سامية عبو لـعربي21: شعبية قيس سعيّد لا تتجاوز 20% ولا أثق في القضاء
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
قالت القيادية بحزب "التيار الديمقراطي" في تونس، سامية عبو، إن "شعبية قيس سعيّد في تراجع مستمر، ولا تتجاوز اليوم أكثر من 20%، وهي نسبة لا تشجعه على إجراء الانتخابات الرئاسية"، مُشدّدة على أن "الوضع متأزم جدا على جميع الصعد والمستويات".
وعبّرت، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، عن عدم ثقتها في السلطة القضائية بتونس، وقالت: "هناك تدخل فاضح من رئيس الجمهورية في السلطة القضائية؛ فالرئيس تدخل بشكل فج وضرب استقلال المؤسسة القضائية"، داعية القضاة إلى "تحكيم ضمائرهم والنأي بأنفسهم عن أي شبهة تبعية للسلطة التنفيذية، وأن يُطبقوا القانون، حتى نصل يوما للعدالة المفقودة".
وأرجعت عبو، تصاعد ضغوط السلطة على المعارضين خلال الفترة الأخيرة إلى "خوف قيس سعيّد من الانتخابات الرئاسية القادمة، لذا لجأ لتكميم الأفواه الناقدة، والأفواه الحرة، التي يمكن أن تُشكّل خطرا على بقائه في الكرسي"، مُحذّرة من أن "العواقب ستكون وخيمة للغاية حال استمرار تلك الأوضاع".
وكان قيس سعيّد اُنتخب في 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2019 لعهدة من 5 سنوات، ويفترض أن تجري الانتخابات الرئاسية القادمة في تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، بينما لم يتم الإعلان رسميا عن موعد إجراء تلك الانتخابات، وسط تأزم سياسي غير مسبوق تشهده البلاد.
وفيما يلي نص المقابلة المصورة مع "عربي21":
لماذا لم يتم الإعلان حتى الآن عن موعد مُحدد لرئاسيات تونس 2024؟
من المفترض أن يكون هناك موعد مُحدد لإجراء الانتخابات؛ لأن الفترة الرئاسية للرئيس الحالي أوشكت بالفعل على النهاية؛ ففي شهر تشرين الأول/ أكتوبر تنتهي الفترة الرئاسية، لذا لا بد من تحديد موعد، لتبدأ تحضيرات المرشحين، لكن يبدو أن الرئيس قيس سعيّد يخشى هذه الانتخابات، ولديه "تململ" من الإعلان عن تاريخ محدد لها.
مع العلم أن الجهة المخول لها تحديد موعد الانتخابات هي الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وليس رئيس الجمهورية، وإنما تُحدد مسبقا من قِبل الهيئة المستقلة للانتخابات، ثم يدعو الرئيس لها، والهيئة صرّحت بأن هناك مواعيد انتخابات محتملة كلها في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وعلى ما يبدو أنها حسمت أمرها في تحديد الموعد، وربما يتبقى الإعلان الرسمي فقط.
هل قيس سعيّد مطمئن لإجراء الانتخابات الرئاسية أم أنه قلق من هذه الانتخابات؟
قيس سعيّد يخشى الانتخابات الرئاسية، لأنه يخشى مغادرة السلطة وكرسي الرئاسة؛ ككل الرؤساء العرب الذين لديهم "هوس البقاء على الكرسي"، خاصة في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، وعدم قدرته على الوفاء بالوعود التي وعد بها الشعب التونسي، كالدفع بعجلة بالاقتصاد، ورفع القدرة الشرائية للمواطن.
الوضع متأزم جدا على جميع المستويات، حتى شعبيته في تراجع مستمر؛ ففي كل مرة يُجرى فيها استطلاع للرأي يخسر قيس سعيّد من النقاط، إلى أن وصلت إلى نحو 20%، وهي نسبة لا تشجع شخص في كرسي الرئاسة أن يجري انتخابات.
يجب أن تُجرى الانتخابات في تونس؛ فالانتخابات ليست أمر اختياري، وليست منّة أو هدية يعطيها رئيس الجمهورية إلى الشعب التونسي، ولكنها حق الشعب التونسي، وحق لإرساء ديمقراطية حقيقية، وحق لتداول سلمي للسلطة.
ويمكن أن يكون قيس سعيّد هو الفائز، لكن هذا يجب أن يتم عبر صندوق انتخابات وليس عبر فرض أمر واقع.
هل تتوقعون إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها الدستوري؟
يجب أن تجرى انتخابات في تونس، وليس من حق أي شخص أن يقول إنه لن تكون هناك انتخابات في تونس. الانتخابات الرئاسية محطة انتخابية ضرورية لتسيير دولة القانون، والدستور، ولتسير السلطة ملك الشعب؛ فالشعب في المحطات الانتخابية يفوّض مَن يراه الأجدر، والأجدر هو مَن يمارس السلطة لمدة زمنية محددة.
الهيئة العليا للانتخابات اقترحت مواعيد انتخاب في شهر تشرين الأول/ أكتوبر، وأعتقد أنها ستُجرى في موعدها.
قيس سعيّد صرّح سابقا بأنه لا يفكر بالترشّح مُجددا للرئاسة، لكنه قال إنه "لن يسلم البلاد إلا للوطنيين".. فما الذي كان يقصده تحديدا؟
لم أسمع قيس سعيّد -ولو مرة واحدة– يقول: "لن أترشح"، وإنما يقول دائما: "لست معنيا بالكرسي"، بل وحتى قبل ترشحه للانتخابات الرئاسية في عام 2019، لكنه في النهاية ترشح وفاز بالانتخابات.
والآن يردد "لست معنيا بالكراسي"، وكأنه يريد أن يرسل لنا رسالة تفيد بأنه "متزهد"، وأنه موجود ليؤدي رسالة، وأنه مُكره، ومثقل بهذه الأمانة الثقيلة، وواجبه الوطني هو الذي يحثه على التمسك بالترشح.
في المقابل نجده دائما يقول: إنه لن يسلم البلاد إلا لمَن يصفهم بـ" الوطنيين" أو "الوطنيين والصادقين"، ووفقا للدستور الذي وضعه «قيس سعيّد» دستور 2022 هناك شروط للترشح للرئاسة، منها: السن والجنسية، وتعني عدم حصول المترشح على جنسية مزدوجة، وأن يكون من أصل تونسي "أبا عن جد"، لكنه لم يضع شرط "أن يكون وطنيا"؛ فكلمة "وطني" حمّالة أوجه؛ فلا ندري وطني بعين مَن؟، وما هو المعيار أو المقياس الذي نقيس به وطنية التونسيين؟، فكل تونسي من حقه إذا توافرت فيه شروط الدستور، وقواعد اللعبة من حقه الترشح لرئاسة الجمهورية.
وهناك شرط آخر في المترشح وهو التمتع بحقوقه المدنية والسياسية، وهذا شرط موجود حتى قبل دستور قيس سعيّد، بمعنى لم يصدر بحقه حكم قضائي بحرمانه من الحقوق المدنية والسياسية؛ فالحرمان من الحقوق المدنية والسياسية لا يكون إلا بموجب حكم أصدره قاض في إطار قضية ما، لذا أضع هذه العبارة في إطار حملة انتخابية لا أكثر ولا أقل.
ما مدى ثقتكم في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس؟ وهل هي مستقلة بالفعل عن السلطة التنفيذية؟
كنتُ نائبة في مجلس نواب الشعب قبل عشر سنوات، وكنت ممَن يسنّ، ويصادق على القوانين، وكنّا نسعى دائما لتكوين هيئات مستقلة، وصادقنا على العديد منها.
ولمعرفة استقلالية أعضاء هيئة ما، علينا أن نعرف كيفية تنصيبهم على تلك الهيئة، هل بالتعيين أم بالانتخاب؟، فإذا كانت بالتعيين فقدت الهيئة جزءا استقلاليتها، لأنها تصبح ضعيفة إلى حد ما أمام الجهة التي عينت أعضائها، لأن الجهة التي تعين الأعضاء، هي الجهة التي تقيلهم، وبالتالي يكون العضو -دون أن يشعر- تحت ضغط الخوف.
أما انتخاب أعضاء الهيئة المستقلة للانتخابات هو معيار أساسي لقياس مدى توفر شرط الاستقلالية.
الهيئة المستقلة للانتخابات الموجودة حاليا تم تعيين أعضائها من قِبل قيس سعيّد، ومع ذلك هي ملزمة بأن تكون مستقلة.
وقد رأينا في محطات انتخابية سابقة خلال عهد «بن علي» أن نسبة المشاركة 99% فقد كانت تُزيف وتُزور، ونسبة المشاركة الحقيقية كانت ضعيفة أو ضعيفة جدا.
أما اليوم فلن نقف مكتوفي الأيدي، أو نلعب دور المتفرج، وسيكون لنا دور في الرقابة حتى تجرى انتخابات نزيهة ومستقلة، وذلك عبر التواجد والرقابة الدائمة والحثيثة على كامل مكاتب الاقتراع من قِبل المجتمع المدني، والأحزاب السياسية، وستكون الرقابة على إجراء العملية الانتخابية في حد ذاتها، والرقابة على الصناديق، وفرز الأصوات، وهو ما سيؤكد نزاهة الانتخابات.
وما مدى ثقتكم في السلطة القضائية في البلاد؟
هناك "تدخل فاضح" من رئيس الجمهورية في السلطة القضائية؛ فرئيس الجمهورية تدخل بشكل فج وضرب استقلال السلطة القضائية، حين استبق الأحكام القضائية وأدان أشخاص بعينهم كانوا يتمتعون بقرينة البراءة وفق ما ينص عليه الدستور الذي وضعه: "كل متهم بريء إلى أن تثبت إدانته بمحاكمة عادلة".
رئيس الجمهورية بات يخرج في وسائل الإعلام ليدين ويتهم، أو يثبت التهمة على المعتقلين، وبالمناسبة أود أن أحيي سجناء الرأي، وسجناء الحرية، والسجناء السياسيين القابعين السجون وأخص بالذكر على سبيل المثال غازي الشواشي زميلي ورفيقي، ورضا بلحاج، وجوهر بن مبارك، وعبير موسي، وعصام الشابي، وغيرهم الكثير، مثل الصحفية سنية الدهماني، والصحفي مراد الزغيدي، وغيرهم.
ونحن نتحدث عن اعتقال الصحفيين حتى نلمس مدى خطورة الوضع في تونس، وخطورة أوضاع حرية الإعلام، وحرية التعبير، والصحافة، فنجد صحفيين معتقلين لا لشيء سوى التعبير عن رأيهم في وسائل الإعلام، أو كتبوا تدوينات؛ فنجدهم اليوم يُحاكمون، والقانون بموجب مرسوم غير دستوري.
ولو كانت عندنا محكمة دستورية لقضت بعدم دستورية هذا المرسوم، باعتبار ضبابية المفاهيم غير الدقيقة، فلا يلتقي نص جزائي بمصطلح تقني؛ فالنصوص الجزائية يجب أن تكون دقيقة؛ لأنها تزج بالمعنيين بها في السجون، وحتى لا يتوسع القاضي في تفسير المفاهيم.
تدخل رئيس الجمهورية تجاوز أحكام القضاء، حتى خرج علينا يتحدث ليقول: "كل مَن يبرئهم فهو شريك لهم" بالرغم من كونهم في طور البحث والتحقيق.
هناك أيضا الطريقة التي تتدخل بها السلطة التنفيذية في نقض القضاة، أو تقديم مذكرات لعزل قضاة، خاصة بعد تعليق عمل مجلس القضاء، وتعيين مجلس آخر لكن النصاب لم يكتمل.
جمعية القضاة نشرت بيانا تحدد فيه العدد المهول من القضاة الذين تم إيقافهم عن العمل، الأمر الذي يمس استقلال عملهم، وذلك لأنهم حكموا في بعض الملفات بغير ما تشتهي السلطة، فنجدهم اليوم معزولين، ولا ندري ما مصيرهم، وفي ظل هذا المناخ لا يمكن أن نقول إن السلطة القضائية مستقلة.
وأدعو القضاة للنأي بأنفسهم عن أي شبهة تبعية للسلطة التنفيذية، وأدعوهم أن يحكموا ضمائرهم، وأن يُطبقوا القانون، وإن شاء الله سنصل يوما إلى العدالة المفقودة؛ فبدون دولة قانون، ودولة مؤسسات لن نستطيع التقدم.
كيف تنظرون لموقف المؤسسة العسكرية وباقي مؤسسات الدولة من الانتخابات الرئاسية المرتقبة؟
المؤسسة العسكرية مؤسسة محايدة، وليست فاعل سياسي في البلاد، والمؤسسة العسكرية تتدخل في حال الإخلال بالأمن العام، أو ظهور خطر داهم، أما غير ذلك فليس لها أي دور في المشهد السياسي أو في اللعبة السياسية.
لكن الجميع شاهد المؤسسة العسكرية تساند قيس سعيّد في الإجراءات التي اتخذها يوم 25 تموز/ يوليو 2021 وخاصة حينما أُغلق البرلمان.. ما تعقيبكم؟
ليست المؤسسة عسكرية وحدها من ساندت الرئيس، وأنا شخصيا ساندت تلك الاجراءات، و90% الشعب التونسي ساند تلك الإجراءات؛ فهي كانت محطة لتطبيق دستور الجمهورية التونسية لعام 2014، الذي ينص الفصل 80 فيه على أن "لرئيس الجمهورية اتخاذ اجراءات والتدابير اللازمة.. "، وعلينا أن نذكر أن قبل 25 تموز/ يوليو لم يكن لدينا مشهد ديمقراطي بالتعبير الحقيقي للديمقراطية، لقد كانت "ديمقراطية شكلية" لكنها عبث بالدولة، وعبث بالمؤسسات، وضرب لاستقرار القضاء بطريقة ما.
لكن قبل 25 تموز/ يوليو كان هناك مجال للحريات، ولم يكن منتهكا كما يحدث اليوم، ولم يكن هذا العدد من الصحفيين في السجون، ولم يكن هناك مرسوم 54 سيء الذكر، الذي يحاكم به النشطاء اليوم، وكان عندنا نواب إذا صدر مشروع قانون بهذا الشكل لوقفوا وتصدوا له وقالوا لا.
الآن بعض نواب الشعب يؤيدون هذا المرسوم الذي يزجّ بالناس في السجون سواء كانوا نشطاء سياسيين أو حقوقيين، أو مجتمع مدني، لمجرد التعبير عن آرائهم.
وقد سألت إحدى نائبات مجلس النواب: هل هناك نية لتغيير هذا المرسوم، فقالت: "لا، وحتى إن كانت هناك نية لتغييره فستكون بعد الانتخابات الرئاسية"، وكأنها صرّحت بشكل ضمني أن هذا المرسوم وضع لفتح الطريق أمام ترشح وفوز قيس سعيّد، وضرب كل شخص معارض سواء كان إعلامي، أو سياسي، أو حقوقي.
هذا المرسوم وُضع حتى يؤمن الطريق لقيس سعيّد رئيس الجمهورية لترشحه الثاني في الانتخابات القادمة.
نائب البرلمان هو نائب عن الشعب، وليس نائب عن رئيس الجمهورية، وعليه أن يدافع عن حقوق الناس، وعن حرياتهم، وحياتهم، وهذا دور النواب وواجبهم؛ فكان على هذه النائبة أن تعد الشعب بتغيير هذا المرسوم، الذي يعاني منه الشعب الويلات، ليس فقط السياسيين، وإنما حتى المواطنين لمجرد التعبير عن آرائهم، ويزجّ بهم في السجن بموجب هذا المرسوم سيء الذكر، وكان عليها أن تصطف مع الشعب والحريات، وهذا أضعف الإيمان.
ما تقييمكم لفترة حكم قيس سعيّد؟ وهل يمكن وصفه بأنه شخص "مهووس بالسلطة"، كما يقول البعض؟
فترة حكم قيس سعيّد خمس سنوات، منها سنتان بمقتضى دستور 2014، لكن السنوات الثلاث التي قضاها قيس سعيّد في الحكم كان هو الحاكم الوحيد في تونس، وبيده كل السلطات، وكامل صلاحيات السلطة التنفيذية (تعيين رئيس حكومة، ووزراء)، ورسم السياسة العامة للدولة، وهو المسؤول الأول عن الاستثمار، والاقتصاد، والتنمية، والوضع السياسي العام، والحريات، والاستقرار.
لكن مع كل هذا يلعب قيس سعيّد دور المعارض، حيث يخرج علينا لينقض الوضع الاقتصادي؛ فالوضع السياسي العام خانق، وأرقام النمو ضعيفة، وأوضاع الحريات حدث ولا حرج، والبطالة ارتفعت، وكل المؤشرات الاقتصادية ليست على ما يرام بأي صورة من الصور.
هذا الفشل يجب أن يقيد، ويجب أن تكون هناك محطة انتخابية، حتى نهيئ المجال لتقييم فترة حكم الرئيس الذي كان يتحكم في كل الأمور، وبناءً على التقييم نبحث عن البديل، ونشاهد طرحا جديدا، ورؤى جديدة، ومشروع سياسي جديد، وقيادة جديدة. الدماء الجديدة التي تضخ في البلاد هي التي تخلق ديناميكية سواء كانت اقتصادية أو غيرها.
أما عن هوس قيس سعيّد بالسلطة: هو يقول عن نفسه: "لست مهووسا بالسلطة"، وعندما فاز في الانتخابات عام 2019 رفض أن يسكن قصر قرطاج، وقال: "لا أريد أن أسكن القصور"، لكن على ما يبدو من مؤشرات فإن قيس سعيّد لا ينوي ترك مكانه، بعدما قال: "لن نسلم السلطة إلا للوطنيين الصادقين المخلصين".
ويتحدث عن الانتخابات دون أن يكون في كلامه حسم أو حزم بضرورة اجراءات الانتخابات، كل هذا يدل على أنه لن يترك السلطة بسهولة، ولا يرغب في ترك السلطة.
ومن حقه الترشح لكن في جو ديمقراطي، وفي انتخابات نزيهة، فإن فاز وانتخبه الشعب فتلك سلطة الشعب، وإن لم ينتخبه الشعب سيترك المكان لغيره.
لماذا تصاعدت ضغوط السلطة على المعارضين خلال الفترة الأخيرة؟
هناك تصاعد ملفت للانتباه في الهجوم على السياسيين والإعلاميين، وهذا مرده خوف قيس سعيّد من الانتخابات القادمة، لذا لجأ لتكميم الأفواه الناقدة، والأفواه الحرة، التي يمكن أن تُشكّل خطرا على بقائه في الكرسي.
نعيش أجواء فيها كثير من الظلم، والتعسف، وفيها خروقات بالجملة للقوانين، والإجراءات، ومن على رأس السلطة خائف من الانتخابات المقبلة، ويخاف على كرسيه، ومن منبركم هذا أقول: مَن يخاف على كرسيه لا يلجأ لقمع منافسيه، بل يلجأ لإقناع الناخبين بإنجازاته وهو على رأس السلطة التنفيذية، وإقناع المواطنين بأنه شخص قادر على توفير العيش الكريم، وإقناعهم بأنه ينتصر لإرادة الشعب، وكرامة المواطن، وللحرية وللعدالة، وينتصر للمواطن.
وعليه أن يخدم الناس من خلال إنعاش الاقتصاد، ورفع القدرة الشرائية، وتحسين الوضع العام، وتوفير المواد الضرورية للمواطن، وليس بالكلمات والخطب الرنانة.
أما أن تفشل على مدار خمس سنوات ثم تخفي ذلك عن طريق تكميم الأفواه التي تحاسبك على هذا الفشل؛ فهذا دليل واضح على الخوف الكبير من الانتخابات القادمة.
الانتخابات يجب أن تجرى في مواعيدها الدستورية، وفي أجواء ومناخ ديمقراطي، وليس مناخ التخويف والترهيب، ويجب فتح الباب أمام المترشحين دون تنقيح للقانون الانتخابي في آخر وقت، أو سن قانون "على المقاس".
لما سُئل قيس سعيّد قبل ترشحه في انتخابات 2019 عن قانون الانتخاب، قال: يجب ألا يتم تعديل القانون الانتخابي قبل وقت قصير من الانتخابات، ولا يجب على السلطة الحاكمة التي بيدها الحكم أن تكون هي المبادرة بتنقيح هذا القانون باعتبار أن الجهة الحاكمة عندما تغير القانون ستغيره وفق ما يخدم ظروف فوزها في الانتخابات، وسيكون التنقيح مضر باللعبة الانتخابية، ويضرب استقلال الانتخابات في عمق.
لذا، لا يجب تغيير قانون الانتخاب في آخر وقت، ويجب إطلاق سراح المساجين السياسيين؛ فهناك في السجون من يرغب في الترشح للانتخابات، ويجب على هيئة الانتخابات أن ترجع وتلعب دورها، كما يجب رفع اليد عن الإعلام وعدم قمعه.
وكما طالبنا خلال حكم «النهضة» في الانتخابات السابقة نطالب الآن بأجواء انتخابية شفافة ونزيهة، ورفع اليد عن الإعلام، وفتح ملفات التمويل الأجنبي للجهات والأحزاب، كما طالبنا بحجب المواقع والصفحات المأجورة والمرتزقة التي تشوه الخصوم، طالبنا بمناخ كامل يشجع على الانتخابات في موعدها، وعدم وضع قواعد مخالفة للدستور الذي وضعه قيس سعيّد.
وفيما عدا ذلك فالخوف كل الخوف مما سيأتي لو لم تحترم اللعبة الديمقراطية؛ لأن العواقب ستكون وخيمة للغاية.
البعض يتساءل: هل نشهد الآن الفصل الأخير من فترة حكم قيس سعيّد؟
لدينا ثقة في مؤسسات الدولة، وإن كان يتحكم فيها رأس السلطة تنفيذية، ونتذكر انتخابات 2014 بين المرحوم باجي قايد السبسي ومنافسه الدكتور منصف المرزوقي، ولما فاز الباجي قايد السبسي هناك مَن شكّك في الانتخابات.
الفترة الرئاسية التي على أساسها وقع انتخاب قيس سعيّد تنتهي في تشرين الأول/ أكتوبر، ويجب إجراء انتخابات جديدة ويجب أن يكون المناخ الانتخابي يضمن انتخابات نزيهة ومستقلة، وبعدها لكل حادث حديث.
ما فرص استمرار قيس سعيّد في موقعه الرئاسي في المرحلة المقبلة؟
الشعب هو مَن يقول كلمته في الانتخابات، وكما ذكرت لك أن شعبية قيس سعيّد تتراجع، وفي نفس الوقت لدينا مشكلة في المعارضة، وهي عدم وجود مرشح يمكن أن تجتمع حوله كل الأحزاب وأطياف المجتمع السياسي، وإن لم نجد هذا المرشح فحظوظ التغيير ضئيلة، وسيحظى قيس سعيّد بالنجاح.
وإلى يومنا هذا يبث قيس سعيّد خطاب كله تخوين للتونسيين، وتونس لا تستحق هذا الخطاب، بل تحتاج للتهدئة، وخطاب رئيس جمهورية يجب أن ينأى عن تخوين المواطنين، وإن اختلفوا معك؛ فهذا لا يعطيك الحق لتخون تونسي آخر يعيش معك على نفس الأرض، وتحت نفس العلم.
بعد فشل تجربة حكم قيس سعيّد، وحتى مع فرصة 25 تموز/ يوليو لإصلاح ما أفسده الآخرون، لا تزال المنظومة التي كانت تحكم قبل 25 تموز/ يوليو هي نفسها التي تحكم اليوم، لذلك وجب علينا أنه نفكر في مصلحة تونس، ومصلحة الديمقراطية في البلاد، والتي تعني مصلحة المواطن، من خلال تغيير حقيقي في القيادة لتكون قادرة على إخراجه من الأزمة.
نريد قيادة تحترم الحد الأدنى لاستقلال المؤسسات، والحد الأدنى من القانون، والحد الأدنى الدستور، وتحقق النمو الاقتصادي ولو بدرجة قليلة، وتظهر بوادر الانفراجة، وليس مزيد من الأزمات.
لذا، المحطات الانتخابية جُعلت لهذا الشعب حتى يقول كلمته، وأتمنى أن يقول الشعب كلمته بحق.
كيف تتصورين شكل تونس في حال فاز قيس سعيّد بعهدة رئاسية ثانية؟
لا توجد طريقة للفوز إلا بانتخابات نزيهة ومستقلة، انتخابات يفتح فيها باب الترشح دون إقصاء، أو استغلال لمؤسسات الدولة، ودون توظيف أجهزة الدولة، ويدخل كمرشح كبقية المرشحين.
هذا الشكل الوحيد للانتقال السلمي للسلطة، وهذا الشكل الوحيد لإرجاع الكلمة للشعب، الذي من حقه أن يمنح ثقته لمَن يراه صالحا.
وكما ذكرت: في انتخابات السبسي والمرزوقي، فعندما فاز الباجي قايد السبسي خرجت من المواطنين حملة كبيرة بدأت على التواصل الاجتماعي، وعلى مستوى الشارع للتشكيك في نزاهة الانتخابات؛ بدعوى التلاعب في نتائجها، فخرج الرئيس منصف المرزوقي وأنقذ الموقف حفاظا على الديمقراطية، والمؤسسات، وأعترف حينئذ بنتائجها رغم أن هذه الانتخابات أخرجته من قصر الرئاسة، إلا أنه كان في مستوى المرحلة، ومستوى ثقة الشعب فيه، وثقته وإيمانه بالمؤسسات وإيمانه بالديمقراطية وإيمانه بعودة الدستور، وخوفا على بلاده الدخول في منعرج الحرب الأهلية أو المظاهرات والاحتجاجات، وبارك فوز السبسي، وخرج وترك السلطة، ودخل بعده من دخل.
إذن الانتقال الديمقراطي هو الحل الوحيد، والأسلم للجميع، وقيس سعيّد سواء فاز أو خسر عليه أن يستجيب لنتائج الصندوق، وإرادة الشعب أيّا كانت النتائج، أما بخلاف ذلك فسنكون في نظام غير ديمقراطي، ونظام استبدادي، ونظام غير شرعي.
لكن قيس سعيّد على أرض الواقع يبدو أنه لن يستجيب لما تقولين، ولن يكرر ما فعله الرئيس السابق المنصف المرزوقي.. فما تعليقكِ؟
كيف لا يستجيب وهذا دستوره الذي وضعه، وخرق الدستور الذي أقسم باحترامه الذي يعطيه مدة الخمس سنوات، وسيكون بذلك خارج عن الشرعية، وسيكون دستور سبتمبر 2022 دستور انقلابي، وإلا سيكون قيس سعيّد الذي أقسم على دستور 2014 رئيس أمر واقع.
ورغم ذلك حتى لو كان رئيس أمر واقع فلدينا دولة، ولدينا أمن واستقرار وطن نحافظ عليه؛ فنحن نحب السلم ونكره العنف والفتنة، وهذا كله يحتم علينا أن نجري انتخابات، فإذا انتخبه الشعب فله ذلك، أما غير هذا فسنكون بذلك نلعب بأمن البلاد، وبلادنا عزيزة علينا، ونكره اللعب بها، نحب أن تعيش بلادنا السلم، والسيادة والكرامة الحقيقية لشعبها.
الشعب التونسي قد تراه غير مبال، لكنه مهتم بمسألة الانتقال الديمقراطي، ومسألة الحرية حتى لو صار هناك بعض التشويش على رغبته في تكريس نظام ديمقراطي حقيقي، من خلال استغلال الفترة السابقة التي استشرى فيها الفساد واستشهد فيها الكثير، حتى يترحموا على هذه الفترة وينقمون على الديمقراطية.
وأود أن نذكر أن أول تجربة ديمقراطية بالمنطقة هي ديمقراطية تونس؛ فتونس سباقة في الديمقراطية، ونحن متمسكون بها، ديمقراطية حقيقية، وليست ديمقراطية مزيفة أو شكلية، لأن الديمقراطية المزيفة والشكلية لا تختلف عن الاستبداد أو الدكتاتورية المعلنة، ولأن الديمقراطية الفاسدة تولّد الاستبداد، وتؤدي لنتائج عكس ما هو منتظر من الديمقراطية الحقيقية.
هل تتوقعين أن تتدخل أجهزة ومؤسسات الدولة في تونس في حال أصر الرئيس قيس سعيّد على رفض الانتقال السلس والآمن للسلطة في البلاد؟
مَن يجب أن يرد الرئيس عن هذا التوجه هو الشعب التونسي؛ فهو صاحب السلطة، وصاحب السيادة، وهو مَن يجب أن يُعبّر عن رفضه وعن تشبثه بأنه يكون صاحب السلطة، و"السلطة ملك الشعب" هذا الشعار التونسي يبث الرعب في السلطة.
لا نتمنى حدوث مثل هذه الأمور، لأن عواقبها وخيمة جدا، ونتمنى أن تجرى انتخابات، والانتخابات ليست منّة من أحد، ويجب أن تجرى في ميعادها، وفي مناخ يكرس انتخابات نزيهة ومستقلة، وبعد ذلك إن فاز قيس سعيّد كان بها، أو لم يفز ويترك غيره تولى رئاسة الجمهورية العزيزة.
عدم إجراء الانتخابات أمر ليس وارد، وأعتقد أنها ستسير في موعدها، وهيئة الانتخابات -كما ذكرت– قد أعلنت عن ثلاثة مواعيد للانتخابات، فلماذا نتحدث عن شيء مستحيل الحدوث.
هل تفكرين في خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة؟
لا، لست معنية بالترشح للانتخابات الرئاسية، ولم أفكر من قبل ولا اليوم.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات تونس قيس سعي د الانتخابات الرئاسية تونس الانتخابات الرئاسية قيس سعي د المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الانتخابات الرئاسیة المستقلة للانتخابات فی السلطة القضائیة إجراء الانتخابات المؤسسة العسکریة السلطة التنفیذیة انتخابات فی تونس رئیس الجمهوریة فی الانتخابات من الانتخابات الشعب التونسی قیس سعی د فی تشرین الأول هذا المرسوم الذی وضعه فی موعدها فی السجون فی البلاد علینا أن یجب أن ت یجب أن ی أن تکون یمکن أن أن یکون من حقه لم یکن هناک م
إقرأ أيضاً:
محمد الحوثي: العنفوان اليماني الذي سناد غزة قادر على مواجهة أي مخططات تحاك ضد بلدنا
الوحدة نيوز/ دشنت حكومة التغيير والبناء اليوم، برنامج توفير مرتبات موظفي الدولة وبرنامج توفير مرتبات موظفي الدولة وبرنامج تسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين تحت شعار “قادرون معا”.
وفي التدشين أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي أن هذا الجهد الذي تقوم به حكومة التغيير والبناء كواجب في تسديد بعض حقوق الموظفين أو المودعين هو إنجاز عظيم ويجب أن تستمر الانجازات.
وقال” في هذا اليوم المبارك وتزامنا مع إيقاف العدوان على غزة نشكر الله تعالى على ما وصلنا إليه من دعم ومساندة للأخوة في غزة”.
وأشار إلى أن صمود الموظفين كان رسالة مهمة لدول العدوان وجزء من جهادهم ومواجهتهم للعدوان.. لافتا إلى أن صمود الأسطوري الذي قدمه الموظفين ووزارتهم تقصف ومكاتبهم تستهدف كان له الأثر البالغ على أبناء الشعب اليمني وعلى صموده.
وأضاف” نحيي كل الموظفين والوزراء السابقين والحاليين على دورهم العظيم في مواجهة العدوان على بلدنا، ونقول للجميع بيض الله وجوهكم على ما قمتم وما ستقومون به، ولا تزال الآمال عليكم كبيرة ونتمنى من الله أن يوفقكم لأداء مهامكم”.
وتابع” ولأبناء الشعب اليمني نقول لا تأبهوا بالدعايات والشائعات ما يتحقق اليوم هو نتيجة لصبركم وصمودكم، وما يحصل من إسناد بفضل الله تعالى وتوجيهات قائدنا هو أيضا نتاج لصمودكم لأنكم خرجتم من تحت القصف ومن بين الدمار والقتل وكل ما تعرضتم له من حصار لتواجهوا العدوان الأكبر والمجرمين الأمريكيين والبريطانيين والإسرائيليين وهذا فخر لأبناء شعبنا”.
وأشار محمد علي الحوثي، إلى أن الجمهورية اليمنية بجيشها ومجاهديها العظماء سيبقون مراقبين لتنفيذ الاتفاق وسيكونون عونا وسندا لأبناء غزة وفلسطين، وعلى الجميع أن يعي أهمية المرحلة القادمة سواء في الحكومة أو الشعب والتي دعا السيد القائد إلى الإعداد لها.
ولفت إلى أن الشعب اليمني يقف على قلب رجل واحد لمواجهة أي اعتداء، ومن تسول له نفسه أو يتصور في المنام بأنه سيستطيع أن ينتصر على الشعب اليمني فهو مغفل ويغرق بأحلامه، فالشعب اليمني قادر على الانتصار بفضل الله تعالى على كل مؤامرة تحاك ضده.
وأكد أن العنفوان اليماني الذي سناد غزة قادر أيضا على مواجهة أي مخططات تحاك ضد بلدنا.. وقال” لسنا قلقين لا من حملاتهم الإعلامية ولا من دعاياتهم وإشاعاتهم ولا من جواسيسهم الذين يرسلونهم، لأنه يتم كشفهم من قبل الأجهزة الأمنية وأبناء الشعب اليمني”.
وخاطب قوى العدوان ” أصبح اليمن يمتلك صواريخ نسبة الدقة فيها 100 بالمائة، ومن يعتقد أننا نبالغ فعليه أن يراجع عمليات استهداف سفن العدو بالصواريخ الباليستية، ويقرأ ما قالته البحرية الأمريكية عن دقة التصويب وما وصلوا إليه من رعب”.
وجدد محمد علي الحوثي النصح للسعودية قائلا “وكما قلنا لكم في سنوات العدوان بأنكم لن تستطيعوا أن تنتصروا على أبناء شعبنا، نقولها لهم اليوم بأن أي معركة مع شعبنا ستكبد اقتصادهم خسائر كبيرة مثلما اعتدوا على بلدنا وحاصروه وأوقفوا مرتباته”.
ودعا الشعب اليمني إلى الاستعداد الكامل وعدم التأثر بالشائعات وأن يتحركوا باستمرار ويقفوا صفا واحدا، وأن يعمل الجميع على حل كل الخلافات وإنهاء قضايا الثأر.
من جانبه توجه رئيس مجلس الوزراء أحمد غالب الرهوي، بالشكر والتقدير لوزارات المالية والاقتصاد والصناعة والاستثمار والخدمة المدنية وكوادرها على جهودهم على مدى ثلاثة أشهر لإنجاز الآلية الاستثنائية المؤقتة لدعم فاتورة الأجور وتسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين وقانونها.
ولفت إلى أن تنفيذ قانون الآلية سيسهم بشكل كبير في إحداث نوع من الاستقرار النفسي للموظف واستقرار العملية التعليمية، ويحسن قيمة العملة الوطنية ويحرك عجلة الاقتصاد في البلد.
وأكد رئيس مجلس الوزراء أن تنفيذ الآلية الاستثنائية المؤقتة لا يعفي دول العدوان من الالتزامات القانونية الواجب الوفاء بها من قبلها في جبر الضرر ودفع المرتبات وإعمار كل ما دمرته من المقدرات والبنى التحتية للشعب اليمني.
وعبر عن مباركته للموظفين ولكل أبناء الشعب اليمني بهذا الإنجاز الذي يأتي تحت شعار “قادرون معا”.. مبينا أن تضافر الجهود وتشابكها يعزز من قدرة الحكومة في تحقيق المزيد من الإنجازات وقهر الظروف الصعبة والقاسية.
وذكر الرهوي أن الحكومة مقدمة على إقرار حزمة من القوانين المهمة التي ستساهم أكثر في تحريك عجلة الاقتصاد والبناء والتنمية.
وخاطب أبناء المحافظات المحتلة “إن مرتباتكم تصرف لقادة المرتزقة الذي باعوا النفط والغاز وحولوا قيمتها إلى أرصدتهم في الخارج، وعليكم التحرك للمطالبة بحقوقكم ونحن سنظل إلى جانبكم في معالجة هذه المشكلة عندما تتحسن الظروف التي نأمل أن تكون قريبة”.
وجدد رئيس مجلس الوزراء التهنئة للأشقاء في قطاع غزة بالانتصار الذي تحقق بوقف العدوان ورفع الحصار ودخول المواد الغذائية والأساسية إلى القطاع.
كما هنأ أبناء شعبنا اليمني العظيم بهذه الانتصارات لدوره الكبير في إسناد غزة ومجاهدي الشعب الفلسطيني الحر الأبي.
وفي التدشين الذي حضره نواب رئيسي مجلسي النواب والوزراء، ونائب رئيس الوزراء وزير المالية السابق، وعدد من الوزراء ورؤساء الهيئات والقيادات العسكرية والأمنية وممثلو القطاع الخاص، أوضح وزير المالية عبد الجبار أحمد محمد، أن هذا التدشين يأتي في ظل الظروف بالغة التعقيد التي تمر بها بلادنا.
وبارك الانتصارات التي تحققت في اليمن وفلسطين والتي كان لمشاركة شعبنا وقواته المسلحة دور كبير في صنعها.
وقال” اليوم ندشن هذه البرامج الاقتصادية المنبثقة من قانون الآلية الاستثنائية لدعم فاتورة مرتبات موظفي الدولة وحل مشكلة صغار المودعين، والذي كان لأغلب الحاضرين دور في إقرار وتنفيذ هذا القانون والمشاركة في تمويل برامجه أيضا”.
وأكد لجميع الموظفين بأن تصنيف القوائم إلى ربعية وشهرية تم بموجب معايير دقيقة مقارنة بما لدى الوحدات من موارد ذاتية ودعم من الصناديق أو الحكومة، وتم إضافة تلك الوحدات التي ليس لها أي دخل شهري أو التي ليس لديها موارد ذاتية كافية إلى قائمة الصرف الشهر والتي تبلغ نحو 430 جهة ووحدة تشكل نحو 82 بالمائة من وحدات الخدمة العامة التي تستلم مرتباتها من حساب الحكومة العام وبموجب الموارد المتوقعة لحساب الآلية الاستثنائية.
وأضاف” ومع ذلك كلما تحسنت الموارد أكثر سنضيف وحدات وجهات جديدة من قائمة الصرف الربعية إلى الشهرية، وهكذا حتى نستكمل كل الجهات بإذن الله تعالى”.
ولفت وزير المالية إلى أن صرف المرتبات أو نصفها وتسديد الدين العام لصغار المودعين وفقا لقانون الآلية الاستثنائية سيكون له دور مهم في تحريك عجلة دوران السيولة النقدية في البلاد وتخفيف حدة الركود الاقتصادي الذي تسببت به قوى العدوان على بلدنا.
كما أكد لكافة الموظفين الحكوميين أن هذه الحلول هي مؤقتة واستثنائية، وأن مرتباتهم خلال الفترة السابقة واللاحقة هي استحقاق قانوني لن يسقط بالتقادم، وتتحملها وتتحمل غيرها من الالتزامات وجبر الضرر الدول المشاركة في العدوان على بلادنا، لما سببته من أضرار مالية بخزينة الدولة، إذ تبلغ فاتورة المرتبات المستحقة لموظفي الدولة الواجب على دول العدوان دفعها نحو 3ر7 ترليون ريال أي ما يعادل 8ر13 مليار دولار، منذ نقل البنك المركزي إلى عدن المحتلة حتى نهاية العام 2024م، وذلك للمرتبات الأساسية فقط فضلا عن العلاوات والتسويات والمستحقات القانونية الأخرى والآثار المترتبة على تأخير هذه الحقوق القانونية.
وأشار إلى أن هذه الأرقام تبين حجم الضرر الكبير الذي تسببت به قوى العدوان على بلادنا والموظفين الحكوميين الذي يعيلون نحو 800 ألف أسرة.
وأوضح وزير المالية أن هذا القانون سيسهم في حل مشكلة صغار المودعين بشكل كامل، وحل جزء كبير من مشكلة انقطاع مرتبات موظفي الدولة دون فرض لأي ضرائب أو رسوم جديدة بل من خلال إعادة توزيع الموارد المتاحة والترشيد والتقشف في النفقات في مختلف وحدات الخدمة العامة وبتعاون وتكاتف جميع مسؤولي الدولة.
كما أكد أن التمويلات التي يتم تدشينها اليوم لتسديد الدين العام المحلي لصغار المودعين من المفترض أن يتحملها من نقل صلاحيات البنك المركزي إلى عدن بموجب اعتراف إدارة البنك بذلك إضافة إلى أن كثيرا منها هي ديون سابقة منذ ما قبل العام 2014م، لكن ونتيجة امتناع بنك عدن عن السداد، واستمرار معاناة صغار المودعين قامت حكومة التغيير والبناء بتضمين حل هذه المشكلة في برنامجها وفقا لتوجيهات مباشرة من قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، الذي يولي هذا الملف جل اهتمامه.
وقال” وها نحن اليوم نبدأ بتسديد 467 ألف من صغار المودعين في الشهر الأول من تنفيذ الآلية الاستثنائية، وسنستمر في تسديد العدد المتبقي منهم على دفعات شهريا حتى استكمالهم، وإذا توفرت موارد أكثر سنبدأ أيضا بتسديد كبار المودعين سواء كانوا من الأفراد أو المؤسسات أو الشركات”.
ولفت إلى أنه ينبغي التركيز على حقيقة مهمة قد يغفلها البعض وهي أن قيمة المبلغ الذي يصرف اليوم في صنعاء يساوي أربعة أضعاف المبلغ الذي يصرف في عدن المحتلة، نتيجة ارتفاع أسعار الصرف مقابل العملات الاجنبية بمعدلات جنونية وبصورة مستمرة، أي أن نصف الراتب في صنعاء يساوي قيمة مرتبين في عدن، وقيمة الراتب الذي يصرف اليوم في صنعاء يساوي قيمة أربعة مرتبات في عدن المحتلة، ما يؤكد صوابية واستقلالية القرار السياسي والاقتصادي في عاصمة الصمود صنعاء رغم استمرار العدوان والحصار.
ووجه التحية والشكر لكل موظفي الدولة الصامدين في وجه العدوان والحصار الذي تسبب في انقطاع مرتباتهم خلال الفترة الماضية، مؤكدا أن الفرج قريب بإذن الله، وأن الحكومة ستعمل كل ما تستطيع لتوفير الجزء الضروري والمستمر من المرتبات وفقا للموارد المتاحة بموجب قانون الآلية الاستثنائية.
وعبر الوزير عبدالجبار عن الشكر للقائمين على العمل المالي سابقا في اللجنة الاقتصادية العليا وقيادة وزارة المالية، على جهودهم الحثيثة في تحسين الموارد العامة، والتي ساهمت في الوصول إلى ما وصلنا إليه اليوم من حلول استثنائية لمشكلة انقطاع المرتبات التي سببها العدوان على بلادنا، ونهب موارد النفط والغاز التي كانت تمول منها فاتورة المرتبات.
كما وجه التحية لجمهور المكلفين الصامدين في وجه العدوان والحصار من التجار ورجال الأعمال، وكذا الوحدات والجهات الحكومية المشاركة في تمويل حساب الآلية الاستثنائية، والقطاع المصرفي الذي ظل صامدا خلال الفترة الماضية رغم التحديات.. مؤكدا أن هذه الآلية سيعود أثرها على الجميع من خلال تحريك الركود في التعاملات التجارية والمصرفية.