"صرنا نضيق الأواعي".. المجاعة في غزة تدفع الفلسطينيين لتضييق ملابسهم!
تاريخ النشر: 30th, May 2024 GMT
رفح (قطاع غزة)- رويترز
اعتاد الخياط الفلسطيني أنور أبو كرش أن يوسع ملابس زبائنه في غزة، لكن بعد نحو ثمانية أشهر من الحملة العسكرية الإسرائيلية وأزمة الجوع التي تسببت فيها أصبح الآن يضيق هذه الملابس لتناسب أجسام الناس النحيلة.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من مليون شخص يواجهون مستويات "كارثية" من الجوع في غزة، وقالت إن هناك مجاعة في أجزاء من القطاع.
وقال أبو كرش في مقطع مصور حصلت عليه رويترز "من مقاسات كبيرة لمصنع كبير، لماكينة صغيرة، وصرنا نضيق الأواعي (الملابس) لمقاسات صغيرة من قلة الأكل، من قلة الشرب، مفيشي حاجة الناس تاكلها، إنه كل العالم (الناس) عايشة ع المعلبات، المعلبات مفيشي فيها نصاحة (زيادة وزن) ولا فيها سكريات ولا فيها إشي. "لو فيه سكريات الناس تاكلها بتنصح (يزيد وزنها) متضعفش (لا ينقص وزنها)، ما حد بيقيف أواعيه، ما حد بيصغر أواعيه. أو كل الناس أواعيها زي ما هي".
وكان أبو كرش يعمل بينما كانت أم وأطفالها يقفون بالقرب منه ينتظرون أن ينتهي من تضييق ملابسهم.
وقالت المرأة التي عرفت نفسها باسم أم علاء أبو سميحة "أنا وزني كنت 90 كيلو وكنت أوسع أواعي، هالقيت (حاليا) صرت نضيق أواعينا أنا وأولادي وأحفادي. فالحياة يعني متعبة لدرجة محدش يتخيل إنه نعيشها يعني في ها الأيام هادي".
وأضافت "مش بس إحنا يعني ضعفنا وخسينا ونزل وزننا، حتى هاي بنت بنتي تأثرت بالحرب وضعفت، وهي جبت أواعيها، هايني بأضيق لها البنطلونات تبعتها وبنضيق لها عشان يلبسوهن، الكل يعني تأثر بها الحرب هادي وكله بيخس وزنه من قلة الغذاء يعني، مفيشي زي أول أكل وشرب يعني، ولا غذاء زي الناس".
وفي دير البلح بوسط غزة، عرض الناس صورا التقطت لهم قبل الحرب لمقارنة مظهرهم بعد أشهر من الحرب، مع نزوح الجميع تقريبا من منازلهم، وكيف كانوا يتمتعون بصحة أفضل قبل أكتوبر. وعرضت أم أرشد السرسق صورة لابنها محمد البالغ من العمر خمس سنوات.
وقالت "الصورة هادي (هذه) لمحمد، خمس سنين، هادي صورته قبل الحرب... وبعدين ضعف كتير كتير كتير، وزنه خس كتير. يعني تقريبا الأواعي ملهوش غير غيارين عندي مش أكتر، بابدل هادي بهادي. ولما باحس إنه خس عن الأول باضطر إني آخدها ع الخياط وأقيفله إياها".
ويأتي العدوان الإسرائيلي على رفح في إطار حملة عسكرية أوسع نطاقًا فجرها هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل يوم السابع من أكتوبر.
وكانت المدينة الواقعة على الحدود مع مصر آخر مكان في غزة لم تدخله القوات الإسرائيلية بالقوة، وقد لجأ لرفح أكثر من مليون فلسطيني أجبرتهم الحرب على النزوح من منازلهم.
وفر معظمهم حاليًا، وتوجه العديد منهم لمنطقة المواصي الساحلية خارج رفح حيث يعيشون في خيام أو أكواخ، وتوجه البعض الآخر إلى ركام منازلهم السابقة.
وفي خان يونس، على مقربة من رفح، كانت إكرام ال حام تحتمي في خيمة بين الأنقاض مع أسرتها. وتتدلى الملابس من بقايا السقف المحطم.
وقالت إن لهم في هذا المنزل ذكريات كثيرة، مشيرة إلى أنها أنجبت فيه خمسة أطفال وربتهم "بقلبي ودمي"، واصفة أطلاله المدمرة بأنها أصبحت كهفا من الخوف.
وأوضحت إكرام أنها تنظر لمنازل الآخرين والأنقاض وتتساءل "متى ستعود فلسطين، أو حتى غزة؟".
ونقبت إكرام بين الأنقاض وتفقدت الثلاجة القديمة للأسرة التي كانت تحتوي في السابق على طعام للأطفال الذين يعانون الآن من الجوع.
وفي الليل، ومع عدم وجود كهرباء، يصبح الركام مُخيفًا.
وأشارت إكرام إلى أنها كانت دائما تجد الأطفال يلعبون في البيت وكانوا سعداء، أما الآن فلا ترى أحدًا سعيدًا.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
تحذير أممي من كارثة إنسانية في شمال غزة بسبب الحصار وعرقلة المساعدات
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من الوضع الإنساني الكارثي في شمال قطاع غزة، حيث يواجه السكان في المناطق المحاصرة صعوبة بالغة في البقاء على قيد الحياة بسبب نقص المساعدات الإنسانية.
جاء هذا التحذير في وقت يشهد فيه قطاع غزة محاولات إنسانية لم تُستجب لها، حيث لم تصل المساعدات إلى العديد من المناطق منذ أكثر من 40 يومًا.
الرفض والعرقلة للمساعدات
قال أوتشا إن جميع محاولات الأمم المتحدة لإيصال الدعم إلى بيت حانون وبيت لاهيا وأجزاء من جباليا قد تم إما رفضها أو عرقلتها.
ففي الشهر الجاري فقط، تم رفض 27 من أصل 31 مهمة للمساعدات الإنسانية، بينما تم عرقلة 4 بعثات أخرى بشكل شديد، ما أدى إلى تعطيل الأعمال الحاسمة التي كانت تهدف الأمم المتحدة إلى تنفيذها.
تحذير من المجاعةوأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن اللجنة الدولية لمراجعة المجاعة في قطاع غزة حذرت منذ 11 يومًا من أن أجزاء من شمال غزة تواجه خطر المجاعة الوشيك، وهو ما يتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة في غضون أيام وليس أسابيع.
جاء هذا التحذير في وقت حرج، حيث تم إغلاق المخابز والمطابخ في محافظة شمال غزة، وتم تعليق الدعم الغذائي، كما تم تعطيل إمدادات مرافق المياه والصرف الصحي من الوقود بشكل كامل.
نقص حاد في الإمدادات الطبيةفيما يتعلق بالجانب الصحي، أوضح دوجاريك أن المستشفيات في شمال غزة، مثل مستشفيات كمال عدوان والعودة والمستشفى الإندونيسي، تواجه صعوبات كبيرة في استقبال المرضى بسبب نقص الإمدادات الطبية ووحدات الدم والوقود.
كما تم تعطيل جهود الأمم المتحدة في إرسال فرق طوارئ طبية دولية لتعزيز القدرات الطبية في المنطقة بسبب عرقلة السلطات الإسرائيلية لهذه المحاولات.
الوضع الإنساني المتدهورتستمر الأزمة الإنسانية في غزة في التفاقم بشكل كبير، مع استمرار القصف الإسرائيلي وحوادث الإصابات الجماعية، مما يضاعف من معاناة المدنيين في المنطقة.