رد جمعية البنوك اليمنية على قرارات مركزي عدن بوقف التعامل مع كبرى البنوك في صنعاء وإلغاء العملة القديمة
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
الجديد برس:
أعرب مصدر مسؤول في جمعية البنوك اليمنية عن استنكار الجمعية للقرارات التي أصدرها البنك المركزي في عدن الخميس، والمتمثلة بقرار إلغاء التعامل بالعملة النقدية المطبوعة قبل العام 2016م وكذا قرار وقف التعامل مع عدد من البنوك والمصارف اليمنية.
وذكرت مجلة المصارف التابعة لجمعية البنوك اليمنية، في منشور على حسابها بموقع ”فيسبوك”، أن المصدر وصف هذه القرارات بالاستفزازية والإجراءات التصعيدية التي تفتقد إلى الإحساس بالمسؤولية.
وأكد المصدر أن تلك القرارات والإجراءات التصعيدية من شأنها أن تتسبب بمضاعفات خطيرة لن يقتصر ضررها وتأثيرها السلبي على القطاع المصرفي وحده بل سيمتد ليصيب جميع وحدات النشاط الاقتصادي في كل أرجاء البلاد، إضافة إلى الإضرار بالحياة المعيشية للمواطن والسلم الاجتماعي في البلاد.
وأشار المصدر إلى أنه وبغض النظر عن التبريرات التي ذكرها البنك لاتخاذ مثل هذه القرارات، فإن معطيات الواقع الاقتصادي والجيوسياسي الذي يعيشه البلد في كافة محافظاته من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هذه القرارات وما يتبعها من الخطوات وإجراءات سيكون لها تأثيراتها السلبية المدمرة للاقتصاد الوطني والنظام المالي والمصرفي اليمني برمته، بما في ذلك البنك المركزي عدن.
وقال “لن يكون لهذه القرارات من مردود سوى إحداث المزيد من الشرخ ومضاعفة الانقسام المالي والنقدي في بنية السلطة النقدية وشل فاعليتها وإضعاف دورها التنظيمي والإشرافي، وعجزها التام في إدارة السياسة النقدية”.
وأضاف المصدر: “لن يقود التمادي والإصرار على تنفيذ هذه القرارات غير المدروسة سوى إلى المزيد من الأعباء المالية التي تثقل كاهل القطاع المصرفي اليمني والأعباء المعيشية التي تثقل كاهل الشعب في كافة أنحاء الجمهورية نتيجة ما يمكن أن تتسبب به مثل هذه القرارات من انهيار قادم وكبير للنظام المالي وللعملة الوطنية، سواء أكانت تلك المطبوعة ما قبل العام 2016م أو ما بعده”.
وفي ختام تصريحه عبر المصدر عن مناشدة جمعية البنوك اليمنية لمختلف المنظمات المهنية ومنظمات المجتمع المدني، والجهات الدولية المهتمة بالملف الاقتصادي اليمني أن تقف موقفاً مسؤولاً من ذلك التصعيد، مؤكداً أن تلك القرارات تستهدف الاقتصاد الوطني والمجتمع برمته.
وكان البنك المركزي بعدن أصدر في وقت سابق الخميس، قراراً بوقف التعامل مع ستة بنوك يمنية لرفضها نقل مقراتها من صنعاء إلى عدن بعد إنتهاء المهلة المحددة لها بشهرين لنقل مقراتها إلى عدن، وقراراً آخر بوقف التعامل بالعملة النقدية المطبوعة قبل عام 2016م.
ووفقاً لنص المادة (1) من القرار رقم (20) الذي أصدره محافظ البنك المركزي في عدن، فإنه على كافة البنوك والمصارف وشركات ومنشآت الصرافة ووكلاء الحوالات العاملة في الجمهورية وقف التعامل مع “بنك التضامن، بنك اليمن والكويت، مصرف اليمن والبحرين الشامل، بنك الأمل للتمويل الأصغر، بنك الكريمي للتمويل الأصغر الإسلامي، بنك اليمن الدولي”.
وأكد القرار الذي نشره البنك المركزي بعدن على صفحته الإلكترونية، أن على البنوك والمصارف المذكورة الاستمرار بتقديم خدماتها المصرفية للجمهور والوفاء بالتزاماتها تجاه عملائها حتى إشعار آخر، مقراً العمل بالقرار اعتباراً من الـ2 من يونيو 2024م أي من الأحد المقبل.
كما أعلن البنك المركزي في عدن، الخميس، بدء سحب الطبعات القديمة (ما قبل 2016) من مختلف فئات العملة المحلية، وإيداعها في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية الموالية للتحالف خلال مدة أقصاها ستون يوماً.
ودعا البنك المواطنين والشركات والمحلات التجارية والجهات الأخرى والمؤسسات المالية والمصرفية ممن يحتفظون بنقود ورقية من الطبعة القديمة ما قبل 2016 بسرعة إيداعها في البنك المركزي أو البنوك التجارية والإسلامية المنتشرة في المحافظات الواقعة في نطاق سيطرة الحكومة خلال مدها أقصاها ستون يوماً من تاريخ هذا الإعلان، مهيباً بالجميع سرعة الإستجابة الفورية لهذا الإعلان، مؤكداً عدم تحمله أي مسئولية تترتب على عدم التعامل بجدية مع فحوى هذا الإعلان والمسارعة بتنفيذ ما ورد فيه خلال الفترة المحددة.
والخميس 30 مايو 2024، حذر قائد حركة “أنصار الله” عبد الملك الحوثي من تورط السعودية وأمريكا في الضغط على البنوك في صنعاء، والذي أشار إلى أنه يأتي ضمن خطوات أمريكية دعماً لـ”إسرائيل”.
وقال الحوثي في خطاب متلفز، إن “الضغط على البنوك في صنعاء يأتي ضمن الخطوات الأمريكية دعماً للكيان الإسرائيلي”، مؤكداً أن الولايات المتحدة تحاول أن تورط السعودية في الضغط على البنوك في صنعاء، وهي خطوة وصفها بالعدوانية واللعبة الخطيرة.
وتابع قائلاً: “استهداف البنوك في صنعاء عدوان في المجال الاقتصادي، وإذا تورط السعودي خدمة لإسرائيل سيقع (السعودي) في مشكلة كبيرة”.
وأضاف الحوثي: “نحذر من الخطوات الداعمة للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا بدون وجه حق و أي خطوات عدائية على بلدنا لن تثنينا عن موقفنا المساند لغزة، حتى لو اتجهت بعض الأنظمة العربية للقتال خدمة للعدو الإسرائيلي”.
وكان البنك المركزي في صنعاء حذر، الثلاثاء الفائت، من استمرار التصعيد الذي “يستهدف القطاع المصرفي تنفيذاً لأوامر النظام السعودي الذي يستخدم أدواته من المرتزقة”، في الداخل اليمني.
ونقلت وكالة “سبأ” التابعة لحكومة صنعاء، عن مصدر مسؤول في البنك المركزي، أن “تجدد استهداف القطاع المصرفي الذي يمارسه البنك المركزي في عدن ليس إلا تنفيذاً لأوامر النظام السعودي، الذي بدوره ينفذ التوجيهات الأمريكية والبريطانية”.
وأشار إلى أن هذا التصعيد يأتي “على خلفية موقف صنعاء الإنساني لوقف الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني”، وفقاً للوكالة.
وأكد المصدر، أن “البنك المركزي وكما واجه المؤامرات على مدى السنوات الماضية، يواصل اتخاذ إجراءاته التي تُفشِل كل تلك المؤامرات مستعيناً بالله وبوعي شعبنا العزيز، وأنه في حالة مواجهة مستمرة لكل المؤامرات التي تسعى للإضرار بالقطاع المصرفي”.
واعتبر المصدر أن “هذا التصعيد يستهدف الاقتصاد اليمني واليمنيين في كافة أنحاء الجمهورية اليمنية”، مشيراً إلى أن آثاره ستضر أبناء الشعب اليمني في مناطق سيطرة الحكومة الموالية للتحالف بشكل أكبر، مؤكداً على أن البنك المركزي في صنعاء سيعمل بكافة الطرق لمنع كل ذلك.
وحمّل المصدر المسؤول في البنك المركزي بصنعاء “النظام السعودي المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات قد تضر أبناء الشعب اليمني، كونه صاحب القرار الذي يستخدم المرتزقة كأداة لتنفيذ المؤامرات”، حسب تعبيره.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: البنک المرکزی فی عدن البنوک فی صنعاء البنوک الیمنیة القطاع المصرفی هذه القرارات على البنوک التعامل مع إلى أن
إقرأ أيضاً:
البنك المركزي يقف عاجزا عن وقف انهيار الريال.. ويتهم الصرافين
يبدو البنك المركزي اليمني عاجزاً أمام مسار انهيار الريال وكأنه يشاهد تدهوره متهماً الصرافين بالمسؤولية. فماذا في التفاصيل؟ ففي الوقت الذي وصل فيه اضطراب سوق الصرف إلى ذروته في عدن ومناطق إدارة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً مع انهيار سعر صرف الريال وتخطيه عتبة 2600 ريال مقابل الدولار، قررت "جمعية الصرافين" إيقاف صرف العملات الأجنبية، في محاولة منها لوقف هذا الانهيار غير المسبوق.
وأصدرت الجمعية تعميماً موجهاً لشركات ومنشآت الصرافة والشبكة الموحدة للأموال يقضي بوقف عمليات بيع وشراء العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بصورة كاملة حتى إشعار آخر، إضافة إلى وقف أي تعاملات نقدية بالعملات الأجنبية تجاه الريال اليمني للمصلحة العامة، مثلما قالت الجمعية وتجنباً للعواقب كافة.
في السياق، يرى الباحث الاقتصادي والمالي وحيد الفودعي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "قرار جمعية الصرافين إيقاف التداول لا يُعد حلاً جذرياً بقدر ما هو انعكاس لحالة الارتباك في إدارة السوق، فمثل هذه القرارات المؤقتة قد تُخفف من حدة المضاربة آنياً، لكنها لا تُعالج جوهر المشكلة المتمثل في غياب السياسة النقدية الفاعلة والرقابة السيادية على السوق"، مضيفاً أن نجاح أي قرار يتوقف على ما إذا كان جزءاً من حزمة إصلاحات متكاملة أم مجرد ردة فعل. وإذا بقيت الإجراءات تُدار من خارج الإطار المؤسسي الرسمي، فإن أثرها سيكون مؤقتاً، وربما سلبياً على المدى المتوسط.
وتسارعت عملية انهيار العملة المحلية في اليمن خلال اليومين الماضيين، إذ وصل سعر الصرف في عدن إلى حدود 2600 ريال للدولار، ونحو 680 مقابل الريال السعودي. ويأتي التطور وسط توقعات تشير إلى استمرار الانهيار الذي قد يتجاوز الألف الثالث خلال 30 يوماً، في حال استمرت المؤسسات النقدية الحكومية في موضع المتفرج لما يحصل، وهو مؤشر واضح لعجزها التام عن التدخل لضبط سوق صرف العملة المحلية، ورمي الكرة في ملعب الصرافين الذين توجه لهم الانتقادات كثيراً بالمضاربة بالعملة المحلية، بدليل بيان الجمعية الممثلة لهم بوقف صرف العملات الأجنبية.
وقال مصرفيون ومراقبون وخبراء اقتصاد إن الوضع الحالي يؤكد أن الحكومة، ممثلة بالبنك المركزي في عدن، لم تعد عاجزة عن التدخل فقط، فقد رفعت الراية البيضاء بشكل رسمي وسلم الأمر لشركات ومنشآت الصرافة المتحكمة بشكل كلي بسوق الصرف وإدارة السياسة النقدية التي تعتبر من صلب ومهام البنك المركزي.
لكنّ للكاتب والمحلل الاقتصادي في عدن عبدالرحمن أنيس، رأياً آخر في هذا الخصوص، حيث يشير في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أن البنك المركزي اليمني قد رمى الكرة قبل فترة في ملعب الصرافين منذ اتخاذ قرار التعويم الذي يعني ضبط سعر صرف العملة وفق احتياج السوق، وبالتالي توقف البنك عن التدخل لإنقاذ العملة وضخ الدولار في السوق.
ويعتبر قرار جمعية الصرافين في عدن التدخل الوحيد حتى الآن لمواجهة أكبر انهيار تشهده العملة المحلية في اليمن، مقابل صمت تام غير مسبوق من البنك المركزي اليمني والحكومة، علماً أن البنك الذي يرى خبراء اقتصاد ومصرفيون أن تدخله يتطلب ضخ الدولار في السوق كلما استدعى الأمر ذلك وارتفع سعر الصرف، وهذا ليس بإمكان البنك المركزي في الوقت الحالي نظراً للظروف الراهنة التي تشهدها البلاد.
بحسب أنيس، فإن سعر صرف الريال سيظل يتصاعد ما لم يكن هناك تدخل خارجي بتوفير شحنات وقود مجانية أو دعم البنك المركزي في عدن بمنحة مناسبة يمكن أن تعيد التوازن إلى سوق الصرف.
من جانبه، يبيّن الباحث وحيد الفودعي أن تخلّي البنك المركزي اليمني عن دوره، كما يرى البعض، فيه قدر من التبسيط؛ فإذا كان هناك تنسيق بينه وبين جمعية الصرافين لإيقاف التداول مؤقتاً بهدف كبح جماح المضاربات، فإن ذلك جزء من إدارة الأزمة، لا دليل على الانسحاب، فيما يكمن التحدي الحقيقي في تحويل هذه الإجراءات من ردات فعل مؤقتة إلى سياسة نقدية متماسكة تستعيد السيطرة المؤسسية على السوق.
ووفق الفودعي، "كل تراجع في سعر العملة يعني تآكلاً مباشراً في القدرة الشرائية للمواطن، وارتفاعاً في معدلات الفقر، واتساع فجوة الثقة بين الناس والحكومة، وكذا على مستوى التوافق الحكومي، فاستمرار الانهيار يُقوّض الشرعية الاقتصادية التي تُبقي الحكومة قائمة، ويُعزز مناخ السخط الاجتماعي".
وبينما يتهمه الكثيرون بجزء كبير من المسؤولية عن الوضع الحاصل في عدن ومحافظات أخرى في الجنوب اليمني، حمّل المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في الائتلاف الحكومي الذي قال إنه يتابع الأوضاع عن كثب عقب تهاوي سعر صرف الريال بشكل غير مسبوق؛ رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي ورئيس الحكومة المعترف بها دولياً أحمد عوض بن مبارك، مسؤولية انهيار الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطنين، مؤكداً أن وزراء "الانتقالي" يعتزمون عقد مؤتمر صحافي في قادم الأيام، لتوضيح الأسباب الحقيقية لهذه الانهيارات المتواصلة.
ويؤكد المحلل الاقتصادي وفيق صالح، لـ"العربي الجديد"، أن الهبوط المستمر في قيمة العملة اليمنية ألقى بتداعيات سلبية على الوضع المعيشي للمواطنين، وأحدث اضطرابات في أسعار السلع والمواد الغذائية، علاوة على تأثيراته المختلفة على زعزعة الثقة بالاقتصاد الكلي وهروب الاستثمارات الأجنبية والمحلية، وتراجع الإنتاج المحلي.
وبالتالي، فإن الحلول الشاملة لأزمة الريال اليمني تبدأ بمعالجة الانقسام النقدي، ونقص الإيرادات وتعزيز الحوكمة في الجهاز المصرفي الرسمي، عبر إعادة الثقة لهذا القطاع ومكافحة السوق السوداء، وتنفيذ سياسات نقدية صارمة، تمنع حدوث أي تلاعب بالعملة من الكيانات الخارجة عن القانون، بحسب صالح الذي يتحدث عن أن وقف بيع وشراء العملات الأجنبية، إجراء يهدف إلى تقليل حدة المضاربة بالعملة وكبح عملية الطلب على شراء النقد الأجنبي من السوق المصرفية، خصوصاً بعدما اقترب سعر صرف الدولار الواحد من تجاوز حاجز 2600 ريال. فهذه الخطوة، صحيح أنها قد تنجح في وقف عملية التداول بالعملات الصعبة، بشكل مؤقت، مما يخفف الضغط على قيمة الريال اليمني، إلا أن هذا النجاح أيضاً مرهون بتنفيذ حزمة من الحلول الشاملة، مثل توفير احتياجات السوق من النقد الأجنبي، وتنفيذ سياسات صارمة للسيطرة على الأنشطة المصرفية والمالية، وتحجيم دور السوق السوداء.
أما من وجهة نظر الفودعي، فإن أهم حل هو استعادة تصدير النفط المتوقف بسبب هجمات الحوثيين، والذي أفقد الموازنة أكثر من 60% من الإيرادات بالعملة الصعبة كانت ستعزز من الاحتياطيات وتدعم البنك المركزي اليمني في تدخلاته النقدية في سوق الصرف وكبح جماح التضخم. ويردف أنه لا يمكن كسر حلقة الانهيار إلا عبر استعادة البنك المركزي وظيفته الأساسية في إدارة السوق، ووقف التوسع غير المنضبط في الكتلة النقدية، وربط السياسة المالية والنقدية بسياسات واقعية تتواءم مع هيكل الاقتصاد اليمني الهش.