طريق بعبدا مقفلة بدواليب المواقف...متى تُزال؟
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
لا شيء يوحي بأن رئيسًا عتيدًا لجمهورية سينزل قريبًا على اللبنانيين من فتحات مداخنهم كما يفعل "بابا نويل" في اسطورة ذكريات الطفولة المنسية. فالملف الرئاسي مطوي، إن لم نقل منسيًا في الظرف الراهن، إذ يُلاحظ أن لكل فريق خارجي أو داخلي مشاغله واهتماماته، والتي يرى كل واحد منهم أنها تشكّل أولوية بالنسبة إليه، فيما هم قليلون الذين يتوافقون على أن الاستحقاق الرئاسي يأتي كأولوية مطلقة قبل أي أولويات أخرى مهما كانت نسبة أهميتها بالنسبة إلى البعض.
وفي مراجعة سريعة لمواقف الخارج والداخل من الاستحقاق الرئاسي يتبيّن للقاصي والداني أن لا أحد بالتحديد يريد إتمام الاستحقاق الرئاسي اليوم قبل الغد، إلا إذا تمّ الاتيان بالرئيس الذي على ذوق فلان أو علتان. أمّا إذا استُبعد خياره من المعادلة الرئاسية فإن من بعده الطوفان.
فإذا توقف أي مراقب عند البيانات المتتالية لـ "اللجنة الخماسية"، وآخرها لم يمضِ عليه أكثر من أسبوعين فقط، يلاحظ أنها تأتي في سياق "اللهم أني بلّغت"، من دون أن تبذل هذه الدول ما يستحقه هذا الاستحقاق اللبناني من اهتمام استثنائي. وقد يفهم البعض التحرّك الفرنسي القديم – الجديد، عبر موفدها الرئاسي جان ايف لودريان، من زاوية "رفع العتب"، باعتبار أن ليس لدى باريس ما تقدّمه للبنانيين من حلول سحرية بغض النظر عمّا إذا كان في مقدورها التحرّك بمعزل عن واشنطن، خصوصًا في ظل الاهتمام الأميركي المنصّب بكليته حاليًا على ما يجري في غزة، وما يمكن أن ينتج عن الحرب الدائرة في القطاع بعدما ضربت تل أبيب بقرار محكمة العدل الدولية بعرض الحائط.
أمّا الأطراف المحليون، ويأتي "حزب الله" في طليعة المؤثرّين منهم في الملف الرئاسي، يمكن لأي مراقب الاستنتاج بأن ربطه ملف الوضع المتفجّر بالجنوب بالحرب الدائرة في غزة، ومدى تأثير مفاعيل هذا الربط على مجمل الوضع الداخلي، ويأتي الملف الرئاسي على رأس المواضيع التي تتأثّر سلبًا بهذا الربط المرهون بمدى التزام إسرائيل بما تُطَالب به لوقف حربها على غزة. إلا أن الوقائع الميدانية لا توحي بأن هذه الحرب ستضع أوزارها في المدى القريب المنظور. وهذا يعني أن معاناة أهل القطاع مستمرة إلى ما لا نهاية، وكذلك الأمر بالنسبة إلى أهل الجنوب الصامدين في قراهم، التي تتعرّض يوميًا لقصف عاصف ومدمّر، وهذا يعني أيضًا وأيضًا أن الطريق التي تصل "ساحة النجمة" بقصر بعبدا لا تزال مقطوعة بدواليب المواقف المتشنجة، إلا إذا استعمل "حزب الله" جرافاته السياسية لإزالة ما تجمّع من دواليب على الطريق الرئاسي. وهذا يعني بالمفهوم السياسي أن حظوظ مرشحه الوزير السابق سليمان فرنجية باتت متقدمة في الخيارات الدولية وبعض الخيارات المحلية. إلا أن الاطلالة الأخيرة لرئيس تيار "المردة" كشفت عكس هذا التوجه، وهو بدا أكثر تشاؤمًا من ذي قبل بالنسبة إلى حظوظه الرئاسية.
في المقابل، فإن موقف "المعارضة"، وبالأخص موقف "القوات اللبنانية"، معروف من القاصي والداني، وهي تطالب "اللجنة الخماسية"، بما لديها من نفوذ وقوة تأثير، بالعمل على فصل الملف الرئاسي عن أي ملف آخر، وبالأخص الوضع المتفجّر في غزة، حيث تفيد المعلومات الميدانية أن الحرب على القطاع لن تتوقف في المدى القريب. ولذلك فإن لبنان لا يمكنه الانتظار طويلًا على قارعة الطرقات.
من هنا تأتي لمطالبة بعقد جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية سينتج عنها حتمًا رئيس للجمهورية، مع التشديد على أن لا مانع لدى قوى المعارضة بالذهاب إلى مشاورات سياسية نائية أو ثلاثية على غرار المشاورات، التي سبقت التمديد لقائد الجيش ولسائر القادة الأمنيين بين "القوات" والرئيس نبيه بري، على رغم إصرار رئيس المجلس على الحوار غير المشروط، وهو حوار ترفضه هذه القوى.
وهذا الأمر يزيد المقتنعين اقتناعًا بأن الوقت ليس وقتًا رئاسيًا. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
بعد ثلاث سنوات من تشكيله.. هل حان الوقت لإصلاح أو استبدال مجلس القيادة الرئاسي في اليمن؟
يمن مونيتور/ خاص
أصدر مركز المخا للدراسات الاستراتيجية ورقة تحليلية ناقشت فشل مجلس القيادة الرئاسي اليمني في إدارة البلاد بعد ثلاث سنوات من تشكيله، مشيرة إلى عجزه عن توحيد القوات العسكرية، وانهيار الاقتصاد، وتفاقم الفساد، وتراجع الدعم الدولي والإقليمي.
كما أبرزت الورقة توسع “المجلس الانتقالي الجنوبي” عسكريًّا في الجنوب، وفشل المجلس في مواجهة التهديد الحوثي رغم التطورات الإقليمية المواتية.
وأشارت إلى أنه بعد مضي ثلاث سنوات مِن تشكيله فشل مجلس القيادة الرئاسي في القيام بمعظم المهام والمسئوليات المناطة به ؛ فقد تعثَّرت جهوده في دمج التشكيلات العسكرية تحت قيادة وزارة الدفاع، وأكثر مِن ذلك استغلَّ “المجلس الانتقالي الجنوبي وجوده تحت مظلَّة مجلس القيادة ليتمدَّد عسكريًّا في محافظات شبوة وأبين وسقطرى، ويُعزِّز وجوده في محافظة حضرموت، مهدِّدًا بشكل مستمرٍّ باجتياحها.
وفشل مجلس القيادة في إدارة الملفِّ الاقتصادي، إذ عجز عن تجميع الموارد المالية، ومنع السطو عليها والعبث بها، وفقد معظم الموارد التي كانت بحوزته، خصوصًا بعد نجاح الحوثيين في منعه مِن تصدير النفط، منذ أكتوبر 2022م، ومعه انهارت وبشكل كبير قيمة الريال، وفقد ما يزيد على 60% مِنها، وتدهورت الأوضاع المعيشية بشكل مروِّع.
وبالتوازي مع الانهيار الاقتصادي، اتَّسع نطاق الفساد، وتسابق رئيس ومعظم أعضاء مجلس القيادة في الاستحواذ على المزيد مِن الموارد المالية، واتَّسعت الفجوة بين قيادات الدولة التي تقيم في الخارج وتحصُل على مدفوعات مالية شهرية مِن خلال ما يُعرف بـ”كشف الإعاشة” ، وبين بقيَّة أفراد الشعب.
وأشارت الورقة، إلى تراجع دعم دولتي “التحالف العربي”، واهتمامهما بالملفِّ اليمني لحساب أزمات أخرى في المنطقة، ونفس الأمر بالنسبة للدعم الدولي، خاصَّة الإنساني مِنه، وأدَّت هجمات البحر الأحمر إلى زيادة الزخم للحوثيين، شعبيًّا ودوليًّا، وقدَّمتهم على أنَّهم طرف فاعل. كلُّ ذلك أدَّى إلى مزيد مِن تهميش مجلس القيادة، وتقليص المساحة التي يتحرَّك فيها.
الورقة التحليلية، أوصت بعدة توصيات من بينها، إصلاح المجلس الحالي “عبر توحيد رؤية أعضائه حول أولوية استعادة صنعاء وتأجيل القضية الجنوبية، مع دمج التشكيلات العسكرية تحت قيادة موحدة.
كما أوصت بإعادة هيكلته، عبر تقليص عدد أعضائه إلى ثلاثة (رئيس وعضو شمالي وآخر جنوبي)، لكن هذا الخيار يُعتَرض لخدمته أجندة “الانتقالي” الانفصالية.
ومن بين التوصيات ايضا استبداله ببديل: عبر عودة الرئيس السابق عبد ربه منصور هادي ونائبه السابق علي محسن الأحمر، أو تفويض قيادة عسكرية جديدة لقيادة العملية السياسية والعسكرية.
كما تضمنت التوصيات تشكيل مجلس عسكري من قادة ميدانيين قادرين على مواجهة الحوثيين وتحقيق الاستقرار.
وربطت الورقة جدوى هذه البدائل بموقف السعودية والإمارات الداعمَين الأساسيين للمجلس، وتطور الأوضاع الاقتصادية، ومسار المفاوضات مع الحوثيين.
كما حذّرت من أن استمرار الانقسامات الداخلية وتدهور الأوضاع قد يدفع نحو حلول غير تقليدية، كتفويض الجيش لإدارة المرحلة.