صحيفة التغيير السودانية:
2024-07-06@03:33:31 GMT

إعلام الدعاية الحربية

تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT

إعلام الدعاية الحربية

إعلام الدعاية الحربية

وجدي كامل

ليس كل ما يقال عبر أجهزة ووسائط الاعلام صحيحا ودقيقا عن مجريات واخبار الحرب، وكذلك، وبذات النسبة يمكن وصف بأن كل ما يجرى في ميادين الحرب من أحداث يجد طريقه الى الاعلام صافيا، او دونما تشويه، او زيادة او نقصان.

فما بين الحقيقة والاخبار الزائفة في هذا الفضاء المرعب بالجرائم، والقتل خارج نطاق القانون، حبل رفيع، وخيط واهن، يمكن ان ينقطع في اي لحظة فتتحول الحقيقة الى خبر كاذب، والخبر الكاذب الى حقيقة فيصبح الضحية في الحالتين هو الرأي العام الذي تخشاه اطراف الحرب، وتضع له ألف حساب.

غير ان وضع كل ذلك الحساب لا يمنع الفاعلين في الحرب من استهداف الرأي العام بكافة استراتيجيات التشتيت، والتشويه، والعنف. فالمحرك الفعلي والحيوي في الحروب، على تنوعها، هي المصالح التي تجعل من الاعلام لسانا لها، وناطقا رسميا باسمها، دون ان يمت بالضرورة بصلة للوقائع والاحداث في سيولتها وسخونتها، او ذكر الحقيقة، بالقدر الذي يهتم فيه بتقسيم الرأي العام وطحنه وتدميره بالاكاذيب دون رحمة.

هذه الحرب الدائرة حاليا بالسودان، ورغم المعرفة المتوفرة عنها، وعن فاعليها، واطرافها، ومآسيها، الا إنها تخبئ الكثير من التفاصيل بسبب غياب الاعلام المحايد المستقل.

إن الطرفين المتصارعين لا يسمحان لاعلام محايد مستقل بتغطية وتصوير ما جرى ويجرى على الواقع، وبذا فان اغلب ما يصل عن مجريات الفظائع يتم (وبالاضافة الى العسكريين من الطرفين) بواسطة صحافة المواطن المتمثلة في تغريدته بتويتر، او منشوره على الفيس، او تصويره الحي من ارض المعركة، او تسجيله الصوتي بالواتساب اثناء وقوع الحدث او بعده. وبين هذه البلاغات او الاخبار تضيع وتختفي الاخبار الاخرى التي ليس بوسع أحد نقلها او توثيقها، مما يؤجل كشف الحقيقة ويحيل امرها الى مهام البحث في المستقبل.

ومما يتأكد يوما بعد يوم، وبعد استطالة امد هذه الحرب المعقدة، وتجاوزها العام ان المستقبل في الكثير من الوقائع، وبما تنطوي عليه من الخسارات المادية والبشرية، والمواردية سيكون جهة الاعراب، والاصدار للنسخة الاصيلة للحقيقة. اننا كمتابعين ومراقبين للأحداث الجسيمة في ظروف كظروف الحرب كمثل من يسمع و يرى بالعين المجردة قصفا مدفعيا لمنطقة بعيدة ولا يتمكن من الجزم بغير حدوث اندلاع لحريق وتصاعد لدخان دون معرفة دقيقة بتفاصيل الخسائر التي نجمت ومنها ما لن نتمكن من البت في هويته الا بعد بحث وسؤال لن يتوفر وبكل الاحوال في الزمن الاني للقصف. و هكذا هى الاف من الارواح التي قضت، والاشجار، والمكتبات والمقتنيات والتذكارات والجدران والتفاصيل العزيزة التي فقدناها.

وريثما نصل الى تلك المرحلة من التثبت في المعرفة سيتمكن الاعلام المتواطئ من خداع الرأي العام بواحدة من اثنتين تقول احداهما بان ما وقع من قصف ادى الى وفاة شخص واحد او اثنين فقط. اما الثانية فغالبا ما تتخذ الخبر المضاد الذي سيقول بانه كبد العدو العشرات، او المئات من الجنود، مع تدمير كامل للمعدات. وهنا، وبلا شك سوف تتورط التغطية وتنحاز المعلومات باتصال مع اغراض الاعلام الحربي، والترويج لصالح طرف من الاطراف دون ايلاء العناية الكافية للحقيقة التي ستصبح في انتظار طرف ثالث من المؤمل ان يحضر لتقديم شهادته فيما بعد، مبينا هويته كصحافة، او اعلام استقصائي، او نشاط مستقبلي لعلم التاريخ. الناس في قواعد وقيادات الراى العام، ووفق المنتجات الاعلامية لهذه الحرب اللعينة، وبحسن ظنهم بمصادر الاخبار ينقسمون بنحو بات يشكل موادا اضافية حارقة ومدمرة لبعضهم البعض بما يمكن من وصفهم بضحايا الآلات والدعاية الاعلامية النشطة، بسبب التواطؤ القائم بينهم وبينها بما حمله استعدادهم لتقبل الاكاذيب والخديعة، وعدم معالجتهم للانباء بالاستقلالية، بالتفكير والوعى النقدي المطلوب في احوال وقرائن مثل هذه من جنون المصالح.

wagdik@yahoo.com

الوسومالحرب الدعاية الحربية السودان صحافة المواطن

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الحرب الدعاية الحربية السودان صحافة المواطن الرأی العام

إقرأ أيضاً:

رابطة الكتّاب الأردنيين ..الحرية للزميل الزعبي وكل معتقلي الرأي في الأردن / بيان

#سواليف

بيان صادر عن رابطة الكتّاب الأردنيين
الحرية للزميل أحمد حسن الزعبي وكل معتقلي وموقوفي الرأي في الأردن
 
تدعو رابطة الكتّاب الأردنيين للإفراج الفوري عن الزميل أحمد حسن الزعبي وكل معتقلي و موقوفي الرأي في الأردن، وتنوّه بمكانة الزميل الزعبي في الوسطين الثقافي والإعلامي وعند الرأي العام في بلادنا، كما تدعو الرابطة لتحشيد الجهود الديموقراطية والثقافية والشعبية لإلغاء قانون الجرائم الالكترونية وما ترتب عليه وما يوفره من غطاء لملاحقة وتوقيف كل من ينتقد السياسات الرسمية، علاوة على أن ذلك لا ينسجم مع روح الدستور التي تكفل حق الاختلاف والتعبير في قضايا الشأن العام.
بالإضافة إلى الحق الدستوري والطبيعي المذكور، تؤكد الرابطة على أهمية وضرورة الفضاء الديموقراطي في هذه الظروف بالذات، وخاصة تداعيات العدوان الصهيوني الإجرامي الهمجي على غزّة، والانعكاسات المتوقعة على المشهد العربي برمته، وبينها بلادنا، مما يتطلب مساحات أوسع فأوسع من الحريات السياسية في الأردن وأشكال التضامن المختلفة مع غزّة، حماية للأردن، وإسنادا لشعبنا العربي الفلسطيني ومقاومته الباسلة.
 
 ٢٠٢٤/٧/٤

مقالات مشابهة

  • حزب الله يستبعد حربا مع إسرائيل ويتحدث عن خيارات
  • إعلان بارز من حزب الله عن الحرب.. إليكم ما كشفه نائب نصرالله!
  • «الجيل»: الانفتاح على الأحزاب السياسية سيكون من أهم ملفات الحكومة
  • استطلاعات: انتصار ساحق لحزب العمال في الانتخابات التشريعية في بريطانيا
  • رابطة الكتّاب الأردنيين ..الحرية للزميل الزعبي وكل معتقلي الرأي في الأردن / بيان
  • فنيش من شقراء: احتمالات الحرب الشاملة قد خفتت
  • السيرة الذاتية لوزير الدفاع الجديد القائد العام للقوات المسلحة
  • السيرة الذاتية للفريق أول عبد المجيد صقر القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربى
  • أستاذ إعلام: على الحكومة التواصل مع الرأي العام بشكل مستمر
  • مصر تلغي العمل بالتوقيت الصيفي.. ما الحقيقة؟