عائلة مارادونا تخسر معركتها القانونية لاستعادة الكرة الذهبية
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
#سواليف
خسر #ورثة #أسطورة كرة القدم الأرجنتينية #دييغو_مارادونا معركتهم القانونية في #فرنسا من أجل وقف بيع جائزة “الكرة الذهبية” التي نالها اللاعب الراحل بعد الفوز بكأس العالم عام 1986.
وفُقدت الجائزة التي أعطيت آنذاك لمارادونا باعتباره أفضل لاعب في مونديال 1986، لعقود طويلة قبل أن يتم العثور عليها من قبل تاجر للتحف في العاصمة الفرنسية.
ومن المرتقب أن يتم بيعها في مزاد علني لشركة “أغوت” في منطقة نويي-سور-سين بالقرب من باريس في السادس من يونيو المقبل.
مقالات ذات صلةوحسب الورثة الخمسة، فإن الجائزة التي حصل عليها مارادونا بعد اختياره أفضل لاعب في مونديال المكسيك 1986، والتي تسلمها في نوفمبر من العام نفسه في باريس في ملهى الليدو الشهير، سُرقت خلال عملية سطو على مصرف في أكتوبر 1989 في نابولي.
وخلصت محكمة في نانتير يوم الخميس إلى أن الورثة “لم يقدموا أي دعوى جنائية كان من الممكن أن يرفعها لاعب كرة القدم خلال حياته”.
ووجدت المحكمة أن “الدليل على وجود هذه السرقة لا يمكن أن يعتمد فقط على المقالات الصحافية”.
وكانت العائلة قد اتخذت في وقت سابق من هذا الشهر إجراءات قانونية لمحاولة إعادة الاستحواذ على الكرة الذهبية وتجميد عملية البيع.
ومن المقرر أن يستأنف محامو عائلة مارادونا القرار.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف ورثة أسطورة دييغو مارادونا فرنسا
إقرأ أيضاً:
دفاعًا عن كرة القدم: أي شيءٍ أكثر شعريّةً؟
في المسافة الفاصلة بين فندق كراون بلازا القرم وقلعة الميراني في مطرح، وبينما أقود سيارتي رفقة الأديب العالمي ألبرتو مانغويل وآخرين، يخالجني شعور بأنني أتوجّه بسيارتي المتهالكة إلى مسرحٍ تمتد خَشَبَتُهُ على سطح بحر عُمان الذي كان في تلك الليلة فقط، يَعِدُ بأنّ يتّسع لكل ما قرأتُه يومًا، وكانت مخيلتي جاهزةً لإنتاج ذلك كله بتحفيزٍ من حكايات "الرجل المكتبة". إلا أنني بادرت مُتهورًا بالتصريح لألبرتو بأن أساس علاقتي ببلدِه الأرجنتين هو كرة القدم، محاولًا استفزاز أرجنتينيَّتَهُ نحو حديثٍ عن شعرية كرة القدم، وعن فوز الأرجنتين بكأس العالم 2022، وعما فعله الأرجنتينيون إبان ذلك في الدوحة، واختتمتُ بتأكيدٍ على أن كرة القدم قادرة على صناعة نشوةٍ أصيلةٍ، إنسانيّةٍ، وحقيقيّة. فقال: "لليلة واحدةٍ فقط، ثم يعود كل أولئك إلى منازلهم، حيث لا طعام على الطاولة" وأردف مقتبسًا عن الشاعر الروماني جوفينال بسخرية يائسة: "أعطهم الخبز والسيرك، ولن يثوروا أبدًا"، ليؤكد بذلك على أن المتعة التي تحققها كرة القدم ليست في النهاية إلا إلهاءً، وستارًا يتخفى الساسة الفسدة وراءه، كما آمن من قبله معلّمه؛ خورخي لويس بورخيس.
أستعيد المشهد أثناء قراءة كتاب "الظاهرة مارادونا" بعدها بأسبوع، متسائلًا: إلى أي مدىً يمكن تحميل كرة القدم وحدها المسؤولية؟ هذا الكتاب الذي شارك في تأليفه عددٌ من الفلاسفة والمفكرين والصحفيين، وقَدّمَهُ فرناندو سينيوريني، وهو المدرّب البدني لمارادونا في سنوات مجده، يُختَتَمُ بمقابلة صحفيّة مع "علي بناكور" الحكم التونسي الذي خانته عيناهُ أمام هدف مارادونا غير الشرعي، الذي يُعرف اليوم في كل العالم باسم "يد الرب". الكتاب الصادر عن مكتبة مُبتدأ في مصر، مكون من 8 فصول في المجمل، سأتناول اثنين منها.
يثيرني هذا النوع من الكتب التي تتناول موضوعًا معينًا في سياقات لا يبدو -على السطح- أنها ترتبط بالموضوع، فما الذي يجعل فيلسوفًا سياسيًّا أمضى حياته ينبش في فلسفة "هايدغر" يهتم بمارادونا، وما هو الرابط الذي قد يدعو مختصًّا مثل سانتياغو زابالا - وهوأستاذ بالمعهد الكتالوني للبحوث والدراسات المتقدمة في جامعة "بومبيو فابرا" في برشلونة- لاستدعاء هايدغر لفهم "الفلسفة الكامنة وراء تمرد مارادونا"؟ يقول زابالا في الفصل الثاني من الكتاب: "لا يجمع بين هايدغر و مارادونا الكثير من القواسم المشتركة، باستثناء أنهما ارتكبا خطأً فادحًا"، وبينما اعتذر هايدغر عن خطأه الفادح –الانتماء للحزب النازي- بحجة أن من يفكر كثيرًا، يُخطئ كثيرًا، قال ماردونا: "يحلو لي الغرق في هذا البحر"، مشيرًا إلى حياته في الملعب وخارجه، في الشخصي والعام، بحلوها ومرّها وكثير فضائحها. ينطلق زابالا من اشتغالات هايدغر ومن تأثروا به لاحقًا في الهيرمونيطيقا والتأويل، لينتهي إلى تأكيد أن تمرّد مارادونا الاجتماعي والسياسي قد لا ينبع بالضرورة من حقيقة أنه أوجد نموذجًا جديدًا، بل ينبع من تأويل جديدٍ يتيح له رؤية الظلم الذي يرزح تحته الضعفاء. ولا ينظر زابالا إلى نضالات هايدغر ومارادونا بوصفها نضالات الأقوياء التي يُقدمّها التاريخ لنا مُنتصرةً وعقلانيّة، بل بوصفها نضالات المضطهدين والضعفاء الذين يبدو ماضيهم هشًّا ومن ثمّ كثيرًا ما ينسى. في نهاية هذا الفصل ربما نستطيع فهم تمرّد مارادونا بشكلٍ أفضل عبر اشتغال هايدغر على ربط التأويل بالوجود؛ فبحسب زابالا كان التقاطع الأهم بين الاسمين متعلقًّا بتوسيع البعد الوجودي لعملهما، حيث لم تعد كرة القدم "مجرد لعبة" بعد مارادونا، ولم يعد التأويل اختصاصًا لاهوتيًّا بعد هايدغر.
في الفصل الثالث، يطوف بنا براد إيفانز -أستاذ الجماليات والعنف السياسي في جامعة "باث" بإنجلترا- وهو الفيلسوف السياسي والناقد النظري المختص في دراسة العنف، حول لحظات مختلفة من حياة دييغو مارادونا، بأسلوب يُفصح عن الحمولات الشعرية للعبة، عابرًا بوعي القارئ العاشق للكرة حول مفاهيم وقضايا مختلفة تتعلق بالعالم في ظل لهاثه التقني الاقتصاديّ، وأخرى تتعلق بالاجتماع والسياسة، مرورًا بتاريخ الأرجنتين السياسي المظلم، ومفاهيم حول الجمال والشغف والحياة. المحور الرئيس في هذا الفصل المعنون بـ "لحظة اللحظات" هي تلك اللحظة التي طار فيها مارادونا ليضرب الكرة برأسه أو بيده -لن نعرف أبدًا ما كان ينوي قبل القفز- إلا أنه ضربها بيده وأدخلها في شباك الإنجليز، مسجّلًا أشهر هدف في تاريخ كرة القدم. يتفرع إيفانز من هذه اللحظة تحديدًا عبر شبكة شديدة التعقيد إلى نواحٍ عدّة تتعلق باللعبة والحياة والعالم. فبهدفٍ غير شرعيّ في عام 1986 تحققت -مرةً أخرى- رؤية هايدغر فيما يتعلق بالتكنولوجيا؛ حيث يرى إيفانز أن دخول التقنية على اللعبة لا يهدف إلى مزيدٍ من الشفافية، بل في الواقع إلى تجريدها من أهمّ ما يُميّزها؛ وهو الإنسان. وبذاتِ الهدف/اللحظة تمكن الأرجنتينيون من الانتصار في حربٍ كانوا قد هُزِموا فيها قبل أعوام أربعة، وانطلاقا من ذاتِ اللقطة/اللحظة، يتناول إيفانز فكرة الفوتوغراف (أو الصورة) وما يُمكن لها أن تعطي، والأهم، أن تأخذ. وفي نهاية الفصل الثالث يتحقق القارئ من ادعاء سانتياغو زابالا في الفصل الثاني حول أخذِ مارادونا البعدَ الوجودي لكرة القدم إلى "ما وراء الملعب"، وقد يتساءل، هل أخذ المستطيل الأخضر الوجودَ أجمع -بطريقة أو أخرى- إلى "ما وراءٍ" آخر؟ كأن يكون "مارادونا هو الاستثناء، وكرة القدم هي القاعدة"؟
بالنسبة لي، يمثل الانتهاء من قراءة كتابٍ كهذا، لحظة من لحظات القراءة المُثلى، فقد وجدت نفسي في حضرة نصٍّ واحدٍ يجمع اهتماماتي كلّها ويصبّها في نسيج معقّد شديد الوضوح يمكنني رؤيته بعقلي وقلبي في آن. لحظاتٍ كهذه هي ما أصبحت قارئًا من أجلها. وبالمثل فيما يتعلق بالشغف باللعبة، يدفعك هذا الكتاب نحو التساؤل عما إذا كان ممكنًا لأي "لهوٍ" آخر أن يكون أكثر شعريّة من كرة القدم. وإن استخدم الساسة الفسدة كرة القدم لإلهاء الشعوب، فذلك لأنها تقدّم بالفعل مردودًا عاطفيًّا أصيلًا، يمكن استثماره في فهم العالم والوجود، ويمكن بالتالي استثمارهُ في الخداع. ثُمّ وبكل الممكن من اللاعقلانية أعود لأتساءل: ما الذي لن يستغله الساسة أصلًا؟