قتلى وإصابات وحالات نزوح واسعة جراء انتهاكات «الدعم السريع» بالجزيرة
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
سقط عدد من المدنيين قتلى، بينهم أطفال، إثر موجة انتهاكات جديدة لقوات الدعم السريع بقرى ولاية الجزيرة.
مدني: التغيير
كشف ناشطون عن سلسلة جديدة من الانتهاكات تقوم بها قوات الدعم السريع في قرى ولاية الجزيرة- وسط السودان، أدت لسقوط عدد من القتلى والمصابين، وموجة نزوح واسعة باتجاه المناطق الأقل خطورة.
وسيطرت قوات الدعم السريع على مدينة ود مدني عاصمة الجزيرة في 18 ديسمبر الماضي عقب انسحاب الجيش السوداني، وسرعان ما غزت قرى ومحليات الولاية وتمددت إلى الولايات المجاورة، وصاحبت هجماتها عمليات سلب ونهب وتقتيل وترويع كثيرة للسكان.
واتهمت لجنة مقاومة مدينة الحوش، الخميس، قوات الدعم السريع باغتيال الشهيد المحامي محيي الدين عباس بطلق ناري في منزله بالحوش- حي عيسى حسن يوم الأربعاء، وحملتها المسؤولية المباشرة للحادثة.
فيما أكدت لجان مقاومة مدني اقتحام “مليشيا الجنجويد” لقرية حليوة بمحلية جنوب الجزيرة، وإطلاقها الرصاص على الأهالي مما أدى إلى ارتقاء روح الطفل عبد الله حافظ.
وحسب اللجان تعاني قرية الدوحة بوحدة الحاج عبد الله الإدارية بجنوب الجزيرة من حصار مُحكم لليوم الخامس توالياً، حيث تقوم “مليشيا الجنجويد” بجلد المواطنين وإجبارهم على مغادرة القرية بعد توقف تمشيط وحركة الجيش وانسحابه من القرية، “تاركاً المواطنين العُزل في مجابهة شبح الجنجويد وبطشهم التي بدورها تجبرهم على إخلاء القرية وحالات نزوح واسعة نحو المناقل”- حسب اللجان.
وفي قرية الشريف مختار- ريفي الحوش كررت المليشيا هجومها مستخدمة الأسلحة الثقيلة والتدوين العنيف، في محاولة لاقتحام القرية ونهبها، إلا أن المواطنين تصدوا لهم.
وقالت اللجان إنه لم ترد أنباء عن سقوط شهداء وجرحى في صفوف مواطني القرية.
الأوضاع في الحوشوذكرت أن “الدعم السريع” هاجمت مدينة الحوش وريفها مقتحمة عدة قرى مارست فيها الضرب والسحل والتنكيل وسرقة المواطنيين وممتلكاتهم.
وقالت إن هذه الهجمات خلفت عدداً من شهداء القرى والمدينة وصل عددهم إلى خمسة وعشرات الجرحى في انتظار رصد الأعداد الفعلية ومناطق سكنهم.
واتهمت “المليشيا” بتهجير السكان وإحداث موجة نزوح جماعي طالت عدداً من القرى نحو محلية المناقل.
وأضافت أن المليشيا نشرت عدداً من القناصين في أسطح ومآذن المساجد بقرية ود الماحي وعدد من القرى، وفرضت جبايات ضخمة على النازحين ممن يرغبون باستجلاب أغراضهم وأوراقهم الثبوتيه التي تركوها في منازلهم.
وأشارت إلى أن الحصار مازال مفروضاً على مدينة الحوش وريفها عقب تكرار قوات الجيش تمشيطها وانسحابها في محلية جنوب الجزيرة، مهددة بذلك استقرار السكان “وتركهم في مواجهة مباشرة متكررة مع مليشيا الجنجويد”.
وطبقاً لرصد لجان المقاومة هاجمت الدعم السريع يوم الأربعاء، (قرية الدومة) شمال الشبارقة بغرض النهب والسلب والتنكيل بالمواطنين، ما أدى سقوط ثلاثة شهداء هم: (عبد الباقي عبد الله، الحاج البدوي، والهندي إبراهيم).
واتهمت اللجان “مليشيا الجنجويد” بشن حملات اعتقالات واسعة لمواطني مدينة ود مدني حي حنتوب، بصورة وحشية ومستنكرة مارست عبرها الضرب والتنكيل وطلب الفدية في مقابل إطلاق سراحهم.
الوسومالجيش الحوش الدعم السريع السودان الشبارقة مدني ولاية الجزيرةالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الحوش الدعم السريع السودان الشبارقة مدني ولاية الجزيرة قوات الدعم السریع ملیشیا الجنجوید
إقرأ أيضاً:
محمد ناجي الأصم: حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع
حكومة الدعم السريع القادمة بلا مشروع، ولن يعني ما سيكتب في أوراقها وإعلاناتها أي شيء. سيعتمد الدعم السريع، كما فعل دائمًا، على سلاح مليشياته وأموال الذهب المهرب وأموال المواطنين من الغنائم، وعلى أموال ونفوذ الإمارات، وهي التي ستحدد لحميدتي ووزرائه وللذين اختاروا التحالف معه كل شيء.
ستضاف حكومة الجنجويد إلى مشاريع الإمارات في ليبيا واليمن والصومال، وهي المشاريع الانفصالية والاستقلالية، والتي تسعى عبرها إلى تعزيز مصالحها الاقتصادية من موارد الشعوب المنهوبة، وإلى توسيع نفوذها في المنطقة واستخدامها كأدوات للمساومة على القضايا والملفات الإقليمية، ليصب كل ذلك في اتجاه تموضع تسعى إليه كلاعب سياسي واقتصادي وأمني رئيسي في المنطقة لا يمكن تخطيه من قبل اللاعبين الأساسيين في العالم. ولا يهمها في سبيل ذلك إن تقسمت الدول أو ماتت شعوبها أو تشردت.
ولكن السودان ليس كغيره، وربما ذلك أمر قد تمت ملاحظته مبكرا منذ بداية الحرب. فلقد خسرت الإمارات بسبب دعمها للجنجويد على مستوى الرأي العام العالمي كما لم يحدث في كل تجاربها السابقة، وستستمر في الخسارة. كما أن الدعم السريع يختلف عن كل المشاريع الأخرى، فهو مليشيا متهمة بأفظع جرائم الحرب، وفي مقدمتها الإبادة الجماعية. جماعة عسكرية أسسها النظام البائد لتحصين نفسه من التمرد والانقلابات وتضخمت تباعا لتصبح شركة أسرية تعمل من أجل المال والسلاح والسلطة بلا أي مشروع. في هذه الحرب ظل الدعم السريع يحاول في كل حين أن يعتنق مشروعًا جديدًا، بدءًا من حرب في سبيل الديمقراطية، إلى حرب ضد ما يسمى بـ “دولة 56” الظالمة، وصولًا إلى حرب ضد قبيلة أو قبيلتين. وكلها محاولات فاشلة لإضفاء شرعية على المشروع الأساسي، وهو دولة عائلة حميدتي المالكة.
لن تسمح الفظائع التي عايشها السودانيين من عنف المليشيا قديمًا، والآن في هذه الحرب التي دخلت كل البيوت بتغيير الرأي العام، الذي انحاز بصورة غير مسبوقة ضد الدعم السريع وفظائعه وانتهاكاته. ولن تؤثر في ذلك محاولات تجميل مصطنعة من مشاريع مستعارة بعضها عظيم كالسودان الجديد للزعيم الراحل جون قرنق، مشاريع قرر قادتها اليوم أن مصالحهم التكتيكية تتقاطع مع بنادق وذهب وأموال الجنجويد والإمارات، ليهزموا أنفسهم لا المشاريع. وستظل دولة المواطنة المتساوية والديمقراطية والسودان الجديد والجيش الواحد القومي البعيد عن الصراع السياسي أهداف نضال الملايين من أبناء وبنات الشعب السوداني عبر السنين، وأهداف الثورة التي خرجت ضد النظام البائد الذي صنع الجنجويد ومكنهم وأرسلهم ليحاربوا خارج البلاد ومكنهم من صنع علاقاتهم الخارجية المستقلة و امبراطوريتهم الاقتصادية.
لن نستطيع بصورة عملية مقاومة الحرب واستمرارها وسيناريوهات تمزيق السودان بدون الحديث بوضوح عن الدول التي تتدخل في الصراع السوداني ومن قبله لعقود عبر استغلال هشاشة الأوضاع الداخلية، من الإمارات ومصر، إيران، تركيا والسعودية وغيرها من الدول التي تدعم الحرب بالسلاح والمال والنفوذ وتتجه بالحرب في السودان إلى حرب كاملة بالوكالة لا يملك السودانيين من العسكريين والمدنيين القرار في استمرارها أو إيقافها. لتستمر أو تتوقف حينها في سبيل أجندات تلك الدول الخاصة التي تسعى لتحقيقها من خلال دماء وأرواح ومقدرات السودانيين.
أخيرا، تمزيق السودان لن يتم عبر سلطة أو حكومة الجنجويد الموازية، بل يمكن أن يحدث فعليا فقط إذا لم تتوقف آلة الكراهية البغيضة التي أشعلتها الحرب والتي تستثمر فيها العديد من الجهات، هذه الكراهية التي تزيد بسببها الشقة الاجتماعية بين مكونات السودان، تلك التي تنفي مواطنة البعض والتي تصنف الناس على أساس مناطقهم، قبائلهم، إثنياتهم وأديانهم لتمنحهم الحقوق أو تنزعها عنهم، والتي تعتبرهم محاربين أو مسالمين إذا كانوا من هذه القبيلة أو تلك والتي تسترخص دماء بعض السودانيين وتجعلها أقل من دماء سودانيين آخرين. وهي عنصرية وكراهية وتعصب ليست وليدة الحرب، ولكنها أشعلتها وزادتها ضراما وهي بدورها تعود لتزيد من اشتعال وتأجيج الحرب. كراهية يتمزق السودان من خلالها كل يوم وبسلطة وحكومة موازية أو بدونها.
محمد ناجي الأصم
إنضم لقناة النيلين على واتساب