لماذا لم يعد نتنياهو متحمسا للتطبيع مع دول المنطقة؟.. محللون يجيبون
تاريخ النشر: 31st, May 2024 GMT
أجمع محللون سياسيون على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هو من يرسم سياسات تل أبيب ويتعنت في إبرام اتفاقيات تطبيع جديدة، في حين أكد أحدهم أن السعودية لا يمكن أن تقدم تطبيعا مجانيا خاصة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، إن إسرائيل تستند إلى رؤية أن التطبيع مع دول المنطقة أمر مهم ولكن ليس بأي ثمن، مشيرا إلى أنها حاولت تقزيم القضية الفلسطينية مقابل مسار التطبيع الإقليمي.
وأضاف، خلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، أن "إسرائيل 2024" لا تشبه "إسرائيل 2011" عندما أبرم نتنياهو صفقة تبادل مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لاستعادة الجندي جلعاد شاليط.
ولفت إلى أن إسرائيل تستعمل ملف التطبيع مع السعودية للدخول إلى عمق العالم العربي، كاشفا أنها قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول كانت لا تريد حل الدولتين وتتجه نحو ثنائية القومية بموازاة ممارسة فصل عنصري ممنهج.
ووفق جبارين، فإن اليمين الشعبوي أو "اليمين الإستراتيجي" في إسرائيل "لا يمكنه أن يقبل بصفقات التطبيع مقابل إقامة دولة فلسطينية حيث يسعى الأول للوصول لمرحلة إنهاء الصراع في حين يريد الآخر استمرارية إدارة الصراع".
كما أن مساحة دعم المعارضة لنتنياهو مقابل المضي قدما في صفقة التطبيع مع السعودية ضيقة، وفق الخبير بالشؤون الإسرائيلية، الذي قال إن الأثمان المقابلة ستكون منح الوزيرين المتطرفين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش والحريديم أثمانا داخل الضفة الغربية، وهو ما يعقّد صفقة التطبيع.
ويعتقد جبارين، أن تل أبيب تحاول تبييت هذه القرارات المصيرية إلى مرحلة تكون فيها أكثر استقرارا، مضيفا أن نتنياهو يماطل حتى عودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى الحكم، حيث يراهن على ذلك منذ اليوم الأول للحرب.
"لا تطبيع مجانيا"بدوره، يقول رئيس مركز المدار للدراسات السياسية والإستراتيجية الدكتور صالح المطيري، إن السعودية لديها تحديات داخلية وإقليمية في ظل المشروع النووي الإيراني، ولا يمكن أن تذهب لتطبيع مجاني دون تحقيق مطلب عربي.
وشدد المطيري على أن العلة تكمن في نتنياهو وحكومته المؤلفة من أقصى اليمين، إذ لا يجرؤ أي وزير إسرائيلي بالحديث عن دولة فلسطينية أو إمكانية قيامها خاصة بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأقر بأن إسرائيل نجحت عبر اتفاقات أبراهام في تحويل المعادلة من "الأرض مقابل السلام" إلى "السلام مقابل السلام"، مشيرا إلى أن البديل لتعنت إسرائيل هو الذهاب إلى اتفاقية أمنية وتجارية وتكنولوجية مع الولايات المتحدة، مع وضع بند يشير إلى إمكانية انضمام دول أخرى لاحقا.
ووصف المطيري الأمر بأنه مهم لإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي تحاول كبح النفوذ الإيراني والروسي والصيني.
ونبه إلى أن هناك "ثالوثا مقدسا" بشأن المحادثات السعودية الأميركية، إذ يجري الحديث عن اتفاقية أمنية وتجارية بين البلدين، إضافة إلى تطبيع العلاقات مع إسرائيل، فضلا عن معضلة قيام دولة فلسطينية أو وعد لا يمكن النكوص عنه بشأن ذلك.
وعلى الرغم من أهمية الاتفاقات التي يتم الحديث عنها فإن السعودية -بحسب الخبير بالشأن الخليجي- لديها خيارات أو مناورات أخرى مع الولايات المتحدة وهو ما يؤخر التوصل لتلك الاتفاقات.
موقف واشنطن
من جانبه، أشاد المسؤول السابق في الخارجية الأميركية وليام لورانس، بتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، والمباحثات الجارية نحو التطبيع، لكنه شدد على أن نتنياهو هو من يقف أمام تلك الجهود.
وأضاف لورانس، أنه من الضروري عند الحديث عن اليوم التالي للحرب، التطرق إلى الدولة الفلسطينية وإمكانية قيامها، مشيرا إلى أنه لا يمكن تحقيق وقف إطلاق نار في غزة دون إجراء مناقشة جدية حول القضية الفلسطينية.
ولفت إلى أن الحزب الجمهوري في أميركا ينحاز لليمين الإسرائيلي، في حين أن الحزب الديمقراطي منقسم على ذاته ويكتفي ببعض الكلمات الجيدة حول القضية الفلسطينية والضغوط الناعمة على إسرائيل.
وخلص إلى أن واشنطن عليها التحدث عن مستقبل الفلسطينيين حتى لو لم يرد الإسرائيليون، ووضع ثقلها لوقف عملية التهجير والطرد العرقي من غزة والضفة الغربية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات لا یمکن إلى أن
إقرأ أيضاً:
زوج الناشطة التركية عائشة نور: لماذا لا تتم محاسبة إسرائيل على قتل زوجتي؟
تساءل زوج الناشطة الأمريكية- التركية عائشة نور، التي قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي في أثناء احتجاج سلمي في الضفة الغربية، حول الأسباب التي تحول دون محاسبة "إسرائيل" على هذه الجريمة.
وقال حامد مظهر علي في مقال نشرته صحيفة "ذا هيل" الأمريكية، إنه رغم الجهود اليومية التي يبذلها منذ ثلاثة أشهر، فإنه لا يعلم لماذا لم تستطع الولايات المتحدة محاسبة "إسرائيل" على تلك الجريمة.
وأضاف أن قاتل عائشة نور، الذي أطلق رصاصة على رأسها دون أي سبب، لا يزال دون عقاب، مثل الجندي الذي قتل الصحفية الأمريكية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ما يشجع الجنود الإسرائيليين على إزهاق أرواح المواطنين الأمريكيين والفلسطينيين وغيرهم دون عقاب.
ووجه علي انتقادا لاذعا للولايات المتحدة الأمريكية، متهما إياها بتشجيع جنود الاحتلال الإسرائيلي بقتل المزيد من الأمريكيين، وذلك بعدم محاسبة أي جندي قام بجريمة كتلك بالفعل، بدءا من راشيل كوري وانتهاء بعائشة نور.
وفيما يلي ترجمة المقال:
ماذا تفعل بالملابس الملطخة حتى الآن بدماء زوجتك، التي كانت ترتديها عندما قُتلت؟ كيف تحتفظ بها كدليل لأجل تحقيق قد لا يحدث أبداً؟ ماذا يمكنك أن تفعل عندما لا تبدي حكومتك أي مؤشر على أنها ستحاسب قاتلها -وهو جندي في جيش حليف مقرب- رغم الجهود اليومية المستمرة لثلاثة أشهر للحصول على إجابات أساسية؟
أصيبت زوجتي، عائشة نور إيزجي إيجي، برصاصة في رأسها، وقتلها جندي إسرائيلي في 6 أيلول/ سبتمبر 2024، بينما كانت تقف بسلام تحت شجرة زيتون في الضفة الغربية المحتلة، وعلى الرغم من أن إدارة بايدن وصفت مقتلها بأنه غير مقبول وغير مبرر، فإنها لم تمارس حتى الآن الضغط الكافي على إسرائيل لتحقيق العدالة في مقتل أحد مواطنيها.
من المحتمل أن أترك ملابس زوجتي الملطخة بالدماء في الصندوق الذي جاءت فيه، وأقرر بدلاً من ذلك أن أبقي خزانة ملابسنا غير ملوثة ومليئة بالذكريات الدافئة، إنها مليئة بالملابس التي كانت ترتديها خلال الساعات الطويلة التي كانت تقضيها مع أصدقائها، وفي التنزه مع والدها، وفي زياراتها لابنة أخيها وابن أخيها وأختها وزوج أختها، يمكنني جمع الملابس التي ارتدتها يوم زفافنا، وفي أول موعد لنا، وعندما رأيتها لأول مرة.
كان عمري 26 عامًا عندما التقينا -وهو نفس عمرها عندما قُتلت- حدقت فيها بذهول في موعدنا الثاني وهي تتذكر رحلتها الأخيرة إلى جنوب شرق آسيا؛ حيث أمضت معظم وقتها في التطوع في قرية لإغاثة اللاجئين في ميانمار، وكلما تعرفت عليها أكثر، علمت أن التزامها بالعدالة كان التزامًا لمدى الحياة، وقادها ذلك إلى المساعدة في تنظيم إضراب لطلاب المدارس الثانوية في سياتل بعد انتخابات عام 2016، وإلى احتجاج ستاندنج روك ضد خط أنابيب داكوتا أكسيس، وإلى طاولة المفاوضات في جامعة واشنطن خلال الاحتجاجات الطلابية ضد الحرب الإسرائيلية المدمرة في غزة، وأخيرًا إلى الضفة الغربية لتكون شاهدة على الظلم الذي يعاني منه الفلسطينيون الذين يعيشون تحت الحكم العسكري الإسرائيلي الوحشي.
وبينما أقف أمام خزانة ملابسنا، أرى القميص الذي كنت أرتديه في الليلة التي تحدثنا فيها آخر مرة على الهاتف، ناقشنا خططها في الساعات القادمة لحضور مظاهرة أسبوعية ضد مستوطنة إسرائيلية غير قانونية مقامة على أراضٍ فلسطينية محتلة تابعة لأهالي بيتا، وبينما كنا ننهي المكالمة على مضض، أخبرتها أنني أحبها، وطلبت منها أن ترسل لي رسالة نصية قبل مغادرتها وبعد عودتها بسلام، بعد ساعات، استيقظت في الظلام وتفحصت هاتفي بشكل غريزي: لا توجد رسائل نصية، أرسلت لها رسالة بسرعة وحاولت العودة إلى النوم، رن هاتفي بعد دقيقتين وتلقيت خبر إصابة عائشة نور برصاصة في الرأس ومقتلها.
ووفقًا لشهود العيان وتحقيقات الصحفيين، فقد تم إطلاق النار عليها بعد حوالي 20 دقيقة من الهدوء؛ حيث كانت تحتمي خلف شجرة زيتون على بعد مئات الأقدام من معظم المتظاهرين والجنود الإسرائيليين.
في لحظات، حدقت في البنطال الأسود الذي ارتديته في جنازتها، والذي لا يزال يحمل ترابًا من قبرها، كنت في تركيا للمساعدة في تنسيق وصول رفاتها عندما قرأت الرد الأولي للجيش الإسرائيلي على مقتلها؛ حيث زعموا زورًا أن عائشة نور أصيبت برصاصة عرضية أثناء احتجاج عنيف، وهو ادعاء تم دحضه بسرعة من قبل العديد من شهود العيان ووسائل الإعلام الرئيسية.
لقد شعرت بالذهول؛ هل كان من المفترض حقًا أن أقبل أن جنديًا إسرائيليًا أطلق النار على رأسها عن طريق الخطأ من على بعد مئات الأقدام؟ وأن حكومتي وجدت هذا التفسير مقبولًا بما يكفي للتخلي عن محاسبة الجيش الأجنبي المسؤول؟ هل كان من المفترض أن أنسى التاريخ الطويل لقيام الجنود الإسرائيليين بقتل مواطنين أمريكيين بشكل غير قانوني مع الإفلات من العقاب، مثل الصحفية الفلسطينية الأمريكية الشهيرة شيرين أبو عاقلة في عام 2022؟
إن قاتل عائشة نور، الذي أطلق رصاصة على رأسها دون أي سبب، لا يزال دون عقاب مثل الجندي الذي قتل شيرين، مما يشجع الجنود الإسرائيليين على إزهاق أرواح المواطنين الأميركيين والفلسطينيين وغيرهم دون عقاب.
أقف الآن أمام خزانتنا لاختيار البدلة التي سأرتديها بينما تجتمع عائلتنا الأسبوع المقبل مع وزارة الخارجية وأعضاء الكونغرس للتوسل إليهم للقيام بشيء ما بشأن مقتل عائشة نور الذي حدث دون سبب، سنطلب منهم دعم دعوة عائلتنا لإجراء تحقيق أمريكي مستقل في وفاتها ومحاسبة الجندي الذي قتلها، وأحث الرئيس بايدن على إعطاء الأولوية لهذه القضية في الأيام الأخيرة من إدارته والتمسك بالعدالة لعائلتنا.
وربما إذا حاسبت الولايات المتحدة إسرائيل على قتل أمريكيين آخرين مثل راشيل كوري أو شيرين أبو عاقلة، فلم يكن الجنود الإسرائيليون ليتحلوا بالجرأة لقتل الأمريكيين وغيرهم من المدنيين اليوم، وبدلاً من الوقوف أمام هذه الخزانة الآن وحدي مشلولًا بالألم، ربما كنت سأقف مع عائشة نور ونحن نحاول اختيار ما سنرتديه لتناول العشاء.