكد على إمكانات الذكاء الاصطناعي في مكافحة التحديات البيئية.

الذكاء الاصطناعي والتنبؤ

تتنبأ خوارزميات الذكاء الاصطناعي بتغيرات مستوى سطح البحر من خلال الاستفادة من البيانات التي جمعتها الأقمار الصناعية وأجهزة استشعار حركة المحيطات؛ إذ توفر هذه الأجهزة معلومات مستمرة عن درجات حرارة المحيطات والصفائح الجليدية وارتفاع مستويات سطح البحر، ثم تحلل خوارزميات الذكاء الاصطناعي هذه البيانات، وتحدد الأنماط والاتجاهات التي قد لا ينتبه لها المحللون البشريون.

على سبيل المثال: يمكن لنماذج التعلم الآلي التنبؤ بمعدل ذوبان الصفائح الجليدية أو مقدار ارتفاع مستوى سطح البحر في مناطق محددة بناء على اتجاهات الاحترار الحالية. وهذه القدرة التنبؤية مهمة للتخطيط الحضري، وبالنظر إلى أن ما نسبته 56% من سكان العالم يقيمون في المدن، فإن العديد من هذه المناطق الحضرية ساحلية؛ مما يجعلها عرضة بنحو خاص للتأثيرات الناتجة عن مشكلة ارتفاع مستوى سطح البحر.

تساعد الدقة المحسنة لهذه النماذج المعززة بالذكاء الاصطناعي في تحديد الأسباب الرئيسية لتغير المناخ، وهذا يساعد العلماء وصُنّاع القرار في تحديد طرق التدخل الأكثر فعالية من خلال فهم العوامل الأكثر تأثيرًا في ارتفاع مستوى سطح البحر.

على سبيل المثال: تكشف نماذج الذكاء الاصطناعي عن انبعاثات محددة تؤثر بنحو كبير في زيادة درجات الحرارة وهذا يساعد في تركيز الجهود في الحد من تلك الانبعاثات.

مراقبة وضبط الاستهلاك

يقلل الذكاء الاصطناعي بنحو كبير من انبعاثات غازات الدفيئة من خلال تحسين طرق استخدام الطاقة عبر مُختلف الصناعات؛ إذ يمكن للخوارزميات الذكية تحليل أنماط استهلاك الطاقة وتحسين طرق استهلاكها.

على سبيل المثال: يمكن للذكاء الاصطناعي ضبط أنظمة التدفئة والتهوية وتكييف الهواء في المباني والمصانع لحظيًا، ويقلل هذا النهج من استخدام الطاقة ويقلل من انبعاث الكربون على المدى الطويل.

وفي تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) carbon capture and storage، تخطو الابتكارات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي خطوات واسعة في الحد من مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي؛ إذ تعزز الخوارزميات الذكية كفاءة عمليات الاحتجاز والتخزين من خلال تحسين المعلمات التشغيلية مثل: درجة الحرارة والضغط ومعدلات التدفق والتفاعلات الكيميائية.

يضمن هذا التحسين أن تعمل مرافق احتجاز الكربون بكفاءة عالية، وتلتقط الحد الأقصى من ثاني أكسيد الكربون بأقل قدر من الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بأوقات الحاجة إلى الصيانة وإجراء التعديلات؛ مما يقلل من وقت التوقف عن العمل ويُحسّن معدل احتجاز الكربون الإجمالي. وتساعد القدرات التنبؤية للذكاء الاصطناعي في تحديد المواقع المُثلى لتخزين ثاني أكسيد الكربون.

وبفضل دوره في تحسين عملية احتجاز الكربون وتخزينه، يكون الذكاء الاصطناعي في طليعة تطوير تقنيات احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، وهو أمر بالغ الأهمية للتخفيف من تغير المناخ والمشكلات المرتبطة به وأبرزها: مشكلة ارتفاع مستوى سطح البحر.

تدابير وقائية ضد تهديدات البيئة

يعزز الذكاء الاصطناعي القدرة على تحديد التدابير الوقائية ضد التهديدات البيئية مثل: ارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات؛ إذ تساعد قدرة هذه التقنية على تحليل كميات هائلة من البيانات في تحديد الوقت المُحتمل لحدوث المشكلة ومكان حدوثها؛ مما يسمح بالتدخلات المناسبة في الوقت المناسب.

ومن أبرز التطبيقات ابتكارًا للذكاء الاصطناعي في هذا السياق تطوير حواجز الفيضانات الآلية؛ إذ تستخدم هذه الأنظمة الذكاء الاصطناعي لمراقبة البيانات لحظيًا حول أنماط الطقس ومستويات المياه، وتنشيط الحواجز أو بوابات الفيضانات تلقائيًا عند اكتشاف أي تهديد، وهذا يقلل من الخطأ البشري ويضمن الاستجابة السريعة للتهديدات البيئية؛ مما يقلل من الأضرار المُحتملة.

من ناحية أخرى، تمثل أنظمة الصرف الذكية حلًا آخرًا يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ إذ يمكن لهذه الأنظمة تحسين تدفق المياه إلى المناطق الحضرية استنادًا إلى المعلومات التنبئية حول هطول الأمطار واحتمالية حدوث الفيضانات. من خلال توجيه المياه بذكاء بعيدًا عن المناطق غير المناسبة، كما تمنع تراكم المياه وتقلل خطر الفيضانات. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لهذه الأنظمة التكيّف مع الظروف المتغيرة لحظيًا؛ مما يضمن الاستجابة السريعة لأي موقف.

المصدر: وكالة الإقتصاد نيوز

كلمات دلالية: كل الأخبار كل الأخبار آخر الأخـبـار ارتفاع مستوى سطح البحر الذکاء الاصطناعی فی ثانی أکسید الکربون للذکاء الاصطناعی احتجاز الکربون بالإضافة إلى هذه المشکلة فی تحدید یقلل من من خلال

إقرأ أيضاً:

الإمارات تحافظ على مكانتها مركزاً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي

أبوظبي (الاتحاد) 
تسهم الأساسيات الاقتصادية القوية لدولة الإمارات، والتركيز الاستراتيجي على الابتكار، ومكانة الدولة مركزاً للاستثمار في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في التغلب على التقلبات المرتبطة بالتغيرات الجذرية في قطاع التي شهدها العالم مؤخراً، حسب دراسة صدرت عن شركة «فوركس دوت كوم». وتوقعت الدراسة أن تحافظ الإمارات على قدرتها على الجذب طويل الأجل للمستثمرين، والحفاظ على زخم نمو قطاع الذكاء الاصطناعي، على الرغم من الاضطرابات الأخيرة، مشيرة إلى أن التغييرات الحادثة في قطاع الذكاء الاصطناعي، أثارت التساؤلات حول تقييم سوق الذكاء الاصطناعي، باعتباره القطاع الذي أصبح مفتاحاً للاستراتيجيات الاقتصادية العالمية وخطط الابتكار المستقبلية.
وقالت الدراسة: إن الإمارات، تعتمد بشكل كبير على قطاع التكنولوجيا للبنيّة التحتيّة للبيانات، وكجزء من خطة تنويع الاستثمار بعيداً عن النفط، تمّ تخصيص أموال كبيرة للذكاء الاصطناعي والبيانات والابتكار. وأضافت أنه التطورات الخاصة بـ DeepSeek تسببت بزعزعة ثقة المستثمرين عالمياً، ما دفعهم إلى إعادة تقييم تخصيصات المحافظ وإعادة التفكير في وضع قطاع التكنولوجيا ملاذاً آمناً مع حلول عام 2025، حيث بدأ المستثمرون في المؤسسات والقطاع الخاص بالتحوّل نحو نهج أكثر حذراً مع التركيز على الأساسيّات الراسخة بدلاً من تقيّيمات الذكاء الاصطناعي المتضاربة، مؤكدة أنه رغم ذلك، ولكن يمكن القول إن قطاع الذكاء الاصطناعي سيظل جزءاً رئيساً من الاقتصادات العالمية، وبينما يظل الاتجاه طويل الأجل سارياً، فقد تتباطأ وتيرة نموه المتسارع، ما يؤدي إلى حركة أكثر استقراراً واستدامة للقطاع.

أخبار ذات صلة أوبن إي آي تكشف عن وكيل جديد في ChatGPT للبحث المتعمق من المجوهرات الذكية وصولاً إلى الروبوتات.. أوبن إي آي تثير الفضول

وأفادت رزان هلال، معدة الدراسة، ومحلّلة السوق لدى FOREX.com «بأن المنافسة في قطاع الذكاء الاصطناعي، احتدمت بعد طرح الصين حلولاً فعالة من حيث التكلفة، ما شكل تحدياً لبرنامج ChatGPT التابع لشركة OpenAI، وذلك بعد أسبوع واحد فقط من استثمار Oracle وSoftBank وOpenAI بقيمة 500 مليار دولار في توسيع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة، ما عزز مكاسب السوق». وأوضحت: «ورغم ذلك لم يدم انتعاش السوق طويلاً، حيث واجهت المؤشرات العالمية، بما في ذلك«ناسداك» و«ستاندرد آند بورز 500» و«داو جونز» و«داكس»، تراجعات قوية، لافتة إلى أنه في الوقت نفسه، لم يشهد مؤشر MSCI الإماراتي سوى تصحيح طفيف، حيث ظل فوق أعلى مستوى له، والذي تحقق آخر مرة في أغسطس 2022، بعد تسجيل ارتفاع بنسبة 18% بين أكتوبر 2024 ويناير 2025، متجاوزاً نطاق الأسعار بين مارس 2023 إلى أغسطس 2024.
وذكرت هلال، أنه خلال الأسبوع الماضي، جاءت أرباح الشركات الكبرى عن الربع الرابع بنتائج متباينة، ما مهد الطريق للتحديّات في الأرباع القادمة، حيث جاء DeepSeek بمثابة جرس إنذار لتقيّيمات قطاع الذكاء الاصطناعي، مستنتجة من ذلك أن يكون المستثمرون أكثر حذراً مع الأسهم ذات القيمة العالية طوال عام 2025، خاصة مع سياسات«ترامب» الحازمة التي زادت التوتر في السوق.

مقالات مشابهة

  • أبوظبي تستضيف قمة «عالم الذكاء الاصطناعي» 2026
  • انطلاق قمة عالم الذكاء الاصطناعي في أبوظبي
  • الإمارات تحافظ على مكانتها مركزاً للاستثمار في الذكاء الاصطناعي
  • مكتبات المستقبل: بين البيانات المفتوحة والذكاء الاصطناعي
  • وكلاء الذكاء الاصطناعي - مستقبل التعلم
  • الرئيس السوري يزور مقر سدايا ويطلع على آخر ما توصلت إليه المملكة من تطور في مجال البيانات والذكاء الاصطناعي
  • خلال زيارة سدايا.. الرئيس السوري يطلع على تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة
  • كيف تتأثر الأديان بقدرات الذكاء الاصطناعي الفائقة؟
  • «ديب سيك» دليل على أنّ الغرب يخسر سباق الذكاء الاصطناعي
  • عاجل:- ارتفاع أسعار الذهب لأعلى مستوى على الإطلاق بعد تهديدات ترامب بتعريفات جمركية وضعف البيانات الاقتصادية الأمريكية